هل تتمكن الوساطة الكرواتية من إنجاز سلام سوري - إسرائيلي
الجمل: تقول بعض المعلومات أن الرئيس الكرواتي ستيبان ميزيتش قد التقى مؤخراً مع الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز ورئيس الوزراء بنيامين نتينياهو وتضمن اللقاء تفاهماً حول مدى إمكانية قيام كرواتيا برعاية مفاوضات السلام السورية – الإسرائيلية.
* ماذا تقول المعلومات؟
زار الرئيس الكرواتي ميزيتش إسرائيل خلال الأسبوع الماضي وعقد لقاء مع الرئيس بيريز ورئيس الوزراء نتينياهو وتضمن اللقاء ما يلي:
• قيام كرواتيا برعاية مفاوضات السلام بين سوريا وإسرائيل.
• أن تخصص كرواتيا جزيرة بريجوني الكرواتية كمقر لاستضافة مفاوضات السلام.
• أن كون قصر الرئيس اليوغسلافي السابق تيتو في الجزيرة هو مكان انعقاد اللقاءات.
أضافت المعلومات أن رئيس الوزراء نتينياهو طرح أمام الرئيس الكرواتي العديد من التساؤلات والتي تعلقت بالنقاط الآتية:
• مدى رغبة دمشق في الوصول إلى اتفاقية سلام مع إسرائيل.
• مدى رغبة دمشق في تحسين العلاقات والروابط مع الغرب.
إضافة لذلك، أكد نتينياهو عن استعداده لإعادة إطلاق المفاوضات دون شروط مسبقة طوال ما كانت هذه المفاوضات مباشرة ودون وجود الوسطاء.
أشارت المعلومات كذلك إلى أن الرئيس الكرواتي أكد لمضيفيه أنه زار دمشق وواثق من مدى جدية دمشق ورغبتها في عقد المفاوضات إضافة لرغبتها في قيام الأطراف الأوروبية بتقديم المساعدة لها لتعزيز جهود السلام.
* ماذا وراء الموقف الإسرائيلي إزاء الموقف الكرواتي؟
يشير التدقيق الفاحص في ردود أفعال رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى طبيعة الموقف الإسرائيلي المثير للجدل، وهو أمر يبدو واضحاً من خلال النقاط الآتية:
• تساؤل نتينياهو حول مدى رغبة دمشق في الوصول إلى اتفاق سلام مع إسرائيل هو تساؤل يرمي ليس إلى معرفة رغبة دمشق وإنما إلى التأكيد بأن إسرائيل ليست راغبة في عقد المفاوضات إلا إذا كانت تقوم على الشرط الليكودي الحصري الذي يؤكد على مفهوم السلام مقابل السلام وليس الأرض مقابل السلام.
• تساؤل نتينياهو حول مدى رغبة دمشق في تحسين العلاقات مع الغرب هو تساؤل ينطوي على الرغبة في إعادة إنتاج شروط إدارة بوش الأمريكية المتعلقة بعدم تحسين العلاقات مع دمشق أو حتى الدخول في مفاوضات معها إلا إذا نفذت الشروط الآتية:
- التخلي عن روابطها مع إيران.
- التخلي عن حلفائها اللبنانيين.
- دعم الاحتلال العسكري الأمريكي في العراق.
- التخلي عن حركات المقاومة الفلسطينية.
إضافة لذلك فإن تأكيدات رئيس الوزراء بنيامين نتينياهو التي قال فيها أنه مستعد لإعادة إطلاق المفاوضات مع سوريا هي تأكيدات تنطوي على الآتي:
• استخدام عبارة "دون شروط مسبقة" الهدف منه إتاحة الفرصة لإسرائيل من أجل إلغاء كل الإرث التفاوضي السابق والتنصل من كل الالتزامات المتعلقة به مثل مبدأ الأرض مقابل السلام ووديعة رابين وما شابهها.
• استخدام عبارة أن تتم بشكل مباشر الهدف منه إتاحة هامش المناورة بشكل واسع داخل جولات التفاوض لصالح الإسرائيليين، لأن إسرائيل وتحديداً نتينياهو يفهم التفاوض المباشر على أساس اعتبارات الجلسات السرية المغلقة التي تتيح للإسرائيليين إنكار ما تفاوضوا عليه.
• استخدام عبارة "أن تتم دون وجود وسطاء" الهدف منه القضاء على جهود تركيا واستبعاد دورها نهائياً ليس في أي مفاوضات سورية – إسرائيلية بل تقويض الدور التركي الإقليمي الرئيسي في المنطقة.
إضافة لذلك فبنيامين نتينياهو كما هو واضح من سياقات الأداء السلوكي الإسرائيلي الحالي إزاء مفاوضات السلام الفلسطينية – الإسرائيلية وما تفرع عنها من خلافات إسرائيلية – أمريكية وضغوط أوروبية يريد هذه المرة تحديد شروط ومواصفات استباقية للمفاوضات السورية – الإسرائيلية تتيح لإسرائيل تفادي وجود أي طرف ثالث قوي يمكن أن يؤدي وجوده ورعايته للمفاوضات إلى تعريض إسرائيل للضغوط الدبلوماسية في حالة سعيها للتملص والمراوغة وبالتالي فمن المتوقع أن لا تسع إسرائيل في الوقت الحالي إلى قبول الدخول في مفاوضات مع سوريا، وحتى إن حدث ذلك فمن المحتمل أن تسعى لإسرائيل إلى بناء وإسقاط نموذج الوساطة الاستباقية الضعيفة التي يقوم فيها بدور الوسيط الدول الصغيرة الضعيفة مثل أذربيجان التي سبق أن سمعنا رغبتها ي رعاية مفاوضات السلام لأن وجود الدول القوية كتركيا وغيرها سوف لن يجلب لإسرائيل سوى إغلاق نوافذ المماطلة والتمادي في الالتفاف على الالتزامات التفاوضية.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد