ما هي الأسباب الحقيقية لقيام إيران باعتقال البحارة البريطانيين؟

الجمل:    إن معايرة عملية اعتقال السلطات الإيرانية للبحارة البريطانيين في منطقة شط العرب، تناولتها الكثير من وسائل الإعلام باعتبارها أمراً عادياً، ولكن النظرة الفاحصة تقول:
- حدثت عملية الاعتقال عشية قيام مجلس الأمن الدولي بالتصويت من أجل فرض العقوبات المشددة ضد إيران.
- تزامنت عملية الاعتقال مع تزايد الخطاب الأمريكي الذي يتهم إيران ويحملها المسؤولية عن الأنشطة المعادية للاحتلال الأمريكي في العراق.
- اختفاء جنرال عسكري إيراني رفيع المستوى في تركيا.
- اغتيال عالم نووي إيراني بشكل غامض.
- اختطاف مسؤولي القنصلية الإيرانية والاستيلاء على محتوياتها.
- الإعلان عن تنفيذ العديد من العمليات السرية داخل إيران بواسطة المخابرات المركزية الأمريكية وعملاء حركة مجاهدي خلق.
- إعلان البنتاغون عن اكتمال حشوده العسكرية حول إيران.
- قيام تنظيم سني متطرف بالتغلغل داخل إيران وتنفيذ بعض التفجيرات ضد قوات الحرس الثوري، واعتراف عناصر هذا التنظيم بحصولهم على إمدادات الأسلحة الأمريكية.
الوقائع حول اعتقال السلطات الإيرانية للبحارة البريطانيين تشير إلى الآتي:
- تقول بريطانيا وأمريكا بأن البحارة البريطانيين قد تم اعتقالهم قبل دخولهم المياه الإقليمية الإيرانية.
- تقول السلطات الإيرانية بأنها اعتقلت البحارة البريطانيين بسبب انتهاكهم للسيادة الإيرانية بدخولهم دون إذن في المياه الإقليمية الإيرانية.
قامت السلطات البريطانية بنشر خارطة توضح الحدود البحرية الإيرانية- العراقية، وحددت فيها مكان اعتقال البحارة البريطانيين باعتباره يقع داخل المياه الإقليمية العراقية.
أبرز الملاحظات حول هذه الخارطة تمثلت في الآتي:
• إن الخارطة التي نشرتها السلطات البريطانية في الصحافة والإعلام الغربي، هي خارطة قامت بوضعها ورسمها السلطات البريطانية، ولم يحدث أن قامت برسمها لا السلطات العراقية ولا السلطات الإيرانية، كذلك لا يوجد أي اتفاق ثنائي دولي بين العراق وإيران لا الآن، ولا في الماضي حول مثل هذه الخارطة.
• الخرائط التي تحدد خط الحدود الدولية البرية، أو البحرية تقوم الدول الموقعة عليها بإيداع خرائطها في المنظمات الإقليمية والدولية، ولم يثبت وجود الخارطة التي نشرتها بريطانيا لا في أرشيف خرائط الأمم المتحدة، ولا في أرشيف الجامعة العربية، أو منظمة البلدان الآسيوية أو الخليجية.
وعموماً يمكن القول: هناك سوابق ماضية قام فيها الإيرانيون بالإمساك بالبحارة البريطانيين في هذه المنطقة، ولم يحدث أن حاولت السلطات البريطانية تقديم (خرائط) تؤكد أن مناطق اعتقالهم تقع ضمن المياه الإقليمية العراقية، وبعض الاعتقالات السابقة تمت في نفس هذه المنطقة، وهو أمر يثير الكثير من التساؤلات لماذا أصدرت بريطانيا خرائطها التي قامت بإعدادها هذه المرة، وعملت على تصعيد الموضوع؟
إن استغلال وتوظيف الوقائع بشكل متعمد من  أجل إشعال الحروب أو تصعيد النزاعات الدولية والإقليمية هو أمر شائع.. ففي خليج على سواحل المياه الفيتنامية قامت القوات الأمريكية باستغلال ذريعة (بوتمكين) متذرعة بأن الفيتناميين الشماليين أطلقوا النار على السفن العسكرية الأمريكية، التي دخلت إلى المياه الإقليمية الفيتنامية، وقامت ببعض الأعمال الاستفزازية آنذاك.
وكانت عملية استغلال حادثة (بوتمكين) بمثابة الشرارة التي تذرعت بها أمريكا وورطت نفسها بها في الحرب الفيتنامية.
الآن، هل سوف تستخدم عملية اعتقال إيران للبحارة البريطانيين بمثابة ذريعة وشرارة إشعال الحرب، أم أنها سوف توظف من أجل التفاوض مع الأمريكيون والبريطانيين من أجل إطلاق الإيرانيين الذين احتجزهم الأمريكيون والبريطانيين في العراق.
دعنا ننتظر ونرى، فالأمر يبدو أكثر وضوحاً بإطلالة يوم 6 نيسان 2007 القادم.

الجمل: قسم الدراسات والترجمة