أسئلة وأجوبة حول زيارة وزيري خارجية مصر والأردن إلى إسرائيل
الجمل: تقول المعلومات الواردة اليوم بأن وزيري خارجية الأردن ومصر سوف يزوران إسرائيل لإقناعها بقبول مبادرة السلام العربية. وقد جاءت معلومات هذه الزيارة بعد التحركات الشرق أوسطية المكثفة التي أعقبت استيلاء حركة حماس على قطاع غزة.
• الموقف الإسرائيلي:
الموقف الإسرائيلي منذ لحظة إعلان المبادرة في قمة بيروت 2002م، ظل يتميز بالغموض والتردد، وكان آخر ما ورد حول هذا الموقف، المؤشرات التي ظهرت في الحوار الذي أجراه ديفيد ماكوفيسكي خبير عملية سلام الشرق الأوسط مع شيمون بيريز الرئيس الإسرائيلي الحالي، والذي كان آنذاك نائباً لرئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود اولمرت.
أبرز ملامح الموقف الإسرائيلي تتمثل في الآتي:
- عدم مطالبة إسرائيل بتحديد حدودها.
- ترك الملف الفلسطيني للإسرائيليين والفلسطينيين لكي يقوموا وحدهم ضمن عملية سلام الشرق الأوسط بالتوصل إلى حل القضايا العالقة بينهم وحسمها ضمن مفاوضات الوضع النهائي.
- عدم مطالبة إسرائيل بالتفاوض مع سورية، لأن لإسرائيل أولوياتها في هذه المرحلة، وشروطها الخاصة بالتفاوض مع سورية.
- ان يقتصر التفاوض مع العرب حول التعاون الاقتصادي وعملية التطبيع مع إسرائيل.
- ان يحدد العرب موقفاً جماعياً إزاء الاعتراف بإسرائيل وحقها في الوجود.
• الموقف العربي:
حدثت الكثير من التطورات بعد إعلان مبادرة عام 2002م، وتمثل أبرزها في غزو واحتلال العراق، وحرب الصيف الماضي بين إسرائيل وحزب الله، وفوز حماس بالانتخابات التشريعية الفلسطينية، وسيطرتها على قطاع غزة، والتطورات في الساحة اللبنانية مثل اغتيال الحريري، ونشر القوات الدولية، والمحكمة الدولية، والحشود العسكرية الأمريكية.
أدت هذه التطورات إلى تعميق حالة الانقسام والخلاف بين الأطراف العربية، وظهرت عوامل جديدة لم تكن موجودة في الماضي، مثل الخلاف السني- الشيعي الذي تزايد على خلفية الصراع العراقي، وأيضاً الخلافات حول العلاقات العربية- الإيرانية، إضافة إلى تباين وجهات النظر حول الملف اللبناني.
كان طبيعياً أن تؤدي هذه التطورات وتداعياتها الى التأثير سلباً على حالة التماسك العربي، والتفاف الأطراف العربية حول المبادرة، وبكل أسف سعت بعض الأطراف العربية إلى إدماج أجندتها السياسية حول إحلال السلام في الشرق الأوسط مع الأجندة الإسرائيلية- الأمريكية.
كذلك برز تحالف إسرائيلي- عربي (وإن كان لم يأخذ شكل المعاهدة أو الحلف الرسمي) يقوم على أساس اعتبارات التوافق حول فرضية (الخطر الإيراني) وضرورة التصدي لمواجهته، وبناء تعاون محور إسرائيل- المعتدلين العرب، بشكل مناهض لإيران باعتبارها تمثل (العدو المشترك) المفترض.
• محور تل أبيب- واشنطن واختراق المبادرة العربية:
الحديث حول تعديل المبادرة بما يتناسب مع التوجهات والمطالب الإسرائيلية، كان حديثاً (صامتاً) في بداية الأمر، وكان (درس القراءة الصامتة) الذي كان محور تل أبيب- واشنطن يقدمه لحلفائه في المنطقة يطالبهم بالتحرك من أجل تعديل المبادرة العربية، وتخفيض سقف المطالب العربية، وذلك حتى يتسنى لإسرائيل تقديم المزيد من الشروط.
اعتمدت إسرائيل على واشنطن في القيام بالجهود الدبلوماسية لاختراق المبادرة العربية، وذلك بالتأثير على الأطراف الآتية:
- السعودية: بالتركيز على تنسيق الجهود بين الأمير بندر بن سلطان مستشار الأمن القومي السعودي، و(صديقه) ديك تشيني.
- مصر: وذلك بإدراج ملف التعديلات ضمن ملف المعونة الأمريكية لمصر، بحيث تعمل مصر في اتجاه تحقيق التعديلات المطلوبة أمريكياً وبالمقابل تحصل على (دفعات) المعونة الأمريكية.
- الأردن: لا تحتاج الأردن لبذل المزيد من الضغوط، وذلك لأن النظام الملكي الأردني يعرف تماماً ما يتوجب عليه القيام به طالما أنه واقع تحت دائرة الخطر الإسرائيلي، والمعارضة الداخلية، إضافة إلى احتياجه المستمر للاستقواء بأمريكا وإسرائيل.
• زيارة الوزيران لإسرائيل: المعلن وغير المعلن
الزيارة تحتمل أكثر من تساؤل: هل يريد وزيرا خارجية مصر والأردن فعلاً إقناع إسرائيل بقبول المبادرة، أم تم استدعاؤهما بواسطة إسرائيل لمقابلة تسيبي ليفني وزيرة الخارجية وبقية المسؤولين الإسرائيليين من أجل تزويدهما بالنصائح والتوجيهات التي يتوجب عليهما القيام بها في إقناع الأطراف العربية الأخرى بالشروط الإسرائيلية.
كذلك يبرز سؤال إضافي: لماذا الوزيران دفعة واحدة هذه المرة؟ وعلى ما يبدو فإن إسرائيل تريد أن تقوم بتنسيق (خارطة الطريق المشتركة) لوزيري خارجية مصر والأردن، وذلك لتوزيع الأدوار والقيام بالاتصالات المكثفة مع الأطراف العربية الأخرى، من أجل التوصل إلى تعديل المبادرة العربية ضمن الصيغة المقبولة إسرائيلياً.
كذلك يبرز سؤال إضافي آخر، هل لهذه الزيارة علاقة بالمواجهات العسكرية التي قد تخطط إسرائيل لتنفيذها في الشرق الأوسط خلال بقية أشهر الصيف الحالي، أم أن الأمر يرتبط بالتصعيدات المتزايدة إزاء الملف الإيراني.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد