ميليس يدس أنفه مجدداً في التحقيق وموسى يرفض الالتقاء بالسنيورة
تابع اللبنانيون أمس الموقف الفرنسي والأميركي الرافض الكشف عن أسماء الدول غير المتعاونة مع لجنة التحقيق في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، بينما عقد الرئيس فؤاد السنيورة جلسة جديدة للحكومة اتخذت قرارات سوف تظل محل نقض في شرعيتها لدى المعارضين لها، وسط استمرار التحضيرات لمؤتمر باريس ــــــ3 بجولة عربية يبدأها السنيورة اليوم في القاهرة.
أما الجديد المتصل بالمبادرات العربية فجاء من خلال إعلان الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى أنه لن يجتمع كما كان مقرراً اليوم مع الرئيس السنيورة الذي يزور القاهرة في إطار جولة عربية موسعة، ولم يفصح موسى عن أسباب تراجعه عن الاجتماع. وهو غادر القاهرة متجهاً إلى الجزائر تلبية لدعوة من حكومتها للمشاركة فى اجتماعات احتفالية بالثقافة العربية، لكنه أشار إلى أنه سيلتقي السنيورة خلال ثلاثة أيام أثناء جولة السنيورة العربية دون أن يحدد مكان الاجتماع، وأوضح أن الجامعة العربية ستشارك فى اجتماعات مؤتمر باريس بشأن لبنان عن طريق صندوق النقد العربي.
ونفت مصادر مقربة من موسى أن تكون خلافات مكتومة بين الجامعة العربية والحكومة اللبنانية قد دفعت موسى إلى تأجيل هذا اللقاء، معتبرة أن التأجيل يرجع إلى تضارب في المواعيد علماً بأن إشارات كثيرة بعث بها موسى مع الموفد السوداني مصطفى اسماعيل تشير الى قلة اهتمام فريق السلطة في لبنان بجهوده.
وفي ما خص موضوع التحقيق الدولي، علمت “الأخبار” أن الرئيس الفرنسي جاك شيراك هو من قاد الحملة المضادة لطرح روسيا الكشف عن هوية الدول غير المتعاونة. وقال دبلوماسيون عرب في الأمم المتحدة إن فرنسا قادت هجوماً عنيفاً بالتعاون مع الولايات المتحدة ضد المقترح الروسي باعتباره “عملاً يحوّر اتجاهات العمل والاهتمام ويفتح أبواباً لا يحتاج إليها التحقيق وان رئيس اللجنة هو من يحدد الأولويات”. ثم أبدى الفرنسيون والاميركيون “خشية من ان يكون الهدف حرف الأنظار عن ضرورة إقامة المحكمة الدولية”. وهو الموقف الذي تبناه فريق السلطة في بيروت حيث أعلن الرئيس السنيورة في مجلس الوزراء ان الحكومة اللبنانية لن تتدخل في التحقيق وهي تترك الأمر لها، بينما أعلن النائب سعد الحريري أنه يدعم بقوة تعاون الكل مع لجنة التحقيق، لكنه توجه بسؤال الى الرئيس نبيه بري عن سبب عرقلة إقرار المحكمة الدولية في المجلس النيابي. وسوف يزور الحريري اليوم باريس للقاء شيراك والبحث معه في ملف التحقيق وفي ملف باريس ــــــ3.
وإذ امتنعت مصادر التحقيق اللبناني عن التعليق على هذا الملف بأكمله، علم أن الرئيس السابق للجنة التحقيق ديتليف ميليس أبلغ متصلين به أنه لا يرحب كثيراً بالتعاون مع براميرتس وأنه يفضل أن يمثل كشاهد أمام المحكمة في حال قيامها، وهو يشك في صوابية ما تقوم به اللجنة الآن، ويعتقد أن خلفه أضر بالتحقيقات التي جرت سابقاً وأن من غير المنطقي تسليمه معلومات يعمل على إيصالها الى المشتبه فيهم كما فعل في وقت سابق بالتعاون مع المدير السياسي للمهمة في الأمم المتحدة إبراهيم غمباري. وأبدى ميليس، بحسب المصادر نفسها، خشية على مصير التحقيق بأكمله، رافضاً التعليق على الأنباء عن قيامه بالعرقلة مع مساعده غيرهارد ليمان الذي سيكون قريباً أمام لجنة مساءلة في البرلمان الألماني بعد تقدم عدد من النواب باستجواب حول دوره في التحقيق وحول احتمال تورّطه في علاقة مالية مع جهات صاحبة مصلحة في توجيه الاتهام نحو طرف معيّن.
وعن اتهام اللواء السيد لليمان بأنه أجرى معه مفاوضات سرية لمساومته على رأس مطلوب مقابل حريته، نقل المتصلون عن ميليس أنه لا يمكن لأحد ملاحقة أحد في هذا الامر وأن لديه معلومات ووثائق حول هذه القصة لا تدينه وان هناك آليات في التحقيق تفرض بعض الخطوات. وأقر ميليس بأنه يمر الآن بفترة صعبة نتيجة تعرضه لضغوط كبيرة من جانب الأمم المتحدة التي تمنعه من الإدلاء بتصريحات علنية وخصوصاً أنه مصر على اعتبار سوريا الطرف المسؤول عن الجريمة.
على الصعيد الداخلي تتجه قوى المعارضة اليوم الى تنظيم تحرك أمام وزارة العدلية مطالبة بالحقيقة في الجرائم السياسية القائمة، بينما يستأنف الاتحاد العمالي العام تحركه الاسبوع المقبل. وتعقد قوى المعارضة اجتماعاً الاثنين تدرس خلاله برنامج العمل للمرحلة المقبلة، وآلية تصعيد غير رمزية تكون مؤثرة وسريعة من شأنها تغيير مسار الازمة، وستعلن مواقيت تنفيذها في الوقت المناسب.
الى ذلك يواصل السفير السعودي في بيروت عبد العزيز خوجة اتصالاته ومساعيه لكسر الجمود، وتردد أنه يعمل على ترتيب لقاءات بين فريقي السلطة والمعارضة، علماً بأنه عقد حتى الآن سلسلة من الاجتماعات مع قيادة حزب الله وسوف يلتقي اليوم المعاون السياسي للأمين العام للحزب الحاج حسين الخليل. وقالت مصادر حزب الله إن خوجة يسعى الى تأمين عقد لقاء بين قيادة الحزب والنائب الحريري. ويقترح في إطار هذا المسعى انعقاد لقاءات بين السنيورة والحريري وكل من الرئيس بري والسيد حسن نصر الله.
في مقابل استعدادات المعارضة للقيام بخطوات تصعيدية على الأرض في الأيام المقبلة، نشطت “الأكثرية” في استكمال “حرب العرائض” على جبهة المجلس النيابي، حيث سلّمت الأمين العام لمجلس النواب عدنان ضاهر، أمس، عريضة نيابية جديدة، ذيّلت يتواقيع 70 نائباً “أكثرياً”، مطالبة رئيس الجمهورية العماد إميل لحود بفتح عقد استثنائي لمجلس النواب يمتدّ من الأول من كانون الثاني 2007 الى السادس عشر من آذار 2007، من أجل “درس وإقرار مشاريع واقتراحات القوانين الواردة والتي ترد الى المجلس، والقيام بدوره التشريعي والرقابي على أعمال الحكومة”، مستندين إلى المادة (33) من الدستور التي تفرض على رئيس الجمهورية “دعوة المجلس إلى عقود استثنائية إذا طلبت ذلك الأكثرية المطلقة من مجموع أعضائه”.
من جهة ثانية واصل وفد المطارنة الموارنة جولته على عدد من القيادات المارونية بغية التوصل الى ميثاق شرف في ما بينها يمنع أي اصطدام سياسي او غير سياسي، ويسهل التوافق على آلية العمل بالمبادرة الصادرة عن الكنيسة والتي عرفت بالثوابت المارونية، وقال أكثر من مصدر إن مسيحيي السلطة لا يسهّلون التوصل الى نتائج قريبة، وإن فريق القوات اللبنانية لا يبدو راغباً في تقييد نفسه بمثل هذه الورقة، وقالت قيادة القوات امس كما أبلغت وفد المطارنة، ان مثل هذا الاتفاق لا ينبغي أن يلغي التمايزات الخاصة بكل فريق، وسط انطباعات بأن “القوات” ومجموعة “قرنة شهوان” لا ترحب كثيراً بهذا الاتفاق الذي يفرض في مرحلة معينة إجراء انتخابات نيابية مبكرة وفق قانون موحد للانتخابات يقلص هامش استفادة هذه المجموعات من تحالفها مع تحالف الحريري ــــــ جنبلاط.
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد