مشاورات أولية لإطلاق فضائية خاصة بالدراما السورية
اجتمع مساء أمس الأول مثقفون وكتاب وفنانون وإعلاميون في مبنى الإذاعة والتلفزيون بـ«قصد التشارك في التفكير لاتخاذ القرار» فيما يخص القناة الجديدة التي يزمع أصحاب القرار في الإعلام السوري إطلاقها وتكون قناة مخصصة للدراما وقد عرض هؤلاء ما لديهم من رؤى وتصورات وأفكار ولكنهم خرجوا دون أن يحسموا أمرهم ولم يصلوا إلى تصور نهائي للقناة. ويبدو أن وزارة الإعلام أرادت من هذا الاجتماع وضع المثقفين السوريين أمام مسؤولياتهم لأول مرة فالدكتور محسن بلال أكد أن «القناة لكم... أنتم اللاعبون فيها... نريد قناة تعكس المجتمع السوري والعربي» وبنفس الوقت يبدو أن هذه الوزارة وإدارة القناة وجدت نفسها أمام أمر كبير فأرادت أن يتوزع الفشل على الجميع في حال إخفاق المحطة.
وأياً كان الأمر فإن مجرد طرح فكرة تخصيص قناة للدراما السورية هي بحد ذاتها فكرة في محلها ولكن النوايا الطيبة وحدها لا تكفي فالطريق إلى الفشل مفروش بالنوايا الطيبة ومع افتتاح معرض الأفكار طلب الكاتب حسن م يوسف من مدير المحطة أنس أزرق تقديم رؤيته حول عمل القناة ولكن أزرق طلب من الموجودين طرح ما لديهم فطالب يوسف أن تكون القناة معبرة عن الثقافة السورية وهو الجانب الذي يجد صعوبة في التسويق في المحطات العربية ويريد الفنان سلوم حداد محطة «تشبهنا بعيداً عن الإشراف الحكومي المباشر والفج» أما الكاتب خيري الذهبي فيريد محطة تستطيع استعادة تراث الدراما السورية في الستينيات والسبعينيات وهو «تراث شديد الأهمية لأنه كان يحمل رسالة ثقافية وليس رسالة ايديولوجية، لأن الفنانين كانوا يشتغلون كهواة» والفنانة أمل عرفة تريد محطة «تعرض وتنتج...» وتساءل المخرج هيثم حقي «هل تستطيع هذه المحطة أن تدفع للمنتجين كما تدفع المحطات العربية للحصول على العرض الحصري الذي سيصل في السنوات القادمة إلى 60 ألف دولار للحلقة الواحدة» وتساءل أيضاً «ما الذي نريد أن نعرضه على المحطة وكيف نستطيع أن نعرض الأعمال السورية المعبرة عن الوجه الآخر لسورية ورقابة التلفزيون أسوأ من الرقابة الخارجية.
وكانت الدكتورة حنان قصاب حسن موجودة في الاجتماع وأدلت بدلوها في بئر الأفكار وكشفت أنها طلبت تأجيل إطلاق المحطة لكي يأتي متزامناً مع احتفالية دمشق عاصمة للثقافة العربية.
وطلبت أن تكون القناة ثقافية ولا تكون محصورة بالدراما وأن تعرض أفلاماً سينمائية روائية ووثائقية وقصيرة وأن تكون أداة تشجيع لجميع أشكال الفنون وأن تهتم بالشباب العربي في ظل عدم وجود محطات عربية تهتم بالثقافة.
وطالب باسم ياخور بأن نستفيد من خبرات المحطات العربية وتقديم برامج تحقق شرط الجماهيرية للحصول على إعلانات تساعد المحطة ورأى أحمد معلا أن أمام المحطة «تحديات هائلة» ويجب أن تكون «استجابة لضرورات إبداعية» وأن تنقل على الهواء ما يجري في الساحة الدرامية السورية أولاً بأول.
وأكد الدكتور أحمد برقاوي أن القناة تحتاج إلى سياسة محددة لكي تلعب دورها في خلق وعي تنويري ورفع الذائقة الجمالية وطالب برقاوي بالحرية المطلقة «إذا لم يكن هنا حرية لدى الكتاب والمنتجين فليس هناك إمكانية للانتصار» ومازح برقاوي محاوريه بالقول: نطالب بالحرية المطلقة لكي نحصل على الحرية النسبية.
وطالب نبيل صالح بإشراك القطاع الخاص في المشروع واستطلاع رأي الجمهور وقاطعه الدكتور أحمد برقاوي بالقول: الجمهور في وضع سيئ ولا يُستفتى وكان رأي الأديب وليد أخلاصي متناغماً مع رأي الدكتور البرقاوي فهو يرى أن «مشاهدة مسلسل تركي أهم عند العرب من استعادة القدس» وطالب أن تكون المحطة «حالة جديدة لا مثيل لها وإلا علينا أن نتوقف» ورأى المخرج علاء الدين كوكش أن المحطة قد تكون فرصة للدراميين السوريين للخروج مما سماه «كارثة رمضان، حيث لا توجد محطة أو شركة عربية تقبل أن يكون المسلسل أقل من ثلاثين حلقة» ورحب الفنان دريد لحام بالفكرة وقال: الدراما السورية لديها مخزون ومستقبل ومن خلال البرامج الرائعة نستطيع أن نعطي لمعاناً جديداً للأعمال القديمة» ولفت لحام إلى ضرورة «تشكيل لجان أعضاؤها مخلصون» لأن المسألة «بدها تعب ولا تحتمل الاستسهال» وشاركه الدكتور وليد مشوّح الرأي فهو يرى أن تشكيل «لجان استشارية لوضع خطة عمل للمحطة ضروري جداً».
اجتمع المثقفون للتشارك في اسم القناة وهديتها وقدموا أفكاراً مهمة وجديرة بالتوقف عندها وخاصة أن المتحدثين هم رواد وأعمدة الثقافة والدراما السورية ولكن (جولة) واحدة لا تكفي فإنشاء محطة للدراما السورية أمر يجب ألا يترك لمزاج أحد وخاصة أن الدراما هي الوجه الحضاري لسورية والواجهة المضيئة وإذا استطعنا التعامل معها ومعرفة قيمتها الحقيقية فقد تتحول إلى حائط نسند إليه ظهرنا.
محمد أمين
المصدر: الوطن السورية
إضافة تعليق جديد