مفاوضات الوضع النهائي والسيناريوهات المتوقعة:

الجمل: تدخل عملية سلام الشرق الأوسط، أو بالأحرى برمجت إسرائيل وأمريكا لإدخالها، في واحدة من أكثر المراحل ظلامية في مسيرة الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي والصراع العربي – الإسرائيلي.
* التوصيف الجاري:
بعد قيام إدارة بوش بـ"لملمة" وتجميع أكثر من 40 بلداً ومنظمة دولية، وبعد قيام وزيرة الخارجية الأمريكية بجولاتها ورحلاتها المكوكية بين العواصم: واشنطن، تل أبيب، عمان، القاهرة، رام الله، كان الناتج الأول مجرد ورقة صغيرة حملت توقيع أولمرت ومحمود عباس حملت عنوان "التفاهم المشترك بين أولمرت ومحمود عباس"، ولم تتضمن هذه الورقة سوى الآتي:
• وافقت إسرائيل والسلطة الفلسطينية على الشروع في مفاوضات حسن النوايا الثنائية من أجل التوصل إلى اتفاق سلام يحل القضايا العالقة، بما في ذلك القضايا الجوهرية دون استثناء، وبذل كل جهد ممكن من أجل التوصل إلى اتفاقية قبل نهاية عام 2008م.
• يوافق الطرفان على تنفيذ التزاماتهما وفقاً لخارطة طريق عام 2003م المقدمة بواسطة اللجنة الرباعية المكونة من: الأمم المتحدة، الولايات المتحدة، الاتحاد الأوروبي، روسيا.
* مفاوضات الوضع النهائي والتوازنات السياسية الداخلية:
برغم التزام الطرفين ببذل أقصى الجهود من أجل التوصل إلى اتفاق سلام قبل نهاية 2008م إلا أن وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني قللت من إمكانية حدوث ذلك، عندما صرحت قائلة بأن الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني لن يستطيعا التفاوض حول ذلك بسبب عامل الوقت.
التوافق بين الطرفين من أجل الاتفاق يتطلب قيام الطرفين بتقديم التنازلات وإجراء المساومات على النحو الآتي:
• ملف القدس:
يطالب الإسرائيليون بكل المدينة ويطالب الفلسطينيون بالقدس الشرقية، فهل سيقبل الطرفان بالمساومة التي يمكن أن تتضمن اللجوء إلى أحد الخيارات التالية:
  * تنازل الطرفين واعتبار القدس مدينة دولية.
  * تنازل الإسرائيليين عن القدس مقابل الحصول على مكسب آخر.
  * تنازل الفلسطينيين عن القدس مقابل الحصول على مكسب آخر.
• ملف حق العودة:
يطالب الفلسطينيون بحق العودة لكل اللاجئين ويرفض الإسرائيليون ذلك. فهل سيقبل الطرفان بالمساومة التي يمكن أن تتضمن اللجوء إلى أحد الخيارات الآتية:
* تنازل الفلسطينيين عن حق العودة مقابل الحصول على مكسب آخر.
 * قبول الإسرائيليين بحق العودة مقابل الحصول على مكسب آخر.
* القبول بحل جزئي يتضمن عودة جزء من اللاجئين وإعادة توطين بقية اللاجئين في أماكن تواجدهم الحالي أو في أماكن أخرى يتم الاتفاق عليها.
• ملف الحدود:
يتمسك الفلسطينيون بكامل أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة، ويرفض الإسرائيليون ذلك. فهل سيقبل الطرفان بالمساومة التي يمكن أن تتضمن اللجوء إلى أحد الخيارات الآتية:
* أن يقبل الإسرائيليون بمنح الفلسطينيين كامل أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة مقابل الحصول على مكاسب أخرى.
* أن يقبل الفلسطينيون بالأراضي غير كاملة مقابل الحصول على مكاسب أخرى.
• ملف المستوطنات الإسرائيلية:
يطالب الفلسطينيون بإزالة كل المستوطنات التي أقامتها إسرائيل في أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة، ويرفض الإسرائيليون ذلك. فهل سيقبل الطرفان بالمساومة التي يمكن أن تتضمن اللجوء إلى أحد الخيارات التالية:
* أن يقبل الإسرائيليون بإزالة كل المستوطنات مقابل الحصول على مكاسب أخرى.
* أن يقبل الفلسطينيون بوجود المستوطنات مقابل الحصول على مكاسب أخرى.
* أن تتم إزالة بعض المستوطنات والإبقاء على بعضها الآخر، مقابل أن يحصل كل طرف على المكاسب التعويضية من الطرف الآخر في المجالات الأخرى.
• ملف إقامة الدولة الفلسطينية:
يطالب الفلسطينيون بالإعلان عن تاريخ إقامة الدولتين والاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة السيادة، ويقبل الإسرائيليون بذلك نظرياً ولكنهم يرفضون القبول بأي ترتيبات عملية تتعلق بذلك، فهل سيقبل الفلسطينيون بإبقاء ملف الدولة الفلسطينية حلماً معلقاً، أم سيقبل الطرفان بالمساومة على أحد الخيارات التالية:
* أن يقبل الفلسطينيون بتعليق الترتيبات العملية حول الدولة الفلسطينية المستقلة مقابل الحصول على مكاسب أخرى.
* أن يقبل الإسرائيليون بالدخول في الترتيبات العملية حول الدولة الفلسطينية المستقلة مقابل الحصول على مكاسب أخرى.
• ملف الأمن:
يطالب الإسرائيليون بضرورة تحقيق الأمن كمؤشر لمصداقية وجدية الفلسطينيين، وكشرط مسبق لقيام الإسرائيليين بتنفيذ التزاماتهم السابقة، وبالمقابل يرى الفلسطينيون بأن تنفيذ الإسرائيليين لالتزاماتهم السابقة هو الشرط المسبق لحدوث الأمن، فهل يا ترى سيقبل الطرفان بالمساومة حول تحقيق الأمن والالتزامات السابقة على النحو الذي يؤدي إلى قبول الطرفين بالمساومة على أحد الخيارات الآتية:
* أن يقبل الفلسطينيون بالشرط الإسرائيلي مقابل الحصول على مكاسب أخرى.
* أن يقبل الإسرائيليون بالشرط الفلسطيني مقابل الحصول على مكاسب أخرى.
* أن يتم وضع خطة تزامنية تشترط حدوث التقدم المشترك وفقاً لمبدأ "الخطوة خطوة".
* الإدراك المتبادل وإدراك الذات:
* على الجانب الفلسطيني: يدرك محمود عباس أن إيهود أولمرت مقيد بواسطة الكنيست الإسرائيلي، ولا يستطيع تقديم أي تنازلات وإن أراد القيام بأي خطوة عليه الرجوع إلى الحكومة الإسرائيلية، واستفتاء الشارع الإسرائيلي، إضافة إلى التشاور مع الولايات المتحدة، كذلك يدرك عباس موقعه الذاتي الذي يعاني من الضعف الشعبي وعدم تعاون الأطراف الفلسطينية معه، ولن يستطيع تقديم أي تنازلات قبل التشاور مع الأطراف الفلسطينية ولن يستطيع القبول والموافقة النهائية قبل استفتاء الشعب الفلسطيني.
* على الجانب الإسرائيلي: يدرك إيهود أولمرت أن محمود عباس يعاني من العزلة الداخلية ومن عدم تماسك حركة فتح وبأن بقاء السلطة والحكومة الفلسطينية يتوقف على عدة عوامل أبرزها:
  * استمرار الدعم الخارجي الأمريكي والغربي.
* إضعاف حركة حماس أو على الأقل عدم قيام حركة حماس بتصعيد المعارضة ضد محمود عباس في قطاع غزة.
* دعم إسرائيل للسلطة الفلسطينية سواء عن طريق عدم عرقلة المساعدات الغربية أو عدم رفع الضغوط ضد حماس أو عدم القيام بالاقتحامات العسكرية الجديدة في الضفة الغربية وتقديم المزيد من التنازلات النوعية لمحمود عباس عن طريق إطلاق سراح السجناء أو عن طريق تقليل نقاط التفتيش والحواجز الإسرائيلية المنتشرة في أراضي الضفة الغربية.
* السيناريو المتوقع:
يقول تقرير مركز دراسات وأبحاث القوة الأمريكي بأن أبرز الملاحظات خلال الفترة من عام 2003م وحتى الآن يتمثل في ما يلي:
• لم يتم تنفيذ أي من البنود التي تم إدراجها في مشروع خارطة الطريق.
• المصالح والاهتمامات الخاصة بالأطراف بقيت كما هي، بحيث ظلت مطالب الفلسطينيين بلا تنفيذ وظلت أيضاً مطالب الإسرائيليين بلا تنفيذ.
• القيادات تغيرت فقد كان شارون قوي النفوذ في السياسة الإسرائيلية، وكان ياسر عرفات قوي النفوذ في السياسة الفلسطينية، وحالياً، أصبح يوجد قائدان ضعيفان هما إيهود أولمرت ومحمود عباس وكلاهما يتميز بعدم القوة وعدم القدرة على ممارسة النفوذ على البيئة السياسية الداخلية الخاصة به.
ويقول تحليل مركز أبحاث القوة والسلطة بأن العرب سوف لن يستطيعوا تقديم شيء للزعيم الفلسطيني محمود عباس، وذلك لأن:
• محمود عباس سوف يظل منهمكاًَ لفترة عام على الأقل في المفاوضات مع أولمرت.
• الطريقة التي بدأ بها غير مشجعة لأي طرف عربي لكي يبادر بإبداء –ولو الاستعداد الأدنى- من اجل تقديم المساعدات.
كذلك لن تستطيع الإدارة الأمريكية الضغط على إسرائيل لكي تقدم التنازلات وسوف يتضح هذا جلياً بعد زيارة بوش لإسرائيل نهاية الشهر الحالي.

الجمل: قسم الترجمة والدراسات