حلب: الجيش يُسيطر على آخر معاقل المسلحين في حندرات
واصل الجيش السوري سباقه مع خطة المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا لـ «تجميد القتال» في حلب، وأكمل بالأمس حصاره للمدينة، عبر السيطرة على مخيم حندرات، آخر طرق إمداد المسلحين إلى المدينة.
وساد الهدوء المشوب بالحذر في القلمون بعد اشتباكات بين تنظيم «داعش» و «كتيبة المقنع» و «لواء المغاوير» التابعين إلى «الجيش الحر»، سقط خلالها قتلى وجرحى من الطرفين.
وأشارت مصادر إلى أن اندلاع الاشتباكات لا يعود لمطالبة المجموعات المسلحة في المنطقة بمبايعة زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي، بل إلى مخاوف «داعش» من أن تكون الكتيبتان تخططان لقتاله بإيعاز من «جيش الإسلام» بقيادة زهران علوش، الذي يقود المعارك ضد التنظيم في بئر القصب في القلمون الشرقي.
ونفى مقربون من «لواء المغاوير» خبر مقتل قائده عرابة إدريس، مشيرين إلى أن «داعش» يعتقله، بالإضافة إلى الرائد المنشق معد إدريس وقائد كتيبة «أحرار العاصي» معتصم إدريس. وعلمت «السفير» أن من أهم كوادر «داعش» التي وصلت إلى القلمون مؤخراً «الشرعي» أبو الوليد المقدسي والقيادي المعروف بلقب أبو بلقيس وأنهما يلعبان دوراً بارزاً لتهيئة الأرض في القلمون لزيادة نفوذ «الدولة الإسلامية».
وسيطر الجيش السوري والفصائل التي تؤازره، وهي «قوات الدفاع المحلي» و «لواء القدس» و «اللجان الشعبية»، على مخيم حندرات للاجئين الفلسطينيين شمال حلب، بعد معارك عنيفة استمرّت حوالى أربعة أيام.
وأوضح مصدر عسكري أن السيطرة على مخيم حندرات، والذي يُعتبر آخر معاقل المسلحين على محور المدينة الشمالي، يعني إتمام الطوق العسكري حول حلب، وقطع جميع طرق الإمدادات نحو المدينة، مشيراً إلى أن مسلحي «جبهة النصرة» تراجعوا جراء المعارك العنيفة والقوة النارية.
وتأتي سيطرة الجيش السوري على المخيم بعد أربعة أيام من المعارك العنيفة، والتي أشاعت «جبهة النصرة» خلالها أن زعيمها أبو محمد الجولاني يقاتل على هذه الجبهة، في محاولة لشحذ همم المقاتلين، قبل أن تعود وتسحب الخبر عن مواقع التواصل الاجتماعي.
وكان الجيش السوري أعلن قبل نحو أسبوع بدء عمليات عسكرية، وصفها بأنها «حاسمة» في محيط حلب، أطلق عليها اسم «قزح». وهدفت العملية إلى إتمام الطوق على المدينة، ومحاصرة المسلحين داخلها، لإعادة تطبيق السيناريو الذي تمّ في حمص، وهو محاصرتهم بانتظار استسلامهم، ما يخفف من عبء المعارك والخسائر البشرية، وهو ما وصفه المصدر العسكري بأنه «سيناريو ناجح».
ووجّهت سيطرة الجيش على المخيم «ضربة قاصمة للمسلحين» الذين كانوا يعولون على هذه الجبهة المفتوحة على تركيا. كما توغلت القوات السورية أيضاً في أحياء شمال شرق حلب لتشديد الطوق.
إلى ذلك، أكد وزير خارجية لوكسمبورغ جون أسلبورن، لـ «السفير»، دعمه لمبادرة دي ميستورا لتجميد القتال في حلب، معتبراً أن جوهرها جمع الخصوم على أساس «المصلحة المشتركة». وقال «إنه يحاول حقاً حماية حلب. حلب هي مشكلة سياسية لكنها أيضاً مشكلة إنسانية. وأعتقد أنه يجب أن يكون لدى الجميع مصلحة بأن يكون سكان حلب آمنين. لذلك، ربما إذا أمكن تنفيذ الخطة لتجميد العنف في حلب، يمكن لذلك أن يكون إشارة للحصول على فرصة لإيقاف العنف على الأراضي السورية». ويضع أسلبورن خطين تحت شرط يعتبره مهماً لإنجاح مهمة المبعوث الدولي، موضحاً «لكي يكون لدينا حقاً فرصة لفعل ذلك نحتاج إلى قرار من مجلس الأمن الدولي». (تفاصيل صفحة 14)
وفي واشنطن، أعرب الجنرال الأميركي جيمس تيري، الذي يقود القوات الأميركية التي تشارك في القتال ضد عناصر «داعش»، عن اعتقاده أن الوصول إلى نقطة تحول في المواجهة مع التنظيم سيستغرق ثلاثة أعوام على الأقل.
وقال، خلال لقاء مع صحافيين في البنتاغون لإطلاعهم على تطورات الأوضاع على الأرض، إن «أولى الضربات الجوية الأميركية بدأت منذ أربعة أشهر فقط، وتحتاج إلى صبر»، مشيراً إلى أن «الأمر قد يستغرق ثلاثة أعوام على الأقل».
وأطلقت الأمم المتحدة أكبر مناشدة إنسانية على الإطلاق من أجل سوريا، وطلبت توفير 8.4 مليارات دولار لتمويل مساعدات، تشمل مشروعات إنمائية للمرة الأولى داخل سوريا وفي دول الجوار.
وقال مسؤولو الأمم المتحدة، في اجتماع للمانحين في برلين، إن هناك حاجة ماسة للمساعدات، حتى يقدم العون لما يصل إلى 18 مليون شخص داخل سوريا إلى جانب الدول والمجتمعات التي تكافح لاستضافتهم.
وشاركت 35 دولة وأكثر من 40 منظمة دولية في اجتماع برلين. وسيخصص ثلث قيمة التمويل الجديد للمشروعات التنموية. وقال مسؤول بالأمم المتحدة إن من المنتظر عقد اجتماع للمانحين في كانون الثاني لتقديم تعهّدات التمويل.
وذكر البنك الدولي، في تقرير، أن دول منطقة شرق البحر المتوسط خسرت 35 مليار دولار من إجمالي الدخل بسبب الحرب في سوريا وتوسّع «داعش».
وذكر تقرير «الآثار الاقتصادية للحرب السورية وتقدّم الدولة الإسلامية في شرق البحر المتوسط»، والصادر عن مكتب كبير الاقتصاديين في البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أن الخسارة البالغة 35 مليار دولار تعادل حجم الاقتصاد السوري في العام 2007. وأضاف «للأسف فهذا هو الحد الأدنى لتقديرات الخسائر الاقتصادية في المنطقة».
وأشار التقرير إلى أن تكلفة الحرب تتوزع بشكل غير متساوٍ في المنطقة، حيث تتحمل سوريا والعراق عبء التكلفة المباشرة للحرب حيث تراجع الإنفاق على الرفاه لكل فرد في البلدين بنسبة 14 في المئة و16 في المئة على التوالي.
وفي الدول المجاورة هبط نصيب الفرد من الدخل بأكبر نسبة في لبنان، وبلغت 11 في المئة، في حين لم يتجاوز التراجع في تركيا ومصر والأردن 1.5 في المئة، ما يعكس الأثر الكبير في لبنان الذي توجد فيه أكبر نسبة من اللاجئين بالنسبة إلى عدد السكان. وانخفض الناتج المحلي الإجمالي السوري بنسبة 30 في المئة بسبب الحظر على التجارة مع دمشق.
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد