بين جنوب العراق وجنوب لبنان: ماذا يجري في الكواليس

26-03-2008

بين جنوب العراق وجنوب لبنان: ماذا يجري في الكواليس

الجمل: اتسع نطاق الاشتباكات المسلحة التي دارت بين جيش المهدي والقوات العراقية – الأمريكية، وتقول المعلومات، بأن عملية هجوم واسعة يجري تنفيذها حالياً تستهدف القضاء على جيش المهدي. الجنرال إيد كاردون، مساعد قائد قوات المهام الخاصة الأمريكية العاملة في جنوب العراق تحدث قائلاً بأن الوضع في جنوب العراق أصبح أشد تعقيداً.
* بين جنوب لبنان وجنوب العراق: ماذا وراء الكواليس:
على أساس التقديرات الجيوسياسية يعتبر جنوب العراق هاماً بكل المقاييس لجهة مخزونات النفط وموقعه المطل على الخليج وسهولة الانطلاق منه لجهة التغلغل في إيران ويشرف على السعودية وبلدان الخليج، إضافة إلى إمكانية استخدامه في إغلاق الأراضي العراقية وحرمانها من أي منفذ بحري دولي، أما جنوب لبنان فهو مهم لجهة الاعتبارات المتعلقة بأمن إسرائيل وتنفيذ خطة تأمين الحدود الشمالية الإسرائيلية التي ظل الخبراء الإسرائيليون يسعون ردحاً من الزمن لتنفيذها.
تقطن جنوب لبنان أغلبية شيعية، وتقطن جنوب العراق أغلبية شيعية أيضاً، ويؤيد شيعة جنوب لبنان حزب الله وبدرجة أقل حركة أمل الشيعية، أما سكان الجنوب العراقي فيؤيدون جيش المهدي وبدرجة أقل الحركات الشيعية الأخرى.
الشيعة اللبنانيون لا يجدون تمثيلاً رسمياً في جهاز الدولة بما يتناسب مع وزنهم وقوتهم الديمغرافية، ونفس الشيء بالنسبة لجيش المهدي العراقي. ومن المعروف أن العقل الأمريكي مولع بالتخطيط ومحاولة تنزيل الأفكار على الأرض، وبرغم أن الأفكار الأمريكية كثيراً ما تكون خاطئة، فإن روح التعالي والغطرسة تدفع الأمريكيين ليس إلى "تغيير أفكارهم وخطط تنفيذها"، بل يلجؤون إلى "تغيير الواقع" وإرغامه على قبول أفكارهم وخطط تنفيذها، وعلى هذه الخلفية سبق أن تحدث رئيس الوزراء البريطاني السابق وينستون تشرشل واصفاً الأمريكيين بأنهم يحاولون تطبيق كل الطرق الخاطئة في البداية وبعد أن يعجزوا عن ذلك، فإنهم يتقبلون على مضض الطريقة الصحيحة.
* ماذا تقول التسريبات:
أشار تقرير موقع تي في بريس الإلكتروني إلى أن القتال الدائر حالياً في جنوب العراق يحمل في طياته المقدمات لاندلاع القتال الذي بات محتملاً في جنوب لبنان، وأبرز النقاط التي وردت في التقرير تتمثل في الآتي:
• بدأت إسرائيل في الترويج لمزاعم تقول أن حزب الله متورط في القتال الدائر حالياً ضد القوات الأمريكي بجنوب العراق.
• برزت مزاعم إسرائيلية تقول بأن حزب الله يقدم لجيش المهدي العراقي المقاتلين.
• تحالف وتنسيق جيش المهدي العراق – حزب الله اللبناني في الصراع الدائر حالياً يهدف إلى قيام جيش المهدي العراقي بالسيطرة على مدينة البصرة العراقية وحقول النفط الموجودة حولها.
وخلص التقرير إلى أن ما يحدث الآن على الأرض من قتال في مسرح الحرب بجنوب العراق بين جيش المهدي والقوات الأمريكية يمكن قراءته على خلفية المزاعم الإسرائيلية بأنه يمثل "مقدمة" لسيناريو توريط أمريكا في القيام بعملية عسكرية مشتركة إسرائيلية – أمريكية ضد حزب الله اللبناني.
وتقول المعلومات والتسريبات الواردة في التقرير بأن السفن الحربية الأمريكية الرابضة قبالة المياه اللبنانية قد تم إحضارها خصيصاً لهذا الغرض.
وأشار التقرير أيضاً إلى النقاط الآتية:
• تحذير المحللين من أن إسرائيل تخطط لإشعال حرب أخرى في لبنان.
• قيام الولايات المتحدة الأمريكية بنشر المزيد من السفن والبوارج العسكرية الأمريكية قبالة المياه اللبنانية.
• قيام إحدى السفن الحربية الإسرائيلية بانتهاك المياه اللبنانية قبل بضعة أيام وتم اعتراضها بواسطة قوات اليونيفيل.
* جيش المهدي – حزب الله: نموذج وحرب الوجود:
نشر موقع ستراتفورد الاستخباري الإلكتروني الأمريكي تحليلاً أبرز ما فيه أنه التقط فكرة هدف العمليات العسكرية الأمريكية – العراقية التي يجري تنفيذها حالياً ضد جيش المهدي العراقي، ويمكن الإشارة إلى معالم التحليل الاستخباري على النحو الآتي:
• العنوان: العراق: أزمة وجود جيش المهدي.
• خلاصة: هدد الزعيم الشيعي العراقي المتطرف مقتدى الصدر في يوم 25 آذار بأن جماعته ستدخل أعمال عصيان شامل في العراق إذا استمرت القوات الأمريكية والقوات العراقية في استهداف أتباعه. وتشير التكهنات إلى أن الحركة الصدرية والمليشيا التابعة لها تخضع حالياً لعملية تمويل وتسلح كامل من جراء الضغوط بواسطة الولايات المتحدة وإيران.
• التحليل: وأشار التحليل إلى النقاط التالية:
* تهديد الصدر باتخاذ ثلاثة خطوات في مواجهة الاعتداءات الأمريكية – العراقية التي تتعرض لها قواته وهي الاعتصام ثم العصيان المدني في بغداد وبقية المدن العراقية ثم رفض الإعلان عنها.
• سيطرت قوات جيش المهدي على بعض مناطق جنوب العراق الرئيسية وبالمقابل تحاول قوات الأمن العراقية والقوات الأمريكية السيطرة على مدينة البصرة كخطوة أولى.
• يواجه مقتدى الصدر المزيد من الضغوط بواسطة الأمريكيين بهدف إرغامه على تحويل جيش المهدي إلى حركة سياسية.
• يصعب على الزعيم الشيعي مقتدى الصدر القيام في هذا الوقت بالذات بتحويل جيش المهدي إلى حركة سياسية بسبب:
* وجود خلافات داخل التيار الصدري وجيش المهدي.
* تزايد التأثير الإيراني على الحركة الصدرية وجيش المهدي.
ينظر الجميع إلى جيش المهدي والتيار الصدري خلال الفترة الماضية بأنهما وسيلتان لردع أمريكا وتذكيرها بأنها ستواجه ما لا تحمد عقباه إذا حاولت النيل من إيران، ولكن من الملاحظ أن الهجوم الأمريكي – العراقي الجاري حالياً ضد جيش المهدي والتيار الصدري قد جاء بعد عدة وقائع تشكل مقدماته وهي:
• زيارة الرئيس الإيراني أحمدي نجاد إلى العراق بشكل معلن مسبقاً رغماً عن أنف الإدارة الأمريكية التي لا يستطيع زعماؤها حتى الآن القيام بزيارة معلنة مسبقاً إلى العراق.
• انسحاب الأمريكيين من مفاوضات المنطقة الخضراء مع الطرف الإيراني.
• زيارة ديك تشيني المفاجئة للعراق.
تقول التسريبات بأن مخطط الهجوم العسكري ضد جيش المهدي يتضمن الآتي:
• إن القوات العراقية المشاركة في الهجوم تتكون بشكل أساسي من عناصر فيلق بدر التابع للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية العراقية الذي يتزعمه عبد العزيز الحكيم.
• توسيع نطاق الهجوم بحيث يشمل بعض مناطق العاصمة بغداد والمدن الرئيسية الشيعية.
كذلك، من جهة أخرى، أورد مراسل وكالة إيه إف بي بالعاصمة البريطانية لندن بأن الولايات المتحدة تتحرك حالياً على خط واشنطن – لندن لدفع بريطانيا للقيام بزيادة قواتها الموجودة في الجنوب العراقي والقيام بتنفيذ عملية عسكرية أمنية واسعة النطاق في المنطقة.
وأشار تقرير إيه إف بي إلى أن الولايات المتحدة تريد توريط بريطانيا في العلميات العسكرية الدائرة حالياً تمهيداً لقيام القوات الأمريكية بشن حملة واسعة ضد منطقة الموصل الموجودة في شمال العراق.
تشير المعطيات الميدانية الجارية حالياً إلى ثلاثة جوانب:
• في لبنان: تمركز المزيد من القطع العسكرية البحرية الأمريكية قبالة الشواطئ اللبنانية.
• في العراق: اندلاع الصراع بين جيش المهدي والقوات الأمريكية – قوات الأمن العراقية.
• في إسرائيل: تزايد المزاعم التي تحاول التأكيد على مشاركة حزب الله اللبناني ميدانياً إلى جانب جيش المهدي في صراعه ضد القوات الأمريكية.
وتجدر الإشارة إلى أن معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى تحدث منذ فترة طويلة عما أطلق عليه مخطط تحويل جيش المهدي ليكون على غرار نموذج حزب الله اللبناني وقيام عماد مغنية القائد العسكري لحزب الله بالإشراف على هذا المخطط. وعلى ما يبدو، فمن المتوقع أن نشهد المزيد من الخطوات الإضافية الممكنة الحدوث في سيناريو العملية الإسرائيلية – الأمريكية ضد حزب الله اللبناني، والتي قد لا يتوقف نظامها ضمن دائرة واستهداف حزب الله اللبناني.
حتى الآن، لم يتحدد بشكل واضح كيفية البدء العملي في تنفيذ العملية المشتركة. ولكن على أية حال، فإن نموذج استخدام القوات المشتركة الأمريكية – العراقية الجاري حالياً ضد جيش المهدي على خلفية علاقات خط بغداد – واشنطن، هو نموذج، برغم الشكوك، فمن الممكن أن تحاول بعض الأطراف اللبنانية التورط في تنفيذه. وربما نسمع عن قيام عملية مشتركة أمريكية – "لبنانية" ضد حزب الله خاصة وأن سمير جعجع (حليف إسرائيل وأمريكا الرئيسي) زعيم حزب القوات اللبنانية قد تم استدعاءه ضيفاً لزيارة واشنطن. ويقول الأمريكيون في الفترة السابقة بأن "حكومة بغداد" هي حليف رئيسي لواشنطن وجزء لا يتجزأ من المصالح الحيوية للأمن القومي الأمريكي، وحيال حكومة السنيورة سمعنا نفس النغمة الأمريكية المتعلقة بمصالح الأمن القومي الأمريكي الحيوية، وإذا أعلن نوري المالكي تحذيراً يهدد جيش المهدي فهل سيعلن السنيورة تحذيراً يهدد حزب الله بإلقاء سلاحه خلال 72 ساعة والتحول لحزب سياسي وإلا سيواجه الحملة العسكرية المشتركة.
حتى الآن، من الصعب القول بأن السنيورة قادر على القيام بذلك. ولكن، لما كانت السياسة هي فن الممكن فإن وصول المزيد من البوارج الأمريكية قد يدفع السنيورة وزعماء 14 آذار إلى الإحساس بأنهم أصبحوا في مقام التصريح بالوكالة عن تشيني وبوش.

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...