أهداف زيارة إيهود باراك إلى أنقرة
الجمل: زار الجنرال إيهود باراك وزير الدفاع الإسرائيلي تركيا خلال يومي 12 و13 شباط، وكان لافتاً للنظر الاهتمام الكبير الذي أولته الصحافة الإسرائيلية والأمريكية والأوروبية الغربية لهذه الزيارة.
* ماذا تقول التسريبات:
نشر موقع مؤسسة جيمس تاون الإلكتروني تقريراً استخبارياً حول زيارة باراك إلى أنقرة وأهدافها المتمثلة في:
• تشجيع تركيا على القيام بشراء قمر تجسس إسرائيلي من طراز «أوفيك» بمبلغ 300 مليون دولار.
• إكمال جهود شركة «أيروسبيس» الفرنسية التي كانت تقوم بالوساطة في مبيعات الأسلحة والعتاد العسكري والاستخباري الإسرائيلي لتركيا.
وصف تقرير مؤسسة جيمس تاون زيارة باراك لأنقرة باعتبارها تمثل نقطة تحول بارزة في العلاقات الإسرائيلية – التركية وعلى وجه الخصوص في مجالات التعاون العسكري. كما أشار التقرير إلى أن الأتراك أبدو اهتمامهم بالرغبة في شراء نظام الدفاع الصاروخي طراز «أرو-2» المضاد للصواريخ الباليستية. كما أشار التقرير إلى أن عقود الدفاع التركية – الإسرائيلية قد وصلت قيمتها إلى 1.8 مليار دولار من إجمالي مبلغ التعاقدات المخصص الذي يصل إلى حد 2.6 مليار دولار.
* حقيقة النوايا الإسرائيلية على خط أنقرة – تل أبيب:
يتحدث الإسرائيليون باهتمام كبير حول تركيا، لجهة أنها البلد الشرق أوسطي الذي اعترف بإسرائيل بعد عام واحد من قيام دولة إسرائيل، ومن المعلوم أن الحكومات التركية السابقة كانت جميعها متورطة بطريقة أو بأخرى في تقديم الدعم لإسرائيل عن طريق مختلف الوسائل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والعسكرية والأمنية والاستخبارية. ولكن، بعد فوز حزب العدالة والتنمية الإسلامي بدأت تظهر الكثير من المؤشرات الدالة على الجانب الإسرائيلي في خط أنقرة – تل أبيب، وقد تمثلت أبرز مؤشرات خسارة إسرائيل في تركيا في الآتي:
• تزايد واتساع وتيرة العلاقات الفلسطينية – التركية وعلى وجه الخصوص علاقات حزب العدالة والتنمية التركي وحركة حماس الفلسطينية.
• تزايد حدة الخطاب السياسي التركي المعاكس للتوجهات الإسرائيلية.
• تزايد الانتقادات التركية للأداء السلوكي الإسرائيلي ضد الفلسطينيين.
وجاءت بعد ذلك حيثيات الموقف التركي إزاء وقائع الغارة الإسرائيلية على سوريا، وهي حيثيات اعتبرها المراقبون كارثة حقيقية وتحدياً حقيقياً إن لم تكن نقطة تحول رئيسية في خط العلاقات التركية – الإسرائيلية. وتقول المعلومات والمؤشرات بأن الموقف التركي الواقف إلى جانب سوريا قد أدى إلى تحول على الجانبين الإسرائيلي والأمريكي:
• وقفت أمريكا إلى جانب تركيا وأبدت نزوعاً للتخلي عن حلفائها الأكراد.
• وقفت إسرائيل إلى جانب تركيا وأبدت نزوعاً للتخلي عن الأكراد.
• الإصغاء الجيد إلى التصريحات التركية إزاء الأزمة الفلسطينية.
وعلى غرار المثل القائل «لكل مقام مقال، ولكل حادثة حديث» فإن المقال اللائق بالمقام والحديث اللائق بالحادثة في حالة خط تل أبيب – أنقرة يتمثلان في الآتي:
• التخطيط لإبعاد أنقرة عن دمشق طالما أن دمشق لا تنقاد لتوجهات محور تل أبيب – واشنطن.
• التخطيط لإبعاد الرياض عن أنقرة طالما أن أنقرة لن تتخلى بسهولة عن مصالحها الاقتصادية في السعودية والخليج.
• إبعاد أنقرة عن طهران طالما أنه من الصعب التأثير على طهران في هذا الوقت دون مقابل.
لعبة "الإبعادات" سوف تعتمد على مدى نجاح محور تل أبيب – واشنطن في استخدام سياسة العصا والجزرة مع أنقرة على أساس اعتبارات أن:
• العصا هي دعم الأكراد وعرقلة الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي ودعم القبارصة اليونان وتمرير قانون المذبحة الأرمنية والحرمان من جزر بحر إيجة.
• الجزرة هي المساعدات الاقتصادية والمساعدات العسكرية والاستخبارية الإسرائيلية – الأمريكية، والمساعدات التكنولوجيا الإسرائيلية.
حالياً لا يركز محور تل أبيب – واشنطن على القيام بتعديل سلوك أنقرة إزاء دمشق – طهران وإنما الأولوية تنصب على تعديل الإدراك التركي إزاء دمشق – طهران باعتبارهما مصدر الخطر الذي يهدد أمن واستقرار منطقة الشرقين الأدنى والأوسط، ويلي ذلك دفع أنقرة لتبني مذهبية أمنية تقوم على هذا الإدراك المفترض. وبرغم البراعة الظاهرية لمخطط تل أبيب – واشنطن إلا أنه مخطط يفتقد إلى العمق الإدراكي الصحيح، لأن المعضلة لا تتمثل في حزب العدالة والتنمية الإسلامي وإنما في الشارع التركي أو الرأي العام التركي الشرق أوسطي الذي يستند إلى جذوره الشرق أوسطية – الإسلامية حتى لو غير حزب العدالة والتنمية توجهاته وقرر الركوب في قاطرة محور تل أبيب – واشنطن فإن الرأي العام التركي سوف يتوجه نحو البديل المناسب. بكلمات أخرى، تحاول حالياً إسرائيل وأمريكا "نحر" حزب العدالة والتنمية عن طريق دفعه في نفس مسيرة التوجهات السياسية التركية السابقة. فإذا تبنى الحزب ذلك فسيكون قد قرر الانتحار. وعلى ما يبدو، فإن محور تل أبيب – واشنطن سوف يستمر في ممارسة الضغوط الناعمة على أنقرة التي من غير الممكن أن تقبل بأي حال من الأحوال القبول بهذه الضغوط التي تعرضها لضغوط الرأي العام التركي الرافض لتوجهات محور تل أبيب – واشنطن.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد