التقارب التركي – الروسي وأهداف زيارة عبد الله غول إلى موسكو

15-02-2009

التقارب التركي – الروسي وأهداف زيارة عبد الله غول إلى موسكو

الجمل: تناولت التحليلات باهتمام بالغ توقيع الرئيس التركي عبد الله غول مع الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف على اتفاقية الإعلان المشترك والتي سعت إلى التأكيد على التزام الطرفين الروسي والتركي بتعميق علاقات الصداقة وتحسين التعاون المتعدد الأبعاد، هذا، وما كان لافتاً للنظر أن موسكو وصفت اتفاق الإعلان المشترك الروسي – التركي بالوثيقة الاستراتيجية.
* الأبعاد المعلنة لزيارة غول إلى روسيا:
تقول التقارير بأن الرئيس التركي وصل إلى موسكو يوم الخميس الماضي برفقة وزير التجارة التركي توزمان ووزير الطاقة حلمي غولير، إضافة إلى زوجته السيدة حاييرونيسا غول، مع وجود عدد كبير من رجال الأعمال الأتراك المرافقين. هذا، وقد انضم وزير الخارجية التركي علي بابكان إلى الوفد في موسكو قادماً من راجا عاصمة لاتفيا حيث كان في زيارة رسمية.
استغرقت زيارة الرئيس التركي لروسيا أربعة أيام كاملة، وتضمن جدول الأعمال النقاط الآتية:
• التفاهم حول التعاون التركي – الروسي حول أمن البحر الأسود والمضائق والممرات البحرية التركية.
• التفاهم حول التعاون التركي – الروسي في مجالات النفط والغاز.
• التفاهم حول التعاون التركي – الروسي في مجالات التجارة.
• التفاهم حول التعاون التركي – الروسي في مجالات العمل السياسي الإقليمي وتحديداُ في ملفات القوقاز وآسيا الوسطى والبلقان.
إضافة لذلك، تقول المعلومات والتسريبات أن موسكو وأنقرة اتفقتا على تشكيل لجنة فنية للإشراف على حل المسائل الجارية بين البلدين التي من أبزرها مشاكل النقل والرسوم الجمركية التي ظلت تعيق جهود توسيع التجارة والمعاملات الاقتصادية التركية – الروسية.
* الأبعاد غير المعلنة لزيارة عبد الله غول لروسيا:
تقول كل التسريبات بأن هذه الزيارة تحمل أبعاداً غير معلنة ما يفوق بقدر كبير أبعادها المعلنة، وبهذا الخصوص يمكن ملاحظة ما يلي:
• لجهة التوقيت تأتي الزيارة في وقت وصلت فيه التوترات على خط أنقرة – تل أبيب مستوى غير مسبوق ووصل إلى حد تبادل الانتقادات والاحتجاجات العلنية المتبادلة والصريحة، وهو أمر لم يحدث في تاريخ العلاقات التركية – الإسرائيلية الطويل والحافل بشتى أنواع التبادل.
• لجهة الاعتبارات الدبلوماسية فقد أشارت التسريبات إلى أن الاستعدادات الروسية لاستقبال الرئيس التركي كانت على أعلى المستويات التشريفية لجهة حفل الاستقبال الرسمي ووزن المسؤولين الذين قابلهم غول.
• أجندة الزيارة تضمنت ما ظلت تعتبره واشنطن محرماً على أنقرة القيام به، فقد كسرت أنقرة التطابو الأمريكي ودخلت في تفاهم مع روسيا حول أمن البحر الأسود والقوقاز وآسيا الوسطى وملف التعاون النفطي.
• سبق أن وقعت أنقرة مع موسكو إعلاناً مشتركاً في العام 2004 أكد على ضرورة تكثيف الشراكة الروسية – التركية المتعددة الجوانب وتعزيز روابط الصداقة بينهما. بعد ذلك، بذل محور واشنطن – تل أبيب جهوده المكثفة لتجميد هذه الاتفاقية وعرقلة جهود أنقرة إزاء التعاون وبناء الشراكة مع موسكو.
• زيارة بوتين لأنقرة في عام 2004 كانت الأولى من نوعها لمسؤول روسي بعد زيارة نيكولاس بيدجورتي وزير الخارجية السوفيتي لأنقرة في العام 1972، أما زيارة الرئيس غول فهي أول زيارة لرئيس تركي منذ الحرب العالمية الأولى.
* ماذا تحمل الزيارة من إشارات؟
تشير المعلومات والتقارير إلى أن محور واشنطن – تل أبيب لم يبدي أي ردود أفعال مباشرة إزاء الزيارة ولكن وكما تقول التسريبات فإن زيارة غول تجد المتابعة اللصيقة بواسطة الأطراف التالية:
• مجلس الأمن القومي الأمريكي حيث هو الطرف المسؤول عن صياغة استراتيجية الأمن القومي الأمريكي التي تعتبر تركيا من أهم مرتكزاتها.
• الحكومة الإسرائيلية لجهة اهتمامها وحرصها الشديد على عدم تقويض روابطها مع أنقرة خاصة وأن مستقبل نظرية تأمين الحدود الشمالية الإسرائيلية يعتمد بشكل رئيسي على التعاون مع تركيا إضافة إلى طموح تل أبيب المتزايد في تمديد خطوط أنابيب نقل النفط والغاز من الأراضي التركي إلى الموانئ الإسرائيلية.
• حلفاء أمريكا الأوروبيين وتحديداً فرنسا وألمانيا من خلال تأثير مستقبل الروابط التركية – الأمريكية المباشرة وغير المباشرة على مسيرة الاتحاد الأوروبي الاستقلالية حيث يدرك الأوروبيون أن ضعف علاقات خط أنقرة – واشنطن سيترتب عليه بالضرورة إضعاف تأثير النفوذ الأمريكي على أنقرة.
• حلفاء أمريكا في القوقاز، وتحديداً جورجيا وأذربيجان، واللتان يرتبط مستقبل روابطهما مع محور واشنطن – تل أبيب ويؤثر على مستقبل علاقات خط أنقرة – واشنطن.
حتى الآن من الصعب التكهن بمدى قدرة أنقرة على الانفكاك من تبعية محور واشنطن – تل أبيب، وعلى ما يبدو فإن أنقرة ما زالت على طريق الاستقلالية السليم ومن أبرز الدلائل على ذلك، مواقف أنقرة إزاء ملفات الصراع العربي – الإسرائيلي ومواقف تل أبيب التي بدأت تتعامل بردود أفعال أكثر عدوانية تجاه أنقرة، وكان آخرها تصريح الجنرال مزراحي قائد القوات البرية الإسرائيلية الذي تضمن المزيد من الاتهامات والانتقادات الحادة لتركيا التي ترتب عليها قيام أنقرة بإخبار السفير الإسرائيلي في تركيا أن أنقرة تدين وتستنكر هذا التصرف الإسرائيلي اللامسؤول.


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...