الحركات الإسلامية السلفية في فلسطين
الجمل: تشهد الساحة السياسية الفلسطينية, في الوقت الحالي عملية تحول نوعي جديدة شديدة الخطورة, لجهة تزايد فعاليات الحركات الجهادية السلفية الفلسطينية, وبرغم أن عملية التحول الأصولي الإسلامي قد بدأت منذ لحظة الانتفاضة الفلسطينية الأولى, فإن ما يحدث حاليا, هو تحول نوعي داخل هذا التحول الأصولي, باتجاه المزيد من الأصولية السلفية: ما هي طبيعة هذا التحول وما هي تداعياته؟
توصيف الوقائع والمعطيات الجارية؟
رصدت التقارير والتسريبات, ظهور العديد من الحركات الأصولية السلفية الفلسطينية, وتشهد الفترة الحالية عملية صعود متزايد لهذه الحركات, وعلى وجه الخصوص في الأراضي الفلسطينية, ومن هذه الحركات نشير إلى الآتي:
• حركة جحافل التوحيد والجهاد.
• حركة جيش القدس الإسلامي.
• حركة جند الله الفلسطينية.
• حركة قاعدة جهاد ولاية فلسطين الإسلامية.
• حركة فتح الإسلام الفلسطينية.
• حركة عصبة الأنصار الفلسطينية.
• حركة جيش الأمة الفلسطينية.
• حركة جيش الإسلام الفلسطينية.
• حركة سيوف الحق الفلسطينية.
هذا, وتشير التقارير والتحليلات, إلى أن العدد أكبر من ذلك, وما هذه التسعة حركات سوى الجزء الظاهر من جبل الجليد الأصولي السلفي, إضافة إلى وجود المزيد من التوقعات التي تقول باحتمالات أن تتزايد هذه الحركات إما بسبب الانقسامات, التي سوف تحدث في أوساطها, أو بسبب توالد المزيد منها على خلفية التحولات النوعية الدينية الجارية في المجتمع الفلسطيني.
مفاعيل الحراك الجهادي السلفي الفلسطيني:
ظهرت حركة حماس وحركة الجهاد الإسلامي, خلال فعاليات الانتفاضة الفلسطينية الأولى, والثانية, إضافة إلى فشل جهود تسوية الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي وفقا لاتفاقيات أوسلو التي راهنت عليها حركة فتح وزعيمها الراحل ياسر عرفات.
تميزت حركة حماس, بالجمع بين النزعة الوطنية الفلسطينية, والنزعة الأصولية الدينية, الأمر الذي جعل منها حركة مقاومة تجمع بين الخطابين السياسي والإسلامي.
أدت عملية التحول النوعي الأصولي الإسلامي الجارية في الساحة الفلسطينية إلى ظهور التيارات الدينية الأصولية الإسلامية التي سعت إلى تبني خطاب أصولي إسلامي يتجاوز خطاب حركة حماس, وذلك لجهة التركيز على تغليب الخطاب الديني الجهادي الإسلامي على الخطاب الوطني السياسي الفلسطيني, وفقا لمبررات تقول بأن جوهر الصراع هو الصراع الجاري منذ القدم بين الإسلام واليهودية.
وتأسيسا على ذلك, أصبحت الحركات الجهادية السلفية الإسلامية, تركز على اعتماد مقاربة للصراع, تقول بأن المطلوب هو تحرير القدس ومسجدها الأقصى الذي يمثل إحدى القبلتين, إضافة إلى أن المطلوب ليس إقامة دولة فلسطين بالمعنى السياسي-العلماني, وإنما إقامة إمارة فلسطين الإسلامية بالمعنى الشرعي الإسلامي, والتي يجب أن تعمل ضمن منظومة الإمارات الإسلامية الأخرى, التي ينجح المجاهدون في إقامتها, هذا, ومن أبرز انتقادات هذه الحركات لحركة حماس, هو اتهام حركة حماس بأنها, وبعد سيطرتها على قطاع غزة, لم تعلن قيام الإمارة الإسلامية في غزة, الأمر الذي يعتبر تقصيرا في إكمال أداء الواجب الشرعي الذي كلف الله به المجاهدين والصالحين من عباده.
سيناريو الجهاد السلفي الفلسطيني: إلى أين؟
تقول المعلومات, بأن الحركات الجهادية السلفية الرئيسية التسعة التي ظهرت مؤخرا في الساحة الفلسطينية, تتمركز جميعها في مناطق الضفة الغربية, وفقط هناك ثلاثة حركات نجحت في الحصول على موطئ قدم في قطاع غزة, وهذه الحركات الثلاثة هي:
• حركة جيش الأمة.
• حركة جيش الإسلام.
• حركة جند أنصار الله.
وتقول التفسيرات, بأن فعالية نشاط حركة حماس في قطاع غزة قد ساعدت بقدر كبير في التقليل من ظهور هذه الحركات, إضافة إلى نجاح حماس في القضاء على حركة جند أنصار الله في الاشتباكات التي دارت خلال العام الماضي والتي أعقبت قيام زعيم هذه الجماعة بإعلان قيام الإمارة الإسلامية في قطاع غزة, وتوجيه الانتقادات لحركة حماس وقيادتها لجهة الاتهام بالتقصير في أداء الواجب الشرعي بالتقاعس عن إقامة الإمارة الإسلامية في أرض قطاع غزة, التي تمكنت حركة حماس من السيطرة عليها, وقد استدلت حركة جند أنصار الله في انتقاد حركة حماس بالاستناد على النص الشرعي القائل: "والذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر" وهو النص الذي تستند عليه ثقافة الخطاب الأصولي الإسلامي المتعلق بما يطلقون عليه تسمية "فقه التمكين". وبكلمات أخرى برأي هذه الجماعة, أن الله سبحانه وتعالى قد مكن حماس من أرض قطاع غزة ولكن حركة حماس تقاعست عن إعلان قيام الأمارة الإسلامية المعنية شرعا بأداء واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
حتى الآن, لا توجد الكثير من البحوث والدراسات الساعية لرصد الحراك الجهادي السلفي الإسلامي الفلسطيني, وبرغم ذلك, فهناك العديد من التفسيرات التي تسعى لتقديم الإجابة ورصد الخطوط العامة للسيناريو المتوقع لحركة الجهاد السلفي الإسلامي الفلسطيني, ومن أبرز هذه التفسيرات نشير إلى الآتي:
• الاتجاه الأول: يقول بأن فشل السلطة الفلسطينية وحركة فتح هو الذي أدى من جهة إلى تراجع ثقة الرأي العام الفلسطيني في مصداقية منظمة التحرير الفلسطينية وفصائلها, ومن الجهة الأخرى إلى تزايد ثقة الرأي العام الفلسطيني في مصداقية الحركات الإسلامية الفلسطينية التي ظلت أكثر حرصا على الاستمرار في المقاومة المسلحة ضد الإسرائيليين, إضافة إلى تزايد هذه الثقة بسبب مشاهد أداء حركة الجهاد الإسلامي ضد الأميركيين, في أفغانستان وباكستان والعراق.
• الاتجاه الثاني: يقول, بان نجاح حركة حماس في إخراج حركة فتح والسيطرة على قطاع غزة, قد دفع أجهزة السلطة الفلسطينية إلى إفساح المجال للحركات الجهادية السلفية لكي تعمل في الضفة, وفي نفس الوقت سعت هذه الأجهزة إلى تشديد الضغوط على حركة حماس في الضفة, وذلك بما يتيح استيعاب الحراك الأصولي الإسلامي في مناطق الضفة الغربية ضمن أوعية تنظيمية تكون بعيدة وفي منأى عن تأثير حركة حماس.
• الاتجاه الثالث: يقول, بأن المخابرات الإسرائيلية والأميركية, قد رتبتا خطوط سيناريو يتضمن التعاون مع أجهزة السلطة الفلسطينية, لجهة تأمين انتشار ونمو الحركات السلفية الجهادية الإسلامية, بحيث تعرقل تطور وامتداد نطاق نفوذ حركة حماس, وفي نفس الوقت يتم ترتيب, عمليات ترحيل المزيد من العناصر الأصولية الجهادية السلفية, من أفغانستان وباكستان ومصر, وبقية أنحاء العالم إلى الضفة الغربية, باعتبارها أولا تمثل الملاذ الآمن, وثانيا تمثل نقطة الارتكاز الأمامية لجهة القيام بمهاجمة إسرائيل وتحرير القدس والمسجد الأقصىنلاحظ, أن الاتجاهات الثلاثة المشار إليها, ليست جميعها خاطئة, وإنما هي اتجاهات تتكامل جميعها ضمن اتجاه واحد, فالسلطة الفلسطينية تمثل سلطة فاشلة بشهادة الجميع بما في ذلك بعض قادتها, والشعب الفلسطيني أصبح أكثر ميلا لجهة دعم الأصولية, بدليل نتائج الانتخابات العامة الفلسطينية, وما تشهده المساجد في المناطق الفلسطينية من عمليات اكتظاظ غير مسبوقة.
وإضافة لذلك, فالسلطة الفلسطينية ظلت تسعى مستخدمة شتى الوسائل لجهة إضعاف حركة حماس, بما في ذلك التعاون ليس مع الحركات الأصولية الجهادية السلفية, وإنما مع الأجهزة الإسرائيلية.
أما تحويل الضفة الغربية لمصيدة تنسج فيها وكالة المخابرات المركزية الأميركية, وأجهزة الأمن الإسرائيلية الشباك والفخاخ بما يحول الضفة الغربية إلى "كمين" محكم لاصطياد العناصر الأصولية السلفية الجهادية الإسلامية, فهو أمر يمثل حلم إسرائيل. وذلك لانه عندما يتم تجميع أكبر عدد ممكن من العناصر الأصولية السلفية الجهادية في الأراضي الفلسطينية وتحديدا في الضفة الغربية تقوم إسرائيل بحملة بناء الذرائع الكافية لتضليل الرأي العام العالمي بأن إسرائيل قد سمحت للفلسطينيين بحق ممارسة فى الضفة الغربية ولكن ترتب على ذلك أن أصبحت الضفة الغربية ملاذا آمنا للإرهاب, وبالتالي فإن قيام أي دولة فلسطينية أو قيام اى كيان فلسطيني في هذه المنطقة سوف يوفر الملاذ الآمن للإرهاب, ومن ثم, تقوم إسرائيل بتوجيه الضربة الحاسمة لجهة القضاء ودفعة واحدة على التجمع السلفي الأصولي الجهادي الإسلامي. والإعلان عن ضم الضفة الغربية بشكل نهائي إلى إسرائيل.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد