الأزمة المالية تضرب الأطلسي
خيّم شبح الأزمة الاقتصادية، التي لا تزال البلدان الأوروبية عاجزة عن تحديد آفاق معالجتها، على أعمال اجتماع وزراء دفاع دول الحلف الأطلسي في بروكسل. ودرس الوزراء خلال اجتماعهم، أمس، اقتراحاً من الأمين العام للحلف، أندرس فوغ راسموسن، يتعلق بـ«الدفاع الذكي». والمقصود بذلك توسيع وتطوير أنظمة الدفاع الصاروخية التي تستعملها الجيوش في أوقات الحرب وخلال المناورات العسكرية التدريبية، بغرض ابتكار تطبيقات مدنية لها.
وأكد راسموسن أن كلفة هذه المنظومة لن تتعدى 200 مليون دولار تتوزع على الدول الـ 28 الأعضاء في الأطلسي. وبالتالي قال إنه يأمل ألا تطاولها تأثيرات الأزمة المالية التي يواجهها الأطلسي.
ودرس وزراء دفاع الأطلسي سبل تمويل هذا المشروع والإسهام في تحقيقه، وفقاً للقدرات المالية والخبرات العسكرية لكل بلد. وتم التوافق على أن يعد الوزراء دراسة معمقة بخصوص «التطبيقات العسكرية والمدنية لمنظومة الدفاع الذكي» في مجالات المراقبة والتنصت والرصد والدعم اللوجيستي، على أن يتم التصديق على هذه الدراسة من قبل قيادة الأطلسي، خلال قمة الحلف التي ستُعقد في واشنطن، خلال شهر أيار القادم.
تأثيرات الأزمة المالية، وعجز الأطلسي في السنوات الأخيرة عن تحقيق النجاحات العسكرية المتوخاة منه، واختلال موازين القوى الدفاعية بين أعضائه، زجت به في أزمة حادة وصلت إلى حد طعن بعض الدول الأعضاء في جدواه أو إمكانية استمراره. بعد انهيار الكتلة الشرقية وزوال «العدو» الشيوعي، الذي تأسس الحلف لمواجهته، وضع الأطلسي أمام خريطة سياسية مغايرة تماماً. ووجب عليه أن يحدد أعداء جدداً لتبرير استمراره وتسطير استراتيجيته الجديدة؛ فأي حلف عسكري لكي يضمن بقاءه يحتاج إلى تحديد عدو مشترك يتطلب من الدول الأعضاء أن تتحد وتتسلّح لمواجهته.
وساد الاعتقاد، لفترة، بعد هجمات 11 أيلول أن الأطلسي سيجد ضالته في «الحرب على الإرهاب»، لكن تعثره في تحقيق أي نجاحات على الأرض، سواء في أفغانستان أو العراق، دفع بالدول الأعضاء الى التشكيك في فاعلية الأطلسي وجدواه؛ فمنذ انهيار جدار برلين، لم يحقق أي إنجاز عسكري، باستثناء التدخلات العسكرية المثيرة للجدل في دول البلقان ثم في ليبيا أخيراً.
وبالإضافة إلى هذه الأزمة الوجودية، يواجه الأطلسي حالياً تحدياً جديداً يتمثل في رغبة الولايات المتحدة في تقليص مساهماتها في الحلف، مادياً وعسكرياً. وكانت الولايات المتحدة قد هددت بسحب أو تقليص مساهماتها العسكرية في أوج الحملة العسكرية في ليبيا، منتقدةً ضعف المنظومات العسكرية للدول الأوروبية، التي لم تحصل على ما يكفي من طائرات الاستطلاع التي تشتغل بدون طيارين، وأنظمة الإمداد والنقل الجوي التي تتطلبها الحروب الحديثة.
الوضع في أفغانستان احتل حيزاً بارزاً على جدول أعمال اجتماع وزراء دفاع الأطلسي. وشدد الوزراء على ضرورة التعجيل بتطبيق أهداف قمة لشبونة، التي أوصت بتسليم مهام الأمن والجيش إلى السلطات الأفغانية قبل نهاية سنة 2014، تمهيداً لانسحاب القوات الغربية من أفغانستان. واستمع وزراء دفاع الأطلسي خلال هذا الاجتماع إلى وزير الدفاع الأفغاني، عبد الرحيم واردك، الذي عرض أمام مسؤولي الأطلسي تطورات الأوضاع في بلاده، والأشواط التي قطعتها مساعي تأهيل القوات الأفغانية وتطوير تكوينها العسكري.
وفي ختام الاجتماع، رفع الوزراء مذكرة إلى قمة الأطلسي التي ستعقد في واشنطن، للنظر في إمكانية بقاء القوات الأطلسية في أفغانستان، بعد العام 2014، إذا اقتضت الحاجة. لكن هذا الاقتراح لا يلقى تأييداً كبيراً من قبل الدول المشاركة في قوات الأطلسي المنتشرة في أفغانستان، وفي مقدّمتها الولايات المتحدة وفرنسا، اللتان تأملان التعجيل بسحب قواتهما، لتفادي الهجمات المتكرّرة التي يشنها عليها عناصر «طالبان».
لخضر فراط
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد