لماذا تحولت طرقات البادية السورية الى كمائن للموت؟
تزايدت الهجمات التي ينفذها “التنظيم” في منطقة البادية السورية، مما أسفر عن سقوط عدد من الشهداء العسكريين والمدنيين بشكل شبه أسبوعي.
منذ خسارته آخر معقله الحضري في الباغوز عام 2019، تبنى “التنظيم” استراتيجية جديدة مشابهة لتكتيكاته السابقة كـ”دولة العراق والشام”، كما أشار خبراء ومراقبون لموقع “الحرة”.
تعتمد استراتيجية “التنظيم” الجديدة على التواجد في منطقة البادية السورية، حيث يقوم بنصب الكمائن والمصائد بشكل خاص على الطرقات الرئيسية وفي محيطها.
وبينما تتنقل القوات العسكرية السورية عبر هذه المناطق، تصبح هدفًا سهلاً لهجمات “التنظيم”، خاصة في ظل غياب الدعم الجوي والإسناد الكافي.
تمتد البادية السورية على مساحة 80 ألف كيلومتر مربع، وتغطي عدة محافظات سورية، مثل دير الزور وحمص وحماة والرقة وحلب.
ورغم الجهود التي بذلها الجيش السوري وروسيا لتمشيط هذه المنطقة، إلا أن “التنظيم” استمر في تعزيز وجوده وزيادة هجماته، مما أدى إلى توسيع دائرة الاستهداف.
وفقًا للباحث سعد الشارع من “مركز الشرق للسياسات”، فإن “التنظيم” يستغل خبرته الطويلة في مناطق البوادي والصحارى في كل من سوريا والعراق.
ويعتمد “التنظيم” على تكتيكات “حرب العصابات”، حيث ينفذ هجمات سريعة على أرتال عسكرية أو نقاط تفتيش.
وفي المقابل، يتعامل الجيش السوري مع هذه الهجمات بطريقة تقليدية كجيش نظامي، ما يجعله غير قادر على السيطرة التامة على البادية.
أحد الأسباب الرئيسية لاستمرار استنزاف الجيش السوري هو انتشار “التنظيم” في البادية، مما يسمح له بشن هجمات من اتجاهات متعددة.
يوضح الشارع أن “التنظيم” يمكنه التحرك عبر مناطق واسعة من البادية، مثل المنطقة الشرقية لمدينة تدمر، مما يتيح له ضرب أهداف عسكرية على طول الطرق المؤدية إلى مناطق مثل البوكمال ودير الزور.
إلى جانب ذلك، يشير الباحث عرابي عرابي، المتخصص في شؤون الجماعات المتشددة، إلى أن “التنظيم” يسعى للسيطرة على طرق البادية الرئيسية، ليس فقط لأغراض الهجمات، بل أيضًا للسيطرة على شبكات التهريب والتمويل، بما في ذلك تهريب الأسلحة والمخدرات والنفط الخام.
أما المحلل السياسي المقيم في دمشق، غسان يوسف، فيعتقد أن القضاء على “التنظيم” في البادية لن يكون سهلاً لعدة أسباب، أبرزها اتساع المنطقة الصحراوية وصعوبة تضاريسها. كما يضيف أن التنظيم قد يتلقى دعمًا من فصائل في التنف، مما يعقد جهود القضاء عليه.
ورغم التحديات، يواصل الجيش السوري محاولاته لتأمين الطرق الرئيسية في البادية، والتي تعتبر شريان الحياة الذي يربط مناطق نفوذه بالشرق. ولكن هجمات “التنظيم” المدروسة تستفيد من الخبرة الطويلة التي يتمتع بها في هذه المناطق.
تشير بيانات القيادة المركزية الأمريكية إلى أن عدد مقاتلي “التنظيم” في سوريا والعراق يصل إلى نحو 2500 شخص، وهو رقم يتجاوز التقديرات السابقة.
ورغم محاولات الجيش السوري التعامل مع التهديدات في البادية، إلا أن الطبيعة الجغرافية الصعبة للمنطقة تجعل من الصعب القضاء على “التنظيم” بشكل نهائي، خاصة أنه يستفيد من الدعم والتمويل الذي يحصل عليه من السيطرة على الطرق وموارد التهريب.
وكالات
إضافة تعليق جديد