الانسحاب الأميركي من الجزيرة: هل يحل مشكلة الاقتصاد السوري؟

20-07-2024

الانسحاب الأميركي من الجزيرة: هل يحل مشكلة الاقتصاد السوري؟

قبل حوالي ثماني سنوات، ومع استعادة الجيش السوري سيطرته على مناطق واسعة من البلاد وتقدمه نحو المنطقة الشرقية لتحريرها من قبضة “داعش”، سارعت القوات الأمريكية المنضوية تحت ما يسمى بالتحالف الدولي لمحاربة تنظيم “داعش” إلى احتلال معظم حقول النفط والغاز في تلك المنطقة.

هذه الحقول كانت قبل الحرب تؤمن اكتفاءً ذاتيًا للبلاد من المشتقات النفطية وتوفر العديد من المحاصيل الزراعية الرئيسية مثل القمح والقطن، إضافة إلى الثروة الحيوانية.

منذ ذلك الحين، تواجه سوريا أزمة اقتصادية خانقة نتيجة مجموعة من العوامل، من بينها عدم قدرة الحكومة السورية على استثمار مواردها النفطية والزراعية والتجارية.

الأمر الذي اضطرها إلى استيراد النفط الخام والقمح بقيمة لا تقل عن 300 مليون دولار شهريًا، مما أدى إلى ضغوط كبيرة على سعر الصرف، وتعثر محاولات إنعاش الإنتاج المحلي، وزيادة المديونية الخارجية، ونقص الكميات المتاحة للاستهلاك المحلي، والحاجة إلى ترشيد شديد في الواردات.

على الرغم من تصريحات بعض المسؤولين الأمريكيين عن استمرار بقاء القوات الأمريكية في الشرق السوري رغم عدم شرعيته، فإن التطورات الإقليمية الأخيرة، بما في ذلك الاستهدافات التي تعرضت لها القواعد الأمريكية رداً على حرب غزة، وانتفاضة العشائر العربية ضد قوات “قسد”، وحديث التقارب أو التطبيع السوري-التركي، تضغط جميعها على الوجود الأمريكي في سوريا.

كما أن احتمال عودة دونالد ترامب إلى الرئاسة الأمريكية قد يؤدي إلى انسحاب أمريكي من سوريا إذا التزم ترامب بتنفيذ وعوده الانتخابية.

الانسحاب الأمريكي، الذي تراه دمشق حتميًا عاجلاً أم آجلاً، يدفعنا إلى التساؤل عن التداعيات الاقتصادية المحتملة لهذا الانسحاب.

هل يمكن أن يساعد في معالجة الأزمة الاقتصادية في سوريا؟ الإجابة ليست بسيطة، وهناك عدة عوامل تعيق تحقيق هذا الهدف:

الأضرار الهائلة في البنية التحتية: الحرب تسببت في دمار كبير للبنية التحتية والمرافق الخدمية والبيئية في المنطقة الشرقية، وتحتاج هذه الأضرار إلى وقت طويل وموارد ضخمة لإصلاحها.

التخريب والاستثمار الجائر للآبار النفطية: الفصائل المسلحة المختلفة استغلت الحقول النفطية بشكل غير مستدام، مما يتطلب مبالغ كبيرة وإمكانيات فنية عالية لإعادة تأهيل هذه الآبار.

التلوث الزراعي: انتشار المصافي النفطية البدائية أدى إلى تلوث كبير في الأراضي الزراعية، مما يشكل عائقًا أمام استعادة الإنتاج الزراعي.

وجود خلايا “داعش”: استمرار وجود خلايا نشطة لتنظيم “داعش” في المنطقة يعيق أي مشاريع إقليمية لتطوير البنية التحتية.

العقوبات الاقتصادية الغربية: العقوبات تمنع أي تعاون اقتصادي مع سوريا في مجال إعادة الإعمار والطاقة، مما يؤخر جهود إصلاح قطاع النفط والغاز.

الهجرة والتحديات الديموغرافية: هجرة عدد كبير من الكوادر البشرية من المنطقة يعوق استثمار الأراضي الزراعية وتشغيل المرافق الخدمية.

مستقبل العلاقة مع “قسد”: ضرورة فتح حوار مع المكونات الاجتماعية المحلية لتحقيق السلام والاستقرار.

لذلك، إعادة دمج اقتصاد المناطق الشرقية في الاقتصاد السوري تتطلب العمل على عدة جبهات:

رفع العقوبات الغربية: السماح لسوريا بإطلاق عملية إعادة بناء وتنمية في المنطقة الشرقية، وإذا لم يكن ذلك ممكنًا، يمكن للشركات النفطية مقاضاة الولايات المتحدة لرفع العقوبات.

إطلاق حوارات مجتمعية: بناء تماسك واستقرار مجتمعي لضمان نجاح أي مشروع تنموي.

وضع استراتيجية تنموية: تنفيذ خطة تنموية تمتد على خمس سنوات، تبدأ بتقييم الأضرار وإعادة بناء المنشآت والبنية التحتية، وتشجيع الأنشطة الاقتصادية الصغيرة والمتوسطة، وإعادة النازحين.

تحقيق هذه الأهداف يتطلب جهدًا كبيرًا وتعاونًا على مختلف المستويات لضمان استقرار المنطقة وتنميتها.

الميادين نت

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...