فلتسقط ’الديمقراطية‘ الغربية !
الجمل- آندريه فلتشيك- ترجمة: د. مالك سلمان:
هناك شبحٌ يخيم على أوروبا والعالم الغربي – إنه شبح الفاشية هذه المرة. جاء بهدوء وصمت، بلا ضجة أو استعراضات، بلا أيد مرفوعة وصرخات مدوية. لكنه جاء، أو عاد، بما أنه كان موجوداً على الدوام في هذه الثقافة، شبح طالما استعبدَ كوكبَنا كله لقرون عديدة.
وكما حصل في ألمانيا النازية، فإن مقاومة الإمبراطورية الفاشية اكتسبت مرة أخرى اسماً بغيضاً: الإرهاب. فطالما قام الفاشيون المتعصبون بتعريف الموالين لبلدانهم والوطنيين والمقاومين على أنهم إرهابيون.
تبعاً لمنطق الإمبراطورية، يُعتبَر قتلُ الملايين من الرجال والنساء والأطفال في كافة أرجاء العالم عملاً شرعياً ووطنياً، لكن الدفاع عن الوطن والأرض كان ولا يزال علامة على التطرف.
عرفَ النازيون الألمان والفاشيون الإيطاليون حكمَهم على أنه ’ديمقراطي‘، وهذا ما تفعله هذه الإمبراطورية. فقد عملت الامبراطوريتان البريطانية والفرنسية، اللتان أبادتا عشرات الملايين من الناس حول العالم، على الترويج لنفسيهما بصفتهما "ديمقراطيتين".
والآن، مرة أخرى، نشهد جرائمَ ضخمة يرتكبها الجهاز الغربي التجاري- السياسي- الإمبريالي، الذي يقوم بزعزعة وتدمير بلدان بأكملها، ويسقط الحكومات، ويقصف الدولَ ’المتمردة‘ ليسوي بها الأرض.
يتم ذلك كله باسم الديمقراطية، وباسم الحرية.
هناك وحش لم يتم انتخابه يلعب بالعالم، كما فعلَ طيلة قرون، يعذب البعض وينهب آخرين، أو يفعل الاثنين معاً.
في وقفة أخيرة تتصف بالصلف والعجرفة، خلط الغربُ بينه وبين مفهومه الخاص لله. فقد قرر أن له الحق الكامل بإعادة تشكيل الكوكب، وأن يعاقبَ ويكافئ، وأن يدمرَ ويعيدَ البناء كيفما شاء.
يتم تبرير هذه الموجة من الرعب، التي تم إطلاقها على كوكبنا، بعقيدة تفقد معناها بشكل متسارع ويتم الدفاع عنها بعصبية، تتمثل رمزياً بصندوق (مصنوع من الورق المقوى أو الخشب، في العادة) وحشود من الناس يضعون قطعاً من الورق في الفتحة الموجودة أعلى هذا الصندوق.
هذا هو معبد الأصولية الإيديولوجية الغربية. هذا هو الجنون المطلق الذي لا يمكن للمرء مساءلته، بما أنه يضمن استمرار الوضع القائم للنخب والمصالح التجارية، عبثية تبرر كل الجرائم، والأكاذيب، والجنون.
هذا المعبد المزيف يُدعى ’الديمقراطية‘، في سخرية مباشرة مما يرمز له المصطلح في لغته الأصلية اليونانية.
* * *
في كتابنا الأخير "حول الإرهاب الغربي – من هيروشيما إلى حرب الطائرات الآلية"، علق نُوام تشومسكي على العملية ’الديمقراطية‘ في العالم الغربي:
"يتمثل دور الانتخابات الآن في تقويض الديمقراطية. إذ تتم إدارتها من قبل صناعة العلاقات العامة ومن المؤكد أنهم لا يسعون إلى خلق ناخبينَ واعينَ يتخذون قرارات منطقية. إنهم يحاولن تضليل الناس ودفعهم إلى تبني خيارات غير منطقية. حيث يتم اللجوء إلى نفس التقنيات المستخدمة في تقويض الأسواق بهدف تقويض الديمقراطية. إنها واحدة من الصناعات الرئيسة في البلاد، لكن آلياتها غير مرئية."
لكن ما الذي يدل في الحقيقة على هذه الكلمة ’المقدسة‘، هذا المصطلح الديني تقريباً، وهذا الصرح الشامخ الذي يمثل الديماغوجية الغربية؟ فنحن نسمعها في كل مكان. ونحن مستعدون للتضحية بملايين الأرواح (ليس أرواحنا بالطبع، ليس بعد على الأقل، بل أرواح الآخرين بالتأكيد) باسمها.
الديمقراطية !
كل تلك الشعارات والدعاية ! السنة الماضية زرتُ بيونغيانغ، لكن علي أن أعترف أن الكوريين الشماليين لا يجارونَ صناعَ الدعاية الغربيين في مهاراتهم في خلق الشعارات.
"باسم الحرية والديمقراطية !" سقطت مئات ملايين الأطنان من القنابل من السماء على الأرياف في لاوس وكمبوديا وفيتنام ... حيث حُرقت الأجساد بالنابالم، وتفتتت نتيجة الانفجارات الضخمة.
"الدفاع عن الديمقراطية !" تعرضَ الأطفالُ للاغتصاب أمام أهاليهم في أمريكا الوسطى، وتم إطلاق النار على الرجال والنساء من قبل فرق الموت التي تلقت التدريبَ في القواعد العسكرية في الولايات المتحدة الأمريكية.
"تحضير العالم ونشر الديمقراطية !" طالما كان هذا شعاراً أوروبياً، "مهمتهم التي يجب إنجازها"، وطريقة ليظهروا للآخرين حضارتهم العظيمة. قطع أيادي الكونغوليين، قتلُ حوالي عشرة ملايين منهم، بالإضافة إلى آخرين كثر في ناميبيا، وشرق أفريقيا، وغرب أفريقيا، والجزائر؛ وقتل شعوب الشرق الأوسط بالغازات ("أؤيد بقوة استخدامَ الغازات السامة ضد القبائل الهمجية"، لكي نستعير بعض المصطلحات الزاهية التي كان يستخدمها ’سير‘ وينستون تشيرتشل).
إذاً ما هي حقاً؟ ومن هي، تلك السيدة الغريبة التي تحمل فاساً في يدها ووجهها مغطى – السيدة المسماة "ديمقراطية"؟
* * *
الأمر في غاية البساطة. يتجذر المصطلح من كلمة "ديموكراتيا" اليونانية ("حكم الشعب"). وفي ذلك الوقت والآن، من المفترض أنها نقيض مباشر لكلمة "أريستوكراتيا"، التي تعني "حكم النخبة".
’حكم الشعب‘ ... دعونا ننظر إلى بضعة أمثلة على ’حكم الشعب‘.
كان الناس يتكلمون، ويحكمون، ويصوتون "بطريقة ديمقراطية" في تشيلي، حيث انتخبوا الحكومة الاشتراكية المعتدلة لحزب "الوحدة الشعبية" بقيادة سلفادور أيندي.
من المعروف أن النظام التعليمي التشيلي كان رائعاً، وكذلك النظام الاجتماعي والسياسي، إلى درجة أنه لم يُلهم العديد من البلدان في أمريكا اللاتينية فقط، بل أيضاً العديد من البلدان البعيدة في أوروبا المتوسطية.
قوبلَ ذلك بالرفض لأن أوروبا البيضاء وأمريكا الشمالية، كما نعرف جميعاً، هما المخوَلتان فقط بتزويد العالم بأي نموذج يُحتذى للمجتمع، في أي مكان على هذا الكوكب. تم اتخاذ القرار بأن "على تشيلي أن تصرخ"، كما يجب تدمير اقتصادها، وطرد حكومة "الوحدة الشعبية" من السلطة.
هنري كيسنجر – الذي ينتمي، بالطبع، إلى عرق أرقى وبلد أعلى مكانة – أطلق تصريحاً مباشراً، و "صريحاً" جداً بطريقة ما، يحدد فيه بوضوح موقف أمريكا الشمالية من الديمقراطية الكونية: "لا أفهم لماذا نحتاج إلى الوقوف جانباً والتفرج على بلد ما وهو يتحول إلى الشيوعية نتيجة عدم إحساس شعبه بالمسؤولية."
وهكذا تم تدمير تشيلي. تم قتل آلاف الناس ومن ثم تم تنصيب "ابن شرموطتنا" في السلطة. لم يتم انتخاب الجنرال بينوشيه: قصفَ القصرَ الرئاسي في سانتياغو، وعذبَ بوحشية الرجالَ والنساء المنتخبين من قبل الشعب التشيلي، كما "أخفى" الآلاف.
ولكن لابأس لأن الديمقراطية، كما تبدو من واشنطن أو لندن أو باريس، ليس أكثر ولا أقل مما يحتاجه الرجلُ الأبيض لكي يسيطرَ على هذا الكوكب، دون أن يواجه أية معارضة أو يتعرض – وهذا أفضل – لأي نقد.
بالطبع لم تكن تشيلي المكان الوحيد الذي تعرضت فيه ’الديمقراطية‘ ل "إعادة التعريف". كما لم يكن ذلك السيناريو الأكثر وحشية أيضاً، مع أنه كان وحشياً بما يكفي. لكنها كانت "حالة" رمزية جداً، فهنا لم يكن هناك أي مجال للخلاف: بلد متعلم جداً تسود فيه الطبقة الوسطى، قام بالتصويت في انتخابات شفافة، فقط لكي يتعرض أفراد حكومته للقتل والتعذيب والنفي، فقط لأنه بلد ديمقراطي زيادة عن اللزوم وملتزم زيادة عن اللزوم بتحسين حياة شعبه.
كانت هناك أمثلة كثيرة على الحقد القادم من الشمال والموَجه نحو "حكم الشعب" في أمريكا اللاتينية. فطالما كانت هناك أمثلة لا تُعد ولا تُحصى على مدى قرون. فقد أصبح كل بلد يقع إلى "جنوب الحدود" في العالم الغربي ضحية.
ففي نهاية المطاف، منحت "عقيدة مونرو" الأمريكيين الشماليين "حقوقاً مقدسة" للتدخل و "تصحيح" أية حركات ديمقراطية "غير مسؤولة" تقوم بها الأعراق الأدنى التي تعيش في أمريكا الوسطى والجنوبية، وكذلك في جزر الكاريبي.
كانت هناك سيناريوهات عديدة مبتكرة حول طريقة تعذيب البلدان التي انكبَت على بناء منازلَ محترمة لمواطنيها، ولكن سرعان ما ظهرت دلائلُ تشير إلى التكرار والتنبؤ بهذه السيناريوهات قبل تطبيقها.
طالما عملت الولايات المتحدة على رعاية المجموعات المتوحشة المتطرفة (على غرار ما حدث في غواتيمالا في سنة 1954)، أو ببساطة على احتلال البلدان بهدف إسقاط حكوماتها المنتخبة ديمقراطياً. وقد تنوعت تبريرات هذه التدخلات: بهدف "إحلال النظام"، أو "نشر الحرية والديمقراطية"، أو منع ظهور "كوبا أخرى".
من جمهورية الدومينيك في سنة 1965 إلى غرانادا في سنة 1983، تعرضت البلدان إلى "الإنقاذ من نفسها" (بناءً على أوامر النخب الأمريكية الشمالية البروتستانتية التي تتمتع بعقد التفوق المرَضية) وذلك عبر استقدام فرق الموت التي أشرفت على التعذيب والاغتصاب والإعدامات غير القانونية. تعرضَ الناسُ للقتل لأن قراراتهم الديمقراطية اعتُبرت "غير مسؤولة" وبالتالي غير مقبولة.
بالإضافة إلى العرقية الفاضحة التي ميزت كلَ وجه من أوجه الطرق التي سيطرت بها الإمبراطورية على مستعمراتها، تم تقديم "الصوابية السياسية" بمهارة، مما أدى إلى تقليص أي نقد جدي للمجتمعات التي تم إخضاعها إلى الحد الأدنى.
في إندونيسيا، تم قتل 1- 3 ملايين من البشر في الفترة 1965- 1966، في انقلاب مدعوم من الولايات المتحدة، حيث ظهر هناك أيضاً "خطر داهم" يتمثل في إمكانية حكم الشعب وقراره بالتصويت "بشكل غير مسؤول"، مما يمكن أن يأتي بالحزب الشيوعي في إندونيسيا ("بي كي آي") – الذي كان آنذاك يتفوق على أي حزب شيوعي في العالم بعديده – إلى السلطة.
تم قتل رئيس الكونغو المنتخَب ديمقراطياً، باتريس لومومبا، في سنة 1961، نتيجة الجهود المشتركة التي بذلتها الولايات المتحدة وأوروبا، فقط لأنه كان مصمماً على استخدام الموارد الطبيعية الضخمة لبلده لإطعام شعبه؛ ولأنه تجرأ على انتقاد الكولونيالية والإمبريالية الغربية بشكل علني وصادق.
فقدَت تيمور الشرقية ثلثَ سكانها فقط لأن شعبها، بعد نيل استقلاله عن البرتغال، تجرأ على التصويت لحزب "فريتيلين" اليساري وإيصاله إلى السلطة. "لن نتحملَ كوبا جديدة بالقرب من شواطئنا"، احتجَ الدكتاتور الإندونيسي الفاشي سوهارتو، ووافقته الولايات المتحدة وأستراليا الرأي بقوة. وقد اعتُبر تعذيب وإبادة الشعب في تيمور الشرقية على يد العسكر شيئاً تافهاً لا يستحق حتى الذكر في الإعلام الجماهيري.
أما الشعب في إيران فلم يكن جديراً بحمل "الديمقراطية". إيران واحدة من الثقافات الأقدم والأعظم على سطح الأرض، لكن شعبها أراد أن يستخدمَ إيرادات النفط لتحسين حياته، وليس لتغذية الشركات الأجنبية متعددة الجنسيات. إذ طالما اعتبرت القوى الغربية ذلك نوعاً من الجريمة – جريمة عقوبتها الموت.
قرر الشعب الإيراني أن يحكم؛ صوتوا، وقالوا إنهم يريدون تأميمَ الصناعة النفطية برمتها. وكان محمد مصدق، رئيس الوزراء الإيراني المنتخب ديمقراطياً (1951- 1953)، جاهزاً لتطبيق ما طالبه شعبُه به. ولكن تم إسقاط حكومته عن طريق انقلاب خططت له الاستخبارات البريطانية (إم آي 6) والأمريكية الشمالية (سي آي إيه)، وتلى ذلك الدكتاتورية الدموية للدمية الغربية المعتوهة – رضا بهلوي. وكما في أمريكا اللاتينية وإندونيسيا، بدلاً من المدارس والمشافي ومشاريع الإسكان، حصل الناس على فرق الموت، وغرف التعذيب، والخوف. هل هذا ما كانوا يريدونه؟ هل هذا ما صوتوا له؟
كانت هناك عشرات البلدان، في كافة أنحاء العالم، التي يجب "إنقاذها"، من قبل الغرب، من "مواطنيها وناخبيها الذين يفتقدون حسَ المسؤولية". ’احتفلت‘ البرازيل مؤخراً بالذكرى الخمسين للانقلاب المدعوم من الولايات المتحدة، والذي أسس لدكتاتورية عسكرية بغيضة دامت 20 عاماً. كما دعمت الولايات المتحدة انقلابين في العراق، في سنة 1963 و سنة 1968 جلبا صدام حسين و "حزب البعث" الذي يرأسه إلى السلطة. اللائحة لا تنتهي. هذه مجرد أمثلة منتقاة بشكل اعتباطي.
إن أي فحص دقيق يبين أن الغرب أسقط، أو حاول إسقاط، كل الحكومات المنتخبة ديمقراطياً، وفي كافة القارات، والتي حاولت خدمة شعوبها من خلال تأمين مستويلا العيش اللائقة والخدمات الاجتماعية. إنه لإنجاز عظيم فعلاً ناتج عن عزيمة لا تلين !
هل من الممكن، إذاً، أن الغرب لايحترم ’الديمقراطية‘ إلا إذا "أرغمَ الشعب على الحكم" بما يتعارض مع مصالحه؟ وعندما ’يدافع‘ ما يُؤمَر بالدفاع عنه من قبل النخب المحلية الخاضعة للمصالح الأمريكية الشمالية والأوروبية؟ ... وأيضاً عندما يدافع عن مصالح الشركات الأجنبية متعددة الجنسيات والحكومات الغربية التي تعتمد على هذه الشركات؟
* * *
هل يمكن فعل أي شيء؟ إذا كانت بلدٌ ما أضعفَ من أن تدافعَ عن نفسها بالوسائل العسكرية، ضد عدو غربي قوي، فهل بمقدوره اللجوء إلى أية مؤسسة عالمية ديمقراطية بحثاً عن الحماية؟
مستحيل !
مثال جيد على ذلك هو نيكاراغوا، التي عملت الولايات المتحدة على إرهابها، ليس لأي سبب سوى أنها اشتراكية. لجأت حكومتُها إلى المحكمة.
سُميت القضية: جمهورية نيكاراغوا X الولايات المتحدة الأمريكية.
رفعت القضية في سنة 1986 في "محكمة العدل الدولية"، وحكمت هذه المحكمة لصالح نيكاراغوا وضد الولايات المتحدة، وطالبت بالتعويضات لنيكاراغوا.
كان الحكم طويلاً، مؤلفاً من 291 نقطة. من بينها أن الولايات المتحدة كانت متورطة في "استخدام القوة بشكل غير قانوني". تضمنت الخروق المزعومة الهجوم على المنشآت النيكاراغوية والسفن البحرية، وزراعة الألغام في الموانئ النيكاراغوية، وغزو المجال الجوي النيكاراغوي، وتدريب وتسليح وتمويل وتزويد القوات ("الكونترا")، والسعي لإسقاط حكومة "الساندينيستا" النيكاراغوية.
تم إطلاق الحكم، وكذلك تصويت الأمم المتحدة وقراراتها. فقد دعا قرار الأمم المتحدة، الصادر في سنة 1986، إلى التجاوب الفوري والتام مع الحكم. لم يمتنع عن التصويت سوى تايلاندة وفرنسا وبريطانيا. أظهرت الولايات المتحدة احتقاراً كبيراً للمحكمة، كما أنها استخدمت "الفيتو" ضد كافة قرارات الأمم المتحدة.
استمرت الولايات المتحدة في حملتها الترهيبية ضد نيكاراغوا. وفي النهاية، ذهب البلد المدمَر والمنهَك إلى الانتخابات في سنة 1990. وسرعان ما اتضحَ أن البلد لم يكن يصوت لصالح حكومة "الساندينيسا" ولا ضدها، بل إن كان عليه أن يتحملَ المزيدَ من العنف القادم من الشمال أو يقبلَ بالهزيمة. خسرت حكومة "ساندينيستا" الانتخابات. خسرت لأن البنادق الشمال أمريكية كانت موجهة نحو رؤوس الناخبين.
هكذا تعمل ’الديمقراطية‘ !
قمتُ بتغطية الانتخابات النيكاراغوية سنة 1996 وقد أخبرني الناخبون، الغالبية الساحقة من الناخبين، إنهم سيصوتون للمرشح اليميني (آليمان) فقط لأن الولايات المتحدة تهدد بإطلاق حملة إرهابية جديدة إذا عادت حكومة "ساندينيستا" إلى السلطة، في انتخابات ديمقراطية.
الآن عاد "الساندينستا". ولكن فقط لأن معظم أمريكا اللاتينية قد تغير، وهناك اتحاد وتصميم على القتال، في حال اقتضت الضرورة.
