القصف التركي لسورية يهدد بحرب أوسع نطاقاً
الجمل ـ بقلم:Bill Van Auken ـ ترجمة وصال صالح:
يهدد التدخل العسكري الاميركي المتزايد في العراق وسورية باندلاع حرب أوسع بكثير، اتخذ الأمر شكلاً أكثر حدة في أعقاب سلسلة الغارات الجوية التركية ضد قوات الميليشيات الكردية السورية المتحالفة مع واشنطن، وكانت حكومة الرئيس التركي رجب طيب اردوغان ذكرت أن الطائرات الحربية التركية شنت 26 غارة ضد 18 هدفاً منفصلاً في شمال سورية هذا الاسبوع ما أسفر عن مقتل 200 من وحدات حماية الشعب الكردي YPG فيما قالت الميليشيت الكردية ان عدد القتلى بلغ 15 بينهم مدنيون واستمرت الغارات التي بدات يوم الأربعاء طوال يوم الخميس، وتبع ذلك غارات جوية تركية يوم الجمعة بقصف مكثف لمواقع الYPG في الريف الشمالي لمدينة حلب وذكرت مصادر كردية ان اكثر من 150 صاروخاً ضرب المنطقة التي كانت الميليشيات الكردية استعادتها سابقاً من داعش.
مهما كان العدد الحقيقي للقتلى، تسجل هذه الهجمات تصعيد كبير في التدخل العسكري التركي في سورية الذي بدأ في آب مع الغزوة التي أطلق عليها اسم "عملية درع الفرات" لقد أدت هذه الضربات الجوية إلى ردة فعل غاضبة من قبل الحكومة السورية التي تعهدت بإسقاط الطائرات الحربية التركية التي ستقوم بتنفيذ المزيد من الغارات على الأراضي السورية "أي محاولة مرة أخرى لاختراق المجال الجوي السوري من قبل الطائرت الحربية التركية سيتم التعامل معها وسيتم إسقاطها بكل الوسائل المتاحة"حذرت قيادة الجيش السوري في بيان يوم الجمعة.
من جانبه، أشار اردوغان إلى أن تركيا ستواصل الهجمات عبر الحدود قائلاً "نحن لن ننتظر إلى أن تاتي المشاكل وتطرق بابنا" وبرر الضربات الجوية في سورية بانها تاتي في إطار الرد على مصدر التهديدات، وقد صعدت هذه الضربات من حدة التوتر الدولي بشأن الصراع في سورية لأعلى مستوى منذ تشرين الثاني الماضي عندما أسقطت تركيا طائرة حربية روسية كانت تنفذ عمليات ضد تنظيم داعش على الحدود السورية-التركية.
فيما يتعلق ببيان الجيش السوري، فإن إسقاطه لطائرات تركية يمكن أن يؤدي إلى لجوء أنقرة للمادة 5 من ميثاق الناتو الذي يطلب من الولايات المتحدة وغيرها من الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلس الدفاع عن تركيا وإطلاق العنان لحرب دولية بقيادة الناتو ليس فقط ضد سورية وإنما ضد حليفتها روسيا، ثاني اكبر قوة نووية في العالم.
في قلب هذه التوترات تكمن المجموعة المنقسمة من حلفاء واشنطن التي أُحضرت للتدخل في وقت واحد في العراق وسورية، وبينما تبدو هذ القوى متفقة على خوض نضالاً مشتركاً لهزيمة داعش إلا انها في واقع الامر كل منها يبحث عن مصالحه العدائية المتبادلة الخاصة بها، الامبريالية الأميركية في سعيها المحموم لتغيير "النظام" في سورية، استخدمت الميليشيات الاسلامية كقوات بالوكالة، بينما تستفيد من الحملة المضادة لداعش في العراق البلد المجاور لسورية، لتعزيز سيطرتها على القواعد وتأمين انتشار دائم لقواتها العسكرية في البلد الغني بالنفط، في الوقت نفسه، جندت واشنطن الميليشيات الكردية للمساعدة كقوات برية رئيسية لمهاجمة مواقع لداعش في سورية، وهذا الأمر أغضب تركيا التي تدخلت في سورية بذريعة مكافحة داعشن لكن وجهت نيرانها الرئيسية ضد الأكراد.
تجدر الإشارة إلى ان الهجمات التركية هذا الاسبوع لطرد القوات الكردية إلى غرب نهر الفرات ومنع ربط الكانتونات الكردية من عفرين في الغرب إلى كوباني في الشرق ، هذه المنطقة التي تخشى تركيا من ان يقيم عليها الأكراد منطقة حكم ذاتي على طول الحدود التركية، وقد أعربت الحكومة التركية عن مخاوفها من أن تؤدي المكاسب الاقليمية للقوات الكردية السورية إلى تعزيز مطالب السكان الأكراد الذين يعيشون في تركيا ويعانون من الظلم والكبت للمطالبة بالحكم الذاتي.
في خضم هذا القتال المميت بين حلفاء واشنطن المفترضين في القتل ضد داعش، وصل وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر إلى أنقرة يوم الجمعةلإجراء محادثات مع الحكومة التركية تتعلق بسورية والعراق، ووفقاً لتصريحات كارتر في تركيا فإن الهدف من وراء هذه الزيارة يندرج في سياق التخفيف من التوترات مع أنقرة التي شهدت تصدعاً عميقاً منذ الانقلاب العسكري الفاشل ضد اردوغان في 15 تموز، والذي يعتقد الكثير من الأتراك بأنه كان يحظى بالدعم الاميركي، وزير الدفاع الأميركي قال "سنواصل الوقوف جنباً غلى جنب مع شركائنا في حلف شمال الاطلسي ضد التهديدات المشتركة" وقال كارتر بأنه كان هناك اتفاق من حيث "المبدأ" للسماح لتركيا بالمشاركة في الحصار المستمر للموصل شمال العراق قائلاً " العراق يتفهم أن تركيا بصفتها عضو في التحالف المضاد لداعش، سوف تلعب دوراً في عمليات مكافحة داعش في العراق وبالنتيجة النهائية هناك مصلحة لتركيا في الموصل كونها مجاورة للمنطقة" وأعرب اردوغان عن "مصالح" تركيا في الموصل مستحضراً مطالب تعود لقرن من الزمان من مطالبة تركيا بالسيادة على المنطقة، مزاعم كارتر عن التوصل لاتفاق قوبل بالرفض من قبل الحكومة العراقية التي أشارت في وقت سابق إلى انها ستهاجم القوات التركية التي ستحاول التقدم في المدينة "أنا غير قادر على التعليق على بيان كارتر ونحن لا نعلم عن أي اتفاق للسماح للقوات التركية على الأراضي العراقية، حتى الآن" قال المتحدث باسم الحكومة العراقية.
هناك تقارير متزايدة تشير إلى أن ما يحدث في العراق، على الأقل من ناحية، تهريب المقاتلين الاسلاميين إلى سورية من أجل استخدامهم لاحقاً في الحرب ضد الدولة السورية، وذكرت شبكة الCNN أن المقاتلين مع عائلاتهم بدأوا بالفعل الوصول إلى مدينة الرقة السورية، ومن المرجح أن "النصر" في الموصل لن يتحقق إلا عبر تحويل المدينة إلى ركام وإلحاق الخسائر الضخمة بالسكان المدنيين، وهذا سضع الساحة على مفترق صراع جديد لا بل أكثر مرارة بين القوى المتنافسة الطامعة بالثروة النفطية في شمال العراق.
واشنطن وحلفاؤها يستعدون لارتكاب المجازر، مع التحذيرات المتكررة بان داعش يستخدم السكان في الموصل كدروع بشرية، وبالتالي قد تقدم ذريعة للقتل الجماعي للمدنيين في قصف المدينة، مثل هذا النوع من الجرائم ارتكب يوم الجمعة في شمال العراق وادى إلى مقتل 15 امرأة بالقرب من مدينة كركوك التي كانت مسرحاً لسلسلة من الهجمات الإرهابية لداعش، الولايات المتحدة وحلفائها هم الوحيدون الذين ينفذون غارات قصف على المنطقة المجاورة، بينما وسائل الإعلام الببغاوات تتحدث عن الدروع ا لبشرية في الموصل، وتتجاهل الفظائع التي تُرتكب في سياق الهجوم هناك وبالمقابل تتبنى الموقف المعاكس لما يجري على بعد 300 ميل إلى الغرب في حلب، تواصل اتهامها لسورية ولحليفتها روسيا بارتكاب جرائم تتعلق بالقصف المكثف لشرق حلب، في المناطق التي تسيطر عليها الميليشيات المرتبطة بالقاعدة، فيما تم تعليق الغارات الجوية يوم الجمعة، وفتحت الممرات للسماح للمدنيين بمغادرة الأحياء المحاصرة، وسنحت الفرصة لعدد قليل من المدنيين للمغادرة ، وأفادت تقارير ممن خرجوا بأن الميليشيات استخدمت الذخيرة الحية لتفريق أولئك الساعين للهروب، وانه تم إعدام 14 من المسؤولين المحليين الذين حثوا الناس على الفرار، هذه التقارير لم تُثير سخط وسائل الإعلام الغربي التي لا تلمح إلى أن قوات واشنطن بالوكالة تستغل المدنيين كدروع بشرية.
عن:World Socialist Website
الجمل
إضافة تعليق جديد