الدراما التركية «حاصرت» الأعمال السورية حين نطقت بلهجتها

14-07-2010

الدراما التركية «حاصرت» الأعمال السورية حين نطقت بلهجتها

لندع جانباً جدل البحث في الطروحات التي قدمها النقاد في معرض تفسيرهم لانتشار الدراما التركية على شاشات الفضائيات العربية، ولنترك الآخرين يستفيضون بالحديث عن مضامين المسلسلات التركية وجرأتها وجمال الممثلين فيها، ولنقف جميعاً عند سؤال واحد قبل أن يسبق السيف العذل، هذا إن لم يكن قد سبقه بالفعل ولنتساءل جميعاً على حساب من تمددت الدراما التر/من المسلسل التركي «عاصي».كية وشغلت كل تلك ساعات البث الطويلة على الفضائيات العربية..؟
ربما من المجدي أولاً أن نقول أن دبلجة المسلسلات التركية هي لعبة الفضائيات العربية ولا سيما «أم بي سي» و«أبو ظبي» لا شركات إنتاج محلية، فهذه الأخيرة اكتفت بدور المنفذ لعشرات من الأعمال التركية التي اشترتها الفضائيات بداية من باب تغير الطعم الدرامي على شاشتها ولاحقاً اكتشفت فيها بيضة القبان الذهبية، ولا سيما بعد أن عصفت بها رياح الأزمة المالية العالمية، فما بين يديها كان منتجاً فنياً بمواصفات واحدة من أهم مفاصل الدراما السورية، ولكن بسعر أقل بكثير من أسعار الساعة الدرامية السورية والعربية.
ومع مواجهة الدراما التركية لاستحقاق الجمهور، ونجاحها في استقطاب جماهيرية كبيرة تجاوزت توقعات أكثر المتفائلين، وامتلاكها لاحقاً أسباب استمرارها لتتجاوز فرضية الكثيرين من أنها مجرد موضة لا يلبث أن ينفض الناس عنها، وتصير واحدة من أوراق الرهان الجماهيري.. انتقلت الفضائيات العربية إلى مرحلة إغراق السوق بالمنتج الدرامي التركي.. لدرجة انه نادراً ما تجد فضائية تكتفي بعرض مسلسل تركي واحد على شاشتها.
بالعودة إلى سؤال: «على حساب من تتمدد الدراما التركية المدبلجة على شاشة الفضائيات..؟» نجد أننا أمام مستويين للإجابة، الأول إذا اعتبرنا أن الدراما التركية هي نمط رابع للدراما العربية تضاف إلى الدراما المصرية والسورية والخليجية، وبالتالي هي جاءت على حساب الدراما السورية والمصرية آخذين بعين الاعتبار هنا انتشار الدراما الخليجية خلال السنوات التي انتشرت فيها الدراما التركية. وفي مستوى ثان إذا نظرنا إلى نقاط التقاطع الكبيرة بين الدراما السورية والدراما التركية (لا نتكلم عن اللهجة الشامية التي حملت تلك المسلسلات وحسب بل عن جمال التصوير الخارجي وتنوع المضامين أيضاً)، فيمكن القول إنها جاءت على حساب حصة الدراما السورية على الفضائيات العربية.
لا أرقام دقيقة عن عدد ما يتم دبلجته من دراما تركية باللهجة الشامية اليوم، ولا تقدير دقيقا لنسبة تمدد هذه الدراما على حساب غيرها من الدراما العربية.. ولكن الأمر لا يحتاج إلى كثير من الحساب لنعرف أن أمام هذه الأخيرة خيارين لمواجهة انخفاض سعر الساعة الدرامية التركية. ربما خفض سعر ساعتها وبالتالي خفض مستوى تنفيذها فنياً، وربما خفض كمية إنتاجها. يبدو أن شركات الإنتاج قد اختارت الحلّ الأخير، فبعضها انكفأ عن الإنتاج، فيما انشغل بعضها الآخر بلعبة الدبلجة.
يبقى أن نشير إلى أن تمـدد الدراما التركية لم يصل بعد إلى سوق العرض الرمضاني، فحتى الساعة لا مكان حقيقيا للدراما التركية على شاشة عرض رمضان العربية، ربما لأن عدد حلقاتها لا تتناسب والأيام الثلاثين للشهر الفضيل.. وربما لأن سباق رمضان الدرامي، هو سباق إعلاني بالدرجة الأولى، لأسماء نجوم المسلسلات فيه وجماهيريتهم أساس لهذا السباق، لنيل أكبر حصة إعلانية. وهو أمر من الصعب أن يتحقق مع نجوم الدراما التركية الذين لا نحفظ أسماءهم الحقيقية بل نحفظ أسماء شخصيات قاموا بأدوارها في مسلسل، لن تنسحب، بطبيعة الحال، إلى مسلسل آخر.

ماهر منصور

المصدر: السفير

التعليقات

الأخ ماهر منصور بمعزل عن الميزان المالي في النظر لهذه المسألة ,أقترح ميزاناً يقيس ريع الحضور التركي لجهة تصحيحه الخلل الذي أصاب الخطاب الفكري لكل من الدراما المصرية ولاحقاً السورية بتأثير من قدرة السوق الخليجية على تمويل وتسيويق خطاب مضاد , يجّمل ويزّوق مانبت العشب على دمنته ..بين حمام القيشاني وباب الحارة نقلت الدراما السورية البارودة من كتف إلى كتف ..ويتلقف من ساهم في هذا التحول المال والنجومية وربما الآخرة إذا صدقت أكاذيب فقهاء البترودولار .. بدلا من أن نمارس اللطم خوفا من الحضور الدرامي التركي ونشنع-وطنياً- على من يعير صوته ولهجته لهذه الدراما لتسويقها عربياً ,أقترح أن نتصدى لمن يسلب من الدراما السورية وظيفتها التنويرية . ويحيلها مالياً وأيديولوجياً إلى ربطة عنق لزجاجة مولوتوف مليئة بكوكتيل من النفط وبول البعير .

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...