ملف حزب الله في زيارة الملك عبد الله لدمشق وبيروت
الجمل: تقول التقارير بأن العاهل السعودي الملك عبد الله سوف يقوم بجولة دبلوماسية في يوم الجمعة القادمة الموافق 30 تموز (يوليو) 2010م, يزور خلالها العاصمة السورية دمشق والعاصمة اللبنانية بيروت: مامدى مصداقية تحركات الدبلوماسية السعودية في المنطقة, وكيف يمكن أن تقرأ جدول أعمال دبلوماسية الملك عبد الله على خط دمشق – بيروت؟
- الدبلوماسية السعودية: إشكاليات التعاون والصراع
ظلت الدبلوماسية السعودية تلعب دوراً كبيراً في منطقة الشرق الأوسط, وفي هذا الخصوص نشير إلى مرحلتين متميزتين في الأداء الدبلوماسي السعودي, وذلك على النحو الآتي:
- المرحلة الأولى: امتدت من لحظة اندلاع حرب 1967م وحتى عشية اندلاع أحداث الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) 2001م, وتميزت الدبلوماسية السعودية في هذه الفترة بالمزيد من علاقات التعاون والمزيد من الاستقلالية والانفتاح الإيجابي على الجميع.
- المرحلة الثانية: امتدت من لحظة اندلاع الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) 2001م وحتى الآن, وتميزت الدبلوماسية السعودية بالمزيد من علاقات الصراع والمزيد من الارتباط بالدبلوماسية الأمريكية, وذلك بسبب الانفتاح السلبي الذي حدث بتأثير ارتباط السياسية الخارجية السعودية بالسياسة الخارجية الأمريكية..
التطورات الأخيرة التي أدت بالدبلوماسية السعودية إلى التحول من الانفتاح الدبلوماسي الإيجابي إلى الانفتاح الدبلوماسي السلبي, هي تطورات لم تعد سراً, فقد كشفت عنها ملفات الأزمة اللبنانية, وعلى وجه الخصوص خلال فترة الصراع بين قوى 14 آذار وقوى 8 آذار, إضافة إلى حرب صيف عام 2006م بين حزب الله اللبناني والقوات الإسرائيلية. إضافة لذلك, فقد أصبحت هذه التطورات واضحة للعيان من خلال الدور السعودي في تحركات أطراف مثلث عمان – القاهرة – الرياض.. واجتماعات العقبة وشرم الشيخ.. وماشابه ذلك من ملفات تجمع المعتدلين العرب..
برغم التحولات من دائرة الانفتاح الإيجابي إلى الانفتاح السلبي, فإن المجال مازال مفقوحاً أمام الرياض لكي تعود مرة أخرى من دائرة الانفتاح السلبي إلى دائرة الانفتاح الإيجابي.. خاصة وأن دوائر صنع واتخاذ قرار السياسة الخارجية السعودية في الرياض أكثر إدراكاً من غيرها للحقيقة القائلة بأن السياسة هي فن الممكن..
- جدول أعمال زيارة الملك عبد الله: محاولة القراءة الإستباقية؟
لم تتحدث التقارير السعودية عن أي تسريبات تتعلق بأجندة أعمال زيارة العاهل السعوي الملك عبد الله إلى سوريا ولبنان, ولكن, برغم ذلك فإن الأمور واضحة للعيان في منطقة الشرق الأوسط, وتحديداً التطورات الجارية في الملف اللبناني, وهي تطورات يمكن قراءة مجرياتها على خلفية معطيات نظرية السيناريو, ومعطيات نظرية المسرح, على النحو الآتي:
- يرغب محور واشنطن – تل أبيب في استهداف إيران, ويعتبر حزب الله اللبناني بمثابة العقبة الرئيسية التي تحول دون وصول هذا الاستهداف إلى مرحلة الخيار العسكري..
- توجد رغبة إسرائيلية رسمية وشعبية عارمة متجددة لجهة ضرورة تقويض قدرات حزب الله اللبناني وبقية فصائل المقاومة اللبنانية, بما يتيح لإسرائيل استعادة تفوقها المطلق في المنطقة إضافة إلى استعادة قوة الردع الإسرائيلي لمفعولها الذي كانت تتمتع به قبل حرب صيف 2006م.
كل المؤشرات الجارية في المسرح تفيد لجهة أن الزعيم الليكودي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يرغب بشكل متزايد في تنميط نفسه أمام الرأي العام الإسرائيلي باعتباره "البطل الإسرائيلي" الذي استعاد قوة الردع الإسرائيلي في المنطقة..
تقول السردية, بأن ملف المحكمة الدولية, سوف يتم تفعيله هذه المرة لجهة استهداف حزب الله اللبناني, وذلك عن طريق الاستناد على معلومات مزورة سوف يتم استخدامها لـ(أدلة أمريكية) من أجل إصدار قرار ظني يتهم بعض عناصر حزب الله بالتورط في عملية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري, وقد تم ترتيب السيناريو بحيث يكون أمام حزب الله خيارين:
- الخيار الأول: القبول والإذعان للقرار الظني.. بما يتيح للمحكمة القيام بمحاكمة عناصر حزب الله, وإصدار حكم جائر تم تركيبه مسبقاً, وهذا أمر سوف يترتب عليه دمغ حزب الله بصفة الإرهاب، بما يتيح لإسرائيل لاحقاً استهداف الحزب طالما أن الرأي العام الدولي لن يعترض على مزاعم إسرائيل بأن حزب الله هو حركة إرهابية.
- الخيار الثاني: رفض القبول وعدم الإذعان للقرار الظني بما يتيح للمحكمة الدولية السعي لمطالبة الحكومة اللبنانية بمساعدتها لجهة إحضار المتهمين، وهو أمر سوف لن يؤدي سوى لإفساح المجال أمام الصراع اللبناني – اللبناني, وحالياً هناك أطراف لبنانية في حالة جاهزية لإشعال هذا الصراع.
حتى الآن, لم تصرح الرياض عن موقفها الرسمي إزاء التطورات الجديدة الجارية في ملف المحكمة الدولية.. وبالتالي, فإنه يتوجب على الرياض أن تسعى هذه المرة إلى اعتماد موقف واضح يقوم على أساس الآتي:
- كشف خلفيات المحكمة الدولية, خاصة وأن الرياض تدرك وتعلم المزيد من "الأوراق الخفية".. و"الأيادي الخفية" التي سعت إلى ترويض خصوم إسرائيل في المنطقة عن طريق إدارة دولاب المحكمة الدولية.
- اعتماد موقف سعودي واقعي, يعتمد القول الفصل: العدالة تقوم على النزاهة, وعندما تعتمد المحكمة على شهود الزور والمعلومات المزورة.. فإن النزاهة لن تكون موجودة وبالضرورة وبالتالي فإن العدالة نفسها لن تكون موجودة وحسب وإنما سوف يحل محلها الظلم الجائر..
لن نتسرع هذه المرة في توجيه أي اتهام مسبق للدبلوماسية السعودية, وذلك لأن السعودية بلد عربي – إسلامي قائد, ينظر إليه أكثر من مليار مسلم في شتى أنحاء العالم باعتباره الساعي لمناصرة الحق والحقيقة, وتأسيساً على ذلك فإن أكثر من مليار مسلم في العالم سوف يكونون بانتظار معرفة ما الذي سوف يقوله العاهل السعودي الملك عبدالله في زيارته لدمشق وبيروت!!
- بيئة السياسة السسعودية: حقيقة النوايا الأمريكية إزاء الرياض
تشير معطيات العلوم السياسية إلى وجود قدر كبير من الارتباط والتلازم بين قضايا السياسة الخارجية وقضايا السياسة الداخلية, وتأسيساً على ذلك, وبالإسقاط على بيئة السياسة السعودية نلاحظ الآتي:
- جدول أعمال السياسة الداخلية السعودية ينطوي على قدر كبير من المشاكل والتحديات, منها على سبيل المثال لا الحصر الخلافات السعودية – السعودية حول الإصلاحات المطلوبة أمريكيا..
- جدول أعمال السياسة الخارجية السعودية ينطوي على قدر كبير من المشاكل والتحديات منها على سبيل المثال لا الحصر الضغوط الأمريكية الساعية لتوظيف الدبلوماسية السعودية لخدمة المصالح الأمريكية, وتوظيف المال السعودي في دعم قدرات حلفاء واشنطن في المنطقة..
التحليل السياسي المقارن عند معايير بنود جدول أعمال السياسة الخارجية السعودية مع بنود جدول أعمال السياسة الداخلية السعودية, هو تحليل يشير إلى الاستنتاجات الآتية:
- تمتع الرياض باحترام أكثر مليار مسلم, وهي ظاهرة أتاحت للسياسة الخارجية السعودية بناء قوة ناعمة هائلة في العالم.. وفي الوقت نفسه فإن أمريكا وإسرائيل تتمتعان بكراهية واحتقار هؤلاء الأكثر من مليار مسلم.. وتأسيساً على ذلك، كلما سعت الرياض إلى اعتماد دبلوماسية مستقلة عن واشنطن كلما زاد الاحترام الإسلامي وكلما زادت قوة السعودية العالمية الناعمة...
- تتمتع واشنطن بروابط تحالفية قوية مع الرياض، وتأسيساً على ذلك ظلت واشنطن تمارس الصغوط على الرياض بما يتيح لواشنطن استثمار القوة الناعمة السعودية وأيضاً القوة المالية السعودية, و كلما أذعنت الرياض لضغوط واشنطن، كلما فقدت الكثير من قوتها الناعمة، وقوتها المالية..
مرة أخرى, لن نستبق الأحداث, خاصة وأن يوم الجمعة سوف يأتي.. وسوف تستقبل دمشق السورية وبيروت اللبنانية العاهل السعودي الملك عبد الله، وسوف يكون هناك أكثر مليار مسلم في العالم سوف ينتظرون ماسوف تقوله الرياض في دمشق وفي بيروت.. ومرة ثالثة لن نستبق "الحديث" طالما أن لكل حادثة "حديث"
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إقرأ أيضاً:
حرب لبنان الثالثة: المقدمات والنتائج
حرب سنية- شيعية- إسرائيلية- سعودية- إيرانية
التعليقات
إذا كانت هذه هي الحقيقة فهي كارثة...
إضافة تعليق جديد