السيناريو الأميركي الخاص بالتعامل مع الأزمة اليمنية
الجمل: أكدت بعض المعلومات والتسريبات, قيام ليون بانيتا مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية بزيارة عاجلة في أول أمس الخميس 28 كانون الثاني (يناير) 2010م, إلى مصر وإسرائيل, وذلك للتفاهم مع المسئولين حول التطورات الجارية في الساحة اليمنية, والتفاهم والتعاون حول السيناريو الأميركي الخاص بالتعامل مع الأزمة اليمنية.
مثلث واشنطن-القاهرة-تل أبيب: مقاربة المخابرات الأميركية؟
برغم علاقات التعاون الطويلة والوثيقة بين وكالة المخابرات المركزية الأميركية, والقاهرة وتل أبيب, فما هو لافت للنظر هذه المرة, أن الوكالة لم تكتف بمعطيات تعاونها المخابراتي التقليدي الجاري مع مصر وإسرائيل, وإنما سعت إلى دفع هذا التعاون ضمن قفزة نوعية جديدة للأمام, وبسبب أهمية هذه القفزة لمستقبل التدخل الأميركي في المنطقة, فإن الوكالة لم تكتف هذه المرة بإرسال مسئوليها من الصف الثاني, وإنما جاء مديرها ليون بانيتا شخصيا من أجل التفاهم مع القاهرة وتل أبيب, بما يضع النقاط بشكل نهائي وحاسم فوق الحروف.
جدول أعمال ليون بانيتا في القاهرة: أشارت المعلومات والتسريبات, إلى ان ليون بانيتا مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية, قد وصل أولا إلى القاهرة, وعقد لقاءات مع الأطراف الآتية.
•الرئيس المصري محمد حسني مبارك.
•وزير الدفاع المصري المشير محمد حسين طنطاوي.
•وزير المخابرات المصرية اللواء عمر سليمان.
وأكدت المعلومات, بان ليون بانيتا قد شرح للقيادة المصرية خطة وكالة المخابرات المركزية الأميركية المعتمدة للتعامل مع الأزمة اليمنية, وطالب القيادة المصرية بتقديم الآتي:
•قوات تدخل سريع مصرية لتقوم بالعمل جنبا إلى جنب مع القوات الخاصة الأميركية, التي سوف تعمل في المسرح اليمني.
•الموافقة الكاملة لأميركا لجهة استخدام المطارات المصرية كنقاط ارتكاز تعمل كقواعد جوية متقدمة للطائرات الأميركية المتجهة لتنفيذ مهامها العسكرية في المسرح اليمني.
جدول أعمال ليون بانيتا في تل أبيب: تقول المعلومات, بأن ليون بانيتا مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية, بعد فراغه من لقاءات القاهرة, تحرك بعد ذلك إلى إسرائيل, حيث عقد لقاءات مع القيادة الإسرائيلية, وتحديدا بتركيز أكبر, على التفاهم المشترك مع جهاز الموساد الإسرائيلي, "المعنى بالأمن الداخلي" وتشير التسريبات إلى أن التفاهمات, قد ركزت على الآتي:
•إطلاع الإسرائيليين بنتائج ما أسفرت عنه اللقاءات مع المسئولين المصريين.
•التفاهم حول الكيفية التي يمكن عبرها قيام تل أبيب بتقديم الدعم للقاهرة, وعلى وجه الخصوص لجهة تغطية احتياجات ومستلزمات القاهرة الضرورية لجهة تقديم الدعم لتنفيذ خطة المخابرات الأميركية الجديدة إزاء اليمن.
•تعريف الإسرائيليين بأبعاد التعاون المخابراتي الأميركي-المصري الجديد حول الأزمة اليمنية, ونوايا الأميركيين إزاء مستقبل هذا التعاون.
•التفاهم مع الإسرائيليين حول مدى قدرة وكيفية قيام أجهزة المخابرات الإسرائيلية الرئيسية الثلاثة بممارسة الرقابة والإشراف على الأداء المخابراتي-العسكري المصري إزاء الأزمة اليمنية.
حتى الآن, لا توجد تسريبات كافية تفيد لجهة أن القاهرة قد وافقت بالكامل أو امتنعت بالكامل عن الانخراط في التعاون مع أميركا إزاء الأزمة اليمنية, وكما درجت العادة, فما هو أكثر ترجيحا يتمثل في أن القاهرة, قد وافقت على كل المطالب الأميركية, ولكنها أبدت بعض التحفظات لجهة الحصول على المزيد من المساعدات والمعونات الأميركية, إضافة إلى بعض المشروطيات المتعلقة بإعطاء القاهرة دورا أكبر يكون على حساب الدور السعودي المتزايد في المنطقة. وذلك بما يجعل القاهرة تنفرد بدور الوكيل الحصري والشرق أوسطي للسياسة الأميركية في المنطقة.
النوايا الأميركية إزاء دبلوماسية خط واشنطن-صنعاء:
رصدت بعض التقارير, التطورات الجارية في ملف العلاقات الأميركية-اليمنية, وتقول المعلومات والتسريبات الواردة, بحدوث التطورات الآتية:
•حسم التحفظات الأميركية إزاء اليمن: خلال الفترة الممتدة من لحظة قيام عناصر القاعدة بمهاجمة السفينة الحربية الأميركية المدمرة كول, بالقرب من السواحل اليمنية, وبواسطة عناصر يمنية, وما ترتب على ذلك من مقتل 37 من عناصر البحرية الأميركية, إضافة إلى الأضرار التي لحقت بالمدمرة, وما ترتب على ذلك من إهانة لمكانة واشنطن في العالم, فقد ظلت الإدارة الأميركية, وتحديدا أجهزة المخابرات الأميركية والدوائر الدبلوماسية الأميركية, تنظر بعين الريبة والشك لمدى مصداقية نظام الرئيس اليمني علي عبد الله صالح في الوقوف إلى جانب أميركا في الحرب ضد الإرهاب, وحاليا تقول المعلومات بان الجنرال ديفيد بترايوس قائد القيادة الوسطى الأميركية, قد زار العاصمة اليمنية صنعاء وتفاهم مع الرئيس اليمني علي عبد الله صالح, وبعد هذا التفاهم, استطاع الجنرال بترايوس أن يلعب دورا بارزا في حث وإقناع الإدارة الأميركية من أجل التخلي عن تخطيطاتها والسعي من أجل استغلال الفرصة الجديدة التي لاحت بسبب تعرض نظام الرئيس علي عبد الله صالح للمزيد من الضغوط الداخلية, والتي ترتب عليها وضع الرئيس علي عبد الله صالح أمام خيارين لا ثالث لهما: إما خيار التعاون مع أميركا, أو خيار انهيار نظامه السياسي.
•خيار إسقاط القوة العسكرية الأميركية في اليمن: تقول المعلومات والتسريبات, بأن الجهود الأميركية تمضي الآن على قدم وساق, من أجل إكمال مشروع بناء القاعدة العسكرية الأميركية في اليمن, وأضافت المعلومات والتسريبات, بأن أعمال التشييد تجري حاليا في منطقة الحضيرة, المطلة على ساحل البحر الأحمر اليمني, وأشارت المعلومات إلى أن قاعدة الحضيرة العسكرية الأميركية, سوف ترتبط بشكل مباشر مع القاعدة العسكرية الأميركية الموجودة على الجانب المقابل وتحديدا في جيبوتي, وبتحديد أكثر في مبنى القاعدة الفرنسية القديم, والذي سلمته القوات الفرنسية للقوات الأميركية, وذلك بعد انتقال القوات الفرنسية إلى قاعدتها الجديدة في جيبوتي.
•التأطير السياسي-الدبلوماسي-العسكري العملياتي: نجحت تحركات الإدارة الأميركية في دفع صنعاء إلى توقيع اتفاقيتين للتعاون الأمني-المخابراتي-العسكري مع واشنطن, وبرغم السرية والتكتم الشديد على بنود هذه الاتفاقيات, فمن الواضح أن بنودها قد أسست لصفقة, يتلقى بموجبها نظام الرئيس علي عبد الله صالح المزيد من الدعم الأميركي المباشر وغير المباشر, مقابل إطلاق سراح يد أميركا في الساحة اليمنية.
أنجزت واشنطن, وتحديدا أجهزة المخابرات الأميركية, ومجلس الأمن القومي الأميركي, إضافة إلى الخارجية الأميركية, بالتعاون مع الإسرائيليين, عملية تقدير موقف شاملة إزاء سيناريو التدخل الأميركي المتوقع في اليمن, ومن أبرز النقاط الخاصة بهذا التقدير نشير إلى الآتي:
•الامتناع "على الأقل في الوقت الحال" عن إطلاق سراح 100 معتقل يمني في غوانتانامو, وذلك لأن إطلاق سراحهم, معناه بالضرورة أن يتم ترحيلهم إلى وطنهم اليمن, وهذا يعني أنهم سوف يلتحقون على الفور بتنظيم القاعدة, طالما أنهم من عناصرها التي كانت ناشطة في المسرح الأفغاني. إضافة إلى تميزهم بالكفاءة والخبرة ومعرفة الأرض, الأمر الذي سوف لن يترتب عليه سوى تعزيز خطورة تنظيم القاعدة في اليمن.
•حصر العمليات العسكرية الأميركية في أربعة محافظات يمنية وهي محافظات: أبين-بيضة-شبوه-حضرموت, وتقول التقديرات بأن المساحة الإجمالية لهذه الأربع محافظات تبلغ 200 ألف كيلو متر مربع, وهي مساحة تعادل "ثلث" مساحة اليمن الكلية.
•التركيز الحصري في بداية العمليات العسكرية على استخدام الطائرات الأميركية بدون طيار, من طراز درون بريديتور, والتي أثبتت الكفاءة والفعالية في مناطق الحدود الأفغانية-الباكستانية ذات الطبيعة الجبلية المشابهة لطبيعة المناطق الجبلية اليمنية التي يتمركز فيها تنظيم القاعدة.
تعرضت الإدارة الأميركية خلال الأسابيع الماضية للمزيد من الضغوط بواسطة رموز جماعة المحافظين الجدد وصقور الحزب الجمهوري الأميركي, وتضمنت هذه الضغوط قيام ديك تشيني بشن حملة سياسية واسعة داخل الكونغرس ضد إدارة أوباما, لجهة اتهامها بالضعف والتردد غير المبرر إزاء القيام بمهام بحماية الأمن القومي الأميركي, وتحميل الإدارة الأميركية الحالية مسئولية التقصير والفشل بما أصبح يهدد الأمن القومي الأميركي لمخاطر الانكشاف أمام اختراقات تنظيم القاعدة, وعلى وجه الخصوص ما حدث في طائرة الكريسماس الماضي.
أكدت المعلومات, والتسريبات, بان الرئيس الأميركي باراك أوباما قد أصدر موافقته النهائية لجهة استخدام القوات الأميركية في تنفيذ العمليات العسكرية على المسرح اليمني, وحرمان تنظيم القاعدة من تحقيق أي تمركز جديد في اليمن, وتقول المعلومات, بأن الرئيس الأميركي أوباما, قد أصدر موافقته بسبب اقتناعه بفحوى تقارير المخابرات الأميركية, التي أكدت عن فشل جهود استخدام القوات السعودية في الحرب ضد الإرهاب في المسرح اليمني, وأفادت المعلومات, بأن التقرير قد وصف أداء القوات السعودية بالفاشل, وأضاف التقرير قائلا, بأن القوات السعودية لم تحقق أي تقدم وإنما خسرت المزيد من الأراضي السعودية الحدودية لصالح المسلحين الحوثيين, وبأن القوات السعودية, قد استخدمت مئات الصواريخ الأميركية المتطورة, بما أدى إلى قتل المدنيين بأعداد كبيرة, دون إلحاق أي خسائر بالمسلحين الحوثيين, وأضافت المعلومات, أن أداء القوات السعودية في المسرح اليمني, وإن كان فاشلا, فإنه من الضروري أن يستمر, وأن لا تقبل السعودية بأي وقف إطلاق نار مع المسلحين الحوثيين, وذلك لأن انسحاب القوات السعودية من القتال معناه, أن المسلحين الحوثيين سوف يستديرون باتجاه التفرع لقتال القوات اليمنية, والتي بحسب التقديرات العسكرية الأميركية, سوف لن تستطيع الصمود لفترة طويلة وعلى الأغلب ان تواجه الهزيمة في مناطق شمال ووسط اليمن, وبالتالي, إذا حدث واندلعت المقاومة المسلحة بواسطة اليمنيين الجنوبيين فإن النظام اليمني سوف ينهار ويتفكك, ويتوقع الخبراء الأميركيون أن تنظيم القاعدة ينتظر حدوث سيناريو انسحاب القوات السعودية, وتفوق المسلحين الحوثيين, واشتعال المعارك في الجنوب اليمني, وهو السيناريو الذي سوف يتيح لتنظيم القاعدة, فرصة الانقضاض على عدن, وتحويلها ل"إمارة إسلامية".
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد