وزارة الإعلام تنقذ الدراما السورية
برامج تحلل خطاب المسلسلات ومقابلات فنية، وأعمال منعت سابقاً من العرض... بعد الحصار وأزمات التسويق التي عاشتها العام الماضي، وجدت الدراما السورية أخيراً خشبة خلاصها: قناة مفتوحة تعزز مكانة هذه الصناعة، وتحرّرها من قيود المستثمر الخليجي وشروط السوق
بدأت الفكرة السنة الماضية مع الحصار الذي تعرّضت له الدراما السورية وأزمة التسويق التي عانتها، وفي ظل اهتمام رسمي من أعلى المستويات بهذه الصناعة. فكرة المشروع كانت أن تتحول الفضائية السورية إلى قناة إخبارية وسياسية، تقدم النشرات والبرامج الحوارية وتعكس وجهة النظر السورية، وأن تصير القناة الثانية (الأرضية) قناة للرياضة، وأن تُطلَق فضائية جديدة للدراما. هذا المشروع الذي لم يعد الإعلام إلى ذكره، عاد الآن إلى الواجهة، من خلال الإعلان عن إطلاق فضائية متخصصة بالدراما. وقد عُيّن الإعلامي أنس أزرق مديراً لها، فيما حددت هويتها كقناة للدراما والمجتمع بنسختين فضائية، وأرضية تحل مكان القناة الثانية. وينتظر أن تبدأ بثها التجريبي مطلع عام 2009.
قبل أيام، دعي عدد من صناع الدراما السوريين البارزين، من كتّاب ومخرجين وممثلين، مع وجوه ثقافية وصحافيين إلى لقاء في مبنى التلفزيون للتشاور في المشروع. وقد حضره وزير الإعلام محسن بلال، ومدير الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون ممتاز الشيخ، ومديرة التلفزيون ديانا جبور، ومدير القناة العتيدة أنس أزرق. هذا اللقاء الذي اتسم بالعفوية والمصارحة، لم يخلُ من طرح أفكار هامة. لكن لوحظ أن معظم الشخصيات التي تحدثت، كانت تضع مسافة بينها وبين المشروع، وتخاطب القائمين عليه كطرف آخر. ذلك أن هوّة أصبحت تفصل بين صناع الدراما السورية الأساسيين في القطاع الخاص والمؤسسة الرسمية. وعلى رغم أن أحد أهداف الاجتماع كان اقتراح اسم للقناة، ضاع ذلك في المداخلات الكثيرة. فيما استدرك الكاتب حسن.م. يوسف هذا الأمر في زوايته في جريدة «تشرين»، فاقترح اسم «سوريانا» للمحطة. أما الصحافي عمار أبو عابد فاقترح في عموده الأسبوعي اسم «قناة الدراما» ببساطة.
ولكن ماذا عن شكل المحطة الجديدة ومضمونها؟ تجري الآن تحضيرات لإعداد برامج للقناة، من خلال تكليف معدين من التلفزيون السوري، وآخرين من خارجه قد تصل نسبتهم إلى النصف. كما تجري جردة لأرشيف التلفزيون من المسلسلات. إذ ستعرض القناة أعمالاً قديمة وحديثة (5 أو 6 يومياً)، وسيكون لمسلسلات هذا العام حصة من بثها. لكن من المستبعد، ضمن الإمكانيات المتاحة، أن تتوافر عروض أولى أو حصرية على شاشة المحطة الجديدة، ربما عدا أعمال مديرية الإنتاج في التلفزيون السوري التي لا تلوح بوادر تنسيق معها. فيما لا تزال فكرة قيام القناة بالإنتاج مؤجلة، وقد يقتصر ذلك على أفلام تسجيلية أو درامية.
لكن الرهان الحقيقي لقناة الدراما السورية، هو على البرامج التي ستكون في المرحلة الأولى 7 على أقل تقدير، وثمة محاولات للحصول على رعايات إعلانية لها (sponsors). ستتوزع هذه البرامج بين الأخبار الفنية، ورصد عملية صناعة المسلسل من الفكرة إلى الشاشة، والتعريف بمكوّنات العمل الدرامي، والبرامج الحوارية القصيرة التي تحلل الخطاب الدرامي التلفزيوني، إضافة إلى المقابلات والمنوعات. ويعتقد أنس أزرق أن للقناة مزايا عدة، منها: أنها تملك أرشيفاً لا تملكه المحطات الأخرى، وأنها تملك الأفضلية الجغرافية، فالدراما السورية يجري تصويرها على الأرض السورية، والإعلام المحلي قادر على أن يكون الأقرب والأسرع. ويؤكد أزرق أنه سيتوافر في القناة هامش من الحرية الإبداعية، ومن غير المستبعد أن تبث أعمال، سبق أن أوقف عرضها.
آمال كبيرة حرّكتها القناة بأن تستطيع تبني أعمال مغايرة، لا تجد لها مكاناً ضمن شروط السوق القاسية، ولدى الفضائيات العربية الكبرى التي غدت تفرض الموضوعات والأساليب. ولا ينفي أزرق رغبة المحطة في دعم أعمال مماثلة، لكنه يرفض القول إن الدراما السورية أصبحت تفصّل على مقاس المشاهد الخليجي. ويذهب أبعد من ذلك للتأكيد على أن هذه المسلسلات تؤثر في الخيارات الإنتاجية للخليج، لا العكس.
يذكر أن أنس أزرق درس الفلسفة في جامعة دمشق، وعمل رئيساً لشعبة البرامج الثقافية في القناة الأولى، ومديراً لدائرة البرامج في الفضائية السورية، وأخيراً مراسلاً ومديراً لمكتب «المنار» في دمشق. وهو يؤكد اليوم أن التعاون مع «المنار» سيظل قائماً بطريقة يُتّفق عليها لاحقاً.
منار ديب
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد