عيـديـة غـزة: ظـلام وتهـديـد
يحل عيد الأضحى اليوم على الفلسطينيين، في ظل كارثة إنسانية تخيم على قطاع غزة الذي دخل أمس، في ظلام دامس نتيجة للحصار الاسرائيلي، ومخاوف من تجدد هجمات المستوطنين في الضفة الغربية المحتلة، التي ما زالت تلملم آثار هذه الاعتداءات، وسط تهديد إسرائيلي صريح بشن عملية واسعة لضرب المقاومة في القطاع، مع اقتراب النهاية الرسمية للتهدئة مع فصائل المقاومة.
ويبدو أن اقتراب موعد الانتخابات التشريعية في إسرائيل في العاشر من شباط المقبل، دفع قادة إسرائيليين إلى تصعيد خطابهم، في وقت تأخذ عليهم المعارضة اليمينية القبول بالتهدئة.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود أولمرت، لدى افتتاحه الاجتماع الأسبوعي للحكومة، إن »إسرائيل لا تعتزم القبول بخرق التهدئة بصورة وحشية وعنيفة من جانب التنظيمات الإرهابية، وقد دخلنا إلى التهدئة من دون حماس وإنما بتردد، وقلنا إنه في حال تحققت التهدئة فإنه سيكون بإمكاننا التوصل إلى فترة من الهدوء من الإرهاب غير المتوقف«.
وأضاف أولمرت »لقد تحدثت مع وزير الدفاع (ايهود باراك) وسنبلور موقفا من أجل ضمان عدم استمرار الوضع وسنعمل بحزم ومن خلال ترجيح الرأي، لكن من دون تردد من أجل إعادة الهدوء«، فيما نقل عنه مسؤول إسرائيل قوله »في الأسابيع الأخيرة شهدنا تدهورا في الوضع في الجنوب وهذه الهجمات تعكس انهيارا كاملا للهدنة«.
وكان الوضع في غزة أثار سجالاً انتخابياً بين وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني ووزير الدفاع ايهود باراك. وقالت ليفني في بداية اجتماع الحكومة »لا توجد تهدئة في غزة، ومن يعتبر هذا الوضع تهدئة فإنه لا يعرف ما الذي يجري هناك، وعلى المسؤول عن الأمن أن يعمل، وأنا سأعمل في المجال السياسي«.
ورد باراك بأن »الوضع في غزة معروف، وهذا واقع يحتاج إلى ترجيح رأي ومسؤولية وسياسة، وأنا أعرف أن هذا موسم سياسي مشتعل وأعي معاناة الإسرائيليين وواقع الصواريخ، والعملية (العسكرية) لن تهرب والمسؤولية ملقاة عليّ«.
ولم يتوقف السجال عند هذا الحد، إذ نقل موقع »يديعوت أحرونوت« عن مقربين من باراك
قولهم إن »ثرثرة ليفني تتجاوز حدود الذوق الرفيع، ورغم الاحترام الذي نكنّه للحملة الانتخابية، فإنه في المواضيع المتعلقة بأمن دولة إسرائيل يجدر أن تتصرف وزيرة الخارجية بمسؤولية وليس بموجب الرسائل المتواصلة التي تم وضعها في فمها«. وردت مصادر في كديما قائلة ان »باراك ليس فقط غير لطيف وغير دمث، بل هو في الأساس ليس وزير دفاع في كل ما يتعلق بغزة، فهو ضعيف ويتجه نحو اليسار المتطرف ولذلك فإنه لم يمنع صواريخ القسام ولا تصعيد المواجهة باتجاه مدينة عسقلان«.
بدوره، دعا وزير النقل الإسرائيلي شاؤول موفاز، حكومة الاحتلال إلى التحرك بسرعة ضد حركة حماس. وقال في مقابلة مع الإذاعة الإسرائيلية من نيويورك حيث يشارك في ندوة »علينا استعادة قدراتنا الرادعة في أسرع وقت ممكن في مواجهة حماس«، موضحاً أنه »يجب ضرب رأس حماس ومهاجمة البنى التحتية ووقف كل شحنات الوقود والمنتجات الأخرى« إلى القطاع.
وكان قائد المنطقة الجنوبية في الجيش الإسرائيلي الجنرال يوآف جلانت قد أكد أنّ المواجهة مع حماس مسألة وقت، مشيراً إلى أن الصدام معها سيكون »ذا أهمية كبرى«. وشبّه جلانت قطاع غزة بـ»طنجرة ضغط تغلي«، مضيفاً إنه »ستأتي لحظة نضطر فيها إلى معالجة مكان الاشتعال، وإلا فإن الانفجار لن يعود قابلا للتحكم«.
ورداً على هذه التهديدات، أعلنت حركة حماس أنها مستعدة لمواجهة »كل الخيارات«. وقال المتحدث باسم الحركة فوزي برهوم، إنّ تصريحات أولمرت تؤكد أن قادة الاحتلال باتوا يبررون العدوان الكبير على قطاع غزة كما أكدوا في تصريحاتهم أكثر من مرة وهم أصلا لم يلتزموا بأي بند أو شرط من شروط التهدئة منذ البداية«.
وأشار إلى أنّ »معظم الفصائل الفلسطينية تقول ان المعطيات على الأرض غير مشجعة لإعطاء أي فرصة لتمديد التهدئة، وبالتالي ما زلنا في إطار اتخاذ القرار النهائي بهذا الخصوص«.
وتأتي هذه التهديدات، في وقت يواصل فيه الاحتلال إغلاق المعابر المؤدية إلى غزة، مانعاً وصول المساعدات الإنسانية إلى القطاع، حيث منعت السلطات الإسرائيلية، أمس، »سفينة العيد« التي كان من المتوقع ان تبحر من ميناء يافا، كما أبلغت الدوحة رفضها دخول سفينة قطرية إلى المياه الإقليمية الفلسطينية، فيما تولت مصر منع إرسال قافلات الإغاثة براً إلى الفلسطينيين المحاصرين. (تفاصيل ص١٥)
ومع استمرار الحصار، أعلنت سلطة الطاقة الفلسطينية أن محطة توليد الكهرباء الوحيدة في غزة توقفت عن العمل كلياً بسبب نفاد الوقود.
وقال رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار النائب جمال الخضري ان غزة »تغرق بالظلام الدامس من جديد، ولكن هذه المرة في أجواء عيد الأضحى الذي يأتي على المواطنين في ظل نقص النقود والوقود والمياه وكل مقومات الحياة الكريمة جراء الحصار الإسرائيلي الظالم«.
إلى ذلك، حذر البنك الدولي من أن أزمة السيولة في غزة قد تؤدي إلى انهيار النظام المصرفي في القطاع وتعريض المؤسسات الفلسطينية لمزيد من الخطر، كما ستكون له انعكاسات إنسانية خطيرة، مطالباً الحكومة الإسرائيلية بالتحرك بسرعة والسماح لمختلف فروع المصارف في غزة بالحصول على سيولة نقدية قبل عيد الأضحى.
وفي الضفة الغربية، واصل المستوطنون اعتداءاتهم على الفلسطينيين وممتلكاتهم، حيث قاموا بإحراق منزل في الخليل ملحقين الأضرار والخسائر في العديد من المنازل والسيارات جراء تكسيرها.
وسعى أولمرت إلى أن ينأى بحكومته عن جرائم المستوطنين، التي نفذت تحت مراقبة شرطة الاحتلال، واصفاً هذه الاعتداءات بأنها »مذبحة منظمة« يتعين إيقافها.
وكان مجلس الأمن الدولي قد أدان، في جلسة عقدها أمس الأول، اعتداءات المستوطنين فيما دعا مبعوث الأمم المتحدة إلى الشرق الأوسط روبرت سيري إلى وقف فوري لهذه الاعتداءات. وقد اعتبرت حركة حماس هذا الموقف »فارغ المضمون باعتباره قرارا شفويا لا يوجه إدانة للاحتلال وإنما أدان ما أسماه عنف المستوطنين«.
بدوره، دعا رئيس حكومة تسيير الأعمال الفلسطينية سلام فياض الحكومة الإسرائيلية إلى وضع حد فوري لـ»اعتداءات« المستوطنين، معتبراً، خلال لقــائه باراك في القدس المحتلة، أن »الاستيطان واعتداءات المستوطنين الإرهابية المتواصلة على شعبنا تكشف مدى خطورة السياسة الاستيطانية على مستقبل السلام والأمن في المنطقة«.
من جهة ثانية، صادقت اللجنة الوزارية الإسرائيلية الخاصة لشؤون إطلاق سراح الأسرى على أسماء ٢٣٠ أسيرا فلسطينيا سيتم إطلاق سراحهم غداً، بموجب تعهد أطلقه رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود أولمرت للرئيس الفلسطيني محمود عباس. وكانت الحكومة الإسرائيلية قد صادقت الأسبوع الماضي على إطلاق سراح ٢٥٠ أسيرا فلسطينيا معظمهم ينتمون لحركة فتح، لكن اللجنة الوزارية رفضت إطلاق سراح ٢٠ أسيرا من قطاع غزة.
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد