الدور الأمريكي المعطل لحكومات الوحدة الوطنية

04-11-2006

الدور الأمريكي المعطل لحكومات الوحدة الوطنية

تكشف المذبحة الجديدة التي ينفذها جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين في قطاع غزة أساساً، والضفة الغربية بالاستطراد، جانباً مظلماً من الدور الأميركي في التآمر على شعب فلسطين وقضيته وكذلك على سلطته المتهالكة.
فليس سراً أن الإدارة الأميركية قد تقدمت الاحتلال الإسرائيلي في الاعتراض، بل وفي منع قيام حكومة وحدة وطنية للفلسطينيين اثر الانتخابات التشريعية ومفاجأة فوز حماس بأكثرية المقاعد.
كذلك فإن الإدارة الأميركية قد لعبت دوراً مباشراً في منع إعادة تشكيل الحكومة على قاعدة وثيقة الأسرى، وبما يضمن تصليب الموقف السياسي بالوحدة الوطنية.
وها هم الفلسطينيون جميعاً، ومن موقع الضحية، يكتشفون أنهم في عين الاحتلال واحد، المعتدل منهم والمتطرف، المساوم والمهادن والمتصلب... فالهوية هي مكمن العداء وليس الموقف السياسي فحسب.
لم ينفع محمود عباس كل ما قدمه من تنازلات للاحتلال الإسرائيلي وتحت الضغط الأميركي المباشر، بذريعة مواجهة التطرف الفلسطيني والتحرّر من حكومة حماس... فالرصاص الإسرائيلي لا يفرّق بين الفلسطينيين على أساس انتماءاتهم وتوجهاتهم السياسية، كما أنه لا يفرّق بين الرجال منهم والنساء والأطفال. والمذبحة الأخيرة تضم أطياف الشعب الفلسطيني جميعاً.
أما العراق تحت الاحتلال الأميركي فيتعرض لكارثة إنسانية حقيقية يمكن اعتبارها واحدة من أبشع جرائم العصر.
وبالقطع فإن الاحتلال الأميركي هو من يتحمّل مسؤولية هذه المذبحة المفتوحة، لأنه حاول أن يمكّن لسيطرته باستعداء بعض العراقيين ضد بعضهم الآخر، مرة على قاعدة عنصرية، ومرة على قاعدة طائفية، ومراراً على قاعدة مذهبية، وأعاد إحياء فتن نائمة، ففرض حُرماً على الجيش وعلى البعثيين فاستعداهم واستبعدهم، بينما قدم العملاء ومن يريدون السلطة ولو على أجداث أهلهم.
.. وحين ادعى النجاح في إجراء انتخابات ديموقراطية ثم في تشكيل حكومة أكثرية كان عملياً يهيئ المناخ لحرب أهلية مفتوحة تحت الشعار المذهبي، حاجزاً بين العراقيين وبين التلاقي في إطار وحدة وطنية تحمي دولتهم وحقهم بالحياة فيها.
لا أحد يستطيع تبرئة الاحتلال الأميركي من جريمة تدمير وحدة الشعب العراقي، حتى لو كان حكم صدام حسين (ومن قبله) قد صدعها بطغيانه الذي تدرّع بالمذهبية والجهوية في حين أنه كان يريد السلطة كل السلطة ولا شيء غير السلطة ولو على جماجم العراقيين جميعاً، بعربهم وكردهم، بسنتهم وشيعتهم ومسيحييهم وعبدة الشيطان منهم...
هل تحتاج بديهية مثل أن الوحدة الوطنية هي ضمانة السلام الأهلي وضمانة استقرار الحكم وتزويده بالقدرة على الإنجاز إلى أدلة وبراهين؟
مع ذلك تجد في لبنان من يتحدث عن الوحدة الوطنية، وتحديداً عن حكومة الوحدة الوطنية وكأنها أم الشرور والمدخل إلى الحرب الأهلية!
وليس ذلك غريباً أو عجيباً عند قوى تصر على أن إسرائيل قد انتصرت في حربها على لبنان بينما حكومة أولمرت تحاول جاهدة تغطية فشلها العسكري باللجوء إلى توسيع التحالفات الهجينة، بل وتقدم الرشى لبعض خصومها العقائديين من أجل تعزيز قدراتها على مواجهة الأعباء الثقيلة الناتجة عن الحرب الوحيدة التي لم تكسبها بالمطلق: حربها ضد لبنان.
أما في لبنان فما زلنا نناقش كيف نعاقب من تسبب بالفشل الإسرائيلي، وما زلنا نصر على مكافأة الاحتلال بأن نحقق له بأيدينا ما عجز عن تحقيقه بمدافعه وغارات طيرانه... المستمرة حتى اللحظة، وبرغم كل القرارات الدولية الجزيلة الاحترام!

طلال سلمان

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...