حوار مع السيناتور الديمقراطي بيل نيلسون حول لقائه بالرئيس الأسد
الجمل: بيل نيلسون السيناتور الديمقراطي عن ولاية فلوريدا، التقى مؤخراً الرئيس بشار الأسد، على الرغم من اتهام الإدارة الأمريكية لسوريا بأنها تسمح للمقاتلين والمسلحين الأجانب بعبور حدوده والتسلل إلى داخل العراق. وأيضاً سوريا بجانب إيران متهمة بدعم وتأييد الجماعات المناوئة والمناهضة لإسرائيل: حماس وحزب الله، كما تتهمها بالتورط في عملية اغتيال رئس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري التي تمت في عام 2005م، كذلك توجه لها الانتقادات إزاء السيطرة السورية الطويلة على لبنان.
ناقش السيناتور نيلسون، عضو لجنة العلاقات الخارجية التابعة لمجلس الشيوخ الأمريكي، رحلته –إلى سوريا- مع المراسلة الصحفية سوزان تيلور مارتن:
س- لماذا رغبت بالذهاب إلى سوريا؟
ج- مجموعة دراسة العراق رفعت تقريرها إلى لجنتنا، وإحدى التوصيات الرئيسية تتمثل في وجود حاجة إلى القيام بحملة دبلوماسية كبيرة في سائر أنحاء الشرق الأوسط بهدف محاولة حل –أزمة- وضع العراق، إحدى التوصيات تقول بالبدء في حوار مع سوريا.
س- هل حاولت وزارة الخارجية الأمريكية إثناءك عن الذهاب؟
ج- لم يكونوا راغبين في ذهابي، ولكني أخبرتهم بذلك، طالما أنني سبق أن قابلت الرئيس الأسد مرتين من قبل، وبأنه سوف يكون هناك العديد من السيناتورات الآخرين، على السواء من الديمقراطيين والجمهوريين، سوف يقومون بالذهاب إلى سوريا، ومن ثم فقد أخذت بالحسبان بأنهم سوف يدعمون ويؤيدون رحلتي، وقد قالوا بأنهم سوف يدعمون رحلتي بتقديم المواصفات التي أحتاج إليها في الوصول إلى هناك.
وقد سافرت على متن طائرة عسكرية إلى عمان بالأردن.. كان هذا بعد أن عقدت اجتماعات ولقاءات مع الإسرائيليين والفلسطينيين، ومن ثم أخذتني سفارتنا في الأردن بالسيارة إلى الحدود السورية، حيث قابلتني السفارة الأمريكية بدمشق وأخذتني بالسيارة إلى دمشق، وقد أرسلت السفارة مسؤولها الاقتصادي لتدوين الملاحظات.
س- أين تقابلت مع الأسد؟ وكم طول الفترة التي استغرقها حديثك؟
ج- في نفس المكان الذي سبق أن قابلته فيه لمرتين قبل ذلك، في غرفة الاستقبال الرئاسي. في قصره الكبير على الجبل المطل على دمشق.
تحدثنا لفترة ساعة، وباللغة الانكليزية، على النقيض من اللقاءين السابقين، الأول في عام 2001م، تحدث فيه بالعربية وبعض الانكليزية، وفي كانون الثاني 2004م، تحدّث بالانكليزية واستمع إلى حديثي بالانكليزية، ولكنه أجاب على أسئلتي باللغة العربية، وكان يقوم بشكل مستمر بالتصحيح لمن يقوم بعملية الترجمة والنقل والتفسير.
س- هل ترى من الأهمية بمكان أن يكون حديثة هذه المرة حصراً بالانكليزية؟
ج- كان بوضوح أكثر ثقة، لأنه عندما زرته لأول مرة كان قد تولى السلطة للتو، وفي المرة السابقة كان بشكل واضح أكثر طلاقة في الانكليزية، ولكن هذه المرة كان غير متقيد بالشكليات.
س- كيف تلخص نقاشك؟
ج- كان بيننا خلافات حادة في وجهة النظر حول ما يمكن أن تتوقعه: حزب الله، حماس، ولبنان.. وما كان بارزاً، قوله: (نرغب في التعاون مع الأمريكيين أو الجيش العراقي للمساعدة في ضبط الحدود).
والآن، هذا هو ما أخبرني به منذ عامين مضيا، وكان هذا هو الشيء الوحيد الذي قال بأنه قد اتبعه خلال العامين الماضيين.
هناك تعاون بالفعل (بالرغم أنه متقطع ومتباعد) حول ضبط الحدود استمر لفترة بضعة أشهر بعد اغتيال رفيق الحريري، ثم انقطع التعاون بعد ذلك.
س- لماذا تعتقد أن الرئيس الأسد راغب في التعاون مرة أخرى؟
ج- لو تحدّثنا بوضوح حول حقيقة أن لدينا مصلحة، وأن له مصلحة في القيام الآن بعملية السيطرة على الحدود وضبطها، وذلك لأن هناك مشكلة اللاجئين ورغبته في تمديد خط أنابيب نفط من تكريت عبر سوريا إلى البحر الأبيض المتوسط. وقد قلت بوضوح أن من مصلحة الولايات المتحدة السيطرة على الحدود، على النحو الذي لا يسمح بدخول الجهاديين والمتمردين.
س- قال الرئيس الأسد بأنه يرغب في استئناف محادثات السلام مع إسرائيل، دون شروط مسبقة، هل تعتقد بأنه مخلص في هذا الأمر؟
ج- لقد طرحت هذا الأمر عليه منذ عامين، وحينها قال: بأنه لا شروط مسبقة.. لاحقاً أعلن السيناتور الأمريكي ارلين سبيكتور أن الرئيس الأسد راغب في المفاوضات.
س- هل ناقشت أي شيء حول سوريا وإسرائيل؟
ج- قلت بأننا نحتاج الى مساعدتك باستخدام نفوذك الواضح في لبنان عن طريق حزب الله من أجل إطلاق سراح الجنود الإسرائيليين الذين تم القبض عليهم (في تموز، وأدى ذلك الى إشعال الحرب بين إسرائيل وحزب الله).ولم يجاوب مباشرة على ذلك، بل أجاب قائلاً إن إسرائيل لديها أحد عشر سورياً، وقد تم إمساكهم لفترة طولية من الوقت، وقد توفي واحد منهم بالسرطان خلال الأشهر الستة الماضية.
س- العديد من الخبراء في شؤون الشرق الأوسط يعتقدون بإمكانية كسر الروابط بين سوريا، البلد العربي السني العلماني، وإيران البلد الديني الشيعي المحافظ غير العربي. هل تتفق مع ذلك؟
ج- نعم، لقد نقبت عن ذلك، وقلت: ألا تقر بحقيقة أن التهديد الحقيقي للعالم المسلم العربي هو إيران، وعلى وجه الخصوص إذا أصبحت بلداً نووياً؟.. وأجابني: لا، لديه صداقة مع إيران.
الاتجاه الذي استخدمته معه -في نقاشي- حول إيران -يتمثل في قولي له- أنك بالأمس افتتحت علاقات دبلوماسية مع حكومة العراق، ولديك مصلحة في استقرار العراق لأنك ترغب في نقل النفط عبر خط الأنابيب. ألا ترى أن إيران من مصلحتها تقويض استقرار العراق؟.. ألا ترون أن مصالحكم لا تتواءم مع مصلحة إيران؟.. وقد رفض ذلك.
س- يعتقد بعض الخبراء أيضاً أن الأسد يرغب في علاقات أفضل مع الولايات المتحدة، هل توافق على ذلك؟
ج- لا أعلم، كانت مقاربة أسلوبي لهذا اللقاء بالواقعية، وليس التفاؤلية.
أسلوب مقاربتي تمثل في أنه لدينا رجال ونساء أمريكيون يموتون في العراق، وأنه يتوجب علينا أن نفعل كل ما هو في مقدورنا لكي نحقق الاستقرار في العراق، وهو الأمر الذي أدخل سوريا ضمن المعادلة. ولكنني أوضحت له أن ذلك لن يكون على حساب لبنان، وأن الولايات المتحدة سوف لن تفعل أي شيء بخلاف دعم وتأييد (حكومة رئيس الوزراء فؤاد السنيورة) فيما يتعلق بأي صفقات مع سوريا.
س- ماذا قال الرئيس الأسد إزاء ذلك؟
ج- قال: إن حكومة السنيورة لم تعد تمثل أغلبية الشعب اللبناني.
س- هل ناقشت الاتهامات بأن سوريا تدعم ليس فقط حزب الله وإنماً أيضاً حماس والجهاد الإسلامي، والتي يعيش زعماءها في دمشق؟
ج- قال بأنها منظمات مستقلة ولا يتم تقديم إي دعم لها، وقبل عامين تحدثت إليه حول الأسلحة التي تأتي من إيران عبر سوريا إلى حزب الله، ونفى حدوث ذلك.
س- يتساءل العديد من الخبراء إذا كان الرئيس الأسد طبيب العيون خريج بريطانيا، الذي تولى السلطة بعد وفاة والده في عام 2000م، يحكم بالكامل في سوريا، ما هو انطباعك عنه؟
ج- هذه المرة، لديه بوضوح، ثقة كاملة، وليستمع عن اهتمام وتقصد، وكان دمثاً متميزاً باللباقة، وفي الحديث كان قاطعاً وواضحاً، وعندما تحدثت عن حكومة السنيورة، كان مهذباً وانتظر حتى أكملت حديثي ولم يقاطعني. ولكن بعد ذلك عبّر عن وجهة نظره المختلفة.
س- زميلك السابق في الكونغرس عن ولاية فلوريدا بوب غراهام، في إحدى المرات قال: إن سوريا تمثل بلداً أكثر خطورة من عراق صدام حسين، هل توافق على ذلك؟
ج- إنها خطرة، ولكنها أيضاً بلداً هاماً، وذلك لأنه إذا انقلبت الأمور فيها فإن جملة من الأشياء سوف تحدث.. وسوف يكون مهماً أن نتبصر ونستوضح الأمر بجلاء تحت الضوء ونميز بين سوريا وبين إيران، وذلك لأن الجمع بين الاثنين يجعل الموضوع أكثر تعقيداً، وأعتقد بضرورة أن نسعى من أجل مواصلة النقاش والحوار مع سوريا.
الجمل: قسم الترجمة
إضافة تعليق جديد