الأسد يطالب المجتمع الدولي بوقف التدخل في لبنان
تشهد دمشق في الآونة الأخيرة حركة دبلوماسية نشطة، آخرها زيارة مسؤول أميركي بعد قطيعة طويلة، محورها الوضع في لبنان، قبل زيارة قريبة للرئيس بشار الأسد إلى موسكو، من المقرر أن يحصل خلالها على تعهّد روسي بعدم استخدام المحكمة الدولية في اغتيال الرئيس رفيق الحريري “لتصفية الحساب مع دمشق”.
ودعا الرئيس الأسد أمس المجتمع الدولي إلى “عدم التدخل في شؤون لبنان باعتبار أن اللبنانيين قادرون على التفاهم في ما بينهم بشأن قضاياهم الوطنية”.
وذكرت وكالة الأنباء السورية (سانا) أن الأسد أطلع السيناتور الديموقراطي الأميركي بيل نيلسون على “وجهة النظر السورية من الأوضاع في كل من العراق والأراضي الفلسطينية المحتلة ولبنان”. ودعا “المجتمع الدولي إلى بذل الجهود مع دول المنطقة لتحقيق الأمن والاستقرار فيها”، مجدداً التأكيد على “موقف سوريا الداعي إلى جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل والمؤيد للاستخدام السلمي للطاقة النووية”.
وأضافت الوكالة أنه “كان هناك اهتمام مشترك من الجانبين السوري والأميركي لتفعيل الحوار بينهما ووضع آليات للتعاون الثنائي”.
ونيلسون هو أول عضو في الكونغرس الأميركي يزور سوريا منذ كانون الثاني 2005.
وكان المرشح الديموقراطي السابق للرئاسة جون كيري آخر مسؤول أميركي زار دمشق في العام 2004. وذكرت مصادر دبلوماسية أن كيري سيزور العاصمة السورية الأسبوع المقبل.
وفي هذا السياق، قال نائب الرئيس فاروق الشرع إن ما يحدث في لبنان شأن داخلي وإن سوريا توافق على ما يتفق عليه اللبنانيون، مبدياً ارتياحه إلى تقرير المحقق الدولي سيرج براميرتس.
وأكّد الشرع، أثناء لقائه وفداً من الصحافيين الروس في دمشق، أن بلاده مقتنعة بأن مصالح اللبنانيين لا تتعارض مع المصالح السورية. وتطرق إلى تقرير براميرتس قائلاً: «على الرغم من أننا لم ندرس هذا التقرير بعد، إلا أن اطلاعنا على نصه للمرة الأولى يتيح لنا التوصل إلى استنتاج حول وجود توجه إيجابي في الموقف من سوريا».
وأضاف الشرع أن التقرير الجديد «لا يتحدث عما يسمى تعاوناً غير كاف من جانب سوريا مع المحققين الدوليين، ما يعد عاملاً إيجابياً، ويدل على تليين السياسة الدولية في هذه المسألة».
ونفى الشرع الأنباء التي تناقلتها وسائل الإعلام الغربية عن بيع سوريا أسلحة لحزب الله، وقال إن بلاده «لا تبيع الأسلحة التي تحصل عليها من روسيا لبلدان أخرى». وذكّر بأن هذه المزاعم صدرت عن رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت، وأن إسرائيل ستهدأ عندما تكون سوريا منزوعة السلاح تماماً، مشيراً إلى أن سوريا «لا تستخدم مثل هذه الأساليب، لأن الأسلحة التي تشتريها من روسيا ضرورية لأغراض الدفاع عن سوريا». وأضاف أن دمشق تحصل على الأسلحة من روسيا «بصعوبة بالغة».
وقال الشرع إن الولايات المتحدة ارتكبت خطأ كبيراً باحتلالها العراق، وإن إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش لم تحقق الأهداف التي وضعتها لنفسها من هذه الحرب. وأضاف أن المحافظين الجدد في البيت الأبيض لا يعترفون بأخطائهم الآن «وهذا هو سبب الاضطراب الذي يشهده المجتمع الأميركي حالياً».
وقال الشرع إن سوريا ليست «الأخت الصغرى» لإيران وإن من الخطأ النظر إلى إيران دولة عظمى إقليمية، لأن القيادة الإيرانية نفسها لم تتحدث عن ذلك في يوم من الأيام.
وأشار إلى وجود علاقات استراتيجية بين البلدين، مشدداً على أن معاداة طهران ليست من مصلحة سوريا والعالم العربي.
ويأتي كلام الشرع إلى الصحافيين الروس، مع اقتراب زيارة الرئيس الأسد إلى موسكو في 19 الشهر الحالي.
قال دبلوماسي روسي أمس إن الرئيس فلاديمير بوتين يعتزم طمأنة الأسد إلى أن روسيا لن تسمح لأعدائها السياسيين باستغلال لجنة التحقيق في اغتيال الحريري.
وقال الملحق الصحافي للسفارة الروسية في دمشق، يفغيني بوسوخوف، إن الاجتماعات ستركز على محكمة خاصة يجري التخطيط لها لتحاكم المشتبه فيهم باغتيال الحريري وعلى الاضطرابات في لبنان والعراق والسلام في الشرق الأوسط.
وقال بوسوخوف، لوكالة “رويترز”، إن “بعض الدول تريد استخدام تحقيق الحريري والمحاكمة لتصفية حسابات مع سوريا ورئيسها. وترى روسيا أن المحكمة يجب ألا تستخدم في حل نزاعات لبنانية سورية ويجب عدم إضفاء صبغة سياسية عليها”. وأضاف أن “روسيا تتفهم مخاوف سوريا من المحكمة وتريد أن تعمل بجدية وفقاً للأدلة فقط. وسيكون عملها في المدى الطويل. نحن لا نتحدث بشأن محاكمة يوم واحد”.
ورأى بوسوخوف “زيارة الرئيس الأسد إلى موسكو إشارة أخرى إلى أن سوريا تخرج من العزلة، وهدفها الرئيسي هو التعرف إلى المواقف وتبادل الرأي بشأن الأزمة اللبنانية والعراق وفلسطين”. وأوضح أن “بوتين سيبلغ الأسد بأن أزمة الشرق الأوسط لا يمكن أن تحل من دون مشاركة سوريا”.
إلى ذلك، وصل إلى القاهرة أمس رئيس الوزراء محمد ناجي عطري، في زيارة يترأس خلالها اجتماعات اللجنة المشتركة للتعاون الاقتصادي بين مصر وسوريا.
ومن المقرر ان يلتقي عطري بالرئيس حسني مبارك اليوم الخميس في أول لقاء من نوعه على هذا المستوى منذ تأزّم العلاقات بين البلدين على خلفية تصريحات للرئيس الأسد انتقد فيها مواقف الزعماء العرب خلال العدوان على لبنان.
من جهة اخرى أعلن السيناتور الأميركي الديموقراطي كريستوفر دود، العضو الفاعل في لجنة الشؤون الخارجية، انه سيبدأ غداً زيارة إلى الشرق الأوسط تستغرق أسبوعاً وتشمل العاصمة السورية دمشق، حيث سيلتقي الرئيس بشار الأسد، كما سيزور لبنان والعراق والأردن وإسرائيل.
وأصدر مكتب دود بياناً جاء فيه أنه «مضت أشهر عدة والسيناتور دود يدعو الولايات المتحدة الى الاتصال بسوريا».
وذكر السيناتور دود، من جهة ثانية، أن وزارة الخارجية الأميركية طلبت منه، خلال زيارة له إلى المنطقة في نيسان الماضي، عدم التوجه الى سوريا.
الى ذلك، التقى السيناتور الديموقراطي بيل نيلسون الرئيس الأسد في دمشق أمس، حيث رأى بعيد اللقاء أن «الباب بات مفتوحاً جزئياً» لإجراء محادثات سورية أميركية بشأن العراق.
وشدَّد المتحدث باسم الخارجية الأميركية شون ماكورماك أمس، على ان أعضاء الكونغرس أحرار في تحديد وجهات سفرهم، إلا انه أضاف: «لا نرى فائدة من هذه الاتصالات المباشرة»، في إشارة الى سوريا.
وقال ماكورماك ان «الحكومة السورية تعرف تماماً ما عليها القيام به، والولايات المتحدة لن تقايض فتح اتصالات مع سوريا بحرية اللبنانيين أو عبر التغاضي عن تحقيق الأمم المتحدة في مقتل رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري».
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد