سوريا: اتفاق على 90% من بروتوكول المراقبين وواشنطن ترى «فرصة أخيرة»
جددت دمشق، أمس، عبر البوابة الصينية، التعبير عن التزامها بخطة مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية كوفي أنان وتعاونها مع وفد المراقبين الدوليين للإشراف على وقف العنف، عبر تأكيد وزير الخارجية السوري وليد المعلم خلال زيارته بكين، أن بلاده «ستحترم وتطبق» ما ورد في الخطة. وبينما أكد المعلم أن بعثة الأمم المتحدة لمراقبة وقف إطلاق النار لن تحتاج لأكثر من 250 مراقبا، ألمح إلى رفض السلطات السورية لاقتراح بالاستعانة بطائرات وطوافات من الاتحاد الأوروبي لمساعدة البعثة في عملها، موضحا أن سوريا مستعدة لوضع سلاحها الجوي تحت تصرف البعثة إذا اقتضت الضرورة ذلك.
وفيما اتهم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف المعارضة السورية المسلحة بأنها تسعى إلى إثارة أعمال عنف لإفشال الخطة السلمية التي وضعها انان، واصلت واشنطن لهجتها التصعيدية ضد دمشق، معتبرة أن «سوريا تمر بنقطة تحول، فإما ننجح في تنفيذ خطة أنان بمساعدة المراقبين، وإما يضيع الأسد فرصته الأخيرة قبل أن يصبح من الضروري النظر في إجراءات إضافية».
وفي الوقت الذي بدت فيه التهدئة صامدة عموما، على الرغم من الخروقات، التي أدت إلى سقوط 14 قتيلا من المدنيين والقوات الأمنية، أعلنت وزارة الخارجية السورية أن الحكومة وفريق المراقبين «اتفقا على 90 في المئة من بنود البروتوكول» الذي ينظم عمل البعثة، التي أكد رئيس وفدها الطليعي العقيد المغربي أحمد حميش أن إتمام مهمتهم يحتاج إلى وقت وبناء الثقة مع جميع الأطراف في البلاد.
وسيبعث الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون رسالة إلى مجلس الأمن يشرح فيها ما آلت إليه حتى الآن مهمة بعثة المراقبين، ما سيفتح الطريق أمام المجلس لتمرير قرار آخر لإرسال عدد أكبر من المراقبين إلى سوريا. ومن المقرر أن يقدم مساعد انان، جان ماري غيهينو إحاطة عن الوضع في سوريا أمام مجلس الأمن اليوم، في حين يخاطب المبعوث الدولي، الذي التقى رئيس الحكومة وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني في الدوحة، المجلس قبل نهاية الأسبوع.
وقال دبلوماسيون في مقر الأمم المتحدة إن الشروط لم تتوفر بعد لتمكين طليعة المراقبين من القيام بعملهم. وقالت مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة سوزان رايس، التي ترأس بلادها مجلس الأمن لهذا الشهر، «نعتقد أن أي بعثة للأمم المتحدة في سوريا أو في أي مكان آخر، يجب ان تكون قادرة على العمل باستقلالية وان تتمتع بحرية حركة وحرية في إجراء اتصالات».
وتنعقد «المجموعة الرائدة من أصدقاء سوريا» في باريس اليوم والتي تضم الدول المعادية لدمشق، لمنع انحراف العملية السياسية والمهمة في سوريا. وأعلن وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه أن وزراء خارجية 14 بلدا من أوروبا وتركيا والولايات المتحدة، وسبعة بلدان عربية هي قطر والسعودية والأردن والمغرب ومصر ودولة الإمارات وتونس سيشاركون في الاجتماع.
إلى ذلك، بث التلفزيون السوري شريط فيديو للرئيس بشار الأسد وعقيلته أسماء يشاركان متطوعين، في إستاد الفيحاء في دمشق، في تعبئة مساعدات، لإرسالها إلى المتضررين من الأحداث في حمص.
ودعا الأسد، خلال ترؤسه اجتماع المجلس الأعلى للإدارة المحلية في دمشق، إلى «اعتماد مبدأ الشفافية في العمل عبر نشر خطط الإدارة المحلية ومعرفة مخططات البلدية من قبل الناس عبر الانترنت أو بوسائل التواصل الأخرى ونشر الموازنة الخاصة بها بما يغلق المجال أمام أي فساد ويسهم في مشاركة المواطن عبر إبداء رأيه ومقترحاته في هذه المشاريع والإعلان عن المهل الزمنية لإنهاء المشاريع المقترحة. وأكد أن «حل المشاكل لا بد أن ينطلق من الأولويات التي تكون على أساس حاجات الناس الأكثر إلحاحا»، داعيا إلى «زيادة الاهتمام بالريف وعدم إهماله لحساب المدينة، وكذلك إجراء توازن بين المناطق المتعددة في المدينة الواحدة والعدالة في توزيع الخدمات».
وقال المعلم، في مؤتمر صحافي في مقر السفارة السورية في بكين بعد اجتماعه مع نظيره الصيني يانغ جيتشي، إن «وجهات نظرنا كانت متقاربة للغاية في هذه الأمور». وأضاف «عبر الجانبان أثناء الاجتماع عن دعمهما لمهمة انان وخطته ذات النقاط الست، وأكدا تأييدهما لإرسال بعثة المراقبين الأممية إلى سوريا لمراقبة وقف العنف. كما أكدا أن بعثة المراقبين يجب أن تعمل في إطار السيادة السورية والتنسيق مع الحكومة لتستطيع أن تمارس عملها بمهنية، ورحبا بمشاركة مراقبين من الدول التي لها موقف محايد من الأزمة السورية، مثل روسيا والصين والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا».
وحول جهود الحكومة السورية لإنجاح مهمة أنان، قال المعلم «التزمنا بوقف إطلاق النار، وأفرجنا عن عدد من المعتقلين، وأوصلنا مساعدات إنسانية إلى المناطق المنكوبة وسنواصل العمل مع المبعوث الدولي لإنجاح مهمته».
وأكد المعلم أن «الحكومة ستواصل الالتزام ونأمل ذلك أيضا من جميع الأطراف، لكن هذا الالتزام لا يلغي أبدا حق الدفاع عن النفس والرد بصورة مناسبة على الهجمات على البنية التحتية والمدنيين والممتلكات العامة والخاصة».
وحول ما ذكره بان كي مون من أن عدد 250 مراقبا ليس كافيا وانه اقترح على الاتحاد الأوروبي تقديم طائرات وطوافات لمساعدة البعثة، قال المعلم «نعتقد أن 250 عدد معقول. لا نعلم لماذا يريدون استخدام سلاح الطيران، ومع ذلك إذا كانت هناك حاجة لمثل ذلك، فان سوريا مستعدة لوضع سلاحها الجوي تحت تصرف البعثة.
وذكرت وزارة الخارجية الصينية، في بيان، إن يانغ جيتشي ابلغ المعلم موقف بكين الثابت وجهودها المبذولة الرامية إلى حل المسألة السورية.
وفي دمشق، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية السورية جهاد مقدسي، لوكالة «فرانس برس»، إن «المحادثات التي جرت بين الحكومة وبعثة المراقبين في دمشق كانت بناءة»، مضيفا «إننا على وشك الانتهاء من مناقشة المواضيع المتعلقة بوضع البروتوكول»، و«تم الاتفاق على نحو 90 في المئة من بنوده». وأشار إلى انه من المقرر استئناف المباحثات التي قام بها الطرفان اليوم.
وقال رئيس فريق المراقبين الطليعي العقيد احمد حميش إن عدد المراقبين ارتفع إلى سبعة. وأضاف إن «شاء الله اليوم (أمس) أو غدا (اليوم)، سيرتفع أكثر، كي نصل إلى 30 قريبا». وتابع إن «مهمتنا تقضي بإقامة ارتباط مع الحكومة السورية والقوى الأمنية السورية ومع الأطراف الأخرى كذلك. وللقيام بها، نحتاج إلى الوقت والى بناء الثقة مع كل الأطراف من اجل انجاز المهمة».
ورفض تحديد مهلة للانتهاء من مهمته، قائلا «الوقت ليس له حد»، مشيرا إلى أن هدف مهمته هو «الإعداد للمهمة المقبلة إذا اقرها مجلس الأمن». وأوضح أن فريقه «يقوم بجولاته في كل سوريا، ونحاول إن شاء الله أن نتم مهمتنا». وأضاف «إننا نحاول أن نفعل أفضل ما بوسعنا لإتمام مهمتنا المحددة في قرار مجلس الأمن 2042».
وعن المعلومات التي تحدثت عن تعرض تظاهرة لإطلاق نار من قوات النظام خلال وجود المراقبين في بلدة عربين في ريف دمشق، نفى حميش حدوث إطلاق نار على السيارتين.
وقال لافروف، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره المغربي سعد الدين العثماني في موسكو، إن «الذين يريدون أن تفشل خطة انان كثر، وذلك لكي يطالبوا باللجوء إلى حلول أخرى، وقبل أي شيء إلى القوة». وأضاف ان «القوى الرئيسية في المعارضة السورية، بما فيها المجلس الوطني السوري، لم توافق رسميا حتى الآن على خطة انان».
وأورد «شهادات ظهرت في وسائل الإعلام الغربية والتركية مفادها ان المعارضة المسلحة تحاول تنظيم أعمال استفزازية لكي تستأنف أعمال العنف والحصول على ذريعة لوأد خطة انان».
واعتبر البيت الأبيض أن أعمال العنف الجديدة التي سجلت في سوريا تكشف «عدم صدق» النظام بشأن الالتزام بخطة انان. وقال المتحدث باسمه جاي كارني «سنعمل مع حلفائنا وشركائنا بشأن الخطوات التالية، لكننا نواصل حث السوريين على السماح للشعب السوري بالتحرر من أعمال العنف التي ترتكبها الحكومة وكذلك بحرية تقرير مصيره بنفسه».
وقالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، في بروكسل، «من المقلق للغاية، أن تطلق مدافع نظام الأسد نيرانها مرة أخرى على حمص وادلب وغيرهما من المواقع». وأضافت «نحن في نقطة تحول حرجة، إما ننجح في تنفيذ خطة انان بمساعدة المراقبين، وإما يضيع الأسد فرصته الأخيرة قبل أن يصبح من الضروري النظر في إجراءات إضافية ».
ورفضت كلينتون الرد على سؤال حول ما إذا كان مقبولا أن تسلح دول أخرى المعارضة، في إشارة إلى السعودية وقطر. وأشارت الى ان الولايات المتحدة «لا تقدم أسلحة قاتلة» للمعارضة، ولكنها ترسل لها معدات اتصالات وغيرها من المساعدات التي لا تستخدم في القتل.
وقال رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان، في مؤتمر صحافي في أنقرة، «إذا لم تعد الدبابات إلى ثكناتها، لا نستطيع ان نقول ان خطة السلام المؤلفة من ست نقاط تطبق». وأضاف انه ينقل معلومات من «السوريين الذين لا زالوا يفرون من وجه العنف» إلى الدول المجاورة، مؤكدا ان «عمليات القتل لا تزال مستمرة خارج دمشق». وأشار الى انه «رغم ان الدبابات تنسحب من شوارع واحياء معينة، الا انها تدخل مناطق ريفية» ولا تعود الى ثكناتها.
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد