وثائق تثبت «تستر»الـ سي آي إيه على معلومات كفيلة بإحباط الهجمات
قيل الكثير عن خلفيات أو أسرار هجمات 11 أيلول (سبتمبر) 2001، ونُسجت عنها أقاويل وادعاءات بعضها أقرب إلى الأساطير. حتى أن مؤلّفاً فرنسياً مغموراً حقّق أكبر مبيعات الكتب عبر العالم، سنة 2002، بكتاب ادّعى فيه أن أي طائرة لم تسقط على مبنى البنتاغون بل ضُرب بصاروخ! وتم تداول إشاعات كثيرة، زعم بعضها أن عدداً من الانتحاريين التسعة عشر اتصلوا بذويهم بعد الهجمات، وقالوا انهم لا يزالون أحياء، وادّعى البعض الآخر وجود أيد إسرائيلية في الهجمات، سواء بمراقبة أو تتبع أو تصوير الانتحاريين أو بإصدار تحذير مزعوم قيل إنه وُجّه إلى اليهود الموجودين في برجي مركز التجارة العالمي صباح التفجير لإخطارهم بضرورة مغادرة المكان...
وعلى رغم الرواج الكبير الذي لقيته تلك الأقاويل لدى هواة «نظرية المؤامرة»، إلا أن أية قرائن أو أدلة ملموسة لم تأت لتؤكّدها طوال السنوات الست المنقضية منذ هجمات «11 سبتمبر». لكن هذا لا يمنع وجود «مناطق ظل» فعلية ومريبة بخصوص تلك الهجمات، خصوصاً ما يتعلق بأداء أجهزة الاستخبارات الأميركية في الفترة التي سبقتها، حيث ظلت الأجهزة الأميركية مكتوفة الأيدي ولم تتحرك لإحباط الهجمات، على رغم من أن معلومات بالغة الخطورة تجمعت لديها في شكل مسبق. ولو لم تتعرض تلك المعلومات للإهمال والتجاهل، لما أمكن انتحاريي «11 أيلول» أن ينجحوا في مخططاتهم، وهذا ما تكشفه بالتفصيل الوثائق السرية التي ننشرها في هذا الملف...
ما قـصـة هـذه الوثـائـق؟ ومـا الـذي تـكشفـه بالضـبـط عـن خــلفـيــات هـجمات «11 أيلول» وأسرارها؟
> الوثيقة الأولى مذكرة سرية رفعتها الاستخبارات المركزية الأميركية إلى الرئيس جورج بوش، بتاريخ 6 آب (أغسطس) 2001، أي قبل الهجمات بـ35 يوماً، وجاء فيها أن أسامة بن لادن عازم على ضرب الولايات المتحدة الأميركية، وأنه قرر «نقل المعركة» إلى داخل التراب الأميركي. وتشير الوثيقة أيضاً الى أن السفارة الأميركية في الإمارات العربية المتحدة تلقت اتصالاً حذّر من أن عناصر من «القاعدة» موجودون في الولايات المتحدة ويعدّون لهجوم إرهابي. وتضيف بأن مكتب التحقيقات الفيديرالي فتح 70 تحقيقاً متعلقاً بنشاطات أنصار بن لادن في أميركا، وأنه رصد تحركات مريبة تتعلق بخطف طائرات!
> الوثيقة الثانية عبارة عن مجموعة من الرسائل الخطية كتبها من سجنه زكريا موسوي، المتهم بأنه «الانتحاري الـ20» في هجمات «11 أيلول». وفيها يؤكد أن مكتب التحقيقات الفيديرالي كان يقوم بمراقبته هو والخاطفين الـ19 قبل هجمات «11 أيلول»، ويتهم «إف بي آي» بالتواطؤ عمداً في التستر على نشاطات الخاطفين، بدليل أنه تعمّد عدم اعتقال هاني حنجور، أحد هؤلاء، على رغم التبليغ عنه كعنصر خطير في مدرسة الطيران ذاتها التي اعتُقل فيها موسوي. وتؤكد هذه الرسائل أن الحكومة الأميركية وكبار ضباط مكتب التحقيقات «تآمروا بصفاقة للسماح عمداً بوقوع هجمات «11 أيلول»، من أجل استغلالها لاحقاً كحجة لتدمير أفغانستان».
اللافت أن تهم «التآمر» و «التستر العمد» ذاتها، التي يقول بها موسوي، تؤكدها محقّقة «إف بي آي» التي اعتقلته بمكتب مينيابوليس، كولين روولي، التي قدّمت استقالتها لاحقاً، واتهمت كبار مسؤولي «إف بي آي» بأنهم تصرفوا في شكل مريب للتستر عمداً على النشاطات الإرهابية لمدبري هجمات «11 أيلول»!
> الوثيقة الثالثة تقرير أعدّه فرع مكتب التحقيقات في مدينة فينكس، بتاريخ 10 تموز (يوليو) 2001، أي قبل شهرين كاملين من هجمات «11 أيلول»، ويشير الى أنه تم رصد عدد غير اعتيادي من أنصار بن لادن الذين كانوا يتابعون تدريبات في مدارس الطيران في ولاية أريزونا. ويقول التقرير بوضوح إن الأمر ليس محض صدفة، وأنه يندرج ضمن مسعى منسّق من جانب بن لادن لتكوين أشخاص قادرين على تدبير هجمات إرهابية تستهدف الطيران المدني.
> الوثيقة الرابعة دراسة استراتيجية تم إعدادها في أيلول 1999، أي قبل عامين بالضبط من هجمات «11 سبتمبر»، من جانب «الهيئة الفيديرالية للأبحاث»، التابعة لأجهزة الاستخبارات الأميركية، وهي عبارة عن بحث استشرافي يرصد تطور ظاهرة الإرهاب، ويقدّم سيناريوات لأشكال الهجمات الإرهابية الجديدة المرتقب ظهورها أو ابتكارها مستقبلاً. وتشير هذه الوثيقة أن انتحاريين من «فيلق الشهداء» التابع لتنظيم «القاعدة» قد يستعملون أشكالاً متعددة من الهجمات الإرهابية لضرب العاصمة الأميركية، من ضمنها استعمال طائرات لصدم البنتاغون أو البيت الأبيض أو مقر وكالة الاستخبارات الأميركية!
ما الذي حدث بالضبط؟
الاستخبارات الأميركية كانت، إذاً، تعرف سلفاً، قبل وقوع هجمات «11 أيلول»، أن أسامة بن لادن قرر نقل «المعركة» إلى التراب الأميركي، وأنه أرسل عدداً من أنصاره لتحضير هجمات إرهابية، وأن تحركات إرهابية مريبة قد رُصدت بما يرجح احتمال خطف طائرات، في الوقت الذي اكتُشف عدد غير اعتيادي من أنصار بن لادن الذين كانوا يتابعون تدريبات في مدراس الطيران في أميركا، وتحديداً في ولاية أريزونا. في حين كانت دراسة استراتيجية توقّعت قبل عامين من الهجمات لجوء انتحاريين من «القاعدة» إلى أشكال مبتكرة من الهجمات الإرهابية، منها صدم البنتاغون أو البيت الأبيض بواسطة طائرات مختطفة.
حيال كل هذه المؤشرات المريبة، لماذا لم تتحرك أجهزة الاستخبارات الأميركية لإحباط الهجمات واعتقال الخاطفين الـ19؟ هل كان ذلك قصوراً أم تقصيراً أم مؤامرة؟
البيت الأبيض اعترف في شهر نيسان (أبريل) 2004، بعد أكثر من عامين من الإنكار والمماطلة، بأن الرئيس بوش لم يقرأ الوثيقة التي تلقاها من «سي آي إيه» بتاريخ 6 آب (أغسطس) إلاّ في صباح 12 أيلول، أي في اليوم التالي للهجمات!
أما الوثيقة التي حذّرت من وجود عدد مريب من أنصار أسامة بن لادن في مدارس الطيران في أريزونا، وطالبت بإعداد قائمة بكل الأجانب الذين دخلوا البلاد للالتحاق بمدارس الطيران، فقد تبين للجنة التحقيق التي شكّلها الكونغرس وقامت بفحص كومبيوترات مصلحة مكافحة الإرهاب في المقر المركزي لـ «إف بي آي»، أن هـــذه الوثـــيقة تمـــت دراســـتها يوم 27 تموز 2001، وكُتبت في الكومبيوتر ملاحظة تقول: تم النظر فيها مع «وحدة أسامة بن لادن» (خلية متخصصة تابعة لوكالة الاستخبارات المركزية)، وتقرّر عدم القيام بأي إجراء في الوقت الراهن! هل كان الأمر مجرد إهمال وتقصير؟ أم هو تواطؤ متعمد للتستر على الهجمات الإرهابية، بهدف استغلالها لاحقاً لتبرير الحروب الأميركية المبيتة في العالم الإسلامي، كما يقول زكريا موسوي، وكما تؤكده المحققة الخاصة التي اعتقلته كولين روولي؟
وثيقة رقم 1:
تقع هذه الوثيقة في صفحتين، وتحمل عنوان: «بن لادن عازم على ضرب الولايات المتحدة». في أسفل كل واحدة من الصفحتين، على هامش النص الرئيسي، تنويه مفاده: «للرئيس فقط»، وتحته تاريخ: 6 أغسطس 2001. وقد تم حجب ثلاثة مقاطع من نص المذكرة، قبل أرشفتها، تتعلق جميعها بحماية مصادر معلومات حصلت عليها «سي آي إيه» من أجهزة استخبارات أجنبية.
تقول الوثيقة: «إن معلومات مستقاة من مصادر سرية وحكومات أجنبية ووسائل إعلام تشير بأن بن لادن يسعى منذ العام 1997 الى شن هجمات إرهابية في الولايات المتحدة. لقد ألمح بن لادن في حوارات مع محطات تلفزيونية أميركية، عامي 1997 و1998، بأن أتباعه سيحتذون بمدبر التفجير ضد مركز التجارة العالمي (المقصود تفجير العام 1993) رمزي يوسف، وأنهم «سينقلون المعركة إلى أميركا».
بعد القصف الصاروخي الأميركي لقاعدته في أفغانستان عام 1998، قال بن لادن لعدد من أتباعه بأنه يريد الرد بأعمال انتقامية في واشنطن، وفقاً لما نقله جهاز...(مقطع مشطوب حجبته الرقابة، والأرجح أن الأمر يتعلق بجهاز استخبارات أجنبي).
في الوقت ذاته، قال ناشط في جماعة «الجهاد الإسلامي» المصرية لجهاز... (مقطع مشطوب أيضاً، والأرجح أن الأمر يتعلق بجهاز استخبارات عربي) أن بن لادن خطّط لاستغلال الحق الذي يتمتع به ذلك الناشط المصري في الدخول إلى الولايات المتحدة من أجل (إشراكه في) تدبير ضربة إرهابية.
إن أعضاءً في تنظيم «القاعدة» - وبعضهم مواطنون أميركيون = يقيمون في الولايات المتحدة أو يسافرون إليها منذ سنوات، ويبدو أن الجماعة (المقصود «القاعدة») ما تزال محتفظة بشبكة إسناد يمكن أن تساعد في تدبير هجمات. لقد كان اثنان من أعضاء تنظيم «القاعدة» الضالعين في مؤامرة تفجير سفارتينا في إفريقيا الشرقية مواطنين أميركيين، كما أن مسؤولاً كبيراً في جماعة «الجهاد الإسلامي» المصرية كان مقيماً في كاليفورنيا منتصف التسعينات.
معلومات مكتب التحقيقات الفدرالي «إف بي آي» منذ تلك الفترة تشير الى وجود نشاطات مريبة في هذا البلد (المقصود الولايات المتحدة) مرتبطة بتحضيرات لعمليات خطف طائرات أو أشكال أخرى من الهجمات، بما فيها عمليات مراقبة حديثة العهد لمبان فدرالية في نيويورك.
إن مكتب التحقيقات «إف بي آي» يجري حالياً 70 تحقيقاً ميدانياً عبر الولايات المتحدة لها علاقة ببن لادن.
كما أن وكالة الاستخبارات المركزية «سي آي إيه» تحقّق بالاشتراك مع مكتب التحقيقات الفدرالي «إف بي آي» بخصوص اتصال هاتفي تلقته سفارتنا في الإمارات العربية المتحدة، في شهر أيار (مايو) (المقصود مايو 2001)، يفيد بأن مجموعة من أنصار بن لادن يوجدون حالياً في الولايات المتحدة ويخطّطون لعمليات تفجيرية».
وثيقة رقم 2:
هذه الرسائل مكتوبة بخط زكريا موسوي، الأصولي الفرنسي من أصل مغربي، الذي اعتُبر من قبل المحققين الأميركيين بمثابة «الانتحاري الـ20» في هجمات «11 سبتمبر». وقد أُدين موسوي بالسجن مدى الحياة، بتهمة الاشتراك في تلك الهجمات، على رغم أنه اعتُقل قبل وقوعها بثلاثة أسابيع. حيال رفض المحكمة الأميركية تزويده بمحام مسلم، قام موسوي بعزل المحامين الموكلين عنه، وانبرى للدفاع عن نفسه بنفسه. وهذه الرسائل الخطية جزء من «مذكرات دفاع» كان يوجهها إلى هيئة المحكمة، على مدى ثلاث سنوات. والمقتطفات المنشورة هنا هي مقاطع من أربعة رسائل مؤرخة في حزيران (يونيو) وتموز (يوليو) 2002:
> الرسالة الأولى: الله أكبر، ولعنة الله على الكافرين.
إن «إف بي آي» يضطهد بخبث «عبدالله» (في النص الإنجليزي Slave Of Allah) زكريا موسوي، على رغم معرفته التامة بما كان يفعله في الولايات المتحدة، وأنه ليست له أي علاقة بمن يسمّون الخاطفين الـ19 (في هجمات 11 أيلول).
إن أجهزة تنصت ومتابعة سيتم العثور عليها في أمتعتي، إذا تم انتداب خبير حكومي مستقل لمعاينتها. ضياع تلك الأمتعة مني خلال رحلة جوية من شيكاغو إلى أوكلاهوما منح لهم (أي لرجال «إف بي آي») الفرصة لزرع تلك الأجهزة فيها. كما أن مروحة كهربائية صغيرة تم وضعها داخل سيارتي في ظروف غامضة، كما لو كانت هدية!
- عمليات المراقبة المذكورة تفسّر لماذا اختاروا أن يعتقلوني أنا وليس الطالب الآخر في (مدرسة الطيران) «بان آم»، وهو الخاطف المفترض في هجمات 11 أيلول (هاني) حنجور. وذلك لأنهم كانوا يعرفون بأنني لم أكن على علاقة بتلك المجموعة، في حين أنهم لو اعتقلوا حنجور، فإن ذلك كان سيشكّل إنذاراً لبقية الفريق...
> الرسالة الثانية: أنا عبد الله، زكريا موسوي، أطالب بأن يُطلق سراحي لكي أمثل أمام لجنة الكونغرس المتعلقة بهجمات «11 أيلول». لدي معلومات عالية الأهمية وأدلة بخصوص طريقة تصرّف «إف بي آي» فيما يتعلق بـ «11 أيلول».
إن العدالة تقتضي التفتح. لكن القاضية ليوني برينكيما، بالعكس، تضيّق إجراءات سجني، وتمنع أية معلومات من الوصول إليّ، فلا تلفزيون ولا إذاعة ولا صحف ولا اتصالات خارجية ولا جلسات ولا إمكانية للتحدث أمام المحكمة.
إن العالم له الحق بأن يعرف (الحقيقة) عن «11 أيلول»، ولن تستطيع القاضية برينكيما أن تمنع العالم من ذلك...
> الرسالة الثالثة: إن (القاضية) ليوني برينكيما ليست فقط الجنرال الذي يخطط لعملية قتلي، بل أنها أيضا من يتولى التنفيذ. إن «إف بي آي» لا يستطيع أن يربح هذه القضية دون مساعدتها، وذلك عبر منعي من التحدث أمام المحكمة. إنها (أي القاضية) تريد عزلي من هيئة الدفاع (المقصود منعه من تولي الدفاع عن نفسه بنفسه)، لكي تستطيع أن تتحكم في أجندة الدفاع. فهم يعلمون بأني أستطيع أن أبرهن من دون أي شكوك منطقية أن هذه القضية هي عبارة عن قضية تستر من قبل «إف - بي - آي» والحكومة.
القاضية برينكيما تبحث باستمرار عن أي مبرر لعزلي من المحكمة. إنها تدرك بأنني يجب أن أُقتل لكي يتم إغلاق ملف هذه القضية مرة واحدة وإلى الأبد. لكنهم يعرفون بأن الله هو الذي سينتصر، وأنه سيأتي اليوم الذي سيتحدّث إلى العلن شخص ما من داخل « إف - بي - آي» أو الحكومة. لذا يجب عليهم قتلي قبل ذلك...
> الرسالة الرابعة: إن محققة «إف - بي - آي» كولين روولي (راجع الكادر المرفق) تعد شاهدة وخبيرة من الدرجة الأولى بخصوص الكيفية التي خطط بها كبار ضباط «إف - بي - آي» للحؤول دون تعميق التحقيق حول خلفياتي ومحيطي قبل هجمات 11 أيلول. وذلك بهدف تفادي إدانتي، وبالتالي إحالتي إلى المحكمة وتزويدي بمحام، لأن ذلك كان ينطوي على مجازفة كبيرة، فمن المحتمل في هذه الحالة أن يتسرّب الخبر ليتصدّر عناوين الصحف قبل «11 أيلول». الأمر الذي كان سيشكّل إنذاراً وتخويفا للخاطفين التسعة عشر حين يعلمون أن «إف - بي - آي» اعتقل مسلماً عربيا في مدرسة «بان آم» للطيران ذاتها التي كان (هاني) حنجور، الخاطف المفترض، قد تدرّب فيها قبل ذلك بأسابيع قليلة...
إنني متأكد بأن كولين روولي لا تعرف بشكل كامل حجم المعلومات التي كانت بين أيدي «إف ـ بي ـ آي» عند اعتقالي في 16 أغسطس 2001. إن الحكومة و (القاضية) ليوني برينكيما قاموا بوضع أختام الشمع الأحمر على كل الوثائق، وذلك للحؤول دون اكتشاف المحقّقين فساد كبار ضباط «إف بي آي» وصفاقة اللعبة التي لعبوها.
إن القاضية ليوني برينكيما تحاول أن تتحجّج بأن كولين روولي ليست لها الكفاءة الكافية للتحقيق حول 11 أيلول. لكن مثول كولين روولي للإدلاء بشهادتها والإجابة على أسئلتي سيسمح لجميع الأميركيين بأن يعرفوا كيف قامت حكومتهم، بكل صفاقة، بالسماح بوقوع هجمات 11 أيلول. وذلك بهدف اتخاذها حجة لتدمير أفغانستان...
من هي كولين روولي؟
كانت كولين روولي محققة خاصة بفرع «إف بي آي» في مينيابوليس (قدمت استقالتها في نيسان (أبريل) 2003، وهي التي تلقت البلاغ الذي تقدم به، يوم 16 آب (أغسطس) 2001، ضد زكريا موسوي مدرّبه بمدرسة «بان آم» للطيران. وقد اشتكت روولي لاحقاً من عدم تجاوب مسؤوليها في الـ «إف بي آي» مع تقاريرها التي حذّرت من خطر موسوي قبل هجمات «11 أيلول»، واحتجّت على منعها من تفتيش أمتعته، على رغم حصولها على تأكيد من الاستخبارات الفرنسية حول صلاته الإرهابية، مرجّحة أنه لو سُمح لها بتفتيش كومبيوتر موسوي لاكتشفت معلومات كان من شأنها الحؤول دون وقوع هجمات «11 أيلول».
برز اسم كولين روولي إلى الواجهة سنة 2002، واختيرت شخصية العام من مجلة «تايم». وذلك بعد أن توجّهت برسالة مدوية، تقع في 13 صفحة، إلى مدير الـ «إف بي آي»، روبرت مولير، بتاريخ 21 أيار (مايو) تلك السنة، للتنديد بما وصفته بالتصرفات المريبة لكبار مسؤولي الـ «إف بي آي» حيال ما كان واضحاً وبديهياً أنها نشاطات إرهابية قبيل هجمات «11 أيلول»، معتبرة أن ذلك كان بمثابة «تواطؤ» و «تستر متعمد» على تلك النشاطات الإرهابية. وهي المصطلحات ذاتها التي يستعملها موسوي في رسائله! مع الإشارة الى أن موسوي ممنوع منذ اعتقاله من قراءة الصحف أو مشاهدة التلفزيون، وبالتالي لا يمكن أن يكون قد سمع بتصريحات روولي الى وسائل الإعلام.
وثيقة رقم 3:
تقع هذه الوثيقة في صفحتين، وتحمل في أعلى الصفحة الأولى شعار: مكتب التحقيقات الفيدرالي، وبجانبه على الهامش ملاحظة مفادها: رجاء عدم النسخ Do Not Copy. تحت شعار الـ «إف بي آي» كُتب الى اليسار تاريخ: 10 تموز (يوليو) 2001، وتقابله على اليمين عبارة: «نوعية الإجراء: روتيني». وتحتها استمارة معلومات كُتب الى يمينها: «الجهات المُرسَل إليها: مصلحة مكافحة الإرهاب، وفرع نيويورك، وقبالتها الى اليسار: إلى عناية... (أسماء أشخاص في مصلحة مكافحة الإرهاب وفرع الـ «إف بي آي» في نيويورك تم حجب أسمائهم وصفاتهم من الوثيقة قبل أرشفتها)، وعلى السطر الموازي عبارة: «الجهة المُرْسِلة: مكتب فينكس، الاتصال بالمحقق الخاص... (تم حجب اسم هذا المحقق الذي أعدّ المذكرة، لكن تقارير إعلامية أميركية كشفت لاحقا أن اسمه كينيث ويليامز).
تقول المذكرة: «إن الهدف من هذا التقرير إشعار المكتب (المقصود المقر المركزي لـ «إف بي آي» ونيويورك (أي فرع المكتب في نيويورك) باحتمال وجود جهد مبيّت أو مسعى منسّق من أسامة بن لادن لإرسال طلبة إلى الولايات المتحدة للالتحاق بجامعات ومدارس الطيران المدني. إن فينكس (المقصود فرع الـ «إف بي آي» في مدينة فينكس، الصادر عنه هذا التقرير) لاحظ أن عدداً غير اعتيادي من الأشخاص الذين يجدر إجراء تحريات عنهم يتابعون حالياً أو انتهوا من متابعة دروس في جامعات ومدارس الطيران المدني في ولاية أريزونا.
