الصحة النفسية في سورية: 85 طبيباً نفسياً فقط لـ23 مليون سوري
بعد أن اطلع أحد أصدقاء المريض (سين) الذي كان يعيش في دمشق عرضا على التقرير الطبي الذي يتحدث عن مراجعة المريض لأحد المختصين النفسيين في مدينته البعيدة، وتناوله للأدوية المهدئة التي وصفت له لم يعد (سين) بعد ذلك قادراً على مواجهة مجتمعه وتمالك نفسه.
وفي صباح اليوم التالي قام بتوجيه فوهة سلاح ناري على أسفل ذقنه واضعاً بذلك حداً لحياته معتقداً أنه بذلك محا الصورة السلبية التي سارع محيطه في العمل على الفور ودون أدنى تردد برسمها من حوله عبر إسماعه عبارات الذم والتهكم، ونعته بالكذاب بحجة التهرب من ظروف وظيفته الصعبة بعض الشيء، وغيرها من العبارات التي تحط من قدر الإنسان وتلطم وجهه أينما ولاه.
قصة نيسان الحزينة أحزنت جميع من عرف سين وكثرت التحليلات والتفسيرات والإلقاء باللائمة على هذا أو ذاك وبدأ الجميع يراجعون بين أنفسهم الكلمات والعبارات التي تلفظوا بها على مسمع المنتحر الذي ضاق ذرعاً بنفسه وبالقرحة المعدية التي كانت تكوي أحشاءه ليل نهار.
يقول الطبيب إياد يانس رئيس دائرة الصحة النفسية في مديرية صحة دمشق إن مرض الاكتئاب هو أكثر الأمراض النفسية الشائعة التي تصيب وتتهدد أفراد المجتمعات وعليهم اللجوء مباشرة إلى العلاج ولا داعي للتخوف من الأدوية التي توصف لهم فهي لا تسبب الإدمان بسبب الفترة الزمنية الطويلة في المداومة عليها كما يقول البعض وذلك أسوة بباقي الأدوية الطويلة الأمد التي يأخذها مرضى آخرون مصابون بالسكري أو أمراض القلب وغيرها....
وأكد يانس أن حاجة المريض إلى العلاج الدائم لا تفسر على أنها إدمان وفي نهاية المطاف «فإن المرض النفسي ليس جنوناً والطبيب النفسي طبيب مثله مثل باقي أطباء الاختصاصات الأخرى».
وأردف أن المرض النفسي ليس عاراً أو عيباً أو ذا دلالات معيبة فالجميع معرض للإصابة بالاضطراب النفسي وهو قابل للعلاج مهما كانت الفئة العمرية المصابة مشيراً إلى ضياع الكثير من المرضى النفسيين بين العيادات الأخرى البعيدة عن مرضهم لأنهم لا يجدون التوجيه المناسب في الوقت المناسب.
وأردف يانس أن المواطن ما يزال يضع الحواجز أمامه والتردد قبل اللجوء إلى العيادة النفسية مشيراً إلى أن أغلبية المراجعين للعيادات النفسية يرسلهم مرضى سابقون راجعوا في السابق هذه العيادات، وهذا إن دل على شيء فهو يدل على ثقة المرضى بفعالية العلاج في العيادات النفسية.
ونصح يانس الأطباء في الاختصاصات الأخرى بعدم قول كلمة «ما فيك شي» للمريض النفسي الذي هو في الأصل يشعر بالاضطرابات كي لا يشعر بنفسه أنه متوهم ما يزيد في سوء حالته، بل يجب عليهم نصحه بمراجعة الطبيب النفسي فوراً.
- تأسست مديرية الصحة النفسية في سورية عام 2001 وتم مؤخراً الإعلان عن تأسيس المجلس الأعلى للصحة النفسية يرأسه وزير الصحة، ويهدف المجلس ودائرة الصحة النفسية إلى وضع سياسات وخطط تطوير خدمات الصحة النفسية.
في الواقع المحلي يبدو أن واقع الصحة النفسية لا يماشي واقع الخدمات الصحية في باقي الاختصاصات أي إن هذا القطاع لم يتطور في سورية كما يجب ويعود هذا التأخر بالتأكيد إلى صناع القرار الذين يعتقدون أن هناك خدمات صحية ذات أولوية. مع أن المريض النفسي الذي تقع درجة الاهتمام به في مرتبة متأخرة حسب سلم الأولويات ستكون تكاليفه مرهقة أكثر على الحكومة والمجتمع.
ولا يقتصر هذا الأمر على الواقع المحلي بل تعداه إلى منظمة الصحة العالمية التي وضعت دعم خدمات الصحة النفسية أقل من الخدمات الصحية الأخرى، وتنبهت المنظمة العالمية إلى هذا الواقع مؤخراً في العام 2008 وجعلت السنوات الست القادمة تحت عنوان «الصحة النفسية ذات أولوية».
يواجه قطاع الصحة النفسية على المستوى المحلي مشكلة أساسية تتجلى في نقص كوادر هذا القطاع والمقصود بالكوادر: أطباء نفسيون من خريجي علم النفس، مختصون نفسيون للعمل السريري وهو غير منظم وغير موجود، مختصون اجتماعيون للعلاج بالعمل، كما نفتقد «التمريض النفسي» حيث نقوم بإجراء بعض الدورات التدريبية وما يزال هذا الاختصاص غير موجود والاعتماد على الخبرة فقط. وبالتالي نحن نفتقر إلى تنظيم مسألة الطب النفسي وهو من المهن المجاورة للصحة النفسية.
ويقول الطبيب يانس: إن عدد الأطباء السوريين المختصين بالطب النفسي والمسجلين في مديرية الصحة يبلغ 85 طبيباً فقط وهذا أقل بكثير من النسب العالمية الموصى بها، مع العلم أن الأغلبية منهم تتكدس في دمشق. وأكد أن واحداً من كل أربعة أشخاص أصيب أو مصاب أو أنه سيصاب بعارض نفسي لا محالة.
ويبدو أن هذه النسبة مخيفة في الحقيقة ومن هنا تبرز أهمية تعميم مفهوم وثقافة الطب النفسي في أي بلد من بلدان العالم وعلى وجه السرعة.
- يلجأ المواطن السوري الذي يعاني من اضطرابات نفسية إلى العيادات الخاصة أو الحكومية أو الجمعيات الأهلية التي يديرها بالمجمل 85 طبيباً ولكل واحد منهم عيادته الخاصة.
وأكد: تمتلك وزارة الصحة عيادات نفسية تابعة لها وموجودة في المراكز الصحية تشمل أغلب مناطق القطر ويشرف على هذه العيادات البالغ عددها 36 عيادة إما طبيب اختصاصه أمراض نفسية أو طبيب أسرة أو صحة عامة خاضع للعديد من الدورات التدريبية في مجال الصحة النفسية أو طبيب مقيم باختصاص صحة نفسية.
- رداً على سؤال حول آلية العمل المتبعة في الطب النفسي على المستوى المحلي يقول يانس: «هناك بعض الخلط بين الطب النفسي والتحليل النفسي عندما يقوم المريض بالجلوس أمام المعالج ليسرد قصة حياته كاملةً، وفي الحقيقة يعتبر التحليل النفسي أحد الطرق العلاجية النفسية غير الدوائية فالطبيب النفسي ليس من الضروري أن يكون محللاً نفسياً وبالعكس».
ومن المفترض – يقول يانس - أن يكون العلاج النفسي في إطار فريق عمل يتألف من الطبيب النفسي والمعالج النفسي والمعالج الاجتماعي والممرض النفسي، ويؤلف الجميع فريق معالجة المريض النفسي.
وأكد من جديد أن هناك نفوراً من قبل الناس فيما يخص اللجوء إلى الطبيب النفسي بسبب ما يسمى «الوصمة»، ولذلك يستدعي الوضع حملة للتوعية بأهمية الاعتماد وعدم التخوف من الطبيب النفسي.
ومن هنا يجب على أفراد المجتمع إدراك موضوع «الاضطرابات النفسية» ليس كما يفهمه ويدركه البعض على أنه ضرب من الجنون، بل إنها عوارض لها علاج مثل أي اختصاص في علوم الطب. وفي سؤال حول العوامل التي تساعد في الوصول إلى هذه المرحلة أجاب يانس إن الزمن كفيل بنشر الوعي بين الناس موضحاً أن جزءاً هاماً من مهمة الطب النفسي في سورية هي دمج المريض النفسي مع باقي المرضى وهكذا فعلت الصحة السورية بدمجها خدمات الصحة النفسية مع باقي الخدمات وتم وضع العيادة النفسية في المراكز الصحية بجانب العيادة القلبية والعينية وعيادة الأطفال وغيرها..، ويشار إلى أن هناك سعياً من أجل وضع شعب نفسية في المشافي العامة الموزعة في المحافظات السورية.
- رداً على سؤال عن أهمية وضع معالجين نفسانيين في كافة المراكز الوظيفية أسوة بالكثير من دول العالم التي تلمست الحاجة إلى ذلك، لأن استدراك المشكلة النفسية التي قد تلحق بالموظف أو العامل من بداياتها وقبل تفاقمها لتصبح المشكلة أكبر أو عصية على التدارك أمر ضروري وهام في كل المجتمعات.
أوضح يانس أن المدارس تخصصت بمرشد نفسي مع الضرورة لإعادة تأهيلهم بشكل أفضل إلا أن القضية - كما يقول - محكومة بوضع خطة مدروسة تحتاج عدد كبير من الأطباء مع العلم أن الكوادر محدودة وغير متوافرة بكثرة لتغطية هذا الجانب الواسع.
ويشار إلى الخطة التي اعتمدتها الصحة السورية بالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل لإنشاء مشاف صغيرة للأمراض النفسية بسعة 60 سريراً لكل مشفى وذلك في المناطق الشرقية والوسطى والساحلية، وإقامة مراكز إعادة تأهيل المرضى المدمنين وخطة لإقامة مآوٍ علاجية مختلفة عن مشافي الأمراض العقلية مهمتها استقبال المريض الذي لا يحتاج بالضرورة إلى مشفى لأن طريقة علاجه ستكون مختلفة وتشرف عليها لجنة علاجية.
ومن الجدير بذكره أننا لا نمتلك تخصصات فرعية للطب النفسي لتتوزع على الأطفال أو الشباب أو الشيخوخة، وهناك انعدام أو نقص شديد في بعض الاختصاصات كطب نفس الأطفال إذ لا نمتلك سوى اثنين في سورية، وبالنسبة للشيخوخة فلا يوجد أيضاً ومثله للكوارث أيضاً التي تعتبر من التخصصات الفرعية المعدومة عندنا.
وعن أنواع الحالات المرضية والفئات العمرية التي تستقبلها عيادات الطب النفسي محلياً قال الطبيب يانس إن الشرائح العمرية متنوعة وليست هناك شريحة عمرية بمعزل عن التعرض لحالات نفسية مرضية. وأكد أن الموضوع يتعلق بالوعي حيث بدأ مفهوم طب نفس الأطفال بالتشكل عند الكثيرين وإدراكهم أن الطفل معرض للإصابة باضطرابات نفسية ويحتاج إلى علاج، وأشار يانس إلى أن البعض من الأهالي يتخوفون من اصطحاب ابنهم المصاب إلى العيادة النفسية خوفاً من وصف أدوية يخاف الأهل من تجرع ابنهم لها.
كما أن هناك رقماً تقريبياً حسب توصيات منظمة الصحة العالمية بضرورة توفير طبيب نفسي واحد لكل 100 ألف مواطن مع العلم أن توصيات المنظمة ليست مثالية.
وأكد يانس أن العمل وفقاً لما يصدر عن توصيات الوزارة ومنظمة الصحة العالمية لا يحدث بين عشية وضحاها، وأن أهم الأهداف حالياً هو محاربة «الوصمة» الموجودة في مجتمعاتنا مع الأمور الأخرى الجانبية التي تتمثل في زيادة البنية التحتية لخدمات الصحة النفسية وزيادة كوادرها العاملة.
ولا بد من القول – يختم يانس – إن الطب النفسي اختصاص مثل باقي الاختصاصات وإن المرض النفسي عبارة عن اضطراب مثل باقي الاضطرابات له أسبابه ولكن أعراضه تختلف وعلاجه دوائي ونفسي في أن واحد، حتى إن نسبة التحسن مختلفة بين الحالة والأخرى.
- بالنسبة للبنى التحتية الخاصة بالصحة النفسية والمتوافرة حالياً في سورية يمكن توزيعها بين مشافٍ متوافرة وبين العيادات الخارجية.
يتسع مشفى ابن سينا في ريف دمشق لـ561 سريراً ويعمل فيه 15 طبيباً نفسياً، ويتسع مشفى ابن خلدون في حلب لـ400 سرير ويعمل فيه طبيب نفسي واحد، أما المرصد الوطني لرعاية الشباب في دمشق فيتسع لـ31 سريراً ويعمل فيه 7 أطباء نفسيين، ويأتي مركز الحارث لعلاج الإدمان في مدينة حمص بسعة 10 أسرة ولا يعمل فيه أي طبيب نفسي وهو في الواقع غير مستوفٍ للشروط الفنية.
أما العيادات الخارجية فهي في كل من مشفى دمشق، والمرصد الوطني لرعاية الشباب، ومشفى ابن سينا، ومركز 7 نيسان، ومركز أبي ذر الغفاري، ومركز زهير حبي، ومركز 8 آذار، وثماني عيادات تخصصية في مراكز ريف دمشق، العيادات الشاملة في درعا، عيادات المشفى الوطني في حمص- عيادات المشفى الوطني في حماة، مركز الزبدية في حلب، المشفى الوطني في الرقة، مركز العيادات الشاملة في مدينة اللاذقية.
وبخصوص الرعاية غير التخصصية فيقدم خدماتها طبيب غير اختصاصي متدرب في مجال الرعاية الصحية النفسية ويوجد لهذا الغرض عيادات في جميع محافظات القطر السوري.
وفي الحديث عن الكوادر البشرية فهي تتوزع بين أطباء اختصاصيين واختصاصيين نفسيين وغيرهم، حيث يوجد في وزارة الصحة حالياً 33 طبيباً اختصاصياً موزعين على الشكل التالي: تسعة أطباء في دمشق إضافة إلى المرصد الوطني لرعاية الشباب، 15 طبيباً في ريف دمشق بالإضافة إلى مشفى ابن سينا، طبيبان في حلب بالإضافة إلى مشفى ابن خلدون، طبيبان في حمص وطبيب واحد في كل من درعا والرقة واللاذقية. ويشار إلى انعدام ما يسمى التمريض النفسي.
وبالنسبة للاختصاصيين النفسيين هناك 22 اختصاصياً موزعون كما يلي: ثلاثة اختصاصيين نفسيين في كل من دمشق وريفها، وسبعة في حلب، وثلاثة في حمص، واثنان في طرطوس، وواحد في كل من القنيطرة ودرعا وإدلب ودير الزور.
كما يوجد في سورية 27 اختصاصياً اجتماعياً موزعين على الشكل التالي: ثمانية في دمشق وواحد في ريفها، خمسة في حلب، واختصاصي واحد أيضاً في كل من القنيطرة وإدلب ودرعا وطرطوس وحماة. واثنان في كل من حمص ودير الزور والحسكة والسويداء.
وبالنسبة للأطباء المقيمين للاختصاص بطب النفس فهم موزعون في كل من مشفى ابن سينا، ابن خلدون، المرصد الوطني لرعاية الشباب ومشفى دمشق. ويشار إلى أنه تم تدريب 183 طبيباً غير اختصاصي في مجال الرعاية الصحية النفسية موزعين في كل محافظات القطر.
كما أنه تم تدريب 73 طبيب أطفال في مجال «طب نفس الأطفال» موزعين في جميع محافظات القطر، وتدريب 198 ممرضاً وممرضة في مجال الرعاية الصحية النفسية موزعين في كافة محافظات القطر. إضافة إلى تدريب 49 اختصاصياً نفسياً واجتماعياً في مجال التعامل ورعاية المريض النفسي موزعين في أغلب محافظات القطر.
- عملت وزارة الصحة على توفير أغلبية الأدوية النفسية والعقلية الأساسية وهي توزع بشكل مجاني لكافة المرضى المراجعين لمراكز الاستشفاء المذكورة سابقاً من مشاف وعيادات خارجية.
لكن يوجد أحياناً بعض النقص في الأدوية المستعملة عن طريق الحقن خاصة منها الأدوية الإسعافية والأدوية التي تستعمل للحقن ذات التأثير المديد.
- عندما تطلب لقاءً مع أحد المرضى المتداوين في المرصد الوطني لرعاية الشباب يحاول الكادر الطبي انتقاء بعض الأفراد القادرين على التواصل مع الآخرين بالأسلوب الأقرب إلى الطبيعي نظراً للحالات الصعبة والحساسة التي يتعامل معها هذا المرصد المتخصص بمعالجة إدمان المدمنين والاضطرابات النفسية التي تنشأ عن تعاطيهم للمواد المخدرة والمسببة للإدمان بمختلف أنواعها وألوانها.
وكان م.م أحد المواطنين الذين شارفت فترة علاجهم على الانتهاء ممتناً كل الامتنان للرعاية التي حصل عليها في هذا المركز موجهاً الدعوة إلى جميع من يعانون حاله باللجوء إلى هذا المرصد لينتشلهم من الحالات الصعبة التي يعيشونها والتي لن يخرجوا منها إلا عبر التداوي على أيد أخصائيي المرصد على حد تعبيره.
يعتبر المرصد الوطني لرعاية الشباب المشفى التخصصي الوحيد حالياً لمعالجة الإدمان ويعتمد في إجراءات دخول المرضى على آلية تتيح للمواطن قبوله من خلال العيادة الخارجية الموجودة في المرصد. وصرح الطبيب غسان شاكر مدير المرصد كحالة واحدة لا يعني أنه لا يوجد تطوير للمؤسسات العلاجية المشابهة مشيراً إلى افتتاح قريب لمركز مشابه للمرصد الوطني وذلك في مشفى ابن خلدون التخصصي الموجود في مدينة حلب نظراً لأهمية توزع هذا النوع من المراكز في أكثر عدد ممكن من المناطق السورية.
عندما يدخل المريض المدمن إلى المرصد وفق استمارة معينة يصار إلى عمل باحث اجتماعي للوقوف على حيثيات تعليمه وعمله وشريحته ووضعه الاجتماعي، ثم سبر المادة المخدرة التي أدمن عليها هذا المواطن.
يعتمد العلاج في المرصد الوطني على شقين الأول دوائي فيزيائي والثاني نفسي لأن مرضى الإدمان غالباً ما يترافق مرضهم مع اضطرابات نفسية يكون لها معالجة خاصة. وفي هذا المجال يقول شاكر إن العلاج يعتمد على ماهية المادة المخدرة التي يتعاطاها المريض المدمن ولكل إدمان أدويته العلاجية وأعراضه الانسحابية التي تظهر عند توقف المريض المدمن عن التعاطي.
أشار شاكر إلى وجود الباحث النفسي المتخصص في هذا المجال وباحثين اجتماعيين في المرصد. وعن وظيفة الباحث النفسي في المركز يقول شاكر: «يقوم الباحث النفسي بأخذ القصة النفسية من المريض إذا كان هناك اضطرابات نفسية وسلوكية تشوب الاتزان في الشخصية، يقوم بعدها بسبر الشخصية حسب تصنيفها في علم النفس». وأكد أن المريض ذا الشخصية القلقة معرض لتناول المهدئات أو أكثر من ذلك، والشخصية الاجتماعية، والشخصية الحدية وجميع أنواع هذه الشخصيات معرضة لتعاطي المخدرات والوقوع في الاضطرابات النفسية، كما أن الحالات لا تقتصر على الفئات العمرية الشابة بل تحدث أحياناً في العقد الخامس من العمر.
يقوم الباحث النفسي بتقديم الاستمارة النفسية للمريض مع مقترحات العلاج كالعلاج السلوكي والعلاج الداعم، والمعرفي الذي يعتمد على قرار هذا المريض في قبول الإرشاد على تخطي هذه الأزمة وأن يستعمل محاكمته العقلية بشكل جيد، وهناك العلاج الجماعي حيث يتم عقد جلسات مع عدد من المرضى مع حضور مرشد نفسي يدير هذه الجلسة، يتكلم خلالها كل مريض عن تجربته وعن عائلته وغيرها والنتائج التي وصل إليها نتيجة تعاطيه المادة المخدرة وآثارها النفسية السلبية عليه.
ونوه شاكر بأن العديد من المرضى الذين حضروا هذه الجلسات أضحوا فيما بعد متطوعين يحضرون هذه الجلسات بمثابة مرشدين للمرضى يقدمون لهم تجربتهم ليستخلص المريض من خلالها النصح والإرشاد.
يقوم الباحث الاجتماعي في المرصد بسبر الأرضية الاجتماعية لهذا الإنسان من مختلف جوانبها: الطفولة والنشأة، الدراسة، المحيط الأسري وغيرها....
وتحدثت الباحثة الاجتماعية فاتن رجا التي تعمل في المرصد منذ سبع سنوات وقالت: «نقوم بالتعرف على الثغرات الاجتماعية التي يعاني منها المريض ونقوم بتهيئته نفسياً لاستكمال العلاج وتقبله ويتبع ذلك جلسات مع أهالي المريض لتدارك الثغرات التي قد تكون موجودة لاستكمال حياة طبيعية للمريض بعد استكمال علاجه في المرصد الوطني».
حسان هاشم
المصدر: الوطن السورية
التعليقات
حرام والله حرام
إضافة تعليق جديد