المعلن وغير المعلن في زيارة بيريز "التاريخية" إلى أذربيجان وكازاخستان
الجمل: بدأ الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز جولة دبلوماسية سيزور خلالها أذربيجان وكازاخستان. وبرغم زيارات المسؤولين الإسرائيليين المتكررة لهذين البلدين فقد وصفت صحيفة هاآرتس الإسرائيلية هذه الزيارة بـ"الأولى من نوعها التي يقوم بها رئيس إسرائيلي لهذين البلدين المسلمين"، أما أورشليم بوست الليكودية فوصفتها بـ"التاريخية"!
* ماذا تقول المعلومات؟
نقلت التقارير المعلومات المتعلقة بجولة الرئيس بيريز التي بدأها اليوم الأحد وسيزور خلالها كل من أذربيجان وكازاخستان، وأشارت المعلومات إلى أن الوفد الإسرائيلي المرافق لبيريز سيضم الأطراف الآتية:
• بنيامين بن أليعازر وزير الصناعة والتجارة والعمل.
• عوزي لانداو وزير البنيات التحتية.
• دانييل هيرشكوفيتز وزير العلوم والثقافة والرياضة.
• بينشاس بوهريس الأمين العام لوزارة الدفاع.
• مجموعة من كبار المسؤوليبن في مجال التصنيع العسكري.
• 60 من كبار رجال الأعمال وأصحاب ومدراء الشركات الإسرائيلية الكبرى.
* زيارة أذربيجان:
أشارت التقارير إلى النقاط الآتية:
• سعت بعض الأطراف الأذربيجانية إلى الضغط على الحكومة من أجل إلغاء الزيارة بسبب الجرائم الإسرائيلية والعداء السافر للإسلام والمسلمين.
• اتهمت الحكومة الأذربيجانية السلطات الإيرانية بالتدخل في الشأن الداخلي الأذربيجاني من أجل إفشال زيارة بيريز.
• نشرت صحيفة باكستان ديلي تسريباً من مصدر أذربيجاني رفيع أكد فيه أن الرئيس بيريز سيسعى للتفاهم مع المسؤولين الأذربيجانيين حول التعاون الإسرائيلي – الأذربيجاني في مجالات التعاون النفطي وتعزيز الروابط العسكرية.
• سيلتقي بيريز مع زعماء وأعضاء الجماعات اليهودية الأذربيجانية.
• التفاهم حول التوقيع على اتفاقيات تعاون إسرائيلي – أذربيجاني في مجالات الزراعة وإدارة المصادر المائية والخدمات الطبية والتكنولوجيا المتطورة.
* زيارة كازاخستان:
• سيكون شيمون بيريز ضيف الشرف في المؤتمر الثالث لزعماء أديان العالم والأديان المحلية وسيلقي خطاباً أمام المؤتمر.
• سيكون أمير قطر من بين الحاضرين في مؤتمر زعماء أديان العالم إلى جانب الرئيس الإسرائيلي.
• سيعقد بيريز لقاءً مع الرئيس الكازاخستاني نور سلطان نزارباييف.
• سيلتقي بيريز مع العديد من المسؤولين الكازاخستانيين.
• سيعقد بيريز اتفاقاً مع الكازاخستانيين يتم بموجبه استخدام القواعد العسكرية الجوية الكازاخستانية لإطلاق الأقمار الصناعية الإسرائيلية للفضاء الخارجي.
• سيقوم رجال الأعمال الإسرائيليون بعقد لقاء مع نظرائهم الكازاخستانيين بحيث يتم تشكيل منتدى الأعمال الإسرائيلي – الكازاخستاني.
• سيلتقي بيريز مع زعماء وعناصر الجماعات اليهودية الكازاخستانية.
• سيحضر شيمون بيريز افتتاح الكنيس اليهودي الجديد الذي تم إنشاؤه في كازاخستان مؤخراً.
تشير هذه التحركات المكثفة إلى أن زيارة بيريز لأذربيجان وكازاخستان سيكون لها تأثير كبير على العلاقات الإسرائيلية – الكازاخستانية.
* الأبعاد غير المعلنة لزيارة بيريز:
من المعروف أن منطقة القوقاز وآسيا الوسطى أو اللتان تعرفان إجمالاً بمنطقة أوراسيا، يمثلان الحيز الجسيوسياسي الأكثر أهمية لمشروع الهيمنة الأمريكية الذي تمثل إسرائيل شريكاً رئيسياً فيه وعلى هذه الخلفية فقد سعت إسرائيل إلى تقديم الخدمات الآتية:
• القيام بدور الوكيل الأمريكي الذي يقوم بعملية توصيل دعم واشنطن إلى جورجيا.
• القيام بدور قناة تمرير المعلومات الاستخبارية التي يتم تجميعها عبر الجماعات اليهودية المنتشرة في بلدان آسيا الوسطى والقوقاز إلى واشنطن منذ أيام الاتحاد السوفيتي السابق.
تعاونت تل أبيب مع واشنطن خلال فترة إدارة بوش الجمهورية السابقة لجهة القيام بإشعال مشروع الثورات الملونة وعلى وجه الخصوص في جورجيا وأوكرانيا، إضافة لذلك فقد سعت إسرائيل إلى توظيف قدرات الجماعات والمنظمات اليهودية في أوراسيا للسيطرة على الأنشطة الاقتصادية والسياسية وبناء الكتل السياسية الموالية للغرب.
بعد فشل الثورات الملونة ونكسة نظام ساخاشفيلي الجورجي بدأت كما هو واضح معالم لاستراتيجية دبلوماسية إسرائيلية جديدة في أوراسيا وهي استراتيجية تقوم على الفرضيات الآتية:
• التركيز على أن يكون التعاون الإسرائيلي مع أذربيجان بدلاً عن جورجيا لأن أذربيجان توجد فيها حقول النفط والغاز إضافة إلى خطوط نقل النفط والغاز من بحر قزوين وبلدان آسيا الوسطى سيتم تمريرها عبرها، ويضاف إلى ذلك أن وجود علاقات الجوار الإيراني – الأذربيجاني تضمن دوراً كبيراً من التوتر بسبب دعم أذربيجان للحركات الانفصالية الأذربيجانية الإيرانية إضافة إلى قابلية النظام الأذربيجاني للتعاون مع إسرائيل في تنفيذ مخطط استهداف إيران.
• التركيز على كازاخستان لتكون الشريك الرئيسي لإسرائيل من بين بلدان آسيا الوسطى بدلاً عن أوزبكستان التي امتلأت بالحركات الأصولية الإسلامية وكيرغيزستان وطاجيكستان اللتان أصبحتا أكثر ارتباطاً بروسيا وتركمانستان التي بدأت تميل إلى التفاهم مع إيران وروسيا وتركيا.
هذا، ولجهة التدقيق نلاحظ أن جولة شيمون بيريز الدبلوماسية في كل من أذربيجان وكازاخستان تتم وسط تصاعد توتر علاقات تل أبيب مع واشنطن وبينما تتجه الأنظار نحو جولات نتينياهو ووزير خارجيته ليبرمان التي لم تحقق شيئاً في أمريكا والبلدان الأوروبية، فإن جولة بيريز أخذت اتجاهاً "شرقياً" بما يمكن أن يبعث رسالة إلى واشنطن مفادها أن إسرائيل ترتبط بعلاقات قوية جداً مع دول القوقاز وآسيا الوسطى، وبالتالي فإن على واشنطن السعي من أجل الاعتماد على إسرائيل باعتبارها تملك مفاتيح كازاخستان الدولة الرئيسية في آسيا الوسطى وأذربيجان الدولة الرئيسية في القوقاز الجنوبي.
عموماً، برغم أهمية دول القوقاز وآسيا الوسطى بالنسبة للتوازنات الاستراتيجية العالمية فإن هذه تعتبر عامة جداً بالنسبة لتوازنات الصراع العربي – الإسرائيلي وتشير معطيات الخبرة التاريخية بأن هذه الدول تمثل امتداداً حقيقياً للمسرح الجيو-سياسي العربي، ولكن ما يبعث على الإحباط هو أن يقوم الرئيس الإسرائيلي بمثل هذه الجولة وما يبعث على المخاوف أكثر فأكثر التسريبات والتقارير السابقة التي أكدت على قيام أذربيجان بتوقيع اتفاقيات تعاون وعقود عسكرية مع إسرائيل إضافة إلى ذلك تجدر الإشارة إلى أن الإسرائيليين تمكنوا خلال الفترة الماضية من بناء الروابط الخاصة مع العديد من المسؤولين الكازاخستانيين ومن بينهم وزير الدفاع الذي تم اتهامه رسمياً بارتكاب المخالفات في تنفيذ عقد تم توقيعه مع إسرائيل وبلغت قيمته الإجمالية 190 مليون دولار أمريكي مع شركتي "إي إم إي" و"سولتام" الإسرائيليتين بما يتيح لهما حقوق إنتاج منظومات المدفعية في كازاخستان!
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد