الإدارة الأمريكية تحذر تركيا من مغبة اقتحام شمال العراق
الجمل: تزايدت التحليلات الأمريكية والغربية، القائلة بأن الإدارة الأمريكية قامت بتحذير تركيا من مغبة قيام الجيش التركي بتنفيذ عملية اقتحام عسكري لشمال العراق.
· معطيات التحذير الأمريكي:
يقول الأمريكيون بأن الوضع في المناطق الكردية شمال العراق شبيه تماماً بالوضع في المناطق الشيعية في جنوب لبنان، وإذا كان حزب الله اللبناني الذي يمثل الذراع العسكري والسياسي لشيعة جنوب لبنان، فإن حزب العمال الكردستاني هو الذي يمثل الذراع العسكري والسياسي لأكراد شمال العراق وتركيا، وتسانده في ذلك الفصائل والميليشيات المسلحة الكردية الأخرى.
واستناداً على هذه المعطيات، فإن الخبراء الأمريكيين نقلوا تحليلاتهم وتوقعاتهم إلى تركيا باحتمالات تعرض الجيش التركي في حالة اقتحامه لشمال العراق إلى نفس ما تعرض له الجيش الإسرائيلي في عملية اقتحامه لجنوب لبنان.. (وهو الهزيمة الاستراتيجية) على حد تعبير المسؤولين الأمريكيين.
· الإدارة الأمريكية وازدواج الخطاب السياسي:
يقول خاي دينموري، مراسل الفاينانشيال تايمز البريطانية في واشنطن، بأن خطاب الإدارة الأمريكية أثبت هذه المرة أنه يفتقر ويتجاوز كل منطق عقلي سليم، وذلك من خلال الآتي:
- في نهاية آب 2006م، وعقب انتهاء حرب الصيف الماضي بين إسرائيل وحزب الله اللبناني، قال الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش معلناً: لقد اعتدى حزب الله على إسرائيل، وحزب الله هو الذي بدأ إشعال الأزمة، وقد تعرض حزب الله للهزيمة في هذه الأزمة.
- الآن وفي نهاية نيسان 2007 – أي بعد حوالي ثمانية أشهر يقوم مسؤولو نفس الإدارة الأمريكية –أي إدارة بوش- بإطلاع تركيا على تحذيراتهم القائلة بأن الجيش التركي سوف يتعرض لهزيمة استراتيجية على يد الميليشيات المسلحة الكردية في حالة قيامه بعملية اقتحام العراق.. ولم تكتف الإدارة الأمريكية بذلك، بل حددت جوانب الهزيمة الاستراتيجية التي تعرضت لها إسرائيل بأن أبرز مكوناتها الفرعية يتمثل في:
* هزيمة دولية: بسبب تحول الرأي العام الدولي إلى مناوأة ومعارضة إسرائيل.
* هزيمة معنوية: لأن نتائج الحرب حطمت أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر.
* هزيمة سياسية: بسبب فقدان الحكومة الإسرائيلية لشعبيتها في الرأي العام الداخلي.
* هزيمة عسكرية: بسبب عدم قدرة قوات الجيش الإسرائيلي على تنفيذ المهام العسكرية التي تم تكليفها بها داخل لبنان.
* هزيمة للإدارة الأمريكية وحلفائها في المنطقة: وذلك بسبب محاصرة حكومة السنيورة وضعف شعبية قوى 14 آذار داخل لبنان، وأيضاً تراجع الإدارة الأمريكية عن تنفيذ خطة توسيع الحرب ومهاجمة إيران، التي كانت الإدارة الأمريكية متحفزة لتنفيذها في ذلك الوقت.
· تركيا: رد الفعل إزاء التحذيرات الأمريكية:
تحدث الجنرال يسار بيوكانيت رئيس هيئة الأركان العامة للجيش التركي قائلاً بأن موضوع التدخل واقتحام شمال العراق عسكرياً أصبح واضحاً للجيش التركي، وفقد يحتاج التنفيذ للموافقة السياسية. وأعقب ذلك تصريح عضو بارز في قيادة حزب العدالة والتنمية التركي الحاكم، الذي قال فيه بأن البرلمان والحكومة التركية سوف يوافقان على طلب الجيش التركي باقتحام العراق متى ما قامت قيادة الجيش برفع هذا الطلب للسلطات التركية.
وفي واشنطن قال الزعيم السياسي إيرول سيباسي عضو البرلمان التركي الذي ينشط في استقطاب دعم وتأييد واشنطن للإجراء العسكري التركي المحتمل ضد الأكراد، بأن الولايات المتحدة عندما قامت بعملية غزو واحتلال العراق كانت قد تجاهلت التحذيرات التركية من مغبة أن يؤدي الغزو والاحتلال الأمريكي إلى فتح (صناديق الشر) العراقية على النحو الذي يؤدي لإخراج المشاكل الطائفية والاثنية وغيرها بما يهدد بتفجير كامل منطقة شرق المتوسط.. بما في ذلك جنوب تركيا، وهو ما أصبح على وشك أن يحدث الآن، وسوف يحدث بالفعل إذا لم تتدخل تركيا عسكريا وتقوم بتنظيف منطقة شمال العراق من مصادر الخطر التي أصبح يمثلها حزب العمال الكردستاني، والذي استطاع تطوير قدراته العسكرية إلى الحد الذي أصبح من غير الممكن لتركيا أن تسكت عليه.
أما، شكرو إليكداغ، العضو البارز في حزب الشعب الجمهوري المعارض حالياً لحكومة حزب العدالة والتنمية، فقد قال بأن المطالبات المتكررة بواسطة الأكراد من أجل:
- استقلال كردستان.
- تنظيم الاستفتاء حول وضع مدينة كركوك.
- تصريحات البرزاني والزعماء الأكراد.
- تجاوز الأكراد لسيادة الدولة الوطنية العراقية وممارستهم لبعض الأنشطة السيادية وعلى وجه الخصوص تصرفاتهم إزاء ملف النفط العراقي.
وغير ذلك، على خلفية الدعم الأمريكي للأكراد، وصمت إدارة بوش عن تأييد تركيا، تمثل جميعها مؤشرات تجعلنا في تركيا نشك في مصداقية النوايا والأجندة الأمريكية إزاء المنطقة.
وعموماً فإن المواجهة التركية- الكردية، واقعة لا محالة، وسوف تؤدي إلى انكشاف هامش المناورة المزدوج الذي ظلت تتحرك ضمنه إدارة بوش، وسوف تكون الإدارة الأمريكية عند اندلاع المواجهة التركية- الكردية، أمام خيارين لا ثالث لهما: إما مساندة الأكراد، أو تركيا، وفي كلا الحالتين كما تقول الحسابات سوف يكون الخاسر في نهاية الأمر هو أمريكا.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد