لا توافق عربياً على عودة دمشق والإجتماع القادم في عمّان
سليمان نمر:
حتى الآن لم تقرع أجراس عودة سوريا إلى مقعدها في جامعة الدول العربية، برغم الإنفتاح العربي المتدحرج في السنوات الأخيرة ولا سيما غداة زلزال السادس من شباط/فبراير الذي ضرب سوريا وتركيا.
لم يكن متوقعاً أن يعلن وزراء خارجية الدول العربية التسع (دول مجلس التعاون الخليجي + مصر والأردن والعراق) بعد إجتماعهم الطارىء في جدة، ليل أمس، بدعوة من السعودية، وموضوعه الأبرز عودة سوريا الى “محيطها العربي”، قراراً حاسماً بشأن العودة عن قرار تعليق مشاركة سوريا في الجامعة العربية، في إنتظار ما يمكن أن تحمله الفترة الفاصلة عن موعد القمة العربية المقررة في 19 أيار/مايو المقبل من تطورات في هذا الملف المعقد والمرتبط بالأزمة السورية التي إندلعت في العام 2011.
والملاحظ أن البيان الذي صدر عن اجتماع الوزراء التسعة ووصف بأنه “تشاوري”، قد صدر عن وزارة الخارجية السعودية، في تعبير عن عدم توافق المجتمعين على قرار عودة سوريا، ولا سيما في ضوء موقف قطر الحاد من دمشق، والإصرار على أن تكون العودة مشروطة بموافقة جميع الدول العربية، كما ينص على ذلك النظام الداخلي للجامعة العربية.
وعُلم أن المجتمعين قرروا عقد إجتماع ثانٍ لهم في غضون أسبوع من الآن في العاصمة الأردنية عمّان من أجل إستكمال التشاور بين الدول التسع.
ووفق البيان السعودي، فإن المجتمعين في جدة “تشاوروا وتبادلوا وجهات النظر حول الجهود المبذولة للتوصل الى حل سياسي للأزمة السورية ينهي كافة تداعياتها ويحافظ على وحدة سوريا، وأمنها واستقرارها، وهويتها العربية، ويعيدها إلى محيطها العربي”، أي أن التركيز تم على “جهود الحل السياسي” التي من شأنها، في حال نجاحها، فتح الأبواب أمام عودة المياه إلى مجاريها بين سوريا وأعضاء الجامعة العربية..
وحدّد الوزراء التسعة العرب البنود الرئيسة لخارطة الطريق لهذا الحل السياسي وهي ليست جديدة، بل مطروحة منذ سنوات طويلة، وإن أُضيف إليها التشديد على ضرورة حل الأزمة الإنسانية وتوفير البيئة المناسبة لوصول المساعدات إلى جميع المناطق في سوريا، وهذه الإشارة تعكس تحفظ بعض الجهات العربية والدولية على آلية توزيع المساعدات الانسانية للمناطق السورية التي تضررت من جرّاء زلزال شباط/فبراير الماضي، كونها لم تشمل جميع المناطق السورية المتضررة.
وهذه البنود ـ كما وردت في بيان اجتماع جدة العربي التشاوري ـ لا تختلف عن مفردات وردت في البيان الصادر عن اجتماع وزيري خارجية السعودية فيصل بن فرحان وسوريا فيصل المقداد، ليل الاربعاء الماضي:
-تهيئة الظروف اللازمة لعودة اللاجئين والنازحين السوريين إلى مناطقهم وإنهاء معاناتهم، وتمكينهم من العودة بأمان إلى وطنهم (أي ضمان عودة اللاجئين من دون أي ملاحقات أمنية بعد عودتهم).
-اتخاذ المزيد من الإجراءات التي من شأنها المساهمة في إستقرار الأوضاع على كامل الأراضي السورية، أي الإفراج عن جميع المعتقلين في السجون السورية وإصدار عفو عام عن المطلوبين في الداخل والخارج وعدم ملاحقتهم بعد عودتهم.
-تفعيل اعمال لجنة اعادة كتابة الدستور بمشاركة ممثلي الحكومة وقوى المعارضة في الداخل والخارج للاتفاق على اجراء انتخابات برلمانية ورئاسية، وهذا مطلب دولي وليس عربياً فقط.
-انهاء تواجد المليشيات المسلحة على الاراضي السورية (المقصود بها المليشيات المحسوبة على ايران (وبينها حزب الله) ومجموعات المعارضة السورية المسلحة المتواجدة في شمال سوريا) وترك مسألة الحفاظ على سيادة سوريا على اراضيها لمؤسسات الدولة.
-“وقف التدخلات الخارجية”، وذلك في اشارة الى كل من تركيا وايران.
-مكافحة تهريب المخدرات والإتجار بها، في إشارة إلى أولوية هذا الملف عند دول الخليج ولا سيما السعودية.
وكان وزير الخارجية السوري، حسب أجواء الرياض، قد قدّم تعهدات شفهية إلى نظيره السعودي في إجتماع جدة، وسبقتها ضمانات غير مكتوبة قدّمتها موسكو إلى الرياض بالتزام سوريا بهذه المطالب، إلا أن عاملين إثنين من شأنهما عرقلة هذا المسار، أولهما فقدان الثقة بشكل متبادل (زدْ على ذلك موقف قطر الحاد الرافض لعودة سوريا) وثانيهما عدم وجود ضوء أخضر أميركي حتى الآن لمسار التطبيع مع دمشق.
وشدّد بيان وزارة الخارجية السعودية على أن يكون هناك دور عربي وصفوه بـ”القيادي في الجهود الرامية لإنهاء الأزمة (السورية)، ووضع الآليات اللازمة لهذا الدور، وتكثيف التشاور بين الدول العربية بما يكفل نجاح هذه الجهود”. وهذا يعني، وفق مصدر ديبلوماسي عربي في جدة، أنه في ضوء إجتماع عمان، يمكن تشكيل لجنة للمساعي العربية الحميدة تتولى الحوار مع دمشق من أجل التوصل إلى الحل السياسي المطلوب للأزمة السورية، داخلياً وإقليمياً ودولياً.
ووفق هذا المصدر، فإن اتصالات ستجري مع دول عربية أخرى لم تشارك في اجتماع جدة لا سيما الجزائر، بوصفها رئيسة القمة العربية حتى موعد إنعقاد قمة الرياض، على أن تكون الجزائر والسعودية من ضمن أعضاء لجنة المساعي العربية التي ستزور العاصمة السورية (إذا تم البت بأمر اللجنة)، قبيل موعد قمة الرياض العربية في الشهر المقبل.
وبناء على نتائج هذه الزيارة، يعقد وزراء الخارجية العرب إجتماعاً تحضيرياً للقمة يعيدون النظر فيه بقرار تعليق مشاركة سوريا ومن ثم يقررون أمر مشاركتها في القمة.
180Post
إضافة تعليق جديد