إن العدد غير الاعتيادي لهؤلاء الأشخاص الذين يتابعون دروساً في هذا النوع من المدارس، ووجود فتاوى... (تم حجب سطرين يتعلقان على الأرجح بمصدر هذه الفتاوى)، يدفع الى الاعتقاد بأن جهداً منسقاً يجرى الآن من أجل تشكيل حلقة من الأشخاص المخوّلين للعمل ذات يوم في مجال الطيران المدني عبر العالم، وهؤلاء سيكونون مستقبلاً في مواقع ستسمح لهم بتنفيذ نشطات إرهابية تستهدف الطيران المدني.
إن (فرع الـ «إف بي آي» في) فينكس يعتقد بأنه يجب على الـ «إف بي آي» إعداد قائمة بكل جامعات ومدراس الطيران المدني في أنحاء البلاد. وأن الفروع الميدانية للـ «إف بي آي» التي توجد هذه الأنواع من المدارس في المناطق الواقعة تحت مسؤوليتها يجب أن تفتح فيما بينها قنوات اتصال ملائمة. ويجب على الإدارة المركزية للـ «إف بي آي» أن تناقش هذا الأمر مع بقية وحدات أجهزة الاستخبارات، وأن تستجوب تلك الأجهزة بخصوص أية معلومات من شأنها أن تؤكّد شكوك فرع فينكس. وعلى الإدارة المركزية أيضاً القيام بما يلزم من أبحاث للحصول على معلومات من مصالح الجمارك الأميركية حول كل تأشيرات الدخول التي تم منحها الى أشخاص بغية الالتحاق بهذه الأنواع من المدارس، وإخطار فروع الـ «إف بي آي» الميدانية المعنية التي خطط هؤلاء الأشخاص للتوجه إلى مدارس في المناطق الواقعة ضمن نطاق مسؤوليتها.
إن (فرع الـ «إف بي آي» في) فينكس يعتقد بأنه ليس من محض الصدف أن يلتحق هؤلاء الأشخاص الذين هم من أنصار أسامة بن لادن بمدارس/جامعات الطيران المدني في ولاية أريزونا...
وثيقة رقم 4:
تقع هذه الدراسة في 178 صفحة، وتحمل عنوان: «سوسيولوجيا وبسيكولوجيا الإرهاب: من الذين يصبحون إرهابيين؟ ولماذا؟»، وهي من إعداد «الهيئة الفدرالية للأبحاث»، وهو مركز دراسات مشترك بين مختلف أجهزة الاستخبارات الأميركية، هدفه تزويد تلك الأجهزة بما تحتاج إليه من تحاليل ودراسات سرية في المجال الأمني.
هذه الدراسة من تأليف ريكس إي. هيودسون، وتحمل تاريخ أيلول 1999، أي قبل سنتين بالضبط من هجمات 11 أيلول 2001.
في ما يأتي أهم المقتطفات من الفصل الثاني فيها، الذي يحمل عنوان: «سيناريوات حول الأشكال الجديدة للتهديدات الإرهابية»:
إن أربع جماعات سنناقشها هنا، وهي حركتان من المقاتلين المتمردين وجماعة إرهابية وطائفة دينية، بلغ تطرّفها إلى حد أنها تشكل حالياً خطراً خاصاً ومصدر تهديد إرهابي لأمن ومصالح الولايات المتحدة، وهي «نمور تاميل» و «حزب الله» و «القاعدة» و «آوم شينريكيو» («الحقيقة المطلقة» اليابانية).
إن التهديد الذي يشكله الإرهابيون الأصوليون المسلمون للمصالح الأميركية تجسّد في شكل خاص في تفجير «القاعدة» للسفارتين الأميركيتين في كينيا وتنزانيا، في آب (أغسطس) 1998. عبر هذين التفجيرين المدمّرين، برز أسامة بن لادن إلى الواجهة كإرهابي قوي يهدد المصالح الأميركية عبر العالم. وإن بن لادن يمثل نموذجاً لصنف جديد من الإرهابيين، كرجل أعمال من القطاع الخاص يضع مؤسسة مالية عصرية في خدمة شبكة إرهابية عالمية.
إن الرد المرتقب من «القاعدة» على الهجمة الصاروخية الأميركية ضد معسكراتها في أفغانستان، يوم 20 آب 1998، يمكن أن يتخذ أشكالاً متعددة من الهجمات الإرهابية التي ستضرب عاصمتنا. فقد تستعمل «القاعدة» قنبلة مدمّرة للمباني من «الطراز الشيشاني» لضرب مبان فدرالية. ويمكن لانتحاري أو أكثر ينتمون الى «فيلق الشهداء» التابع لـ «القاعدة» أن يستعملوا طائرات مفخخة بمتفجرات قوية من طراز «سي - 4» أو «سيمتكس» ليصدموا بها البنتاغون أو المقر المركزي للـ «سي - آي - إيه» أو البيت الأبيض...
المنسّق السابق لمكافحة الإرهاب في البيت الأبيض: دقوا ناقوس الخطر إذا سقط عصفور عن غصنه من دون مبرر!
في مذكراته التي أصدرها في ربيع العام 2004، تحت عنوان «ضد كل الأعداء»، يروي منسق فريق مكافحة الإرهاب في البيت الأبيض، ريتشارد كلارك، أن المعلومات التي توصلت اليها الاستخبارات الأميركية، بدءاً من ربيع 2001، جعلته متيقناً من أن «القاعدة» تحضّر عملاً إرهابياً كبيراً فوق التراب الأميركي.
ويضيف: «خلال الأسبوع الأول من تموز (يوليو) 2001، عقدتُ اجتماعاً لفريق مكافحة الإرهاب في البيت الأبيض، وأمرت بإبلاغ كل أجهزة الاستخبارات بأن تضع نفسها في حالة طوارئ قصوى، وأن تلغى الإجازات السنوية أو أية تنقلات مقررة سلفاً للعاملين في مكافحة الإرهاب. وطلبت من كل جهاز إن يبلّغنا في الحال عن أي أمر مريب»، ويقول: «إذا سقط عصفور عن غصنه من دون مبرر معقول، فعليكم أن تدقوا ناقوس الخطر فوراً! طلبت من «إف بي آي» أن يرسل إخطاراً بذلك إلى مكاتبه البالغ عددها 18 ألفاً، وطلبت من وزارة الخارجية أن تبلغ السفارات كافة، ومن وزارة الدفاع أن تفعّل نظام الطوارئ «دلتا». وفي اليوم التالي عقدتُ اجتماعاً لمسؤولي الطيران المدني والجمارك وحرس الشواطئ، لإبلاغهم بالتحذير ذاته، وطلبتُ تشديد الرقابة في المطارات والموانئ...».
ويتابع: «في مكان ما، في مكتب تابع لـ «سي آي إيه»، وصلت معلومة تقول ان إرهابيين معروفين بانتمائهم الى «القاعدة» قد دخلا الولايات المتحدة (إشارة إلى نواف الحازمي وخالد المحضار، اللذين رُصدا من الاستخبارات الأميركية منذ تفجير المدمرة «كول» في اليمن، ونُسي وضع اسميهما على قوائم الإرهابيين الممنوعين من دخول التراب الأميركي)... وعلى مكتب آخر في مقر «إف بي آي»، حطّت تقارير أخرى تشير الى أن نشاطات مريبة تجرى في مدارس للتدريب على الطيران في أريزونا. لقد كانت تلك المعلومات أخطر بكثير من سقوط عصفور عن غصنه. لكن أحداً لم يدق ناقوس الخطر، كما طلبتُ!».
عثمان تزغارت
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد