سورية في خطاب الرئيس بوش عن حالة الاتحاد
الجمل: ألقى الرئيس جورج بوش أمس خطابه السنوي المعروف باسم خطاب حالة الاتحاد، وهو عبارة عن الرسالة السنوية التي يقدمها رؤساء الإدارة الأمريكية في شهر كانون الثاني من كل عام أمام الكونغرس الأمريكي في جلسة تضم مجلسي النواب والشيوخ.
* المعالم الرئيسية: الأبعاد المعلنة:
التفسيرات التي تصدرت الصحافة الأمريكية والعالمية اليوم لمحتوى ومضمون خطاب حالة الاتحاد الذي قدمه بالأمس الرئيس بوش أكدت على أن الخطاب أشار إلى التلميحات المتعلقة بالسياسات التالية
• الاقتصاد الأمريكي: المحافظة على الاقتصاد في حالة المعافاة.
• الميزانية الأمريكية: الاستمرار في مسار الوصول إلى مرحلة توازن الميزانية بحلول عام 2012م.
• الإسكان: تحديث إدارة الإسكان الفيدرالي.
• الأمن القومي الأمريكي: تزويد خبراء ومحترفي الأمن القومي بالوسائل التي يحتاجونها لحماية أمريكا.
• العراق: التقدم المستمر في العراق يتيح إعادة النجاح.
• الحرب العالمية ضد الإرهاب: الحفاظ على سلامة أمريكا عن طريق تقوية أجندة الديمقراطية.
• المحاربون الأفراد: دعم عناصر القوات المحاربة وعائلاتهم.
• رعاية الأطفال: توسيع نطاق الفرصة التزاماً بمبدأ عدم التخلي عن الأطفال.
• التعليم: إتاحة المزيد من الفرص للآباء من أجل تعليم أبنائهم.
• التجارة الحرة: فتح الأسواق الجديدة وتوسيع الفرص عن طريق التجارة الحرة.
• الطاقة: زيادة وتوسيع أمن الطاقة ومواجهة التغيير المناخي.
• العناية الصحية: تعزيز خيارات الأمريكيين في الحصول على الرعاية الصحية.
• بحوث الخلايا الجذعية: زيادة الدعم الفيدرالي لبحوث الخلايا الجذعية الملتزمة بالمحددات الأخلاقية.
• الهجرة: تحسين أمن الحدود والهجرة.
• العلم: مضاعفة الإنفاق الفيدرالي على البحث العلمي.
* القراءة تحت السطور والكلمات: أين تقع سوريا؟
لو أردنا أن نفهم أهمية ومغزى خطاب حالة الاتحاد فعلينا أن نعود إلى شهر كانون الأول 2007م الماضي، حيث ألقى الرئيس خطاباً كان يختلف في نبرته وسياقه الشكلي العام عن الخطاب الحالي:
• خطاب كانون الثاني 2007م الماضي تضمن هجوماً مباشراً ضد سوريا أما خطاب كانون الثاني 2008م الحالي فلم يتضمن أي هجوم مباشر.
• خطاب كانون الثاني 2007م الماضي أكد على إستراتيجية بوش الجديدة المتعلقة بزيادة عدد القوات الأمريكية في العراق، أما خطاب كانون الثاني 2008م الحالي فلم يؤكد سوى على التزام الإدارة الأمريكية بالإبقاء على الوضع الحالي.
• خطاب كانون الثاني 2007م الماضي لم تسبقه جولة شرق أوسطية أما خطاب كانون الثاني 2008م الحالي فقد سبقته جولة قام بها الرئيس بوش لمناطق الشرق الأوسط وتحديداً لمنطقة شرق المتوسط ومنطقة الخليج العربي.
النقاط التي وردت في الخطاب برغم عدم إشارتها إلى سوريا إلا أنه من الممكن البحث عن سوريا فيما وراء هذه السطور والمفردات لأن الإدارة الأمريكية لا يمكن، وفق كل الحسابات، أن تسقط سوريا من خطاب حالة الاتحاد. بكلمات أخرى، فإن عدم إشارة خطاب الاتحاد إلى سوريا بشكل معلن أو غير معلن هو افتراض لا يمكن أن يحدث إلا إذا أعلنت الإدارة الأمريكية تخليها عن إسرائيل والإسرائيليين. وتأسيساً على ذلك، فإن البحث عن سوريا في مفردات وعبارات خطاب حالة الاتحاد يقودنا إلى البنود الآتية:
• الاقتصاد: الحفاظ على عافية الاقتصاد الأمريكي يتم حصراً عن طريق السيطرة على أسواق العالم والتي من بينها منطقة الشرق الأوسط وتحديداً العراق والسعودية والخليج وتركيا، ولكي تنفرد أمريكا بهذه الأسواق فإن عليها دفع هذه الأطراف باتجاه الابتعاد عن سوريا التي تؤكد على شعارات الاستقلال الاقتصادي العربي ذات التأثير الكابوسي على مختلف الإدارات الأمريكية.
• الأمن القومي: تزويد الخبراء المسؤولين عن الأمن القومي الأمريكي بالوسائل اللازمة لحماية أمريكا معناه توفير الصلاحيات والقدرات المادية والتشريعية لأجهزة الأمن والقوات الأمريكية من أجل المزيد من حرية الحركة، بما في ذلك انتهاج سياسة البلدان الأخرى. بكلمات أخرى، طالما أن حماية أمريكا لا تعني حماية كل ما هو موجود ضمن النطاق المكاني لدولة الولايات المتحدة وإنما تركز بشكل رئيسي على المصالح الأمريكية المنتشرة في الدول الأخرى، وبالنسبة لمنطقة شرق المتوسط، لما كانت إدارة بوش تفترض أن مصالح أمريكا توجد في العراق ولبنان فإن احتمالات التذرع بحماية هذه المصالح من خطر التهديد السوري المفترض هو أمر لا يمكن استبعاده خلال الجزء المتبقي من هذا العام.
• العراق: تعمد الرئيس بوش التطرق لموضوع العراق بشكل مبهم وغامض بالتركيز على "النجاح" و"عودة النجاح"، وأشارت التفسيرات الواردة في الصحف الأمريكية المعارضة للحرب في العراق إلى أن الرئيس بوش قد أكد على استمرار الوضع القائم في العراق، و"الوضع القائم" هذا بكافة المقاييس معناه إبقاء سوريا في مواجهة مخاطر تداعيات الحرب الأمريكية في العراق.
• الحرب العالمية ضد الإرهاب: وتأكيد بوش على الربط بين الحفاظ على سلامة أمريكا وأجندة الحرية هو تأكيد يشير بوضوح إلى أن إدارة بوش عازمة على العودة إلى مشروع نشر الديمقراطية في الشرق الأوسط، وهو المشروع الذي يهدف إلى تعزيز القوى والتوجهات التي تهدف إلى فرض الضغوط على سوريا وإيران، عن طريق استخدام "نشر الديمقراطية" كذريعة قيمية ومبرر لفرض العقوبات ومشروع العزلة الدولية والإقليمية الأمريكية في المنطقة.
* أبرز ردود الأفعال:
جاءت أرز ردود الأفعال الفورية التي أعقبت خطاب بوش بواسطة الحزب الديمقراطي الأمريكي: حيث ألقى الزعيم الديمقراطي وحاكم ولاية كانساس الأمريكية كاتلين سيبليوس خطاباً انتقد فيه توجهات بوش المتعلقة بالهجرة. أما رئيس مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوزي فانتقدت موقف الجمهوريين من الهجرة وقيود الهجرة إلى أمريكا. وقد كان واضحاً أن انتقادات الديمقراطيين لخطاب بوش قد تفادت هذه المرة الملفات المتعلقة بالعراق وسياسة الأمن القومي والحرب ضد الإرهاب، الأمر الذي دفع الكثير من المحللين إلى إلقاء الشكوك حول مدى مصداقية مواقف الديمقراطيين إزاء توجهات إدارة بوش إزاء العراق والحرب ضد الإرهاب وسياسة الأمن القومي الأمريكي القائمة على التدخل ومبدأ الضربة الاستباقية.
عموماً، العبارة الأكثر وضوحاً في خطاب الرئيس بوش هي تلك التي أكد فيها على أن أمريكا سوف تتصدى للإرهابيين الذين يعرقلون ويخربون التطور الديمقراطي في لبنان وباكستان، وعلى وجه الخصوص عن طريق تنفيذ الاغتيالات على غرار اغتيال الزعيمة الباكستانية المعارضة بنازير بوتو، كذلك أشار بوش إلى أن الإرهابيين يعملون من أجل منع حرية الآخرين في اختيار وتحديد مصائرهم في لبنان والعراق وأفغانستان وباكستان والأراضي الفلسطينية.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد