الدور الأمريكي- الإسرائيلي في تمويل حرب الأكراد ضد إيران

الجمل:   نشرت وكالة الأسوشيتيد برس تقريراً اخبارياً من إعداد كاتي غانون، المحرر بالوكالة، يوم 2 شباط 2007م، حمل عنوان: (في العراق يتدرب الأكراد على محاربة إيران).
يقول كاتي غانون، بعيداً وعميقاً في جبال شرقي العراق، تبدو ثمة جمهرة من القبعات الملوثة بالطين وتتصاعد لعلعة البنادق الآلية والرشاشات، على نحو يميط اللثام ويكشف الغطاء عن جزء  آخر وقطعة أخرى من (المنشار) الذي جرى ترتيبه بطريقه معقدة، ويحمل اسم كردستان.
هنا، المجندون والتدريب على مقاتلة إيران، التي تعد واحدة من البلدان الأربعة التي تحكم الشعب الكردي المقسم. وبرغم أنهم ينتمون الى منظمة تم اعتبارها منظمة إرهابية خارجة على القانون بواسطة واشنطن، فإنهم على ما يبدو يعملون بنشاط وحرية ودون عائق أو عرقلة أحد في الأراضي العراقية التي تسيطر عليها القوات الأمريكية.
يوجد طريق صخري مدروس يلتوي مرتفعاً إلى الأعلى عبر الجبال الشاهقة التي تحجب ضوء الشمس إلى المبنى الأصفر الشاحب الذي يرفرف عليه علم حزب العمال الكردستاني (PKK)، المدان باعتباره منظمة إرهابية بواسطة الولايات المتحدة وحلف الناتو وتركيا.
الوجه العملاق لعبد الله أوجلان، مؤسس حزب العمال الكردستاني الذي يقضي في تركياً حالياً حكماً بالسجن مدى الحياد’ تم رسمه وتلوينه على جانب الجبل، وعلى بعد عشرة أميال تقع سلسلة جبال قنديل، والتي تبدو كما لو أنها مغزولة بشكل لولبي على طول حدود العراق الشمالية مع تركيا وإيران.
في المعسكر ثمة رجال ونساء يحملون بمشقة البنادق الآلية والرشاشات وبنادق الهجوم إيه.كيه-47 من أنصار (بيجاك) أي (حزب الحياة الحرة في كردستان PEJAK: paety for free life in kurdictan) وهو حزب تم إعداده وتنظيمه بواسطة حزب العمال الكردستاني في عام 2004م، وذلك بهدف القتال من أجل الاستقلال الذاتي الكردي في  إيران.
ينتشر حزب العمال الكردستاني وأنصاره في منطقة تتضمن حوالي 35 مليون كردي موزعين على تركيا، العراق، إيران، وسوريا.
ويقول حزب بيجاك الكردي الإيراني: إن أعضاءه يبلغون الآلاف من المجندين، ويستهدف نشاطه إيران فقط، وهي مهمة جعلت من حزب بيجاك موضوعاً للتكهنات المزايدة بأنه يستخدم من أجل تقويض النظام الإسلامي الراديكالي الإيراني الذي يقوده الرئيس أحمدي نجاد.
في 27 تشرين الثاني كتب محرر مجلة النيويوركر الأمريكية الصحفي سيمور هيرش قائلاً: إن حزب بيجاك الكردي الإيراني يتلقى الدعم والتأييد من الولايات المتحدة، وبنفس القدر أيضاً الدعم والتأييد التام من جانب إسرائيل، والتي تتخوف كثيراً من الطموحات النووية الإيرانية، ومطالبة أحمدي نجار بإزالة إسرائيل من خارطة العالم.
يقوم حزب بيجاك الكردي الإيراني بشن الغارات الدورية داخل إيران، وبالمقابل ترد غيران عليه بالقصف المدفعي.
وفي صحيفة إيران ديلي، الناطقة بالانكليزية، التي تصدرها وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية، تصريح يقول باتهام إيران لحزب بيجاك بقتل العشرات من افراد قواتها المسلحة من جراء هجمات وغارات متمردي بيجاك.
النائب دينيس كوشينخ عن الحزب الديمقراطي، ولاية أوهايو، والمرشح الرئاسي السابق، الذي ادعى بأن البيت الأبيض الأمريكي يبالغ في تضخيم فكرة الخطر الإيراني، كتب في العام الماضي إلى الرئيس بوش رسالة يقول فيها بأنه ينظر باهتمام بالغ إلى قيام الولايات المتحدة باستخدام حزب بيجاك في عملية إضعاف –الرئيس- أحمدي نجاد.
جيمس براندون، المحلل بمؤسسة جيمس تاون الأمريكية، أخبر وكالة الاسوشيتيد برس بأن حزب بيجاك الكردي قد رفض قبول النقاش حول مصادر تمويله. وأضاف قائلاً: إن خطره الأكبر ضد إيران ليس عسكرياً، وذلك لأن لحزب بيجاك روابط عميقة تجري وتمتد شرايينها وعروقها داخل السكان الأكراد الإيرانيين وبالتالي فالحزب يطرح الرغبة في الانضمام إلى قوى الأقليات المضطربة الأخرى داخل إيران.
مارك ريجيف، المتحدث الرسمي للخارجية الإسرائيلية قال: إن إسرائيل ليست متورطة بأي حال من الأحوال فيما يحدث ويجري هناك.. أي مناطق الأكراد الإيرانيين.
أما مائير جافيدانغار خبير الشؤون الإيرانية الموجود في إسرائيل، فقد أبدى ملاحظته قائلاً: على أية حال، لإسرائيل علاقات طويلة قائمة مع الزعيم الكردي مصطفى البرزاني، وسوف لن تصيبني الدهشة إذا اكتشفت أن إسرائيل تقوم باستخدام المناطق الكردية في العراق لكي تقوض النفوذ الإيراني في العراق، وترصد عن قرب ما الذي يحدث على طول الحدود الإيرانية، وأيضاً تعمل من أجل تقويض الحكومة الإيرانية.
أمضت وكالة الأسوشيتيد برس –بواسطة مراسلها- يومان شتائيان في معسكر التدريب التابع لحزب بيجاك الكردي الإيراني، وهو معسكر يقع على سفوح جبال قنديل الواقعة شمال العراق، واستمع مراسل الوكالة إلى أنصار وأتباع الحزب وهم يتحدثون عن أهدافهم وعملياتهم داخل إيران:
يقول قائد المعسكر حسين أفشين: حزب العمال الكردستاني يقدم الدعم الأيديولوجي العقائدي واللوجستي، بينما يأتي التمويل من الأكراد الإيرانيين، وأضاف حسين أفشين قائلاً: بأنه لا يعرف شيئاً عن التمويل الأمريكي، ولكنه من الممكن أن يقبل بكل سرور التمويل الأمريكي إذا تم تقديمه.
تم تصميم المعسكر على النحو الذي يساعد على اشتداد عود المجندين الجدد، والذين كان عددهم حوالي 38 فرداً خلال زيارة مراسل الوكالة. فالأسرة مفردة عليها البطاطين الصوفية وتنشر موزعة على أرض اسمنتية صلبة مغطاة بالبلاط، ومن الأعلى حائط طيني مثبت بالحديد، ومصدر الحرارة الوحيد يتمثل في مدفأة متكرشة منتفخة تعمل بالأخشاب المحترقة.
الساعة الخامسة صباحاً ومايزال الوقت بارداً وفي درجة التجمد، عندما هبّ المقاتلون مستيقظين من النوم وأدّوا قسم الولاء للقضية الكردية.
سوزتار أقرين، سورية يبلغ عمرها 22 عاماً، سريعة الابتسامة، تقول بأنها انضمت منذ خمسة أعوام وكانت الأشهر الخمسة الأولى أكثر صعوبة. وتقول: (أنا مستعدة لمواجهة المشاكل، وعلى المرء أن يقوي نفسه، العمل المبدئي صعب ولكن عندما تتعود عليه تصبح الحياة هنا أكثر سهولة).
وقد ذكرت سوزتار افرين قائلة بأن أبويها من أنصار حزب العمال الكردستاني، وأرسلاها إلى هذا المكان وأوصياها (ألا تتخلي عن النضال، واجعلينا نفخر بك).
يرتفع صوت صدى نيران البنادق والانفجارات على سفوح الجبال، المنطلق من جراء عملية تعليم وتدريب المجندين على إطلاق نيران المدفعية ومنصات إطلاق الصواريخ والبنادق الأوتوماتيكية. كذلك يتم تعليمهم وتدريبهم كيفية إعداد الكمائن وقضاء الساعات الطويلة من العزلة والبقاء في المخابئ.
الطعام بسيط للغاية (واسبرطي) الطابع: بطاطا، مرقة طماطم، بصل، وبعض الخبز الذي يتم إعداده في الأفران الحجرية.
وقتاً طويلاً تم قضاؤه في التدريب العقائدي الأيديولوجي ودراسة آراء وأفكار ورؤى أوجلان حول كردستان المتحدة، والتي قال رجال العصابات الأكراد بأنهم قد تحولوا تدريجياً من المطالبة العلنية بالاستقلال الكامل إلى القبول بحل الأمر عن طريق الاستقلال والحكم الذاتي –للمسألة الكردية- باعتبارها تتعلق بالثقافة المتميزة داخل البلدان المتعددة التي يعيشون فيها حالياً.
أيديولوجيا حزب بيجاك الكردي تبدو بوضوح يسارية الطابع وتتضمن المساواة بين الجنسين، وهو أمر غير معتاد في هذه المنطقة، واستناداً على ذلك، للمعسكر قائدان رجل وامرأة.
الرجل الأول، أفشين، تركي كردي، التحق بحزب العمال الكردستاني في عام 1990 وكان عمره 19 عاماً آنذاك، ويقول بأن تجنيده تم بعد أن قام الجنود الأتراك باقتياده وأسرته وجيرانه إلى ساحة في المدينة، ثم قاموا بعد ذلك بإحراق منازلهم.
بينما كان أربعة رعاة عائدين إلى منازلهم، يقول أفشين: (أطلق الجنود النار للتو عليهم، يوجد في داخلي الكثير من الغضب والحنق، ووعدت لو أستطيع الأخذ بثأري).
قال أفشين بأنه قام بعدة غزوات داخل إيران، من بينها واحدة كان قضى فيها فترة بمدينة شاها الإيرانية، وكان ذلك قبل ثلاثة أشهر مضت، ولم يكن يهدف الهجوم على الإيرانيين، بل لكي يقوم بتنظيم الأكراد. ويقول أفشين: (لقد تم اكتشافنا، وحدث قتال بالأسلحة النارية استمر حتى هبوط الليل، وقد علقنا ووقعنا في الشباك..).
وبعد هبوط الليل وجدنا مخرجاً وحاولنا التسلل ولكن تم اكتشافنا، ومرة أخرى اندلع إطلاق النار واستدعوا طائرات هيليوكبتراتهم، وقد جرح أحد رفاقنا وقُتل ثلاثة من رجال الأمن الإيرانيين.
القائد المشارك لأفشين هو بيريدون ديرسيم، الذي نما وترعرع في النمسا، ولكنه وجد هويته وانتماءه في حزب العمال الكردستاني.
تقول بيريدون ديرسيم: (ما أريده ليس بإمكاني الحصول عليه في تركيا، ولا في أوروبا، وقد قدم لي حزب العمال الكردستاني الإجابات المتعلقة بنفسي وذاتي وحول اثنيتي).
ديريسم البالغة من العمر 32 عاماً، تقول: بأنها رغبت بحمل البندقية في اليوم الذي انضمت فيه إلى حزب العمال الكردستاني عندما كان عمرها 17 عاماً ولكن لم يتم السماح لها بذلك إلا بعد أن احتفلت بعيد ميلادها العشرين، وفقاً لقواعد وأنظمة حرب العصابات.
بخلاف أفرين السورية، فإن ديرسيم لم تحصل على مباركة وتأييد عائلتها، وتقول بأن والدها الموظف في القطاع المدني التركي، قد تم تعذيبه وأصبح يقبع حالياً على الكرسي المتحرك، وتقول بأنها من تلك اللحظة أصبحت تنخرط في القتال بالبنادق.
المنخرطات في حرب العصابات ليس بإمكانهن الزواج أو زيارة عائلاتهن، وذلك حتى لا يتعرضن للخطر أو الانشغال والانصراف عن النضال.
تقول أفشين بأنها لم ترى والديها منذ لحظة تدمير قريتهم قبل 16 عاماً مضت: (كنت الأكبر من بين تسعة أطفال، ولكن يمكن أن يكون العدد أكبر الآن، فليس لدي علم..).
تقول ديرسيم بأن وجودها يشجع النساء الكرديات ولكنه أيضاً يرعب الرجال: (نحن نذهب إلى الغربة وعندما نتحدث تصيبهم الدهشة ويسألوننا: من أين حصلتن على هذه القوة للقيام بذلك؟ وكيف تتحدثين هكذا أمام الرجال؟).

الجمل: قسم الدراسات والترجمة