الصين وبداية خيانة تاريخها السياسي لصالح مستقبلها الاقتصادي
الجمل: بدأت اليوم في العاصمة الصينية بكين فعاليات منتدى الحوار الاستراتيجي الاقتصادي الأميركي-الصيني, وسوف تستمر فعاليات هذه الجولة طوال يومي الاثنين 24 والثلاثاء 25 أيار (مايو) 2010م الحالي: ما هي فعاليات توازنات العلاقات الصينية-الأميركية, وما هو الواقع الجاري حاليا في علاقات خط بكين-واشنطن, وإلى أين تمضي قاطرة العلاقات الصينية—الأميركية؟ وما هو تأثير ذلك على منطقة الشرق الأوسط؟
توصيف المعلومات الجارية:
تقول التقارير بأن فعاليات جولة منتدى الحوار الاستراتيجي- الاقتصادي الصيني-الأميركي التي انطلقت اليوم, سوف تتضمن العديد من الملامح والتداعيات الجديدة, وأضافت المعلومات, بأن المعالم الأساسية لهذه الجولة سوف تتمثل في الآتي:
• الوفد الأميركي: سوف يضم كل من وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون, ووزير الخزانة تيموثي غايزنر, ومحافظ بنك الاحتياط الفيدرالي (أي البنك المركزي الأميركي) بن بيرنانكة, إضافة إلى العديد من كبار المسئولين الآخرين.
• الوفد الصيني: سوف يضم وانق كيشان نائب الرئيس الصيني, وداي بينقيو رئيس مجلس الدولة الصيني, إضافة إلى العديد من كبار المسئولين الصينيين.
أجندة جولة الحوار هذه سوف تحفل بالمزيد من الأجندة الخلافية الصعبة, وتقول المعلومات, بأن هذه الأجندة سوف تتطرق لمحاولة بناء موقف مشترك صيني-أميركي, حول المسائل والقضايا الآتية:
• قضايا ومسائل ضبط التسلح وحظر انتشار الأسلحة النووية: سوف يتم التطرق لملف البرنامج النووي الإيراني, وملف البرنامج النووي الكوري الشمالي, وملف مؤتمر الأمم المتحدة النووي الدوري المنعقد حاليا, وملف مشروع جعل الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل والأسلحة النووية باستثناء إسرائيل.
• قضايا ومسائل أمن واستقرار القارة الآسيوية: سوف يتم التطرق لملف التواترات الجارية في منطقة شبه الجزيرة الكورية, وملف أفغانستان, وملف باكستان (إضافة إلى ملف إيران).
• قضايا ومسائل الأوضاع الاقتصادية العالمية: سوف يتم التطرق لملف الأزمة الاقتصادية العالمية, وملفاتها الفرعية المتمثلة في الأزمة الاقتصادية الأميركية والأزمة الاقتصادية الأوروبية.
• قضايا ومسائل العلاقات الاقتصادية الثنائية الصينية-الأميركية: سوف يتم التطرق لملف سعر صرف اليوان الصيني مقابل الدولار الأميركي, وملف العجز التجاري الأميركي في مواجهة الفائض التجاري الصيني, وملف الأرصدة الصينية في البنوك الأميركية والتي تجاوزت 2 تريليون (أي 2 ألف مليار) دولار أميركي.
• قضايا ومسائل المناخ العالمي: سوف يتم التطرق لملف التعاون في مجال إنتاج الصين لمصادر الطاقة النظيفة والمتجددة, إضافة إلى ملف تقليل معدلات الانبعاث الكربوني في الصين وبقية أرجاء القارة الآسيوية.
تقول التقارير بأن العديد من أجندة وبنود جولة الحوار المنعقدة حاليا في العاصمة الصينية بكين سوف تتم عملية مناقشتها في الغرف المغلقة, وأضافت المعلومات, بأن الحوار حول هذه الأجندة والبنود سوف يتطرق إلى العديد من الملفات الهامة الفائقة الحساسية وعلى وجه الخصوص بالنسبة للسياسة الخارجية الصينينة في القارة الآسيوية والأوروبية وبؤر التوتر العالمي الأخرى وعلى وجه الخصوص منطقة الشرق الأوسط.
السياسة الخارجية الصينية: احتمالات صفقة دبلوماسية تغيير الاتجاه
تشير بعض التحليلات إلى أن الدبلوماسية الصينية أًصبحت على وشك أن تعود مرة أخرى إلى نزعة الإفراط البراغماتي السياسي, والتي بدأت مسيرتها عندما لجأت بكين إلى اعتماد خيار التعاون مع أميركا في مواجهة الاتحاد السوفييتي السابق, والآن, وبفعل تأثير الضغوط ومخاطر توازنات مصالح بكين مع الولايات المتحدة الأميركية, فإن بكين –على ما يبدو- قد أصبحت أكثر قابلية لاعتماد مواقف سياسية خارجية تتيح لها تعزيز مصالحها الخارجية, وإن كان ذلك على حساب مواقفها الدبلوماسية الرصينة إزاء العديد من الملفات العالمية والدولية, وقد برزت بعض المعالم الدالة على ذلك من خلال متابعة الأداء السلوكي السياسي الدبلوماسي الصيني إزاء الآتي:
• سعت بكين إلى تأييد جولة العقوبات الدولية الرابعة المتعددة الأطراف الجديدة, والتي تقوم واشنطن حاليا ببذل المزيد من الجهود الدبلوماسية لتمريرها في مجلس الأمن الدولي ضد إيران, وهو موقف لم يكن من المتوقع قيام بكين به, على الأقل في هذه الفترة التي وافقت فيها طهران على تقديم التنازلات وتوقيع اتفاقية تبادل اليورانيوم الإيراني المنخفض التخصيب على الأراضي التركية.
• رفضت بكين تأييد اقتراح الطرف العربي في جولة منتدى الحوار العربي-الصيني الأخيرة إزاء ملف القدس, وكان الرفض الصيني مثيرا للاهتمام والشكوك, خاصة وأنه لا ينسجم مع مواقف الصين السابقة المعتمدة إزاء قضايا وملفات الصراع العربي-الإسرائيلي, وبكلمات أخرى, فقد كان من المفاجئ للغاية أن ترفض الصين الاعتراف بالقدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية المرتقبة! ومصدر المفاجأة هو أن هذا الموقف لا يعتبر أكثر تطرفا من الموقف الأميركي الداعم لإسرائيل, وحسب, وإنما يتطابق بشكل كامل مع الموقف الإسرائيلي الرامي لتهديد كامل القدس وجعلها عاصمة أبدية لإسرائيل.
تشير الدراسات إلى أن بكين سوف تنتهح خطا دبلوماسيا يتميز بالحذر الشديد خلال الفترة المقبلة, وذلك بسبب إدراك القيادة الصينية للأوضاع الإقليمية والدولية, وتأثيرات وقائعها الجارية على معادلة حسابات الفرص والمخاطر ومخرجاتها المتوقعة بالنسبة لملفات الأمن القومي الصيني, وفي هذا الخصوص نشير إلى النقاط الآتية:
• ملف شبه الجزيرة الكورية: في بادرة غير مسبوقة أعلنت كوريا الجنوبية بأنها سوف ترد بقوة على حادثة قيام كوريا الشمالية باستهداف إحدى السفن الكورية الجنوبية وإغراقها, وبالمقابل أعلنت كوريا الشمالية بأنها إذا تعرضت لأي عقوبات دولية فسوف لن تتردد في إشعال حرب شاملة في منطقة شمال آسيا, بما يستهدف كوريا الجنوبية واليابان وعلى خلفية ذلك حدثت ثلاثة تطورات جديدة مثيرة للاهتمام: تم الاتفاق بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة الأميركية, بأن تقوم قيادة الجيش الكوري الجنوبي بنقل قيادة العمليات العسكرية من الجيش الكوري الجنوبي إلى الجيش الأميركي في حالة اندلاع مواجهة عسكرية في شبه الجزيرة الكورية, والثاني قيام الرئيس الأميركي أوباما بمطالبة القادة العسكريين في البنتاغون بإكمال استعداداتهم تحسبا لاحتمالات خوض مواجهة عسكرية في شبه الجزيرة الكورية, والثالث تمثل في مساعي نقل ملف إغراق السفينة الكورية الجنوبية إلى مجلس الأمن الدولي لجهة النظر في أمر فرض عقوبات دولية متعددة الأطراف ضد كوريا الشمالية, وهي العقوبات التي أعلنت كوريا الشمالية بأن فرضها, سوف تنظر إليه بيونغ يانع, باعتباره إعلان حرب صريح ضد كوريا الشمالية, هذا, وتقول التسريبات بأن أميركا سوف تطلب في جولة الحوار المنعقدة حاليا, من بكين بضرورة أن تقف الصين إلى جانب أميركا في كل ما يتعلق بإدارة الأزمة مع كوريا الشمالية.
• ملف سعر صرف اليوان الصيني: تشير كل السيناريوهات إلى أن تداعيات الأزمة الاقتصادية الأميركية والأوروبية سوف تصل إلى الاقتصاد الصيني, وتقول التقارير بأن بكين أصبحت أكثر خوفا إزاء ضغوط الأزمة الاقتصادية الأوروبية الزاحفة, وما يمكن أن تؤدي إليه من انخفاض كبير مفاجئ في صادرات السلع الصينية إلى الأسواق الأوروبية, الأمر الذي سوف يولد صدمة كبيرة في عائدات القطع الأجنبي التي ظل يحصل عليها الاقتصاد الصيني, وللمعالجة الوقائية لهذه الضغوط فقد أشارت التسريبات بأن الصين قد وافقت من حيث المبدأ على رفع قيمة اليوان الصيني مقابل الدولار الأميركي, وذلك الخلاف هو حول التوقيت المناسب للقيام بذلك.
حتى الآن لا توجد أي تسريبات توضح, المقابل الذي سوف تحصل عليه بكين من أميركا مقابل هذه التنازلات, وهناك توقعات تقول بأن التراجعات التي سوف تقوم بها بكين يجب أن تقابلها تراجعات من جانب واشنطن, وتشير هذه التوقعات إلى أن التراجعات الأميركية يجب أن تكون في المحاور الآتية:
• ملف أزمة تايوان.
• ملف أزمة إقليم التبت الصيني.
• ملف أزمة إقليم سينكيانج الصيني.
ولكن, وكما هو واضح, فقد تعلمت دول العالم من تجارب تقديم التنازلات لواشنطن, وذلك بما أدى إلى بروز حقيقة واضحة جلية للعيان تقول بأنه كلما حصلت واشنطن على التنازلات, فإنها سوف تسعى للضغط أكثر فأكثر من أجل الحصول على المزيد من التنازلات الإضافية المتجددة, وتأسيسا على ذلك, فإن بكين سوف لن تحصل على أي مقابل سوى الوعود الأميركية, فهل سوف تدرك دوائر صنع واتخاذ القرار الصيني هذا الأمر, أم أنها سوف تسعى إلى تقديم التنازلات, بما لن يؤدي سوى إلى انزلاق بكين في هاوية الخسائر المتجددة!!!
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد