عمرو موسى: العرب ملوا من مشاكل لبنان
لن يزور الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى بيروت قبل الحادي عشر من آذار، لا بل هو لن يحل ضيفا على اللبنانيين بعد هذا التاريخ «إلا اذا استجد تطور في المواقف المتباعدة بين فريقي الموالاة والمعارضة»، وهو رهان صعب، قياسا بواقع «فخامة المأزق» الذي صار يلف الجميع، في الداخل والخارج، ويضعهم بين حسابات تسوية لن تأتي ومواجهة لن تحصل...
وعلى جاري عادة كل المبادرات والمبادرين، فإن «استسلام» العرب وقبلهم الأوروبيون، يعيد الاعتبار إلى أولوية التوافق اللبناني، تماما كما أشار الى ذلك، يوم أمس، وزير خارجية فرنسا برنار كوشنير وكذلك عمرو موسى حول ما بعد اجتماع الوزراء العرب في القاهرة، علما أن إعلان كوشنير أن فرنسا قد تطلق مبادرة بعد ترؤسها الاتحاد الأوروبي في تموز المقبل، طرح علامات استفهام كثيرة حول وجود قناعة باستحالة التسوية قبل الصيف المقبل.
وقال عمرو موسى «اننا كنا قد اقتربنا من ردم الهوة بين الموالاة التي تطالب بانتخاب رئيس الجمهورية فورا وبين المعارضة التي تشترط انتخاب الرئيس من ضمن صفقة سياسية متكاملة، ولكن...»، أضاف «لقد ملّ العرب جميعا من هذا الجمود في الوضع اللبناني»، وأشار ردا على سؤال الى أنه «لن يحصل اتفاق عربي على صيغة حل تخص لبنان بل لا بد من توافق اللبنانيين على الصيغة المذكورة».
وأجرى موسى أمس اتصالا برئيس المجلس النيابي نبيه بري وتم التأكيد خلاله على ضرورة متابعة المبادرة العربية توصلا لإيجاد الحلول اللازمة للوضع في لبنان.
وأعرب رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة أمام زوّاره، أمس، عن استعداده لزيارة دمشق والمشاركة في القمة العربية «اذا كانت كل المعطيات والعوامل مؤاتية لذلك، من دون ان تعني هذه الزيارة أي تغيير في ثوابتنا»، مشيرا الى ان دعوة لبنان الى القمة «أمر مفروغ منه وبالتالي فإن النقاش في هذا الامر مضيعة للوقت».
يذكر أن مصدرا حكوميا في دكار توقع أن يتمثل لبنان في قمة منظمة المؤتمر الاســـلامي في 13 و14 آذار في العاصـمة السنغالية برئيس
مجلس الوزراء فؤاد السنيورة لان سدة الرئاسة الاولى لا تزال شاغرة منذ اكثر من ثلاثة اشهر حسب المصدر الحكومي.
وأكد السنيورة على اهمية البند الخاص بتصحيح العلاقات اللبنانية ـ السورية «فهو يشير الى وجود مشكلة بحاجة الى معالجة»، مضيفا انه ضد أي مقاطعة لسوريا وكذلك «ضد تحويل الوضع بين لبنان وسوريا الى حفلة ردح»، ورأى أن الضغوط العربية على سوريا لها حدود «وكل دولة لها نقاط قوة ونقاط ضعف في هذا المجال»، معتبرا ان سوريا «ليست بعيدة عما شهدته غزة من تطورات مؤخرا، وهذا أمر تدركه الدول العربية المعنية»، مضيفا ان السعودية منزعجة مما آل إليه مصير اتفاق مكة.
واستبعد السنيورة الذي أجرى أمس اتصالين بوزيري خارجية السعودية ومصر، قيام اسرائيل بشن هجوم على سوريا في أعقاب عملية القدس، وأشار الى ان لبنان منع اسرائيل من الانتصار في العام ,2006 و«إسرائيل الآن مثل النمر المجروح وتبحث عن هدف تعوض فيه عما لحق بها، والمهم أن لا نعطيها مبررا لذلك».
وقال السنيورة «إذا هاجمت اسرائيل لبنان مجددا فأنا اطلب من كل اللبنانيين ان نقف صفا واحدا في مواجهتها». وتابع «مهما كانت خلافاتي مع «حزب الله» فهي ليست على اي مستوى من مستويات العداء مع إسرائيل».
وأشار رئيس الحكومة الى ان النقاش بشأن قانون الانتخاب الجديد يجب ان يتم ضمن إطار مجلس النواب، «وعندها أتوقع ان نشهد اختلافات في المواقف بين الحلفاء سواء من الأكثرية او من المعارضة»، داعيا الى ان يكون المشروع الذي أعدته اللجنة الوطنية التي ترأسها الوزير الاسبق فؤاد بطرس منطلقا لهذا النقاش.
وقال رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط انه لا يريد ارتجال موقف من موضوع قانون الانتخابات، وذلك ردا على سؤال حول ما اذا كان يؤيد اعتماد قانون الستين أو أنه يدعو الى تجاوزه. وأشار الى أن هناك العديد من الطروحات، لكن قوى 14 آذار «بصدد اتخاذ موقف موحد في هذا الشأن، بعد استكمال البحث في غضون الأيام القليلة المقبلة».
وأوضح جنبلاط أنه اتصل بالرئيس نبيه بري، أمس الاول، للاستفسار منه حول حقيقة ما تردد عن ان الجيش الإسرائيلي اخترق الحدود الدولية اللبنانية في اتجاه نهر الوزاني. ونفى ان يكون الاتصال قد تطرق الى الحملة التي شنها الوزير مروان حمادة على الرئيس بري.
وعلق جنبلاط على العملية الفدائية في القدس الغربية، بالقول إنها ردة فعل طبيعية على الجريمة الوحشية التي تعرضت لها غزة من قبل الجيش الإسرائيلي، وأضاف «على إسرائيل ان تدرك انه لا مفر أمامها من الاعتراف بحركة «حماس» والتحاور معها للوصول الى حل، واستمرارها في التهرب من ذلك لن يعطي نتيجة، تماما كما ان ضرب غزة لن يعطي نتيجة».
ورفض جنبلاط الخوض في موضوع المبادرة العربية ومقررات الاجتماع الوزاري العربي الأخير.
في هذه الأثناء، أكدت مصادر في البعثة الروسية لدى الأمم المتحدة (نيويورك) أن فرنسا هي التي كانت طرحت مؤخرا قيام مجلس الأمن بإصدار بيان رئاسي جديد يدعو اللبنانيين للإسراع في الانتخابات الرئاسية.
وكانت تقارير صحافية قد أشارت إلى أن فرنسا، بتأييد من الولايات المتحدة، قد تسعى لإصدار قرار من مجلس الأمن يقضي بعقد الانتخابات الرئاسية بغض النظر عن الخلافات الداخلية، تماما كما حدث مع القرار المتعلق بإنشاء المحكمة الدولية. ولكن مندوبي دول عدة بما في ذلك الولايات المتحدة، قالوا إنه لم يجر تحرك عملي في هذا الصدد حتى الآن.
بدوره، جزم وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير، خلال لقاء موسع مع الصحافيين اللبنانيين في العاصمة الفرنسية باريس أن «لا مبادرة فرنسية أو أوروبية جديدة»، لكنه لم يستبعد ذلك اذا أخفقت المبادرة العربية في التوصل الى تسوية بحلول تموز المقبل عندما تترأس بلاده الاتحاد الأوروبي.
وتوقع كوشنير أن يكون الوضع في لبنان «أصعب في ظل ما يحدث في غزة والقدس التي شهدت تفجيرا في مدرسة تلمودية أمس الأول»، ولكن ينبغي «الاستمرار بالمحاولة لانتخاب رئيس للجمهورية في لبنان».
وإذ أبدى كوشنير «أسفه» لعدم وجود مبادرة أوروبية مشتركة، أعاد ذلك إلى تفرق الطرق الأوروبية إلى دمشق وتفرق الجهود الدبلوماسية باتجاهها وقال «كل واحد كان يذهب بمفرده إلى دمشق أو بيروت، وما حاولنا القيام به كان الأول من نوعه»، مشيرا إلى الزيارات التي قام بها إلى دمشق الوزير الإيطالي ماسيمو داليما والإسباني ميغل انخيل موراتينوس، والألماني فرانك شتاينماير، وقال «للأسف اعتقدنا لفترة ما أننا سننجح ولكن لم ننجح».
وفي القاهرة، قالت مصادر دبلوماسية عربية إن ثمة مساعي مشتركة يتولاها الجانب المصري بالتنسيق مع الجامعة العربية على خط الرياض ـ دمشق، وأشارت الى أن الجانب الإيراني دخل على الخط نفسه، وذلك في اتجاه إعادة وصل ما انقطع بينه وبين السعوديين في الشهور الأخيرة، وإن هذا الأمر كان في صلب محادثات وزيري خارجية السعودية وإيران في مطار القاهرة يوم الأربعاء الماضي.
وفي موضوع التحضيرات للقمة العربية، قالت المصادر نفسها إن القمة «ستعقد في موعدها وزمانها وذلك على المستوى الذي تقرره كل دولة عربية»، وأشارت الى أن الجانب السوري تلقى تأكيدات من دول عربية عدة بينها الإمارات وقطر والكويت والجزائر وتونس والسودان بحضور قادتها، أما بالنسبة الى السعودية ومصر، فإنهما ستتمثلان على الأرجح في القمة بمستوى سياسي ولكن أقل من الشخص الأول في كلا البلدين، ونفت المصادر حصول اي تطور نوعي جديد على مستوى العلاقات السعودية السورية.
وتوقعت المصادر أن توجه سوريا الدعوة الى حكومة الرئيس فؤاد السنيورة إذا لم تجر الانتخابات الرئاسية في الحادي عشر من الجاري.
وقال مصدر مقرب من رئاسة الجمهورية العراقية إن الرئيس العراقي جلال الطالباني «لن يشارك حتى هذه اللحظة» في قمة دمشق «بسبب انشغاله ببعض الملفات الداخلية خلال فترة انعقاد المؤتمر، لا سيــما التغــييرات التي من المنتظر أن تجرى على تشكيلة حكومة نوري المالكي والتي تحتاج الى حصول توافق بين الكتل المشاركة في العملية السياسية في العراق».
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد