تقارير عن حروب الصيف في لبنان والدور السوري فيها
الجمل: يتزايد في هذه الأوقات الاهتمام بسورية، في الصحافة العالمية، ومراكز الدراسات وقد ورد اليوم الآتي:
* تقرير أخباري لوكالة الاشويتيدبرس، أعدته المحررة الدبلوماسية آني فيبران نشره موقع الوكالة يوم 26 حزيران 2007 وحمل عنوان (رايس: يتوجب على سورية إبقاء محكمة لبنان سليمة).
* تقرير موجز أعده الخبير الاستراتيجي بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية أنطوني كوديسمان حمل عنوان (حروب الصيف في لبنان؟).
وبرغم اختلاف العنوان، فان التقريران مرتبطان شكلا ومضمونا، وذلك لأن ما ورد بداخلهما يتعلق بالشأن السوري.
- استهداف سورية عبر لبنان: الممر الجديد... القديم:
مهما تحدث الناس عن لبنان وسورية باعتبارهما كيانين منفصلين فان لبنان وسورية يظلان دائما شيئا واحدا يتمثل في أن كل لبناني موجود حاليا ويحمل الجنسية اللبنانية، فانه لبناني من أب لبناني من جد سوري.. كذلك ليس غريبا أن تسعى قوى الاستكبار العالمي لاستهداف سورية عبر لبنان.. وعلى غرار المثل السائد بان من يريد اصطياد النسر الجارح فان عليه أن ينصب شباكه في عش صغاره وفلذات أكباده فهناك من يحاول حاليا نصب الشباك والفخاخ لسوريا في لبنان باعتباره عش صغار وفلذات أكباد سورية والسوريين.
- ماذا تقول كوندوليزا رايس؟
تحدثت كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية بلهجة جماعة المحافظين الجدد عندما يتحدثون عن سوريا، وذلك باستخدام لغة التحذيرات والتهديدات المغلفة التي تنم عن التحرش.
قالت كوندوليزا رايس: إن محكمة لبنان يجب ان تكون آمنة عندما تتصدى لمعالجة اغتيال الزعيم اللبناني (ثمة شيئا واحدا سوف تتحدث عنه يتمثل في كيفية التأكد من سلامة هؤلاء الاشخاص وهم يؤدون عملهم).
قالت كوندوليزا رايس للصحفيين بأنها ستناقش للتو مع فؤاد السنيورة رئيس الوزراء اللبناني احترازات السلامة المطلوبة لتأمين سلامة أعضاء المحكمة اللبنانيين وتطرقت رايس بعد ذلك للحديث عن سلسلة الاغتيالات التي شهدها لبنان واصفة إياها بانها اغتيالات تنم عن التقصد؟ هذا ولم تنس كاتبة التقرير ( المحررة الدبلوماسية لوكالة الاسوشيتدبرس) أن تضيف المزيد من الخلفيات التوضيحية لتصريحات رايس، وذلك عندما أشارت إلى التفجيرات التي حدثت في لبنان وإلى دقة وتعقيد تنفيذها.
- ماذا يقول الخبير الاستراتيجي انطوني كوديسمان؟
يقول كوديسمان بان لبنان أصبح بالأساس في مواجهة أربعة صراعات:
• الجهد السوري لاستعادة النفوذ، أن لم يكن السيطرة.
• إعادة البناء والتعمير وإعادة هيكلة قوة حزب الله العسكرية.
• الصراع حول السلطة الذي ينعكس في الانقسام الكبير بين رئيس الوزراء وحلفاءه والوزراء السنيين والمسيحيين من جهة ومن الجهة الأخرى رئيس الجمهورية وحزب الله وبعض البرلمانيين.
• الصراع ضد صعود الحركات المتطرفة الإسلامية السنية المرتبطة بالقاعدة.
يشير كوديسمان، بأن أي من هذه الصراعات لا يشكل حربا ولكن من الممكن أن تشكل ذلك في حالة اجتماعها، كذلك يشير كوديسمان إلى التفاعل بين هذه الصراعات ليس فيها ما يحدث داخل لبنان وحسب، بل وفيما يحدث من التطورات على مسرح سورية- إسرائيل، والتوترات الإقليمية مع إيران، والصراعات الفلسطينية وأيضا الصراعات التي تنخرط فيها الحركات المتطرفة الإسلامية السنية كالقاعدة مثلا، ويضيف كوديسمان استنتاجه القائل: إن السؤال حول: من سوف يستخدم من، يتقاطع ويتفاعل مع السؤال حول الكيفية التي سوف يتم بها التصعيد وحتى الآن ليس بمقدور أحد ان يتكهن بالتاريخ.
ويشير الخبير الاستراتيجي كوديسمان قائلاً:
- بالنسبة لسورية فإنها سوف تسعى للاحتفاظ بسيطرتها وعلى الأرجح ان سورية سوف لن تمضي في مسار النفوذ وفقط من الممكن أن تؤدي الحرب الأهلية الواسعة النطاق والشدة إلى التحريض على التدخل السوري المسلح.
- بالنسبة للبنان، هناك ثلاثة برلمانيبن لبنانيين تم اغتيالهم وفقا لأسلوب بدا وكأنه يهدف الى تقليل حجم تحالف رئيس الوزراء (بقصد قوى 14 آذار) وتقوية الرئيس لحود، وحاليا يتفوق تحالف الأغلبية المؤيد لفؤاد السنيورة بخمسة مقاعد فقط من البرلمان المكون من 126 مقعدا.
- بالنسبة لإسرائيل فهي في خلاف مع مصادر الأمم المتحدة حول القدر الذي استطاع به حزب الله أن يعيد بناء وجوده العسكري في جنوب لبنان، وحتى الآن ما تزال التفاصيل غير واضحة.
- بالنسبة للولايات المتحدة فان خبراؤها يقولون بأن حزب الله ظل قادرا على إعادة بناء قوته العسكرية داخل لبنان وحصل على الأسلحة المتطورة المضادة للدبابات.
كذلك يزعم الخبراء الأمريكيون ومعهم بعض الخبراء العسكريون الإسرائيليون بأن حزب الله حصل على صواريخ بعيدة المدى، وقام بالتطوير والتحسين الكمي والنوعي لصواريخ مانباد التي بحوزته إضافة إلى أن حزب الله استطاع تطوير تكتيكات الدفاع في العمق، وأصبح بإمكانه شن الغارات العابرة للحدود برغم وجود قوات اليونيفيل.
يقول كوديسمان إن الطريق المؤدي للحقيقة هو طريق صعب: ما يبدو مرجحا على الأغلب يتمثل في أن لدى حزب الله القوة الكافية وحرية العمل في الجنوب لشن الغارات الصغيرة لتحقيق أهدافه الخاص أو دعما وتأييدا لسورية أو حماس وليس من تأكيد بأنه سوف يواجه تحديا بواسطة الجيش اللبناني وعلى ما يبدو فعلا ان حزب الله يتمتع بوجود كبير وهيكل إداري خارج المنطقة التي تحتلها حاليا قوات اليونيفيل ومن ثم فإذا قام حزب الله بمهاجمة إسرائيل فإن إسرائيل سوف تكون مواجهة بمهمة التحرك شمالا واستخدام إما الطيران أو قوات الكوماندوس لمهاجمة حزب الله والذي سوف يكون من الصعب تحديد أهدافه أو في حالة عدم القيام بذلك فمن الممكن أن تحاول إسرائيل الاعتماد على العمل الدولي غير المؤكد ويرى كوديسمان بان لجوء إسرائيل إلى تهديد أو ضرب سورية سوف لن يؤدي إلى قيام سورية بالضغط على حزب الله.
وعموما حتى الآن ما يزال العقل الغربي الانجلوساكوني برغم الإرث الفلسفي والمنطقي بعيد كل البعد عن استخدام ابسط قوانين القياس المنطقي التي وضعها الفيلسوف اليوناني ارسطو قبل أكثر من 2000 عام فوزيرة الخارجية الأمريكية حاملة الدكتوراة والاستاذة الجامعية تحاول ممارسة التعسف المنطقي في الربط بين الأشياء... أما الخبير الاستراتيجي كوديسمان فهو جاهل تماما بقواعد اللعبة اللبنانية وبالتالي ما يجري حاليا على الساحة اللبناني السياسية... وهو أمر ليس بالجديد فكل معطيات الخبرة التاريخية تؤكد بان الاغتيالات السياسية في لبنان ليست اختراعا سوريا.
كذلك فالخلافات السياسية اللبنانية- اللبنانية ليست أمرا سوريا، بل هي أمر يرتبط بتاريخ لبنان منذ أن تدخل الفرنسيون لفصله عن سورية.
الحقيقة الماثلة حاليا أمام كل سوري ولبناني وفلسطيني وعربي.. بل وحتى الإسرائيليون نفسهم، تتمثل في أن محور تل أبيب- واشنطن يخطط حاليا لاستخدام لبنان كـ(ممر) لاستهداف سورية والضغط عليها بعد أن فشلت كل محاولات (التغلغل) داخل سورية والأمر ليس متوقفا على الـ(ممر) اللبناني فهناك ممرات أخرى قير التنفيذ، منها الـ(ممر) العراقي الذي توقف العمل فيه إلى حين... بسبب المقاومة العراقية والخلاقات داخل الإدارة الأمريكية، وهناك الـ(ممر) الأردني المتوقع بدء العمل فيه بعد حسم الخلافات الفلسطينية – الفلسطينية.
وعلى خلفية هذه الممرات يبدو واضحا من حديث كوندوليزا رايس، أنها مازالت متأثرة بمنهجية ليونتراوس المتعلقة بالخطاب المزدوج.. ولكن كما يقولون، مهما كانت براعة المتحدث في إخفاء الحقائق... فإن زلة لسان واحدة تكفي لمعرفة ما هو أسفل جبل الجليد... كل العالم يعرف ان المحاكم الدولية لم تحدث أن أصابها احد بسوء.. فهناك محكمة سيراليون، ومحكمة رواندا، ومحكمة يوغسلافيا، فما الجديد في محكمة لبنان والتي سوف تستضيفها دولة من خارج المنطقة وسوف تشرف قوات وأمن تلك الدولة وربما القوات الدولية على حراسة وتأمين سلامة المحكمة وأعضاءها.. الذين لن يستطيع كائن من كان النيل منهم باستثناء أمريكا وإسرائيل... فهل ياترى تصريح كوندوليزا رايس يهدف إلى المشهد على ارتكاب جريمة جديدة لتصعيد الأمر أكثر فأكثر ضر سورية، إذا تبين لجماعة المحافظين الجدد بان (إجراءات المحكمة) لا تسير في الاتجاه الذي يخدم أهداف محور تل أبيب – واشنطن.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد