كيف تقود الولايات المتحدة الأمريكية الصراع السني- الشيعي في المنطقة
الجمل: أجرى بيرنارد غفيرتزمان، مستشار التحرير بمجلس العلاقات الخارجية، حواراً مع ستيفن كوك، خبير الشؤون السياسية الشرق أوسطية، حول قرار الإدارة الأمريكية بالاجتماع مع سوريا وإيران.
الخبير ستيفن كوك، عمل مستشاراً للجنة بيكر- هاميلتون (مجموعة دراسة العراق ISG) وقد وصف كوك قرار الاجتماع مع سوريا وإيران بأنه قرار صائب.
• تجاهلت الإدارة الأمريكية توصية لجنة بيكر- هاميلتون المتعلقة بالتفاهم مع سوريا وإيران، واشترطت الإدارة الأمريكية ضرورة أن تتخلى سوريا وإيران عن السلوك غير المواتي في العراق.. أولاً قبل كل شيء حتى تتحدث معهما.. فما الذي أدى إلى التحول –الجديد- الذي دفع وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس إلى القول بأن الولايات المتحدة سوف تقوم بحضور هذا الاجتماع الإقليمي؟
• حدثت بعض الأشياء التي أجبرت الإدارة الأمريكية على تغيير مساراتها، فالضغوط في واشنطن دفعت الإدارة الأمريكية إلى أن تحاول القيام ببناء الحوار الإقليمي. طالما أن الإدارة الأمريكية في موقف دفاعي إزاء سياساتها حول العراق، وبصدور قرار الكونغرس غير الملزم الذي يعارض سياسات الإدارة هذه، فإن قبول الإدارة الأمريكية الاجتماع مع سوريا وإيران، هو تأكيد على أن إدارة بوش تحاول بهذا القبول إظهار أنها تعلمت والتقطت إشارة الكونغرس.. ومن ثم تحاول التأكيد للأمريكيين بأنها تعمل باتجاه التغيير.
ويقول كروك: إن الإدارة الأمريكية في موقف دفاعي إزاء سياستها في العراق، ولكنها في موقف هجومي في سياستها إزاء إيران، وذلك لأن إدارة بوش قد أنجزت التالي في مواجهتها مع إيران:
- حشد قواتها العسكرية في كل المناطق المتاخمة لإيران.
- حشد المجتمع الدولي في الضغوط على إيران.
- دفع الاتحاد الأوروبي للوقوف بجانب الإدارة الأمريكية.
- حشد الدول العربية الخليجية ضد إيران.
- إضعاف نفوذ الميليشيات الشيعية الداعمة لإيران في العراق.
وبالتالي يمكن القول بأن أمريكا أصبحت تستطيع الحديث من موقع القوة مع إيران.. ولكن ينبغي الانتباه إلى أن هذا التفوق يعتبر تفوقاً نسبياً.. وذلك لأن الإيرانيين يمسكون بالكثير من الأوراق الهامة في المنطقة، ومن أبرزها الورقة العراقية.
• يقول الكثيرون:إن القوى التي قتلت الكثير من الأمريكيين هي تنظيم القاعدة والحركات المسلحة السنية العراقية. وجميع هذه الحركات ليست لها علاقة بالنفوذ والدعم الإيراني.. والآن هل يستطيع هذا –الاجتماع- الإقليمي أن يفعل شيئاً من أجل إيقاف العنف.
يتوجب أن يكون جزءاً من السياسة الخارجية الأمريكية متمثلاً في التحدث مع الإيرانين والسوريين.
وأنا لا أستطيع التأكيد بأن الدول العربية السنية تستطيع إيقاف الحركات المسلحة السنية، فالقاعدة –كما هو معروف- ليست تنظيماً من النوع الذي يقبل أو يرضى بالصفقات والاتفاقيات التي تعقدها الحكومات العربية السنية مع الولايات المتحدة والغرب. كذلك أثبتت التجارب أن تنظيم القاعدة لا يستجيب لسياسات (العصا والجزرة) التي حاولت الإدارة الأمريكية تطبيقها معه.
بالنسبة للعراق، هناك افتراض بأن الشيعة سوف يقاتلون من أجل الحفاظ على وضع الأغلبية الذي يتمتعون به حالياً. أما السنة فيقاتلون لأنهم يحسون بخطر الانكشاف، في مواجهة الشيعة الذين تساندهم إيران، وفي مواجهة الدول العربية السنية المؤيدة لأمريكا.. وبالتالي فإن الصراع السني- الشيعي هو الذي يحدد مستقبل العراق.
• أشارت لجنة بيكر- هاميلتون إلى وجود علاقة بين الأزمة العراقية والصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، وطالب تقرير اللجنة بضرورة العمل من أجل إحراز تقدم في الملف الفلسطيني- الإسرائيلي لأن ذلك يساعد في حل الأزمة العراقية.
• أعتقد بوجود علاقة بين الأزمة العراقية والصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، فالقوى والدول السنية التي سوف تساعد أمريكا في حل الأزمة العراقية، تحتاج إلى أن تظهر شيئاً ملموساً يدل على الجهود الأمريكية في حل الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني، ركزت الإدارة الأمريكية على المضي قدماً في تنفيذ خارطة الطريق التي سبق وأن اتفقت عليها مع الأوروبيين والفلسطينيين والإسرائيليين والعرب.. وحالياً يتوقف تطبيق خارطة الطريق على تنفيذ اتفاق مكة.. وهو اتفاق تباينت وجهات النظر حوله.
- الفلسطينيون يؤيدون اتفاق مكة.
- الإسرائيليون يضعون العراقيل أمام تطبيق اتفاق مكة.
- الأمريكيون لا يفعلون شيئاً.. وهم يقفون دائماً مع التوجهات الإسرائيلية.
- روسيا قالت بضرورة فك القيود المفروضة على المساعدات التي تقدم إلى فلسطين.
- الأوروبيون قالوا إن تطبيق اتفاق مكة يكفي.. ولكنهم برغم ذلك يقفون حالياً إلى جانب أمريكا.
وبالتالي، برغم وقوف الأوروبيين إلى جانب الأمريكيين، إلا أن هناك خلافاً أوروبياً أمريكيا أصبح يلوح في الأفق إزاء الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني.. لذلك يمكن القول: إن التعثر في إحراز التقدم في حل الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني سوف يؤدي إلى التعثر في حل الصراع العراقي.
• ماذا عن سوريا؟
السعوديون يستطيعون تقديم المساعدة الأفضل عن طريق تشديد حراستهم لحدودهم مع العراق، ولكن القيادة السورية تركز على تحقيق الضغط الناشئ بفعل التحقيق والمحكمة الدولية، وهو ضغط تستخدمه الولايات المتحدة بشكل مستمر ضد سوريا. وبرغم أن الإدارة الأمريكية تحاول الاهتمام بالحديث مع إيران، إلا أن الإسرائيليين ظلوا يضغطون في اتجاه أن تتفاهم الإدارة الأمريكية مع سوريا، وبالذات في الفترة التي أعقبت حرب الصيف الماضي بين إسرائيل وحزب الله.. ومن الممكن تحقيق قفزة كبيرة عن طريق الشروع في المفاوضات السورية- الإسرائيلية.. ولكن كما تعلم فإن السوريين يستطيعون اللعب على الطرفين بحيث يلتزمون موقفاً بناءاً في جانب ويتفادون ذلك في الجانب الآخر.
وعموماً نقول: لقد أشار الحوار إلى بعض النقاط العامة، والتي من أبرزها:
- ارتباط الصراع العراقي بالصراع الإسرائيلي- الفلسطيني، وبالضرورة بالصراع اللبناني، وغيره من صراعات الشرق الأخرى.
- إن إحراز تقدم في حل الصراع العراقي يرتبط بإحراز التقدم في حل الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، وبالضرورة في انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من الجولان ومزارع شبعا والأراضي الفلسطينية.
- إن على الإدارة الأمريكية أن تقدم جهداً ملموساً في كافة الجبهات حتى تظهر مصداقيتها، بما يقنع الأطراف الأخرى للتعامل معها..
فهل ستسعى الإدارة الأمريكية لتقديم هذا الجهد الملموس، أم أنها سوف تقدم الوعود لكي تحصل على ما تدير ظهرها بعد ذلك.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد