د.ثائر دوري يعقب على "الخارطة اللغوية لشعوب المنطقة "
الأعزاء في موقع الجمل :
على موقعكم يوجد مادة عنوانها (( الخارطة اللغوية لشعوب المنطقة )) من إعداد قسم الدراسات . و رغم النيات الحسنة لمعدي هذه الدراسة الصغيرة ، و التي تهدف على ما يبدو إلى تحقيق الإخاء و إعادة التواصل بين شعوب المنطقة " الأصيلة" من عرب ، و ترك ، و فرس ، و أكراد . فهذه الأمم المتآخية بالإسلام عاشت تاريخاً مشتركا ، يتراوح بين ألف و ألف و أربعمائة عام ، تعرضت منذ مائة عام لرفع أسوار و حجب بينها لعزلها عن بعضها و إلحاقها بالمراكز الإمبريالية كل على حدا ، فانخفض التواصل اللغوي و الحضاري و الثقافي بينها إلى حدود رهيبة ، مما جعل سوء الفهم يسود بينها . و اليوم يهدد الإمبرياليون ، الذين رفعوا الأسوار بين هذه الأمم ، بتحويل خطوط التماس الحضارية و اللغوية بينها إلى خطوط نار و احتراب و هذا أمر لا مصلحة فيه لأي فرد من هذه الشعوب ، اللهم سوى بعض المغامرين و أصحاب مشاريع التسلق على آلام شعوبهم و المرتبطين بالمشاريع الخارجية .
إن قسم دراساتكم قد وقع بأخطاء فادحة حين قال :
((الخارطة الاثنين تقول بوجود الجماعات الآتية من منطقة شرق المتوسط:
- العرب.
- الأتراك.
- اليهود.
- الإيرانيين.
- الأكراد.
- التركمان.
- الآشوريين والكلدانيين.
- الايزيديون.
- الصابئة المندائيين.))
فقد خلط بين أديان مثل اليزيدية و الصابئة ، و بين قوميات مثل العرب و الأتراك و الأكراد . و معلوم وجود اختلاف بين الدين و القومية ، مع وجود تقاطعات بينهما ، فالمسيحيون قد يكونون عرباً ، أو تركاً ، أو فرنسيين . و كذلك المسلمون . و النقطة الأخطر بهذا الخلط هو وضع اليهود بين هذه الجماعات مما يوحي أن اليهودية تمثل مجموعة عرقية ، و هذا يعني تسليم بالفكرة المركزية للحركة الصهيونية . و هذا غير صحيح بتاتاً ، فأتباع الديانة اليهودية مثلهم كمثل المسلمين و المسيحيين ينتمون إلى كل أمم الأرض فهناك يهود فرنسيون ، و يهود أمريكيون ، و يهود عرب . نعم يهود عرب أو بالاصطلاح الأوسع ما يطلق عليهم حتى اليوم بالكيان الصهيوني باليهود الشرقيين ، و هم رغم كل محاولات الدمج و محو الهوية الثقافية و الحضارية ، التي قام بها مؤسسو الكيان الصهيوني من اليهود الغربيين " الأشكناز"، ما زالوا وحدة عرقية مميزة لها ثقافتها الخاصة و تتعرض للتمييز . و تشبه الكاتبة اليهودية العراقية ايليا شوحاط وضعهم بوضع السود في المجتمع الأمريكي ، فمقابل ثلاثية أمريكا الشهير ( الواسبWASP – السود – الهنود الحمر) تقول ايلية شوحاط بثلاثية " اسرائيلية" تضم (( اليهود الغربيين – اليهود الشرقيين – العرب )) و معنى التماثل واضح في بين الثلاثيتين .
أما بالنسبة للغة العبرية ، هذا الموضع المليء بالمجاهيل و الأساطير بالنسبة لنا ، فسأحيلك لرسالة صديقي العزيز أحمد أشقر المختص بهذا الموضوع .
(( عزيزي ثائر تحية طيبة؛
الحديث عن اللغة العبرية ينقسم إلى قسمين:
الأول - أيديولوجي كما فعل صاحبنا قي مقال( المقصود مقال موقع الجمل ).
والثاني - علمي، وهذا ما سأحاوله الآن.
لا يمكن وضع اللغة العبرية التناخية (التوراتية) والعبرية الصهيونية في سلّة واحدة. فالعبرية التناخية لا تنوجد باستقلال عن العربية(والآرامية) بالمرّة. فمنطقها واحد وتراكيب إنشائها واحد، أي أنه شبيه بإنشاء وتراكيب اللغة العربية الكلاسيكية. ومن الصعب أن نجد كلمة واحدة في اللغة العبرية التناخية والتلمودية دون أن نجد شبيها ومقابلا له باللغة العربية الكلاسيكية. وكمن يدرس ويبحث في التناخ والتلمود، كان في الماضي من الصعب عليّ أن افهم هذه النصوص دون العودة إلى التفاسير اليهودية والمعاجم. أما وبعد أن اقتنعت بما قاله الصليبي لي قبل عدة أعوام في عمان، عن ضرورة قراءة التوراة بمنطق العربية الكلاسيكية، أصبح الجهد بسيطا، ألا وهو العودة إلى جذر الكلمة التوراتية أو التلمودية ، إلى قراءتها عربيا: أي تعريبها، لأن الأصل واحد. وإن أردت معرفة ما أقوله ما عليك إلا العودة إلى كتاب : ملاحم وأساطير لأنيس فريحة . في الكتاب يعرض فريحة الجذر المشترك للكلمات الأوغاريتية الواردة في الملاحم ومقابلها بالعربية والعبرية.
علي أن أضيف أيضا: أشترك الآن بدورات للتسابيح الدينية اليهودية، ويا هول ما رأيت؛ الموسيقى عربية 100% ونادرا ما تجد تسبيحة أو ابتهال دون أن يكون نصفه بالعربية، لا أتحدث عن الجذر المشترك، بل أبيات شعر بأكملها.. ونجد أيضا قصائد كاملة لشعراء يهود بالعربية. ويقال لا يكتمل تسبيحا أو ابتهالا عن اليهود العرب (الشرقيين) دون أن يثبتوا على اللغة العربية! ولا يثبت تسبيحا ليهود العراق (اليوم) دون أن ينهي المسبح والمبتهل ليلته بفوق إلنا خلّ!!
وعرفت شاعرين يهوديين عربيين لا يزالان يكتبان ابتهالاتهما وتسابيحما باللغة العربية، لكن بأحرف عبرية! وسمعت أن المغنية التونسية، أمينة العلوي التي تنشد ابن عربي، تنشر أيضا قصائدا بالعبرية أيضا!
أما اللغة العبرية الصهيونية، فهي ذات تراكيب بسيطة مهلهلة، لا يهم أين تضع الفاعل أو المفعول أو حرف الجرّ حتى تكون لديك جملة مفيدة. يقال عن هذه العبرية: عبرية من اليسار إلى اليمين.
أما عن انغلاق اللغة فلا اصل له، لأن اللغة العبرية تخدم خمسة ملايين أو ضعهفم في كل العالم. والعبرية المعاصرة تأخذ الإصطلاحات العملية عن الإنجليزية، والمسبّات عن العربية!!
أحمد
و شكراً لتقبلكم النقد
د. ثائر دوري
الجمل : نشكر للدكتور ثائر دوري اهتمامه وتصحيحه للمعلومات التي وردت في المقال
إضافة تعليق جديد