ماذا وراء قرار أنقرة المفاجئ بوقف عملياتها العسكرية في العراق
الجمل: أعلنت تركيا بشكل مفاجئ عن إنهاء عملياتها العسكرية في شمال العراق وإعادة القوات التركية إلى مواقعها. وأشارت المزاعم الرسمية التركية إلى أن قواتها قد أنجزت مهمتها بنجاح.
* أبرز التساؤلات: ماذا وراء القرار التركي المفاجئ:
الواضح حتى الآن يتمثل في الزيارة المفاجئة التي قام بها روبرت غيتز وزير الدفاع الأمريكي إلى العاصمة التركية أنقرة. وتقول المعلومات بأن الرئيس جورج بوش قد صرح في مؤتمر صحفي في البيت الأبيض الأمريكي بأن على الأتراك إنجاز مهمتهم في شمال العراق في أقصر وقت ممكن ثم الخروج بأسرع وقت ممكن. وبالنسبة لوزير الدفاع الأمريكي تقول المعلومات بأنه:
• في يوم 23 شباط أعلن خلال زيارته للعاصمة الاسترالية «كانبيرا» بأن على القوات التركية مغادرة العراق.
• في يوم 27 شباط أعلن خلال زيارته للعاصمة الهندية نيودلهي بأن على القوات التركية مغادرة شمال العراق.
• في يوم 28 شباط حضر بنفسه إلى العاصمة التركية أنقرة وطالب السلطات التركية بإخراج قواتها من الشمال العراقي.
برغم إعلان المتحدث الرسمي للبيت الأبيض الأمريكي في يوم 22 شباط بأن الإدارة الأمريكية قد تم إخبارها رسمياً ومسبقاً بواسطة السلطات التركية بعملية الاقتحام العسكري التركي لشمال العراق التي بدأت يوم 21 شباط 2008م وبرغم تأكيد الإدارة الأمريكية المستمر والمتكرر بأن أمريكا:
• تعتبر حزب العمال الكردستاني خطر يهدد تركيا وأمريكا والعراق.
• تدعم وتؤيد تركيا لاتخاذ الإجراءات العسكرية ضد الحزب.
• تزويد تركيا بالمعلومات الاستخبارية الحيوية الميدانية الجارية حول أنشطة وتحركات وقواعد حزب العمال الكردستاني.
فإن هناك أكثر من تساؤل حول الأسباب التي دفعت الرئيس الأمريكي ووزير دفاعه إلى التحرك بمثل هذه العجلة وممارسة الضغوط الشديدة على أنقرة من أجل إخراج قواتها من شمال العراق، وحالياً تبرز التساؤلات الآتية:
• هل تشكل العملية العسكرية التركية خطراً على الوجود العسكري الأمريكي في العراق؟
• هل أدت العملية العسكرية التركية إلى التأثير على علاقات محور أربيل – واشنطن ومحور أربيل – بغداد ومحور بغداد – واشنطن؟
• هل لعبت تل أبيب دوراً في الضغط على واشنطن لكي تقوم بالضغط على أنقرة من أجل الانسحاب؟
• هل أصبحت علاقات أربيل – تل أبيب قادرة على التأثير على علاقات تل أبيب – واشنطن وعلاقات أنقرة - واشنطن؟
• هل الانسحاب التركي المفاجئ هو انسحاب من أجل عدم التأثير على استقرار الوجود الأمريكي في العراق، أم هو انسحاب لإفساح المجال أمام تحركات أمريكية جديدة قادمة؟
• هل التحركات الأمريكية القادمة من العجلة بمكان لا يمكن معه تحمل الوجود العسكري التركي في شمال العراق لفترة أسبوع؟
• قرر وزير الدفاع الأمريكي من قبل إلغاء زيارته لأنقرة ولكنه فجأة عدل عن رأيه، وقام بشكل مفاجئ بزيارة أنقرة والتقى بالمسؤولين الأتراك وعلى وجه الخصوص الجنرال أليسار بيوكانيت رئيس الأركان التركي فما الذي دار بين الاثنين خاصة وأن الجنرال بيوكانيت الذي كان الأكثر تشدداً في عملية الاقتحام العسكري قد عدل عن رأيه ووافق بسرعة فائقة لا على إنهاء العملية العسكرية وحسب بل والإعلان بأن:
* العملية العسكرية قد نفذت أهدافها.
* الانسحاب العسكري ليس له أي علاقة بالضغوط الأمريكية.
* لعبة كردستان: هل تغيرت قواعد اللعبة؟
تقول المحددات الجيوسياسية بأن رقعة إقليم كردستان الذي تقطنه أغلبية كردية تمتد عبر أربع دول هي العراق وتركيا وإيران وسوريا. وبسبب هذا التوزيع فقد توزعت الحركات السياسية الكردية إلى حركات كردية عراقية وكردية تركية وكردية إيرانية وكردية سورية:
• كردياً تقوم اللعبة على أن تعمل كل حركة في مجالها الجيوسياسي الخاص بها، مع الاحتفاظ بالارتباط المركزي ضمن التوجهات الموحدة للثوابت الكردية.
• إقليمياً تسعى كل حركة إلى الضغط من أجل الحصول على حق الحكم الإقليمي والاستقلال الذاتي على غرار نموذج إقليم كردستان العراقي العالي الاستقلالية عن الحكومة المركزية العراقية بحيث ينشأ إقليم كردستان التركي والإيراني وغيرها.
• دولياً تسعى كل حركة إلى التحالف مع القوى الدولية التي تستطيع تقديم المساعدة والدعم للمشروع الكردي الهادف إلى فصل الأراضي الكردية عن الأراضي العربية والإيرانية والتركية.
الاقتحام العسكري التركي أدى إلى إحداث زلزال في:
• العلاقات التركية – الأمريكية.
• مصداقية العلاقات الكردية – الأمريكية والعلاقات الكردية الإسرائيلية.
كذلك أدى إلى حدوث توتر في علاقات أربيل – بغداد على النحو الذي دفع بغداد إلى إعلان عدم الموافقة على إعدام علي حسن المجيد المتهم بضرب حلبجة الكردية بالأسلحة الكيميائية وما كان لافتاً للنظر في قرار القاضي الذي أصدر حكم الإعدام هو أن يتم شنق المجيد في منطقة حلبجة نفسها!!
حزب العمال الكردستاني هو الأكثر تأثيراً على أكراد إيران وتركيا وسوريا وتقول المعلومات بأن قيادة الحزب كانت ترفض توجهات أربيل – السليمانية الهادفة إلى تصعيد الصراع ضد إيران وسوريا وإيقاف أنشطة الحزب في تركيا، وتشير التحليلات إلى أن هذه التوجهات ليست توجهات أربيل – السليمانية وإنما هي توجهات تل أبيب – واشنطن التي تعادي إيران وسوريا دون تركيا. فهل تم إيقاف العملية العسكرية التركية التي كانت تسعى للقضاء على حزب العمال الكردستاني لأن الحزب وافق أخيراً على صفقة تم عرضها عليه بواسطة أربيل تنص على أن تصرف أنقرة النظر عنه مقابل إيقاف عملياته ضدها وتقوم أمريكا وإسرائيل وأربيل بدعمه مقابل تكثيف جهوده ضد سوريا وإيران؟ أم أن الأمر يرتبط بخلاف على خط واشنطن – بغداد، فيما يتعلق بإنجاز الاتفاق الاستراتيجي الذي تفاهم حوله الاثنان ويعطي أمريكا الحق في الوجود العسكري المستمر في العراق تحت مزاعم حماية أمنه، ولما كانت بغداد قد أعلنت بأن الاقتحام العسكري التركي يشكل انتهاكاً لسيادة العراق فإن المقصود في هذه الحالة هو الولايات المتحدة التي يفترض تفاهم بغداد – واشنطن بأنها المسؤولة عن حماية العراق وبالتالي فإن السبيل الوحيد لتعزيز مصداقية واشنطن هو إخراج القوات التركية من شمال العراق.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد