مستقبل المصالح الاستراتيجية على خط عمان – تل أبيب
الجمل: برغم توقيع النظام الملكي الأردني لاتفاقية سلام وادي عربة مع إسرائيل وبرغم تعاون تل أبيب – عمان الذي يتراوح بين الشدة المرتفعة والشدة المنخفضة وبرغم ما يصل إلى ما يمكن وصفه بالحرب الباردة الناعمة بين تل أبيب وواشنطن فإن طرفي اتفاقية وادي عربة ما يزالان أكثر شكوكاً إزاء نوايا بعضهما البعض.
* البعد الهيكلي – البنائي في العلاقات الأردنية – الإسرائيلية:
تعتبر أراضي المملكة الأردنية الهاشمية الأكبر لجهة امتداد الجوار الإقليمي مع إسرائيل وإضافةً لذلك تمثل الضفة الغربية القلب النابض بين إسرائيل والأردن. يتواجد السكان الفلسطينيون بأعداد كبيرة في الضفة الغربية وإسرائيل والأردن وهو أمر له أكثر من دلالة على خط عمان – تل أبيب. إضافةً لذلك، توجد الولايات المتحدة الأمريكية التي تقوم بدور الراعي لمسيرة علاقات خط عمان – تل أبيب وهو أمر له أكثر من دلالة أيضاً على روابط خط عمان – تل أبيب التي تتفاوت متأرجحة بين حالات الخلاف وحالات التعاون.
* البعد القيمي – الإدراكي:
برغم وجود اتفاقية سلام وادي عربة وبنودها المتعددة لجهة ضبط علاقات خط عمان – تل أبيب وتعزيز التعاون بين الطرفين فإن هذه الاتفاقية وبنودها ما تزال عاجزة تماماً في مواجهة معطيات حقائق حتمية الجغرافيا والتاريخ.
وبكلمات أخرى، فإن حتمية الجغرافيا والتاريخ ما تزال تفرض حضورها القوي وترفض بعناد الانصياع لبنود اتفاقية سلام وادي عربة وحالياً ما يزال الرأي العام الإسرائيلي يجاهر بعدائه للأردن وما يزال الرأي العام الأردني أكثر تمسكاً بشرعية المقاومة ضد الهمجية الإسرائيلية. وعلى هذه الخلفية سيكون صعباً إن لم يكن مستحيلاً على خط عمان – تل أبيب إرغام الشعب الأردني على قبول ما لا يمكن لأي عربي قبوله!!
* البعد التفاعلي – السلوكي:
يقول الإسرائيليون بأن الإدراك الإسرائيلي لروابط خط تل أبيب – عمان يقوم على أساس الأبعاد غير المعلنة لاتفاقية وادي عربة والتي تتمثل في أن عمان قد دخلت في الاتفاقية لجهة عقد صفقة استثنائية لا تقوم على أساس مبدأ الأرض مقابل السلام، وإنما على أساس ضمان واستمرار النظام الأردني مقابل السلام مع إسرائيل.
يقول المنظور الإسرائيلي للصفقة بأن التداعيات المستقبلية القادمة ستحمل معها الكثير من المشاكل في علاقات خط عمان – تل أبيب وذلك لعدة أسباب من أبرزها:
• التناقض بين اعتماد النظام الأردني لسياستين إحداهما تركز على التعاون مع العرب في الشأن العام الأردني من جهة، ومن الجهة الأخرى التعاون مع تل أبيب في الشأن الخاص بالنظام الملكي الأردني لجهة تعزيز قدرته على البقاء والاستمرار ويرى الخبير الإسرائيلي إيفرايم كام بأن هذه الثنائية تمثل سر استمرار النظام الأردني على مدى ما يقارب الستة وخمسين عاماً.
• مخاطر أسلوب إدارة الأزمة في التعامل مع المشاكل الأردنية الداخلية وقد درج النظام الملكي الأردني على تجميع المشاكل الداخلية ضمن ثلاثة فئات هي:
- المشاكل السياسية: ويركز النظام على التعامل معها وفقاً للمنظور الأمني – العسكري.
- المشاكل الاقتصادية: ويركز النظام على التعامل معها وفقاً لمنظور المساعدات الخارجية غير عابئ بما تفرضه على الاقتصاد الأردني من تبعية وما تضطر السياسة الخارجية الأردنية من تقديمه من تنازلات لمحور تل أبيب – واشنطن.
- المشاكل الفلسطينية: ويركز النظام الأردني في التعامل معها وفقاً لاستراتيجية إعادة توجيه الملف الفلسطيني بما يؤدي إلى إبقائه ضمن دائرة عدم الصدام مع النظام وضمن صفقة تتضمن عدم قيام الأطراف الفلسطينية باستهداف النظام مقابل الوجود الآمن في الأردن.
* مستقبل المصالح الاستراتيجية على خط عمان – تل أبيب:
تطورت المصالح الاستراتيجية على خط عمان – تل أبيب بشكل متدرج وعلى وجه الخصوص خلال الفترة التي أعقبت مطلع سبعينات القرن الماضي، وعلى هذه الخلفية يمكن الإشارة إلى النقاط الآتية:
• ينظر النظام الأردني إلى إسرائيل بشكل يتضمن الإدراك المزدوج المتناقض لجهة:
- أن إسرائيل تمثل الخطر الأكبر على أمن الأردن.
- أن إسرائيل تمثل العامل الأهم لتأمين بقاء واستمرار النظام الملكي الأردني.
• تملك إسرائيل القدرة على القيام بردع الأطراف المحلية التي تهدد النظام الأردني.
وتأسيساً على هذين الجانبين، يمكن القيام بعملية ترسيم المصالح المشتركة على خط تل أبيب – عمان على أساس:
• الإدراك غير المعلن للوجود الفلسطيني باعتباره يشكل الخطر المشترك الذي يهدد وجود النظام الأردني وإسرائيل.
• الإدراك المعلن المشترك الذي يتمثل في ضرورة التمسك بالتحالف مع واشنطن باعتبارها الطرف الأقدر في العالم على تقديم "إكسير الحياة" الذي يطيل عمر النظام الأردني ويثبت وجود إسرائيل في المنطقة.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد