المدارس الدينية في مدينة قم
في كل زاوية وناحية من مدينة قم تقابلك المدارس الدينية أو ما يطلق عليها الحوزات التي تدرس الدين الإسلامي على المذهب الشيعي إضافة إلى مواد في اللغة العربية وغيرها.
وحسب تقديرات مسؤولين دينيين التقيناهم في المدينة فإن المدارس الدينية يدرس فيها نحو 70 ألف طالب إيراني و10 آلاف طالب أجنبي معظمهم من الدول التي يوجد فيها الشيعة مثل العراق ولبنان وباكستان وأفغانستان والهند وتركيا وجمهوريات آسيا الوسطى وغيرها.
وحينما تزور ضريح فاطمة بنت موسى في المدينة يبهرك البناء بهندسته المعمارية التي تجمع بين الفن الفارسي والإسلامي، ومنه دلفنا إلى المدرسة الفيضية الملاصقة التي تخرج منها الإمام الخميني وجميع رجال الدين في إيران، وهي لا تزال تقوم بدورها في هذا الإطار.
ويتدرج الطلاب في هذه الحوزة في المراتب العلمية، ومنهم من يحوز في النهاية الألقاب التي تؤهلهم لأن يكونوا مجتهدين وقادرين على إصدار الفتاوى إضافة لإصدار الأبحاث الإسلامية.
وفي مكان آخر من المدينة تقع المدرسة الحجتية التي تضم عدة آلاف من الطلاب الأجانب، وهناك التقينا طالبا لبنانيا -رفض الإفصاح عن اسمه- قال إنه بعد أن درس خمس سنوات في لبنان جاء إلى قم لاستكمال الدراسة الدينية في أحد التخصصات التي لا تتوفر في بلاده.
أما جامعة الإمام الخميني فيدرس فيها نحو 4000 طالب من مختلف أنحاء العالم وتعطي شهادات علمية إضافة إلى شهادات العلوم الدينية. ويقول مسؤولون دينيون إن جميع الشهادات معترف بها في الدولة الإيرانية ويتم تصديقها من قبل الوزارة المختصة لتكون مقبولة في أنحاء العالم.
وكما للرجال مدارسهم الدينية، فإن للنساء حظ فيها أيضا. ومن هذه مدرسة بنت الهدى التي يدرس بها نحو 1000 طالبة من مختلف أنحاء العالم. وهناك التقينا طالبة مغربية قالت إنها بعد تحصيلها الشهادة العلمية الجامعية في العلوم التقنية جاءت لنيل شهادة دينية. وحينما سألناها عن مذهبها قالت إنها لا تتبع لأي مذهب إسلامي وإنها جاءت للبحث عما تقول إنها الحقيقة.
والتقينا طالبة أخرى من العراق قالت إن المدرسة -كبقية المدارس الأخرى- توفر للدارسات إقامة مجانية وتؤمن لهن مصروفا شهريا يعينهن على الاستمرار في الدراسة.
وعلى عكس المتوقع لا يشكل التوجه الديني المحافظ عائقا أمام وجود الذكور بالمدرسة، إذ يتولى تدريس الطالبات مدرسون ومدرسات فيما يقوم على إدارة المدرسة عدد من علماء الدين والنساء.
وإضافة لهذه المدارس فإن مؤسسة آل البيت أنشأت مركزا للمعلومات يهتم بنشر الثقافة الشيعية عبر شبكة الإنترنت وتوفير النطاقات لعلماء الدين. ويقول مدير المركز إبراهيم اللاجوردي إن المركز يقدم خدمات ثقافية أخرى وفنية للمهتمين وللعلماء ومؤسساتهم. وأضاف أن هناك 32 موقعا على الإنترنت تابعا للمرجع الشيعي علي السيستاني، مشيرا إلى أن مؤسسة آل البيت تسعى الآن لإنشاء شبكة فضائية.
وهناك ثلاثة مواقع رئيسية تبث بثلاثين لغة وتلاقي إقبالا كبيرا من المتصفحين كما يظهر تصنيفها في "أليكسا"، وتعد هذه حلقة وصل بين علماء الدين والجمهور الشيعي. ومن الخدمات التي تقدمها المواقع خدمة الأسئلة التي يتولى السيستاني ووكلاؤه الإجابة عليها.
في اليوم الذي قضيناه في قم بدا لنا أن هذه المدينة -ويطغى عليها اللون الأزرق الذي تتميز به المدارس الدينية- قد لا يكون لها مثيل في العالم من حيث الرسالة التي تبثها.
ماجد أبو دياك
المصدر: الجزيرة
إضافة تعليق جديد