* * *
بينما يفيدُ الأوروبيون بشكل واضح من الكولونيالية الجديدة وعمليات النهب التي يقومون بها في كافة أرجاء العالم، من المثير للسخرية أن يزعم المرء بأنهم "يتمتعون بثمار الديمقراطية".
في رواية مذهلة بعنوان "الرؤية" – التي كتبها خوسيه ساراماغو، المرشح لجائزة نوبل للآداب – يقرر حوالي 83% من الناخبين في أحد البلدان (على الأرجح بلد الكاتب نفسه، البرتغال) بوضع بطاقات بيضاء في صناديق الاقتراع احتقاراً لنظام الانتخاب التمثيلي الغربي.
ردت هذه الدولة، التي تتفاخر بكونها ’دولة ديمقراطية‘، من خلال إطلاق حملة إرهابية موجهة ضد مواطنيها. وسرعان ما يتضح أنه مسموح للناس أن يتخذوا خيارات ديمقراطية فقط عندما تخدم النتيجة مصالحَ النظام.
اعترفت أورسولا ك. لو غوين، في مراجعتها للرواية في صفحات "الغارديان" في 15 نيسان/إبريل 2006:
"إن التصويت ببطاقات بيضاء إشارة غير مألوفة لمعظم البريطانيين والأمريكيين، الذين لم يعتادوا بعد العيشَ في ظل حكومة فرغت التصويت من معناه. ففي ديمقراطية فعالة، يمكن للمرء أن يعتبر أن الامتناع عن التصويت ضربٌ من الاحتجاج الكسول الذي يخدم الحزبَ الحاكم (كما حدث عندما أعيدَ انتخاب مارغريت ثاتشر نتيجة امتناع مؤيدي "حزب العمال" عن التصويت، وعندما ضمنَ تكاسلُ "الديمقراطيين" نجاحَ جورج بوش الابن مرتين في الانتخابات الرئاسية). يصعبُ عليَ الاعتراف أن الصوت الانتخابي بحد ذاته لا ينطوي على أية سلطة، ولم أنتبه في بداية الأمر إلى الفكرة التي كان يريد إيصالها ناخبو ساراماغو الذين رفضوا التصويت."
كان عليها أن تلتقط الفكرة على الفور. فحتى في أوروبا نفسها، كانت هناك حملات إرهابية، في مناسبات عديدة، ضد الناس الذين قرروا التصويت ’بشكل غير صائب‘.
الحادثة الأكثر وحشية ربما حدثت في الفترة التي تلت الحرب العالمية الثانية، عندما كانت الأحزاب الشيوعية على وشك تحقيق انتصارات مذهلة في فرنسا وإيطاليا وألمانيا الغربية. وبالطبع، كان يجب وضع حد لمثل هذا "السلوك غير المسؤول". فقد بذلت القوات الأمنية الأمريكية والبريطانية جهداً جباراً يهدف إلى ’إنقاذ الديمقراطية‘ في أوروبا، حيث استخدمت النازيين لضرب واستفزاز وحتى قتل بعض أعضاء الحركات والأحزاب التقدمية.
وقد تم السماح لهذه الكوادر النازية لاحقاً بمغادرة أوروبا والتوجه إلى أمريكا اللاتينية، وكان البعض منهم يحملون الغنائم الضخمة من الضحايا الذين اختفوا في معسكرات الاعتقال. وقد شملت هذه الغنائم الأسنانَ الذهبية.
فيما بعد، وفي التسعينيات من القرن العشرين، تحدثتُ إلى بعضهم، وإلى أبنائهم وبناتهم أيضاً، في "أصنصيون" عاصمة الباراغواي. كانوا فخورين بما فعلوه، دون إظهار أي نوع من الندم، وكانوا لا يزالون متمسكين بالفكر النازي.
شارك العديد من أولئك النازيين الأوروبيين فيما بعد في "عملية الكوندور"، بدعم كبير وحماسي من قبل الدكتاتور الباراغوياني الفاشي المؤيد للغرب ألفريدو شتروسنر. كان السيد شتروسنر صديقاً مقرباً من العديد من مجرمي الحرب العالمية الثانية، وقد منح العديد منهم اللجوءَ السياسي، بما في ذلك أشخاص مثل جوزيف مينغيلي، الطبيب النازي المعروف باسم "ملاك الموت" الذي أجرى تجاربَ جينية على الأطفال أثناء الحرب العالمية الثانية.
بعد تدمير تلك "العملية الديمقراطية غير المسؤولة" في أوروبا (الامبراطورية الغربية في الفترة التي تلت الحرب)، طلبَ من العديد من النازيين الأوروبيين – الذين كانوا موالين لسيدهم الجديد الآن – أن يستمروا في مهمتهم التي يجيدونها على أمل وجه. وهكذا ساهموا في اغتيال حوالي 60,000 رجلاً وامرأة من اليساريين اللاتينيين مع أطفالهم، ليس لذنب اقترفوه سوى بناء مجتمعات عادلة وقائمة على المساواة في بلدانهم. شارك العديد من هؤلاء النازيين، بشكل مباشر، في "عملية الكوندور"، بإشراف مباشر من الولايات المتحدة وأوروبا.
وكما تقول ناؤومي كلاين في كتابها "عقيدة الصدمة":
"كانت ’عملية الكوندور‘ ... عبارة عن حملة من القمع والإرهاب السياسي من خلال العمليات الاستخبارية واغتيال الخصوم، تم تنفيذها بشكل رسمي في سنة 1975 من قبل الأنظمة الدكتاتورية اليمينية في جنوب أمريكا الجنوبية. كان البرنامج يهدف إلى استئصال النفوذ والأفكار الشيوعية أو السوفييتية، وقمع الحركات النشطة أو الكامنة المعارضة للحكومات المشاركة."
في تشيلي، شمرَ النازيون الألمان عن سواعدهم وباشروا العمل على الفور: باستجواب وتصفية وتعذيب أعضاء في الحكومة المنتخبة ديمقراطياً ومؤيديها. كما أنهم أجروا الكثير من التجارب الطبية على الناس، فيما يسمى "كولونيا درينيداد"، خلال الحكم الدكتاتوري لأوغسطو بينوشيه، الذي هندسَ حكمَه ودعمه الدكتور كيسنجر وأعوانه.
لنعُد إلى أوروبا الآن: في اليونان، وبعد الحرب العالمية الثانية، تورطت بريطانيا والولايات المتحدة في الحرب الأهلية بين الشيوعيين والقوات اليمينية المتطرفة.
في سنة 1967، وبعد شهر فقط من الانتخابات التي كان من المتوقع أن يفوز فيها اليسار اليوناني بشكل ديمقراطي (السيناريو الإندونيسي سنة 1965)، قامت الولايات المتحدة و ’ضباطها اليونانيون‘ بانقلاب شكلَ بداية حكم دكتاتوري وحشي دامَ 7 سنوات.
ما حدث في يوغوسلافيا، بعد ذلك بثلاثين سنة تقريباً، في غاية الوضوح طبعاً. لم يُسمَح لبلد شيوعي ناجح بالاستمرار، وخاصة في أوروبا. ومع تساقط القنابل على بلغراد، سرعان ما تخلى الكثيرُ ممن كانوا يتمتعون بأي تفكير نقدي عن أية أوهام كانوا يحملونها عن النظام الغربي و ’مبادئه الديمقراطية‘.
ولكن مع حلول ذلك الوقت، كانت معظم أوروبا مكونة من الجماهير المُعَبأة فكرياً، والتي تفوق جهلاً وتعصباً أيَة جماهير أخرى (في تفكيرها) على وجه الأرض.
أوروبا وناخبوها ... إنهم أولئك الحشود المتذمرة دزماً، الساعية وراء المزيد من المال، والتي تقدم النتائجَ الانتخابية المتوقعة نفسها كل 4، أو 5، أو 6 سنوات. فهي تعيش وتنتخب بشكل آلي. كما أنها فقدت قدرتها على تصور عالم مختلف، والنضال من أجل المبادئ الإنسانية، وحتى على الحلم.
إن أوروبا تتحول إلى مكان مخيف جداً، إلى متحف في أفضل الحالات، وإلى مقبرة للرؤى الإنسانية، في أسوأ الحالات.
* * *
كما أشار نُوام تشومسكي:
"يتم تشجيع الأمريكيين على الانتخاب، ولكن ليس على المشاركة الفعالة في الساحة السياسية. فالانتخابات، في جوهرها، طريقة لتهميش الشعب. يتم إطلاق حملة دعائية ضخمة لدفع الناس إلى التركيز على هذه المظاهر الاحتفالية الشخصية والتفكير، ’هذه هي السياسة‘. لكنها ليست كذلك. إنها جزء صغير من السياسة فقط.
تم استبعاد الشعب بعناية من النشاط السياسي، وليس من قبيل المصادفة. فقد بُذلت جهود عملاقة لتحقيق ذلك. خلال الستينيات من القرن الماضي، أرعبت المشاركة الشعبية الكبيرة في العملية الديمقراطية القوى التقليدية، مما دفعها إلى شن حملة مضادة. وتظهر نتائج ذلك اليوم على اليسار واليمين معاً في محاولة لإعادة الديمقراطية إلى الجحر الذي تنتمي إليه."
علقت أرونداتي روي في مقالتها "هل هناك حياة بعد الديمقراطية؟":
"السؤال هنا، في الحقيقة، هو ماذا فعلنا بالديمقراطية؟ إلى ماذا حولناها؟ ماذا يحدث بعد استهلاك الديمقراطية؟ عندما يتم تجويفها وإفراغها من المعنى؟ ماذا يحدث عندما تنبَث كل مؤسسة من مؤسساتها وتتحول إلى شيء خطير؟ ماذا يحدث الآن بعد انصهار الديمقراطية والسوق الحر في متعضية متوحشة واحدة يتمحور خيالها الضيق بشكل كامل حول حصد أكبر قدر ممكن من الأرباح؟ هل من الممكن قلبُ هذه العملية؟ هل يمكن لشيء تحولَ إلى شيء آخر أن يعودَ إلى شكله السابق؟"
[أرونداتي روي: روائية هندية/بريطانية من أصل سوري/مسيحي، اشتهرت بعد روايتها الأولى "إله الأشياء الصغيرة".]
* * *
بعد كل تلك الوحشية، والحقد على الشعوب في كافة أرجاء العالم، يقوم الغرب الآن بتعليم الكوكب دروساً عن الديمقراطية. فهو يحاضرُ في الآسيويين والأفارقة، وفي شعوب الشرق الأوسط وشبه القارة، حول كيفية جعل بلدانهم ’أكثر ديمقراطية‘. ومن الصعب تصديق ذلك كله؛ لا بد أنه الهستيريا الأكبر على سطح هذه الأرض، لكنه يحدث الآن، دون أن يقولَ أحدٌ شيئاً.
أولئك الذين يستمعون إلى ذلك ولا ينفجرون بالضحك أشخاص مأجورون.
هناك ندوات خاصة، وحتى مشاريع مساعدة أجنبية لتعليم ’الحكم الجيد‘، برعاية الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. والاتحاد الأوروبي أكثر نشاطاً في هذا المجال. إذ يقوم، على غرار المافيا الإيطالية، بإرسال رسائلَ سرية ومفهومة للعالم: "افعلوا ما نقوله لكم وإلا سنكسر أرجلكم ... ولكن إن قررتم الطاعة، تعالوا إلينا وسنعلمكم كيف تساعدون ’الكوزا نوسترا‘ ! وسوف نقدم لكم بعض البيتزا والنبيذ في دوراتنا التعليمية."
بسبب وجود الكثير من الأموال، أو ما يسمى "التمويل" ... فإن أعضاء النخب، والمؤسسات الأكاديمية، والإعلام، والمؤسسات غير الحكومية، في البلدان التي نهبَها الغرب – بلدان مثل إندونيسيا، أوالفيليبين، أوجمهورية الكونغو الديمقراطية، أوهندوراس، أو كولومبيا – تقوم بإرسال جيوش من الناس لكي يتم تلقينها عقائدياً (آسف، لكي يتم ’تنويرها‘) بشكل طوعي، لكي تأخذ دروساً عن الديمقراطية على يد أكبر قتلة للشعوب وقوتها الحقيقية: على يد الغرب.
انتهاك الديمقراطية تجارة ضخمة. وإسكاتها جزء من هذه التجارة. أن تتعلمَ كيف تصبح كسولاً ولامبالياً وألا تتدخلَ ضد القوى الخارجية التي تدمر الديمقراطية في بلدك، مع تظاهرك بأنك "ملتزم ونشط"، هي التجارة الأفضل، أفضل بكثير من بناء الجسور أو تعليم الأطفال (من وجهة نظر تجارية).
في "جامعة إندونيسيا"، حيث كنتُ مدعواً للتحدث إلى بعض الطلبة والمدرسين، سألني طالب عن الطريقة التي يمكن فيها لبلده أن تتقدم إلى الأمام وتصبحَ أكثر ديمقراطية. أجبتُه وأنا أنظر إلى بعض أعضاء الهيئة التدريسية:
"طالبوا بعدم ذهاب مدرسيكم إلى أوروبا في منح مموَلة. طالبوهم بالتوقف عن التدرب على غسيل أدمغتكم. ولا تذهبوا أنتم إلى هناك، للدراسة. اذهبوا بهدف الاطلاع، والفهم، والتعلم، ولكن ليس بهدف الدراسة ... أوروبا سلبَتكم كلَ شئ. ولاتزال تنهب بلدَكم. ماذا تعتقدون أنكم ستتعلمون هناك؟ هل تظنون حقاً أنهم سيعلمونكم كيف تنقذون وطنكم؟"
بدأ الطلاب يضحكون. كان المدرسون غاضبين. لم يدعوني إلى الجامعة بعد ذلك. أنا واثق أن الأساتذة يفهمون تماماً ما كنت أتحدث عنه. الطلاب لم يفهموا. ظنوا أنني كنت "أنكت". لكنني لم أكن ألقي بأية نكات على الإطلاق أو "أتظارَف".
* * *
بينما أكتب هذه الكلمات، تهيمن الطغمة العسكرية التايلاندية على البلاد. والغرب صامت: الجيش التايلاندي حليف مقرب جداً. الديمقراطية في أبهى مظاهرها ...
وبينما أكتب هذه الكلمات أيضاً، تقوم الحكومة الفاشية في كييف بمطاردة وخطف و "إخفاء" الناس في شرق أوكرانيا وجنوبها. وعبر إلواء مجنون لعنق المنطق، يقوم الإعلام الرسمي الغربي بإلقاء اللوم على روسيا. بضعة أشخاص فقط يتدحرجون على الأرض ويكادون يموتون من الضحك.
بينما أكتب هذه الكلمات، تلتهب النيران جزأ كبيراً من أفريقيا، التي دمرتها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وقوى استعمارية أخرى.
تتلقى بعض الدول الزبانية مثل الفيلبين الآن أموالاً طائلة للتحرش بالصين ومعاداتها.
يمكن لروح المغامرة اليابانية الفاشية الجديدة، المدعومة من الولايات المتحدة، أن تشعل بسهولة شرارة الحرب العالمية الثالثة. وكذلك الممارسات الفاشية، المباركة من الغرب، في أوكرانيا.
الديمقراطية! سلطة الشعب !
لو أن الغربَ اكتفى بالجلوس على قفاه، حيث يجب أن يجلس، في أوروبا وأمريكا الشمالية، بعد الحرب العالمية الثانية، لما كان العالم يواجه أية مشكلات جدية الآن. ولكان أشخاص من أمثال لومومبا، وأيندي، وسوكارنو، ومصدق قد قادوا بلدانهم وقاراتهم. لكانوا قد تواصلوا مع شعوبهم، وتفاعلوا معها. لكانوا بنوا ’ديمقراطياتهم‘ الخاصة بهم.
لكن كل ما نتج عن "مؤتمر باندونغ" في سنة 1955، من مُثل "حركة عدم الانحياز"، تعرض للدمار وعُمدَ بالدم. قام الغربُ بتقطيع آمال شعوب العالم، وبالَ عليها، ثم رماها في المجارير.
لكن يجب عدم إضاعة مزيد من الوقت في التحليل، وفي البكاء على الحليب المدلوق. آن الأوان للتحرك إلى الأمام!
تعرضَ العالمُ للتعذيب على يدي أوروبا والولايات المتحدة على مدار عقود وقرون. تم تعذيبه باسم الديمقراطية ... لكن ذلك كله لم يكن سوى كذبة كبيرة. تم تعذيب العالم بسبب الجشع، وبسبب العرقية. راجعوا التاريخ فقط. أقلعت أوروبا والولايات المتحدة عن تسمية الناس ب "العبيد"، لكنهما لا تكنان لهم احتراماً أكبر مما سبق. وهما مستعدتان، كما في الماضي، للتضحية بملايين الأرواح.
فلنتوقف عن عبادة صناديقهما، وعبادة تلك القطع الورقية التافهة التي يريدوننا أن نضعها في تلك الصناديق. فقوة الشعب لا تتجلى في هذه الأصوات الانتخابية. انظروا إلى الولايات المتحدة نفسها – أين هي ديمقراطيتنا؟ إنه نظام يقوم على حزب واحد يهيمن عليه أصوليو السوق. انظروا إلى صحافتنا، ودعايتنا ...
حكم الشعب من قبل الشعب، الديمقراطية الحقة، قابل للتحقيق. لقد تم تضليلنا، نحن الشعب، فكرياً إلى درجة أننا لم نعد نعرف كيف نحقق ذلك لعقود طويلة خلت.
والآن يعرف الكثير منا مكامنَ الخطأ، لكننا لم نزل مشوشين لا نعرف ما هو الصواب.
دعونا نفكر ونبحث، دعونا نجرب. وأيضاً، دعونا نرفض فاشيتهم أولاً. دعوهم يُدخلوا أوراقهم الانتخابية أينما أرادوا ! دعهم يتظاهرون بأنهم ليسوا عبيداً لبعض البائعين والأفاقين. دعوهم يفعلوا ما يريدون – هناك، حيث ينتمون.
الديمقراطية أكثر من صندوق انتخابي. إنها أكثر من مجموعة من الأحزاب السياسية. الديمقراطية هي حينما يستطيع الناسُ أن يختاروا بحق، ويقرروا، ويبنوا المجتمعَ الذي يحلمون به. الديمقراطية هي غياب الخوف من النابالم والقنابل التي تذبح أحلامَنا. الديمقراطية هي عندما يتكلم الناس ومن كلماتهم تنشأ أمتهم. الديمقراطية هي عندما تتشابك ملايين الأيدي معاً ومن ذلك الاتحاد الرائع تبدأ القطارات الجديدة في السير، والمدارس الجديدة في العمل، والمشافي الجديدة في شفاء الناس. كل ذلك بواسطة الشعب، ولأجل الشعب ! كل ذلك يخلقه أناس فخورون وأحرار بمثابة هدية للجميع – لأممهم وبلدانهم.
أجل، دعوا أسياد العبيد يضعون أوراقهم في الصناديق، أو في مكان آخر. وبمقدورهم أن يسموا ذلك بالديمقراطية. ودعونا نطلق على الديمقراطية اسماً آخرَ – حكم الشعب، تبادل عظيم للأفكار، والآمال والأحلام. فلنطلق اسمَ "الديمقراطية" على هيمنتنا على حياتنا وعلى بلداننا !!!
http://www.counterpunch.org/2014/05/23/down-with-western-democracy/
تُرجم عن ("كاونتربنتش"، 23 – 25 أيار/مايو 2014)
الجمل
إضافة تعليق جديد