السعودية تكبح التفاؤل بانفراج الأزمة اللبنانية
وضع وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل، بإعلانه أن الوضع اللبناني «يراوح مكانه»، حداً لموجة التفاؤل التي رافقت انعقاد القمة السعودية الإيرانية بتوافر حل قريب للأزمة بين السلطة والمعارضة. لكن هذا الإعلان لم يلغ احتمال بروز تطورات إيجابية في مقبل الأيام في ضوء الرغبة السعودية في حل للأزمة اللبنانية قبل انعقاد القمة العربية في 28 آذار الجاري.
وقال الفيصل، في افتتاح أعمال الاجتماع العادي لوزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي في الرياض مساء أمس، «إن الوضع في الساحة اللبنانية لا يزال يراوح مكانه من حيث حالة الاضطراب السياسي وانعدام الاستقرار». ودعا «اللبنانيين الى أن يحسموا أمرهم وأن يقرروا بأنفسهم تغليب المصلحة الوطنية وجعلها فوق أي اعتبار من أجل حدوث تغيير إيجابي في الوضع اللبناني».
في هذا الوقت، كرّر الرئيس نبيه بري أمس، ، انطباعاته الإيجابية بإمكان التوصل الى تسوية قريباً، وعزاها إلى أنه «لم تعد هناك مشكلة خارجية لبلوغ الحل اللبناني. لكن حذري هو من المشكلات الداخلية فقط، أي إن العرقلة ستكون داخلية». وإذ نفى وجود «أي نية للعرقلة لدى المعارضة»، قال «عيني على الموالاة، وأدعو الله أن يهدينا ويهديهم».
وفيما نفت أوساطه أن تكون ثمة دعوة الى اجتماع لبناني في الرياض، مشيرة إلى أن الأمر طُرح قبل مدة واستُبعد تماماً، أوضح بري أن الأزمة الحالية هي «أخطر ما يمر فيه لبنان منذ عام 1975، وانه بفضل حكمة كل القيادات لم يتطور الخلاف الى استخدام السلاح وبقي في إطاره السياسي، ولكن لهذا خطورته ايضاً إذا راوحت الأزمة مكانها». واستعان بالمثل القائل إن «الحكمة مخبأة بقشة»، ليوضح أنه يرى الواقع الحالي «أشبه بسباق مع الزمن. كل يوم يمر له ثمن».
ونبّه بري من العصيان المدني «لأن هناك من يعمل له». ودق ناقوس الخطر بالقول إن «التسلح أيضاً يجري على قدم وساق. إنهم يتذرعون بشاحنة أسلحة وذخائر ويتغافلون عن التسلح والتدريب الذي يقوم به كل الاطراف. الحل يجب أن يكون اليوم قبل غد».
وقال رئيس المجلس «هناك أناس مسؤولية إقناعهم عليّ كحركة أمل وحلفائي في المعارضة. في المقابل، هناك أناس تقع مسؤولية إقناعهم على سواي. لا أزعم أني أمون على أحد أو أضغط على آخرين». ولفت الى ان مجلس النواب هو «لضمان قوننة التسوية. ومهما قالوا عن المجلس، يجب ألا يفوتهم أن الحكومة غير شرعية».
ورأى بري أن ما كشف عن نتائج القمة السعودية الإيرانية الأخيرة يشير الى عزم الدولتين على إيجاد حل للأزمة اللبنانية، وخصوصاً في حصيلة ما أبلغه الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد إلى الملك السعودي عبد الله من أنه «جاهز للقيام بكل ما يُطلب من إيران لمساعدة اللبنانيين على التوصّل إلى الحل المتوخى».
وعلم أن بري يستقبل اليوم السفيرين الأميركي جيفري فيلتمان والفرنسي برنار إيمييه.ولفت الأنظار أمس جولة السفير السعودي عبد العزيز خوجة، العائد لتوّه من الرياض، على رئيس الجمهورية العماد إميل لحود ورئيس الحكومة فؤاد السنيورة، بعدما كان قد التقى مساء أول من أمس الرئيس بري الذي استقبله لساعة ونصف ساعة.
وإذ ظل خوجة على تفاؤله التقليدي، لم يتحدث عن نقاط تقدم حصلت في الأيام الاخيرة. وقال لـ«الأخبار»، إن السعودية تلقت بعد اتفاق مكة الفلسطيني طلبات لبنانية كثيرة تدعوها الى رعاية اتفاق لبناني مشابه ينهي الأزمة اللبنانية، فردت مبدية استعدادها لاستقبال اللبنانيين في أي وقت ومساعدتهم في التوصل الى حل لكن المهم هو أن تكون أفكار هذا الحل لبنانية. وأشار الى أن جولته على الرؤساء الثلاثة وعلى بقية القادة اللبنانيين هي مثابة استئناف لمشاوراته مع كل الجهات اللبنانية. ونفى علمه بتحديد موعد لزيارة العماد ميشال عون للرياض قريباً.
وفي خط مواز، بدأ السفير الايراني محمد رضا شيباني جولة على القادة السياسيين بدأها أمس بلقاء مع الوزير السابق عبد الرحيم مراد. وعُلم أنه وجد مبالغة في التفاصيل المعلنة لبنانياً عن القضايا التي أثيرت في القمة السعودية ـــــ الايرانية، وأكد لسائليه أن هذه القمة توافقت على تعزيز الوحدة الإسلامية والعلاقات بين الدول الاسلامية ولم تدخل في تفاصيل قضايا داخلية في هذه الدولة أو تلك.
وأعرب شيباني عن خشيته من قيام قوى دولية غربية بوضع العصي في الدواليب وتخريب المساعي بين إيران والسعودية. وأوضح، بعد زيارته مراد، أن الجهود السعودية ـــــ الايرانية «ركزت على مقاربة مواضيع ثلاثة: الاول، مواجهة كل المؤامرات والفتن التي تستهدف العالم الاسلامي برمته، هذه المؤامرات تستهدف إيجاد فتن طائفية ومذهبية بين الشعوب الاسلامية برمتها. والثاني، تركيز هذه المحادثات على الملفات الساخنة في العالم الاسلامي ومنها فلسطين والعراق ولبنان. والثالث، تركز على مسألة ردم الهوة بين البلدين الشقيقين، الجمهورية العربية السورية والمملكة العربية السعودية».
وفيما رأى الرئيس لحود، في اللقاءات التي شهدتها السعودية أخيراً ولا سيما منها القمة السعودية ــــــ الايرانية، «فرصة لتخفيف الاحتقان ورفع منسوب التفاؤل في الوصول قريباً الى الحلول المنشودة»، حذر السنيورة، أمام زوراه، من الإكثار من التفاؤل أو إعطاء صورة تشاؤمية عن نتيجة المساعي التي تبذلها السعودية لإنهاء الازمة اللبنانية.
ووصف السنيورة هذه المساعي بأنها «خيّرة»، مشيراً إلى أنها «مستمرة، وفي طريقها إلى أن تصل إلى غايتها». لكنه أضاف «لا أعتقد أن من المفيد أن يكثر المرء من التفاؤل ولا أن يعطي صورة تشاؤمية. بل علينا أن نتابع كل مسعى حتى نصل إلى ما يبتغيه اللبنانيون من نهاية سريعة لهذه الأزمة».
وقال «لا تزال الاتصالات جارية، ولكن علينا أن نتنبه إلى أنه لا ينبغي أن نفكر كأن الأمر خرج من يد اللبنانيين»، مشيراً إلى أنه «لا تزال هناك مساع تبذل مع الأشقاء السوريين ومع غيرهم، وهناك أمور داخلية تبحث ولم تنته القضية».
ونُقل عن السنيورة قوله «إن مشروع الاتفاق الذي تروّجه المعارضة هو اقتراحها، لكنها تقول إنه سعودي لكي تُحمّلنا مسؤولية تعطيله». ونفى أن يكون قد تلقى أي جديد في هذا الصدد. وقد اتصل السنيورة أمس بكل من الرئيس المصري حسني مبارك والامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، وبالنائب الثاني لرئيس الوزراء القطري عبد الله العطية وتشاور معهم في التطورات اللبنانية والاقليمية.
المعارضة
وشددت لجنة المتابعة لقوى المعارضة، في اجتماعها أمس، على «ضرورة دعم مساعي الحل لتجنيب البلاد المزيد من الخضات والأزمات الناتجة عن ارتباط فريق 14 شباط بالإدارتين الاميركية والفرنسية الساعيتين الى إحداث الانقلاب على اتفاق الطائف والمقاومة وعلى الخط الوطني». وحذرت من «استمرار بعض المتضررين، وخصوصاً سمير جعجع ووليد جنبلاط، بالتناغم مع الإدارة الاميركية، في العمل على إحباط الحلول كما أظهرت التجارب الماضية».
وفي جديد ملف امن المعابر، وعلى مسافة أيام من التقرير الفصلي الرابع للأمين العام للأمم المتحدة بشأن تنفيذ القرار 1701، وصل الى بيروت نائب وزير الداخلية الالماني اوغست هانيننغ وباشر لقاءاته، التي استهلها باجتماع مع السنيورة والوزير حسن السبع واللواء أشرف ريفي، في حضور أعضاء لجنة السهر على حسن مراقبة المراكز الحدودية الرسمية وضبطها.
وعلم أن الجانب اللبناني أطلع هانيننغ على «ما أنجزته اللجنة بشأن تعزيز القدرات اللبنانية في ما خص أمن المعابر الحدودية البرية والبحرية والجوية، وما خلصت إليه اللجان الفرعية اللبنانية ــــــ الدولية المشتركة والمقترحات التي تجعل أمن المعابر اللبنانية في مستوى المواصفات العالمية المطلوبة».
وعلم أن هانيننغ أكد «استعداد بلاده لدرس الحاجات اللبنانية وتحديد الضروري منها على المستوى التقني والبشري بتكليف من الأمم المتحدة التي ترغب في تقديم العون اللازم للبنان على كل المستويات». وأوضح هانيننغ أن «مهمته لا تقف عند الطرف اللبناني وأنه يستعد لزيارة دمشق بعد بيروت، من أجل استكمال البحث في الحاجات نفسها وعرض خدمات مماثلة على الجانب السوري».
المصدر : الأخبار
إضافة تعليق جديد