خصائص الميليشيات العراقية وقدراتها العسكرية وحاضنتها الشعبية

17-01-2007

خصائص الميليشيات العراقية وقدراتها العسكرية وحاضنتها الشعبية

الجمل:   نشر معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى الورقة السياسية رقم 1182م، التي أعدها الباحث أندرو إكسوم، والتي عملت عنوان: العراق باعتباره –ساحة- حرب للميليشيات).
يقول أندرو إكسوم، ضمن سياق الحوار حول الاستراتيجية العسكرية الأمريكية في العراق، يمكن الإشارة إلى أن المبدأ الكلاسيكي الذي طرحه الفيلسوف العسكري البروسي كارل فون كلاوزفيتز (Carl Von Clausewitz) والقائل: من الضروري أن تفهم طبيعة الحرب التي تخوضها.
ويقول أندرو إكسوم: إن العسكريين الأمريكيين الموجودين في العراق، أصبحوا يواجهون خوض صراع المواجهة ضد التمرد التقليدي، بما يشابه ما حاربه وواجهه الفرنسيون في الجزائر، والأمريكيون في فييتنام.
كذلك يقول الباحث: إن المشهد الاستراتيجي في العراق أصبح اليوم بقدر كبير  أكثر تماثلاً مع الحرب الأهلية اللبنانية التي جرت خلال حقبتي سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، والتي حاربت وقاتلت فيها ميليشيات طائفية عديدة، بعضها البعض من أجل تحقيق السيطرة على بعض أجزاء البلاد. وحرب العراق الحالية أصبحت بالفعل تتحول إلى حرب ميليشيا.
يتناول الباحث أندرو إكسوم موضوع ورقته السياسية ضمن ثلاثة نقاط، يمكن استعراضها على النحو الآتي:
• العراق –كساحة- لحرب الميليشيات: ويتساءل الباحث: هل مازالت المذهبية والعقيدة التقليدية العسكرية والقتالية للقوات الأمريكية في مكافحة التمرد، تسري وتنطبق أطروحاتها على البيئة العراقية، الراهنة؟ ويحاول الباحث الإجابة على هذا السؤال عن طريق المقارنة بين الميليشيات العراقية وجماعات التمرد التقليدية، ويقول: إن حركات التمرد تتطور وتنمو وفقاً للمراحل:
- أولاً: جماعات التمرد تقوم بتنظيم وكسب دعم وتأييد السكان المحليين، وتعمل من أجل تحقيق الوحدة السياسية، وفي الوقت نفسه تأسيس وتمكين هذه الجماعات المتمردة لنفسها كقوة عسكرية.
- ثانياً: الحصول على العتاد العسكري وبدء شن العمليات العسكرية، وفي الوقت نفسه البدء بعملية إدارة أجزاء من البلاد، بما يقدم الأمن والخدمات والحكم للسكان المحليين الذين تتواجد وتعيش بينهم هذه الجماعات المتمردة.
- ثالثاً: شن حرب انقلابية لهزيمة الخصوم والمعارضة، وذلك على النحو الذي يجعل من الجماعة المتمردة المنتصرة بمثابة قوة السلطة الوطنية الشرعية في البلاد.
بالنسبة للميليشيات العراقية يقول الباحث بأنها قد تحركت ضمن هذه الترتيبات، ونجحت في كسب الدعم والتأييد الشعبي وبناء قدراتها العسكرية.
* الميليشيات الكردية نجحت في كسب دعم وتأييد السكان الأكراد في الشمال واستطاعت بناء قدراتها العسكرية، وأصبحت حالياً تحكم شمال العراق بشكل رسمي.
* الميليشيات الشيعية نجحت في كسب دعم وتأييد السكان الشيعة في جنوب العراق، واستطاعت بناء قدراتها العسكرية وأصبحت حالياً تحكم بشكل شبه رسمي في جنوب العراق.
* الميليشيات السنية نجحت في كسب دعم وتأييد السكان السنة في وسط وغرب العراق، وأصبحت حالياً تسيطر بشكل غير معلن على كل شيء في مناطق تمركزها.
• خوض حرب الميليشيات: ويرى الباحث بأن الميليشيات العراقية تتماثل وتتشابه مع الجماعات المتمردة الناجحة في جانب، وفي بعض الجوانب والأوضاع الأخرى تختلف عنها:
- أولاً في الوقت الذي يمكن فيه تنصيف حروب وتمرد الميليشيات باعتبارها تمثل حروباً أهلية، فإنها في الوقت نفسه، واستناداً إلى بعض الجوانب الأخرى تختلف بعض مكوناتها وعناصرها عن مكونات وعناصر الحروب الأهلية التقليدية المعروفة.
- ثانياً: في حروب الميليشيا تصبح الحكومة بمثابة فصيل يحارب مثله مثل الآخرين، إضافة إلى أنها لا تتمتع بأي شرعية كبيرة على الأطراف الأخرى التي تخوض القتال الأهلي الداخلي.
وقد أخطأت الحكومة الأمريكية خطأ كبيراً فادحاً عندما حاولت تقديم المساعدة خلال حقبة ثمانينيات القرن الماضي إلى الحكومة اللبنانية، ظناً من الحكومة الأمريكية أن تلك المساعدات سوف تساعد في قيام الحكومة اللبنانية آنذاك بالقضاء على التمرد والميليشيات المسلحة.
• الاستنتاج: ويرى الباحث أندرو إكسوم بأن القوات الأمريكية عندما  دخلت عام 2003م في العراق، كانت تمثل الجيش الأكثر احترافية، واعداداً تقنياً وتكنولوجياً في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، واليوم مازال وجود هذه القوات الأكثر تمرساً في القتال، ومازال وجود هذه القوات في مسرح القتال العراقي مستمراً وهو وجود أصبح يفوق ويتجاوز فترة وجود القوات الأمريكية في الحرب العالمية الثانية.
ويشير الكاتب قائلاً: إن هذه القوات الأمريكية برغم تطورها وقوتها، أصبحت تواجه اليوم موقفاً صعباً غير مسبوق، وعلى وجه الخصوص القوات الأمريكية البرية الموجودة حالياً داخل العراق.
وأخيراً نقول: كعادة خبراء ومحللي معهد واشنطن، لم يتعمق الباحث اندرو اكسوم، بالقدر الكافي الذي يجعله يصل الى النتيجة القائلة: إن كل معطيات خبرة التاريخ العالمي تؤكد أن إخضاع وتركيع شعوب الشرق الأوسط بقوة السلاح هو أمر غير ممكن، وقد سقطت كل امبراطورات العالم الكبرى بواسطة شعوب الشرق الأوسط، بحيث وجدت امبراطوريات فارس، روما، المغول، بريطانيا، فرنسا.. حتفها على يد مقاتلي شعوب الشرق الأوسط، بعد مقاومة استمرت في بعض الأحيان إلى بضع مئات من السنين، كما في حالة مقاومة الامبراطورية العثمانية والرومانية، ومن الواضح أن المقاومة في العراق قادرة على استلهام التاريخ العربي والاستمرار لمئات السنين.. فهل تستطيع أمريكا البقاء لخمسة سنين أخرى.
هذا ما لن يستطيع أي باحث في العالم التأكيد عليه.

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...