عقدة السلام على خط دبلوماسية دمشق – واشنطن – تل أبيب
الجمل: بدأ المشهد على خط دبلوماسية واشنطن – تل أبيب يحمل المزيد من الإشارات المتعاكسة وتقول آخر المعلومات والتسريبات الواردة من تل أبيب أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتينياهو أصبح أكثر حرصاً لجهة ترتيب أوراقه على أساس اعتبارات أن سيناريو الصدام مع إدارة أوباما أصبح أكثر احتمالاً.
* أبرز الإشارات المتعاكسة:
تمثل عواصم دمشق – تل أبيب – واشنطن النقاط المعنية الثلاث الرئيسية في مثلث الصراع العربي – الإسرائيلي وعلى أساس اعتبارات الموقف الراهن نشير إلى الإشارات التي انطلقت من هذه النقاط الثلاث:
• دمشق: زارها مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية والسفير الأمريكي السابق في لبنان جيفري فيلتمان وأعلن بوضوح أن أمريكا ستستمر في مساعي إحلال السلام في المنطقة.
• واشنطن: أعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما قرار تجديد العقوبات الأمريكية ضد سوريا.
• تل أبيب: أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتينياهو عن رفضه الصريح لأي انسحاب إسرائيلي من الجولان.
تعاكس الإشارات المنطلقة من العواصم الثلاثة يشير إلى الآتي:
• برغم قيام الرئيس أوباما بتجديد العقوبات ضد سوريا فقد أرسلت الإدارة الأمريكية سفيرها فيلتمان إلى دمشق ليؤكد عملياً رغبة الإدارة الأمريكية في تطوير تعاملها مع سوريا إضافة إلى التأكيد بأن واشنطن ما تزال متمسكة بجهود إحلال السلام.
• برغم تصريحات نتينياهو السابقة لجهة التزامه بإجراء مفاوضات السلام مع سوريا والفلسطينيين فإن تصريحه بعدم الانسحاب من الجولان يغلق الباب أمام احتمالات إحلال السلام إضافة إلى أنه تصريح يشكل استهدافاً و"تحرّشاً" واضحاً بالجهود التركية والأمريكية لإحلال السلام في المنطقة..
• تزايد الخلافات داخل خطوط محور واشنطن – تل أبيب ففي تل أبيب يتبنى تحالف الليكود – إسرائيل بيتنا المواقف الرافضة للسلام في مواجهة بعض الأطراف الإسرائيلية الأخرى المطالبة –على الأقل- باستمرار جهود السلام.
وفي واشنطن تقول المعلومات أن نتينياهو سيتوجه إلى العاصمة الأمريكية منتصف الشهر الجاري، ولكن ما هو لافت للنظر يتمثل في أن رئيس الوزراء الإسرائيلي نتينياهو سيسافر أولاً إلى القاهرة حيث سيلتقي ويتفاهم مع الرئيس المصري مبارك ثم سيواصل رحلته إلى واشنطن!!
* معطيات الخلاف الإسرائيلي – الأمريكي:
نشر منتدى السياسة الإسرائيلي على موقعه الإلكتروني ورقة بحثية مختصرة تضمنت استعراضاَ لخلافات أوباما – نتينياهو على خلفية نتائج زيارة الملك الأردني عبد الله الثاني الأخيرة إلى واشنطن والتي التقى فيها بالرئيس الأمريكي أوباما وتفاهما حول التطورات الميدانية الجارية في الشرق الأوسط.
أبرز النقاط الخلافية التي أشارت إلى الورقة يتمثل في الآتي:
• موقف نتينياهو القائل بأنه لا سلام مع الفلسطينيين إلا بعد إقرار الفلسطينيين الاعتراف بيهودية الدولة الإسرائيلية.
• تأكيدات نتينياهو بعدم التزام إسرائيل بعملية سلام أنابوليس.
• طرح الالتزام بمشروع خارطة الطريق ضمن مفهوم جديد.
• الموقف السلبي الرافض لمبادرة السلام العربية.
• التأكيد على ضرورة إعادة ترتيب أولويات جدول أعمال الدبلوماسية الأمريكية في المنطقة بحيث يتم معالجة الأزمة الإيرانية أولاً ثم ملفات الشرق الأوسط.
ترتبط الخلافات الأمريكية – الإسرائيلية المتوقعة من جهة بطبيعة توجهات الحكومة الإسرائيلية الجديدة التي يسيطر عليها تحالف الليكود – إسرائيل بيتنا ومن الجهة الأخرى بتوجهات الإدارة الأمريكية الديمقراطية الجديدة.
* معالم خارطة خلافات تل أبيب – واشنطن:
تقول التسريبات بأن قرار تجديد العقوبات الأمريكية التي سبق أن فرضتها إدارة بوش ضد سوريا هو تجديد يعود سببه الرئيسي إلى الآتي:
• لا يوجد خيار بديل مطروح على طاولة الرئيس الأمريكي لأنه حتى الآن لم تتمكن الدبلوماسية الأمريكية من تحقيق أي إنجازات على خط دبلوماسية واشنطن – دمشق.
• توصية دنيس روس بعد عودته من منطقة الخليج والتي نصح فيها إدارة أوباما بضرورة عدم القيام باتخاذ أي خطوة إيجابية لصالح دمشق خلال هذه الفترة.
• توصية وزير الدفاع الأمريكي روبرت غيتز الذي نصح إدارة أوباما بعد عودته من الخليج والسعودية بضرورة اتخاذ خطوة إيجابية لصالح دمشق خلال هذه الفترة.
إضافة إلى ذلك تشير التسريبات إلى بعض العوامل والمستجدات الأخرى والتي كما تقول التفسيرات بأنها تمثل علاقات الإنذار المبكر باحتمالات تصاعد الخلافات ومن أبرزها:
• سوف يلقي الرئيس الأمريكي خطاباً ثانياً موجهاً للعالم الإسلامي وهذه المرة سيكون من القاهرة وذلك بعد خطابه السابق الذي وجهه من العاصمة التركية أنقرة.
• قرار الإدارة الأمريكية بإدماج بنود توصيات خطة وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة تسيبي ليفني التي سبق أن أعدتها خلال فترة وجودها في الخارجية الإسرائيلية وقامت بتسليمها للمبعوث الأمريكي جورج ميتشل قبل انعقاد الانتخابات الإسرائيلية ببضعة أيام.
• تصريح وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون الذي أشارت خلاله إلى أنه إذا كانت الإدارة الأمريكية تتعامل مع الحكومة اللبنانية التي يشارك فيها حزب الله فلماذا لا تتعامل مع حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية التي تشارك فيها حماس؟
• تصريح مستشار الأمن القومي الأمريكي الجنرال جيمس جونز الذي قال فيه أن إدارة أوباما سوف لن تنتظر إلى أن ينتهي الفلسطينيون والإسرائيليون من محادثاتهم وتفاهماتهم ويقدموا لواشنطن صيغة جاهزة، وقد فسر المراقبون ذلك بأنه إشارة واضحة إلى أن الإدارة الأمريكية الحالية ستسعى من أجل فرض صيغتها على الطرفين.
أشار المحلل السياسي إم جيه روزنبرج قائلاً بأن الإسرائيليين واللوبي الإسرائيلي يريدون دفع إدارة أوباما للعمل بشكل متزامن بحيث تعمل من جهة على دعم الجهود العسكرية – الحربية الإسرائيلية ومن الجهة الأخرى الضغط على الآخرين من أجل القبول والموافقة على الشروط الإسرائيلية.
ولكن ما خلف حالة من خيبة الأمل في صفوف الإسرائيليين واللوبي الإسرائيلي تصريحات جو بايدن نائب الرئيس الأمريكي التي قال فيها أن الإدارة الأمريكية الحالية ستدفع من أجل إقامة الدولة الفلسطينية وما كان مقلقاً للإسرائيليين ورموز اللوبي الإسرائيلي أن التصريحات جاءت هذه المرة على لسان بايدن الذي ينظر إليه الإسرائيليون باعتباره "حصان طروادة" اللوبي الإسرائيلي داخل الإدارة الديمقراطية ومن ثم يبدو من خلال تصريحات بايدن أن الصدام بات وشيكاً وإذا كان بايدن يؤكد أن إدارة أوباما ستدفع بقوة من أجل السلام عن طريق الدولة الفلسطينية فإن نتينياهو ما زال أكثر تشدداً في البحث عن السلام بدون إقامة الدولة الفلسطينية وبدون الانسحاب من الجولان!
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد