أسباب تفجير مومباي وأهدافه وردود الفعل الإسرائيلية والأمريكية عليه
الجمل: بعد انجلاء الموقف وانتهاء المعركة في مسرح مدينة مومباي الهندية، بدأت تتضح أكثر فأكثر خلفيات الهجوم المسلح الذي أدى إلى مقتل ما يقرب من 200 شخص وجرع العشرات.
* الإسرائيليون والمصالح الإسرائيلية هم الهدف الأساس للهجوم:
اعترف أمير قصاب البالغ من العمر 21 عاماً، والمتهم الوحيد الذي نجحت السلطات الهندية في إلقاء القبض عليه من بين منفذي الهجوم، أمام المحققين رسمياً بأن الهدف الأساس من الهجوم هو استهداف الإسرائيليين والمصالح الإسرائيلية في الهند، وتحديداً في مدينة مومباي التي يتركز الوجود الإسرائيلي فيها. وأضاف قائلاً بأن الغرض من ذلك هو الانتقام من الإسرائيليين جراء جرائمهم الفظيعة في حق السكان الفلسطينيين. وأضاف بأنه استهدف مركز شاباد الإسرائيلي الموجود في بناية ناريمان هاوس بمدينة مومباي، وقد درج الإسرائيليون على استخدام هذه البناية كمجمع لتمركز الأنشطة الإسرائيلية في المدينة. وأكد قصاب أن رفيقه الذي قتلته السلطات الهندية خلال الاشتباكات يعرف تفاصيل أنشطة المجمع المعلنة وغير المعلنة لأنه سبق له أن أقام في البناية.
* ردود الفعل الإسرائيلية:
أصدر وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك بالتشاور والتنسيق مع وزيرة الخارجية تسيبي ليفني قراراً بإرسال طائرة خاصة مزودة بفريق طبي لنقل ضحايا هجمات مومباي. إضافة لذلك، تقول التسريبات الإسرائيلية أن جهاز الموساد يدرس حالياً وضع خطة تهدف إلى توفير الحماية للمنشآت والمجمعات الإسرائيلية المنتشرة في العالم.
هذا، ويقول الخبراء الإسرائيليون بأن حماية هذه المنشآت ستكلف إسرائيل كثيراً، إضافة إلى أنها غير ممكنة الحدوث بالشكل الفاعل المطلوب. ويرى هؤلاء أن أبرز المشاكل تتمثل في الآتي:
• ضرورة موافقة البلدان المضيفة على ترتيبات الحماية الإسرائيلية وهو أمر ليس سهلاً لأن ذلك يرتبط بالشأن السيادي الداخلي.
• إن كل هذه المنشآت تنخرط في أنشطة "بريئة معلنة" وأخرى "سرية غير معلنة"، وبالتالي فإن اهتمام الإسرائيليين بتوفير الحماية والأمن سيلفت الأنظار كما أن البلدان المضيفة سوف لن تقبل بسهولة السماح لإسرائيل بالقيام بهذه الإجراءات، وحتى إذا وافقت هذه البلدان فإنها ستلزم إسرائيل بمشاركة عناصرها الأمنية وهو ما يعرض أسرار هذه المجمعات للانكشاف.
هذا، ويرى بعض الإسرائيليين ضرورة الاستعانة بالولايات المتحدة في
إجراءات الحماية، والضغط على الدول والبلدان المضيفة للقبول بمشروطيات إسرائيل، ولكن بعضهم الآخر يرى بأن الاستعانة بالولايات المتحدة أمر غير ممكن في الوقت الحالي لأن أنشطة هذه التجمعات تتضمن الكثير من العمليات السرية، الخفية عن الأمريكيين أنفسهم والتي ليس من مصلحة إسرائيل أن يضطلع عليها الأمريكيون على الأقل في مثل هذا الوقت.
* الدبلوماسية الإسرائيلية ولعبة شبه القارة الهندية:
تسعى الدبلوماسية الإسرائيلية حثيثاً لإشعال الصراع الهندي – الباكستاني، وبالعمل باتجاه إدارة الصراع بما يترتب عليه دفع إسرائيل لواشنطن لكي تستقر على خيار الوقوف إلى جانب الهند كخيار نهائي في استراتيجيتها إزاء منطقة شبه القارة الهندية، وهدف الإسرائيليين من ذك هو:
• عدم السماح بنمو قوة باكستان طالما أنها دولة إسلامية.
• إعطاء الأمريكيين الفرصة والمبرر لنزع سلاح باكستان النووي.
• القضاء على احتمال نشوء أي تحالف هندي – صيني وذلك لأن صراع الهند – باكستان ووقوف واشنطن إلى جانب الهند سيترتب عليه بالضرورة وقوف بكين إلى جانب باكستان، وقد أعلنت بكين صراحة خلال الأسابيع الماضية أنها ستقف إلى جانب باكستان إذا وقفت أمريكا إلى جانب الهند في الصراع الهندي – الباكستاني.
* أبز التوقعات حل ردود الفعل الأمريكية:
يقول بعض المحللون أن الطبيعة الانتقالية التي تشهدها الساحة السياسية الأمريكية في الفترة الحالية لن تستطيع إنتاج أي ردود أفعال حقيقية من الجانب الأمريكي، بل ستكتفي الأطراف باستخدام التصريحات والمبالغة فيها كوسيلة يتم توظيفها في الحرب الباردة بين مسؤولي الإدارة الأمريكية الجمهورية المغادرين للبيت الأبيض ومسؤولي الإدارة الأمريكية الديمقراطية الداخلين إليه. هذا، وتشير التقارير الأمريكية إلى الآتي:
• انتقاء الجمهوريين لتصريحات ومواقف الرئيس أوباما ووصفها بالضعف وعدم الاهتمام بما يمكن أن يترتب على مثل هذه الهجمات من مخاطر تهدد المصالح الأمريكية والأمن القومي الأمريكي.
• انتقاء الديمقراطيين لتصريحات ومواقف الرئيس بوش وتحميل سياسات إدارته المسؤولية عن كل الاضطرابات التي حدثت في شبه القارة الهندية.
هذا، وتضيف التقارير الأمريكية قائلة بأن الرئيس بوش لن يستطيع القيام بأي شيء خارج إطار هامش الحركة المتاح أمامه وفقط من الممكن أن تقوم القوات الأمريكية بتصعيد هجماتها ضد الحركات الإسلامية في مناطق القبائل الباكستانية أما الرئيس أوباما فهو بدوره لن يستطيع القيام بشيء غير إطلاق التصريحات وتقديم الوعود وذلك لأنه وبكل بساطة لم يدخل البيض الأبيض بعد فهو لا يملك أي سلطة تنفيذية حقيقية تحت تصرفه.
* بين الجماعات المتطرفة والموساد الإسرائيلي:
أثارت أحداث الحادي عشر من أيلول (هجمات مركز التجارة العالمي) الكثير من التساؤلات حول طبيعة العلاقة بين الجماعات الدينية المتطرفة وأجهزة المخابرات الإسرائيلية وبهذا الخصوص تشير بعض النظريات التفسيرية إلى الآتي:
• فرضية التعاون بين الجماعات المتطرفة وأجهزة المخابرات الإسرائيلية حيث يرى القائلون بها بأن هذه الجماعات تقع تحت سيطرة الموساد.
• فرضية الصراع بين الجماعات المتطرفة وأجهزة المخابرات الإسرائيلية حيث يرى القائلون بها بأن هذه الجماعات تنخرط في حالة عداء شديد للموساد.
وعلى ما يبدو أن معطيات نظرية المؤامرة تقول أن كلا الفرضيتين يحتمل الصواب، ويمكن الإشارة إلى ما يلي:
• الجماعات الإسلامية البلوشستانية تتحالف مع الأجهزة الأمريكية وذلك لأنها تستهدف بشكل رئيسي السلطات الإيرانية.
• الجماعات الأصولية الإسلامية في أفغانستان والعراق تقاتل ضد القوات الأمريكية.
وبالتالي فإن الفرضية الأكثر احتمالاً لعدم الخطأ تفيد لجهة أن تعاون الجماعات الإسلامية في منطقة شبه القارة الهندية تحدد موقفها التكتيكي بحسب قواعد الاشتباك مع أعدائها.
وعلى ما يبدو، فإن الأجهزة الإسرائيلية تدرك جيداً القيام باستخدام وتوظيف قواعد الاشتباك هذه، وبهذا الخصوص تقول المعلومات والتسريبات بأن للمخابرات الإسرائيلية حضوراً قوياً داخل أجهزة الأمن الهندية، وأجهزة الأمن الباكستانية، ولما كانت هذه الأخيرة تملك حضوراً قوياً بين الجماعات الإسلامية والأجهزة الهندية تملك بدورها حضوراً في الجماعات الهندوسية والبوذية، فإن الأقرب إلى الصواب هو أن الأجهزة الإسرائيلية ستسعى بعيداً عن أعين حلفائها الأمريكيين إلى القيام باستخدام المجمعات في إدارة دولاب الصراعات وتنفيذ العمليات السرية بما يمكن أن يؤدي إلى توسع دائرة الصراع في منطقة شبه القارة الهندية!!
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد