هل تسقط أمريكا نظام مشرف وتدمر قدرات باكستان النووية؟

24-03-2007

هل تسقط أمريكا نظام مشرف وتدمر قدرات باكستان النووية؟

الجمل:    نشر مركز القوة والمصلحة الأمريكي، على موقعة الالكتروني، تقريراً أعده الدكتور هارش في بانت، يوم 23 آذار الحالي، عنوانه: (أهداف باكستان الاستراتيجية والوضع المتدهور في أفغانستان).
تناول التقرير الموضوع ضمن عدة نقاط، يمكن استعراضها على النحو الآتي:
• المقدمة:
تعاني باكستان عدداً من المشاكل، والرئيس الباكستاني برويز مشرف أصبح غير قادر على التصدي لهذه المشاكل.. وعلى هذه الخلفية تزايدت مشاعر الإحباط  في الغرب، بما أدى إلى تشكيك الأطراف الغربية في مدى مصداقية وفعالية الدور الباكستاني في أفغانستان.
أصبح الرئيس الأفغاني حامد كرزاي ينتقد باكستان علناً محملاً إياها المسؤولية عن التدهور في الأوضاع الأمنية الأفغانية.
كذلك برزت الكثير من الآراء الغربية التي تتهم المخابرات والجيش والحكومة الباكستانية بدعم حركة طالبان الأفغانية، على نحو ارتفعت فيه بعض الأصوات الغربية المطالبة بتفكيك وحل جهاز المخابرات الباكستانية بسبب تغلغل حركة طالبان وتنظيم القاعدة واختراقهما لهذا الجهاز.
• دور باكستان كحليف غربي:
بعد هجمات الحادي عشر من أيلول، وضعت الإدارة الأمريكية الرئيس الباكستاني الجنرال برويز مشرف أمام خيارين: إما التحالف مع أمريكا في حربها ضد الإرهاب وغزو واحتلال أفغانستان، أو اعتباره حليفاً راعياً للإرهاب.. وبسبب حساسية الوضع الإقليمي في المنطقة، وتشدد الموقف الأمريكي، اختار مشرف التحالف مع أمريكا.
الإدراك الغربي للدور الباكستاني كان يقوم على فرضية أن يبذل النظام الباكستاني (كل ما في وسعه) من أجل القضاء على حركة طالبان، وتنظيم القاعدة، واستقرار حكومة الرئيس الأفغاني حامد كرزاي.. أما الإدراك الباكستاني للتحالف مع أمريكا والغرب فكان يقوم على فرضية أن يقدم الغرب وأمريكا لباكستان الدعم والمساندة في حل مشكلة كشمير، والحيلولة دون هيمنة الهند على المنطقة، وأيضاً دعم نظام الجنرال برويز مشرف عسكرياً واقتصادياً وسياسياً في مواجهة المعارضة الإسلامية المتنامية داخل أفغانستان.
بمرور الوقت، لاحظ الباكستانيون عدم قدرة القوات الأمريكية والتحالف الغربي وقوات الناتو في القضاء على حركة طالبان، كذلك لاحظ وأدرك الباكستانيون أن أي مواجهة داخل الأراضي الباكستانية بين الجيش الباكستاني وحركة طالبان سوف تؤدي إلى حرب أهلية باكستانية مدمرة في مناطق القبائل قد تؤدي إلى تقسيم باكستان، وذلك لأن سكان الأقاليم الشمالية الباكستانية هم بالأساس من قبائل البشتون الأفغانية، التي تدعم حركة طالبان.. وعلى خلفية هذه المعطيات أدرك الباكستانيون أن الأمريكيين وحلفاءهم سوف يرحلون في نهاية الأمر، (ربما بعد انتهاء فترة إدارة بوش الحالية التي تبقى لها حوالي العام تقريباً).. وبالتالي فإن استمرار سيطرة ونفوذ باكستان على أفغانستان يرتبط بالحفاظ على علاقات النظام الباكستاني مع قبائل البشتون المسلحة والتي تشكل أغلبية السكان في أفغانستان، وأيضاً في مناطق القبائل الباكستانية.
قرر الباكستانيون الاستمرار في اللعبة المزدوجة: التحالف مع أمريكا من جهة، والتحالف مع البشتون من الجهة الأخرى، وبالتالي مع حركة طالبان بما يؤدي إلى تفادي خطر الحرب الأهلية الباكستانية، ويؤمن لباكستان نفوذها على أفغانستان بعد رحيل أمريكا.
• العلاقات الأفغانية- الباكستانية:
يدرك الرئيس الأفغاني حامد كرزاي بأن استمرار نظامه وبقائه في الحكم يعتمد ويرتبط بقضاء باكستان على البنى التحتية العسكرية لحركة طالبان والموجودة في مناطق قبائل البشتون في شمال العراق، وتدرك أمريكا والناتو هذه الحقيقة أيضاً، وقد أدى تصاعد عمليات حركة طالبان ضد قوات الناتو والحكومة الأفغانية إلى تدهور العلاقات بين الرئيس الأفغاني حامد كرزاي، والرئيس الباكستاني الجنرال برويز مشرف، بحيث اصبح كرزاي وقيادة الناتو يضغطان على أمريكا والتي بدورها أصبحت تضغط على الجنرال مشرف.
• العلاقات الأفغانية- الهندية:
سعى الرئيس الأفغاني حامد كرزاي إلى توثيق علاقاته الثنائية مع الهند، وذلك من أجل الضغط على باكستان، وأيضاً لقطع الطريق على تمديد الباكستان لنفوذها مرة أخرى في أفغانستان، واتسعت دائرة العلاقات الأفغانية الهندية بحيث شملت افتتاح العديد من القنصليات الهندية في المدن الأفغانية الرئيسية، وتدريب القوات المسلحة الأفغانية، وأيضاً تقديم المعونات الاقتصادية الهندية لأفغانستان والتي بلغت الآن حوالي 550 مليون دولار.
وعموماً نقول: اللعبة في منطقة شبه القارة الهندية لم تعد لعبة محلية تأخذ شكل المثلث الإقليمي (الهند، أفغانستان، باكستان)، بل أصبحت لعبة ترتبط بالمجال الدولي، ومن أبرز المؤشرات الدالة على ذلك:
- الدور الأمريكي المزدوج: برغم تحالف أمريكا مع باكستان، إلا أنها على الجانب الآخر، قامت بتوثيق علاقاتها مع الهند، وذلك بهدف تعزيز قدرة الهند في مواجهة الصين وباكستان، وقد ظل الأمريكيون –استناداً إلى نظرية صراع الحضارات- ينظرون إلى المثلث المكون من الهند، الصين، باكستان، باعتباره يمثل مثلثاً دينياً ثقافياً: فالهند هندوسية، والصين بوذية، وباكستان إسلامية، وبالتالي فإن شحن التناقضات والتوترات بين هذه الأطراف الثلاثة سوف يؤدي إلى صراع ثلاثي: هندوسي، بوذي، إسلامي.. ولما كانت أطراف الصراع الثلاثة تمتلك أسلحة الدمار الشامل، فإن اندلاع أي حرب في هذه المنطقة سوف يشعل نيران الفوضى الخلاقة التي قد تحرق معظم القارة الآسيوية وتعرقل تطور ونمو الصين والهند إلى قوى عظمى عالمية.
- المد الأصولي في باكستان وأفغانستان: برغم أن باكستان وأفغانستان تمثلان دولتان مختلفتان بنظامين سياسيين مختلفين، إلا أنهما يتميزان بوحدة الأصل والاثنية والانتماء الثقافي والمذهبي والديني، وقد أدى ذلك إلى جعل الأصولية الإسلامية في باكستان وأفغانستان تشكل تياراً واحداً، فالجماعات الإسلامية الباكستانية هي امتداد للجماعات الإسلامية الأفغانية، وتتبادل هذه الجماعات عمليات الدعم والمساندة بشكل ملفت للنظر، إضافة إلى أن معظم (فقهاء) الجماعات الدينية السلفية الباكستانية هم بمثابة (المراجع العليا) للحركات الأصولية الأفغانية.
واستناداً إلى ذلك فإن أمريكا أصحبت تحاول التخلص من نظام مشرف، كإجراء استباقي احترازي، وذلك لأن نظام مشرف أصبح من المؤكد انه سوف يسقط عاجلاً أم آجلاً، وأن البديل له سوف يكون هو الحركات الأصولية الإسلامية الباكستانية، ولما كانت باكستان دولة نووية فإن الأصوليين سوف يصبحون قوة نووية إذا سيطروا على النظام الباكستاني، وهو ما تخالفه أمريكا وإسرائيل، وبالتالي فإن كل التوقعات تقول: إن أمريكا سوف تحاول إسقاط نظام مشرف وتدمير القدرات النووية الباكستانية، قبل أن تقع في يد الأصوليين الإسلاميين.

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...