المناهج المدرسية الإسرائيلية تكرس كراهية العرب
في شهادة على الدور السلبي الكبير لمناهج ومضامين التعليم العبرية في إذكاء وتكريس حالة العداء والصراع مع العرب منذ بدايته, أكد بحث يهودي أن تلك الرؤية "المنحرفة" ساهمت في منع السلام مع العرب.
وقال الباحث اليهودي إيلي بوديه في كتابه "الصراع الإسرائيلي في كتب التاريخ المدرسية الإسرائيلية" إن المشهد الذي تراءى له من خلال مراجعة كتب التاريخ والكتب المدرسية طيلة نصف قرن (1948-2000) لا يبعث على السرور.
وعلل الباحث ذلك بكون أن الصور السلبية ونطاق التضليل حيال العرب, مثلت رؤية طاغية في كتب التدريس الإسرائيلية التي وصفها بـ"المنحرفة".
كتاب بوديه -الذي يتسم بالموضوعية والشجاعة قياسا بأبحاث إسرائيلية سابقة- قسم كتب التدريس إلى ثلاثة أجيال منذ العام 1920 حتى العام 2000. وأشار إلى أن الكتب الإسرائيلية سيما في الفترتين الأوليين, انشغلت بتعميق القيم الصهيونية ورعاية الأساطير والتمجيد بأبطالها ضمن صهر المهاجرين في بوتقة وذاكرة جماعية واحدة.
ولفت إلى أن تلك الكتب وصفت الصراع بطريقة تبسيطية أحادية الأبعاد ومشبعة بعدم الدقة إلى حد التشويه. وأوضح الكاتب أن هذه الكتب سعت لشيطنة العرب وتجريدهم من إنسانيتهم, ما أدى إلى ترسيخ صورة نمطية لدى الإسرائيليين الذين ظهروا دائما بصورة الغربيين المتحضرين صانعي السلام مقابل صورة العرب "الخونة العدوانيين المتخلفين والمجرمين والخاطفين القذرين والمبادرين دوما نحو التدمير".
وأشار بوديه إلى أنه رغم زيارة الرئيس المصري الراحل أنور السادات -بل بسببها- دعا بعض المسؤولين وعملوا من أجل تعميق القيم الصهيونية على حساب ثقافة السلام. واقتبس من كلام لوزير التعليم السابق زبولون هامر قوله إن "السلام مع العرب يهدد إسرائيل المهزوزة ويستلزم تحصين الناشئة بتقوية الوعي الصهيوني".
الباحث أضاف أن الإسرائيليين كانوا يعرفون عن الإسكندينافيين أكثر مما يعرفونه عن جيرانهم العرب, وهو ما ساهم في تعقيد الصراع كما ساعد في خلق أرضية بررت استخدام القوة ضد العرب.
ونوه إلى أن 1.4% فقط من الوقت المحدد للتاريخ في المدرسة الإسرائيلية قد خصص للتاريخ العربي, لافتا إلى موافقته على رأي باحثين أجانب بأن اليهود نقلوا صورة الأغيار من الشتات إلى إسرائيل وسلطوها على العرب بشكل خاطئ.
ونوه الكاتب -وبحق- إلى أن إسرائيل أفرطت في استخدام تدريس التاريخ لتشكيل ذاكرة الأمة الجمعية ودعمها, وأضاف "وقد تمت تعبئة جهاز التعليم وشحنه بمهمة تحديد المعلومات التي يجب على التلميذ أن يتذكرها وتنقيتها, وليس أقل أهمية، ما يتوجب أن ينساها كذلك".
غير أن الباحث أشار إلى "تحسن ملحوظ" كان قد طرأ على كتب التاريخ التعليمية كنتيجة لإرهاصات حربي 1967 و1973 واتفاقية السلام مع مصر وازدياد ثقة إسرائيل بذاتها وبأمنها وانفتاحها, إضافة إلى رواج توجهات أكثر ليبرالية في أوساط الأكاديميين والمثقفين.
ومع ذلك فقد شدد على أن "التغييرات الإيجابية" ظلت تنطوي على تصريحات متحاملة وأوصاف نمطية وانحياز وإن كانت بحلة أكثر تهذيبا. وأضاف أن "الرسائل السلبية الضمنية على أية حال قد تكون أخطر من الرسائل العلنية, إلى جانب استمرار محاولات إسكات الماضي وتصويره بانتقائية كبيرة".
وكان مؤلف مقدمة الكتاب الناقد أنطوان شلحت محرر الشؤون الإسرائيلية أشار إلى أن السنوات التي تلت العام 2000 قد شهدت انكفاء في التطور الإيجابي وصعودا يمينيا متطرفا إلى رأس هرم جهاز التعليم في إسرائيل, بعد تسلم ليمور لفنات من حزب الليكود حقيبة التعليم.
وتنبه الباحث إلى أن مضامين كتب التاريخ المعمول بها في إسرائيل, رغم التغييرات, تشكل برهانا آخر بأن الصراع حول الرواية التاريخية داخل المجتمع الإسرائيلي لم ينته بعد. واقتبس الباحث آراء باحثي تربية بارزين أكدوا الدور البارز لكتب تعليم الإسرائيليين في تصعيد الصراع وإعاقة أي تغير جذري في وجهة نظرهم عن العرب.
وأشار بوديه إلى أن تصحيح الأخطاء غير كاف, منوها إلى أهمية توسيع دراسة تاريخ العرب وثقافتهم ولغتهم بدقة وموضوعية. وانتهى بوديه بالتأكيد على أن فرصة المصالحة الصادقة والدائمة بين الشعبين ستبقى بعيدة المنال, حتى لو شهدت كتب التدريس الإسرائيلية التغيير المرجو, إذا قرر الفلسطينيون تكرار التجربة الإسرائيلية من هذه الناحية في بناء دولتهم.
المصدر: الجزيرة
إضافة تعليق جديد