من يقف خلف محاولة الانقلاب على النظام القطري
الجمل: برزت بعض التقارير والتسريبات القائلة أن دولة قطر شهدت خلال الأيام الماضية محاولة انقلاب هدفت للإطاحة بنظام الأمير الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، هذا وتجدر الإشارة إلى أن السلطات القطرية سعت إلى نفي الواقعة ولكن ما زاد الشكوك أكثر فأكثر تمثل في تضارب التصريحات وردود الأفعال القطرية.
* الانقلاب القطري: ماذا وراء الكواليس؟
برغم الطبيعة التكتمية الشديدة التي تتميز بها السياسة القطرية والسعودية والخليجية عموماً، خاصة إزاء النزاعات والصراعات الداخلية فقد أشارت التقارير والتسريبات إلى المعلومات المتعلقة بالانقلاب القطري:
• في يوم 30 تموز 2009، أي قبل أربعة أيام، نجحت السلطات القطرية في القضاء على محاولة انقلاب هدفت للإطاحة بنظام الأمير حمد.
• تم فوراً وبشكل غير مسبوق وضع 16 من كبار الضباط القطريين رهن الاحتجاز والاعتقال المنزلي.
• قام جميع أفراد العائلة المالكة (عائلة آل ثاني) بقطع عطلاتهم الصيفية بشكل مفاجئ وعادوا فوراً إلى قطر.
• برزت بعض التسريبات السياسية القطرية لجهة الزعم أن حمد بن علي العطية (قائد الجيش القطري) متورط في محاولة الانقلاب.
وتجدر الإشارة إلى أن المصادر الرسمية القطرية سعت إلى نفي وتجاهل تقديم أي تأكيدات حول مصداقية التقارير التي أفادت لجهة حدوث الانقلاب ولكن لاحقاً أكد مصدر سياسي رفيع المستوى لمركز ستراتفور الاستخباري الأمريكي أن محاولة الانقلاب لم تحدث وما حدث تمثل في نجاح الأجهزة القطرية في القيام بكشف وإجهاض عملية الانقلاب وهي ما تزال في مرحلة التخطيط والتفاهمات.
* لماذا الانقلاب: محفزات الصراع السياسي القطري؟
تشير معطيات خبرة التاريخ السياسي القطري إلى أن دولة قطر هي الأكثر من بين جيرانها لجهة وقوع الانقلابات وفي هذا الخصوص يمكن الإشارة إلى الانقلابات القطرية الآتية:
• في عام 1972 نظم أمير قطر الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني عملية انقلاب لجهة الإطاحة بنظام ابن عمه أحمد بن علي آل ثاني.
• في عام 1995 نظم الأمير الحالي الشيخ حمد بن خليفة انقلاباً استطاع من خلاله الإطاحة بوالده الذي كان في تلك اللحظة يتلقى العلاج في أحد المشافي السويسرية.
وقد سرت العديد من الشائعات التي سعت في تشرين الأول 2002 للتأكيد على وقوع محاولة انقلابية قطرية أخرى هدفت للإطاحة بالأمير الحالي حمد بن خليفة بسبب أزمة ملف حرب العراق.
التحليل السياسي لطبيعة الانقلابات العسكرية، أي انقلابات كانت، يشير إلى انه تحدث على خلفية الأزمات السياسية الداخلية والخارجية، ولما كانت دولة قطر لا تعاني أزمة داخلية مستفحلة بسبب ارتفاع مستوى الدخل فإن أسباب ومحفزات الانقلابات العسكرية القطرية كانت دائماً تكمن في الخلافات القطرية الداخلية حول ملف العلاقات الخارجية.
تقول المعلومات أن جوهر الأزمة التي أدت إلى تحفيز عملية الانقلاب الأخيرة يعود إلى الآتي:
• إدراك السعودية لمدى الدور الذي ظلت تقوم به السياسة الخارجية القطرية وبدايات بروز قطر كقوة دبلوماسية خليجية بدأت تحرز المزيد من التفوق على الدبلوماسية السعودية ومن أبرز التأكيدات على ذلك، نجاح الدبلوماسية القطرية في عقد مؤتمر المصالحة اللبنانية وسعي الدبلوماسية القطرية لعقد العديد من المؤتمرات للمصالحة أو المفاوضات بين العديد من الأطراف المتصارعة في البلدان العربية.
• بدايات سعي الدبلوماسية القطرية لجهة حل الخلافات العربية – الإيرانية عن طريق إصرار القطريين على الاحتفاظ بعلاقات متوازنة مع السعودية وإيران.
• قيام الدبلوماسية القطرية بالانفتاح على البلدان الغربية وأمريكا إضافة إلى بناء العلاقات والروابط مع إسرائيل بما أتاح لقطر أن تتمتع بمزايا وصف الغربيين لها بالاعتدال والقبول بالتفاهم والتعامل مع إسرائيل.
• تتمتع قطر بعلاقات قوية مع واشنطن بسبب تمركز مقر القيادة الوسطى الأمريكية في قطر وتحديداً في قاعدة السيلية والعيديد.
• نجاح قطر في بناء قوة رمزية ناعمة في أوساط الرأي العام العربي من خلال الأداء الإعلامي لقناة الجزيرة بما أدى إلى تهميش الدور الإعلامي للقنوات الفضائية السعودية.
على هذه الخلفية تقول بعض المعلومات والتحليلات بأن الرياض هي الطرف الذي يقف حالياً وراء محاولة الانقلاب القطرية وترى هذه التحليلات أن ظاهرة الخلاف القطري – القطري قد تزايدت خلال الأشهر الماضية بين طرف قطري مؤيد لضرورة إدماج السياسة الخارجية القطرية مع السياسة الخارجية السعودية وطرف يقول بضرورة أن تلتزم السياسة الخارجية القطرية السلوك المتوازن إزاء السعودية وإيران، وما يزيد الشكوك أكثر فأكثر أن العناصر القطرية المتهمة بتدبير الانقلاب إضافة إلى العطية (قائد الجيش) هم جميعاً من بين الأكثر شهرة بأنهم يمثلون حلفاء الرياض في الساحة السياسية القطرية.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد