محاولة إعادة إنتاج القرار الدولي 1701.
الجمل: بدت في أوساط اللوبي الإسرائيلي المزيد من الاهتمامات حول القرار الدولي 1701 الذي أصدره مجلس الأمن الدولي لجهة إنهاء حرب صيف العام 2006م بين إسرائيل وحزب الله اللبناني إضافة إلى بعض القضايا الأخرى التي من أبرزها نشر القوات الدولية (يونيفيل) في مناطق الجنوب اللبناني المتاخمة للحدود الإسرائيلية – اللبنانية.
* اللوبي الإسرائيلي ومظاهر الاهتمام المتجدد بالقرار 1701:
نشر معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى ثلاثة أوراق رصد سياسي حول القرار 1701 ويمكن استعراض هذه الأوراق على النحو الآتي:
• ورقة الرصد السياسي رقم 1413: أعدها الباحث الدبلوماسي والسفير الإسرائيلي السابق عوديد عيران وركزت عل وجهة النظر الإسرائيلية إزاء القرار 1701 وأشارت الورقة إلى:
- الفرص المفقودة: تم إصدار القرار بعد حوالي 29 عاماً على صدور القرار 425 والقرار 426، اللذان أسسا لملف القوة الدولية المؤقتة في لبنان. القرار الأخير جعل ولاية قوات اليونيفيل تنحصر في جنوب لبنان بحيث لم تشمل كل الأراضي اللبنانية، وقد أدى ذلك إلى إعاقة القوات الدولية من القيام بإنجاز المهام الأساسية التي تضمنها القرار التي يتمثل أبرزها في نزع أسلحة الجماعات اللبنانية المسلحة من الوصول إلى إمدادات السلاح.
- عدم ردع حزب الله: أتاح القرار 1701 المخرج المناسب من المأزق الإسرائيلي في المواجهة مع حزب الله في صيف 2006م إضافة إلى إتاحته الفرصة أمام واشنطن وباريس للقيام بالمزيد من التدخل في لبنان، وبرغم ذلك فإن القرار الدول ي لم يستطع فرض القيود التي تعمل لجهة ردع حزب الله الذي استغل هذه الفرصة واستطاع استعادة قوته العسكرية بأكبر مما كان عليه عشية حرب صيف العام 2006م.
- الاستنتاج: خلص الباحث إلى أن اندلاع حرب إسرائيل – حزب الله لمرة واحدة هو أمر لا يمكن تفاديه وحالياً يقوم الإسرائيليون بإعداد الترتيبات والتحضيرات العسكرية والدبلوماسية التي يمكن أن ترافق العملية العسكرية المتوقعة.
• ورقة الرصد السياسي رقم 1414: أعدها الباحث نيكولاس بلانفورد الصحفي المقيم في بيروت والمختص بشؤون حزب الله وركزت الورقة على منظور الجانب اللبناني إزاء القرار 1701 وأشارت إلى النقاط الآتية:
- تهريب السلاح: بعد أسبوع واحد من انتهاء القتال أعلنت السلطات التركية عن اعتراضها لأسلحة مشحونة إلى حزب الله تتضمن نفس أنواع السلاح التي سبق أن استخدمها الحزب في حرب العام 2006م وعلى وجه الخصوص الصواريخ التي استطاعت إصابة السفينة العسكرية الإسرائيلية. وبرغم أن الحدود اللبنانية – السورية تمثل في نظر الكثيرين الممر الرئيسي لأسلحة حزب الله فإن حادثة اعتراض السلطات التركية لشحنات الأسلحة تفيد لجهة أن حزب الله يعتمد على العديد من الممرات والطرق لتأمين إمدادات السلاح.
- الحشد والتعبئة في شمال الليطاني: تفادى حزب الله المنطقة المحصورة بين الحدود الإسرائيلية – اللبنانية ونهر الليطاني، وأصبح يركز جهوده في المناطق الواقعة إلى شمال الليطاني، وقد نجح الحزب في تعزيز قدراته العسكرية وفرض سيطرته على كامل مناطق وادي البقاع اللبناني وعلى المنطقة الواقعة بين بيروت والليطاني إضافة إلى تحقيق حضور قوي في بعض مناطق شمال لبنان.
- الغضب الإسرائيلي: تزايد غضب وحنق الإسرائيليين على تزايد قوة حزب الله وظلت إسرائيل طوال الفترة الممتدة من نهاية حرب عام 2006م وحتى الآن تقدم تظلمات للأمم المتحدة واليونيفيل.
- الاستنتاج: على خلفية الوقائع الجارية فإن كل من إسرائيل وحزب الله سيستمر في عدم احترام القرار 1701 واستغلال ثغراته إضافة إلى رفض إسرائيل تسليم خرائط الألغام والقنابل العنقودية التي ألقتها في لبنان إضافة إلى رفضها إيقاف طلعاتها الجوية الاستطلاعية في الجنوب، ومن جانيه ما يزال حزب الله يرفض التخلي عن سلاحه إضافة إلى مواصلته أعمال التدريب والتعبئة وبناء ترسانته العسكرية وعلى ما يبدو فإن كل من إسرائيل وحزب الله يعدان العدة لجولة صراع قادمة.
• ورقة الرصد السياسي 1715: أعدها ميشال سينج الباحث بمعهد واشنطن والمدير السابق لشؤون الشرق الأوس بمجلس الأمن القومي الأمريكي، وقد ركزت الورقة على النقاط الآتية:
- الخلفيات: توقف عمليات حزب الله العابرة للحدود واستعادة إسرائيل لرفاة جنودها المفقودين يمكن القول أنها تمثل انتهاء الذرائع المباشرة التي أدت إلى إشعال حرب عام 2006م وصدور القرار الدولي 1701، ولكن برغم ذلك فإن تزايد عمليات تهريب السلاح إلى داخل لبنان وتعزيز حزب الله لقواته وترسانته العسكرية المصحوبان برفضه لنزع سلاحه فهو بالتالي ما يزال يشكل عاملاً محفزاً لإشعال الحرب التي ستكون أوسع نطاقاً.
- تحدي حزب الله: أكدت أحداث 9 أيار 2008م بأن كل النجاحات التي أحرزتها ويمكن أن تحرزها الحكومة اللبنانية وحلفاء أمريكا يمكن بكل سهولة أن يتم القضاء عليها بواسطة حزب الله وحلفائه وبالتالي فإن كل ما يمكن أن تقدمه أمريكا لحكومة السنيورة لن يجدي نفعاً على غرار ما فعل الحزب في أحداث 9 أيار وبالتالي فإن التحدي الأساس لا يكمن في دعم حكومة السنيورة بل في القضاء على الحزب وإيقاف عمليات تهريب السلاح إليه.
- الخطوات التالية: لابد من السعي لجهة التنفيذ الكامل لمحتويات القرار 1701 ولابد من حشد قدرات حلفاء أمريكا وتفعيل دور الاتحاد الأوروبي ودفعه إدراج اسم حزب الله ضمن قائمة المنظمات الإرهابية المهددة للأمن الأوروبي، إضافة إلى تعزيز صلاحيات اليونيفيل لجهة توسيع نطاق ولايتها بحيث تشمل كل الأراضي اللبنانية، وضبط الحدود مع سوريا والشواطئ اللبنانية. ولابد من الاستعانة بحلفاء أمريكا الموجودين في المنطقة كمصر والسعودية لدعم الجهود الأمريكية وحكومة السنيورة الهادفة إلى القضاء على نفوذ حزب الله.
عموماً، نلاحظ أن أوراق الرصد الثلاثة قد عملت لجهة تعزيز وجهة النظر الإسرائيلية وتحديداً تلك المتعلقة بالمنظور الإسرائيلي اظلمني الذي يؤكد أطروحة تأمين الحدود الشمالية.
إذا كانت أوراق الرصد السياسي قد أكدت أن مواجهة حزب الله مع إسرائيل لن يكون بالمستطاع تفاديها فإن الأوراق أضافت ضرورة لجوء الولايات المتحدة إلى استخدام الوسائل الاقتصادية والسياسية للقضاء على الحزب وإضعافه وتعزيز قوة حلفاء أمريكا اللبنانيين واستعداداتهم للمواجهة الانتخابية البرلمانية القادمة ضد الحزب وحلفائه وهي المواجهة التي تفيد لجهة أنها الفرصة التي سيصعب على الإدارة الأمريكية استثمارها طالما أن إدارة بوش ستكون خارج البيت الأبيض.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد