خطط الإدارة الأمريكية للإطاحة ببرويز مشرف ونوري المالكي

الجمل:   السياسة الخارجية الأمريكية، تقوم على أساس اعتبارات تغيير الاتجاه حسب الضرورة، وبناء على ذلك، فإن كل خرائط التحالفات التي تعتمدها الإدارة الأمريكية، وتقوم حالياً بتوزيع الأدوار والوظائف على الفاعلين الدوليين والمحليين من أجل تنفيذ سيناريوهات البنتاغون والخارجية الأمريكية ووكالة المخابرات المركزية والبيت الأبيض، هي خرائط عرضة للتغيير وأيضاً الفاعلين الدوليين المحليين قابلون في عرف الإدارة الأمريكية للتبديل.
لا تخطط الإدارة الأمريكية للإطاحة بالأنظمة المعادية لها في إيران وغيرها فحسب، بل وتخطط حالياً للإطاحة بالأنظمة الحليفة لها والتي ظلت خلال الأعوام الخمسة الماضية أكثر إخلاصاً ووفاء لأمريكا في الحرب ضد الإرهاب.
أبرز النماذج في سيناريوهات التآمر الأمريكي ضد الحلفاء والأصدقاء تتمثل في الآتي:
• (نموذج) الجنرال برويز مشرف:
بعد فترة التحالف والتعاون بين إدارة جورج بوش، ونظام الجنرال برويز مشرف الباكستاني، والتي امتدت لأكثر من 7 أعوام، فقد واجهت الإدارة الأمريكية وقوات حلف الناتو المزيد من المشاكل والإخفاقات المتعلقة بالسيطرة على أفغانستان وتهديد إيران، وبالمقابل فقد واجه نظام برويز مشرف الكثير من المشكلات بسبب تزايد المعارضة الداخلية الرافضة لتعاونه المفتوح مع أجندة الحرب الأمريكية المفتوحة ضد الإرهاب.
تقول صحيفة الأوستراليان الصادرة اليوم 14 آذار عبر تقرير بروس لودون مراسلها لشؤون جنوب آسيا الذي حمل عنوان (الولايات المتحدة تنظر في خطة الإطاحة بالجنرال برويز مشرف).
يقول التقرير بأن بعض كبار المسؤولين الأمريكيين أشاروا لأول مرة إلى أنه قد آن الأوان من أجل ترتيب تنفيذ الخطة المتعلقة بإقصاء الجنرال مشرف عن السلطة، كذلك أشار التقرير إلى وجود ثلاثة خيارات لتغيير الجنرال مشرف، والخيارات المطروحة الآن أمام خبراء البنتاغون والخارجية ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية، هي:
- خيار الانقلاب العسكري: وأقوى المرشحين للقيام بذلك هو نائب القائد العام الحالي للجيش.
- خيار الانقلاب المدني: وأقوى المرشحين لذلك هو وزير العدل الباكستاني الذي أصبح يتمتع بتأييد النقابات ومنظمات المجتمع المدني الباكستانية.
- خيار انقلاب القصر التشريعي: وذلك عن طريق الإبقاء على مشرف، مع التقليل والحد من صلاحياته بحيث يكون وجوده في منصب الرئاسة صوريا.
الرأي السائد في أروقة الإدارة الأمريكية هو الجمع بين الانقلاب العسكري والمدني، ضمن صيغة انقلاب القصر التشريعي، بحيث يتولى نائب القائد العام للجيش المسؤولية عن كل المهام العسكرية والأمنية، ويتولى وزير العدل الباكستاني المسؤولية عن المهام المدنية.. وحالياً يحاول خبراء الإدارة الأمريكية وضع الصيغة المناسبة لتنفيذ ذلك، مع احتمال دراسة إمكانية إقصاء مشرف عن السلطة إذا رفض التعديلات الجديدة، وربما يتم ذلك عن طريق التخلص منه نهائياً عن طريق دفع المتطرفين لاغتياله  أو تدبير حادث (طيران) عادي، على غرار حادث سقوط طائرة هيليوكبتر الرئيس الباكستاني السابق ضياء الحق.
• (نموذج) نوري المالكي:
تواجه حكومة نوري المالكي –المدعومة أمريكياً حالياً في العراق- العديد من المصاعب والمشاكل التي باتت تهدد بسقوطها، وأبرز هذه المشاكل يتمثل في الآتي:
- المطالب الأمريكية:
* المصادقة على مشروع قانون النفط والغاز: وهو قانون تم وضع مسوداته بواسطة الخبراء الأمريكيين الذين يعملون تحت إشراف السفير الأمريكي في بغداد زلماي خليل زاده، وبالتنسيق مع الزعماء الأكراد، وينص على الآتي:
- توزيع عائدات النفط والغاز بين المحافظات والفيدارليات العراقية، وبالذات إقليم كردستان، من جهة والحكومة المركزية العراقية من جهة أخرى.
- اعطاء الأقاليم –وبالذات إقليم كردستان- حرية أكبر في توقيع الاتفاقيات ومنح الامتياز للشركات النفطية الأجنبية بما في ذلك حق التنقيب والتصدير والإشراف والمتابعة.
* تشكيل حكومة عراقية جديدة علمانية الطابع تحظى بتأييد دول المنطقة وبالذات السعودية والأردن ومصر. والملاحظ في هذا المطلب أن موافقة ومباركة سوريا وإيران على هذه الحكومة غير واردة، وهو أمر سوف يلقي الكثير من المصاعب على نوري المالكي لأنه من الصعب تشكيل حكومة عراقية تحظى بتأييد ثلاثة من دول الجوار وتتخطى سوريا وإيران وتركيا.. وذلك لأن التداخل السكاني الديموغرافي بين إيران والعراق، سوريا والعراق، تركيا والعراق.. اكبر، بل ولا يقارن بالتداخل السكاني مع السعودية والأردن، ناهيك عن مصر التي لا ترتبط بحدود مشتركة أو تداخل سكاني مع العراق.
* إنجاز المصالحة الوطنية: ويعتبر ملف المصالحة الوطنية العراقية أمراً مستحيلاً في ظل وجود الاحتلال الأمريكي، والنزاعات الداخلية المتزايدة بين شرائح وفئات الشعب العراقي، وقد ازداد الأمر سوءاً بسبب انسحاب بعض الأطراف من العملية السياسية العراقية الحالية، وتفضيلهم اللجوء للمعارضة.
• المطالب السعودية:
تتطابق المطالب السعودية مع المطالب الأمريكية، ولكن ما يهم السعوديون بدرجة أكبر هو تقليل النفوذ الشيعي على أجهزة الحكم والدولة في العراق، وعلى ما يبدو ان السبب الرئيسي وراء ذلك هو أعمال العنف التي اندلعت بين سنة وشيعة العراق، إضافة إلى عداء السعودية الواضح لإيران، وإن يكن ذلك كذلك، فإن هذا المطلب السعودي يعتبر من الناحية الأخرى غير معقول، وذلك لأن الشيعة يمثلون 68% أي ما يقرب من 70% من الشعب العراقي، وبالتالي فإن النفوذ الشيعي في العراق هو أمر واقعي على أساس اعتبارات الأغلبية السكانية، وما هو غير واقعي يتمثل في تقليص حقوق الأغلبية، ولم يحدد السعوديون كيفية استطاعة أي حكومة عراقية أن تحقق الاستقرار إذا تخلت عن الأغلبية السكانية!!!
سيناريو التخلص من المالكي على خلفية المطالب التعجيزية المشتركة الأمريكية- السعودية بات واضحاً أكثر فأكثر، وقد أشارت صحيفة الهيرالد تربيون الأمريكية المعلومات الآتية:
- زيارة الزعيم العراقي السابق إياد علاوي الى السعودية.
- زيارة الزعيم الكردي مسعود برازاني إلى السعودية.
وأشارت الصحيفة إلى معلومات أخرى، هي:
- قيام إياد علاوي وسمعود برازاني يعقد اجتماع مشترك (سري) في كردستان قبيل زيارتهم للسعودية.
- اعتماد المالكي على التيار الصدري، وهو التيار الذي اتفق الأمريكيون والسعوديون على التخلص منه.
- قيام إياد علاوي –بدعم الإدارة الأمريكية- بتشكيل تحالف لجبهة سياسية جديدة ترفض الاستناد في عضويتها الى الاعتبارات الطائفية.
وعموماً نقول: إن سيناريو الإطاحة بنوري المالكي بات أكثر وضوحاً، من خلال معلومات صحيفة الهيراليد تريبيون الأمريكية القائلة بأنه قد بدا واضحاً للإدارة الأمريكية الآتي:
- إن إياد علاوي ومسعود البرازاني أصبحا أكثر انفتاحاً وقابلية للتعامل مع السعوديين.
- ان نوري المالكي لن يستطيع التخلي عن التيار الصدري وإيران وان بقاءه في السلطة رهين بدعم هذين الطرفين له بجانب الدعم الأمريكي.
- أشار أحد مساعدي المالكي إلى أن المسؤولين في الإدارة الأمريكية قد أخطروا نوري المالكي بأن دعم الرئيس بوش لحكومة المالكي سوف يكون (حصراً) رهناً بقيامه بتنفيذ المطالب الأمريكية في موعد لا يتجاوز 30 حزيران القادم، وهو تاريخ انتهاء دورة البرلمان العراقي الحالي.

الجمل: قسم الدراسات والترجمة