الانتخابات الأسترالية والروابط الإسرائيلية

22-08-2010

الانتخابات الأسترالية والروابط الإسرائيلية

الجمل: تعتبر أستراليا من البلدان التي أصبحت تأخذ دوراً رئيسياً في فعاليات مشروع الهيمنة الأمريكية، ولفترة طويلة لم تكن الدول العربية والإسلامية تولي اهتماماً للدور الأسترالي. ولكن، وعلى خلفية المشاركة الأسترالية الفاعلة في مشروع الحرب الأمريكية المفتوحة على الإرهاب، وعلى وجه الخصوص في الحرب على العراق وحرب أفغانستان، فقد بدا واضحاً أن التأثير الأسترالي قد أصبح أكبر وأكثر اتساعاً، ولم يعد ينحصر فقط في منطقة شرق المحيط الهندي وجنوب منطقة آسيا-المحيط الهادي (الباسيفيك). هذا وبالأمس توجه الناخبون الأستراليون لانتخاب البرلمان الجديد: فما هي خلفيات هذه الانتخابات؟ وما هي نتائجها المحتملة؟ وما هو تأثير ذلك على السياسة الخارجية الأسترالية وعلى وجه الخصوص منطقة الشرق الأوسط؟
* توصيف المعلومات: ماذا تقول التقارير الجارية؟القارة الأسترالية
شهدت الساحة السياسية الأسترالية يوم أمس السبت 21 آب (أغسطس) 2010 الحدث الأكثر أهمية في جولة الانتخابات العامة الأسترالية التي بدأت فعالياتها في يوم 17 تموز (يوليو) 2010 المنصرم، فقد توجه يوم أمس الناخبون الأستراليون إلى صناديق الاقتراع وأدلوا بأصواتهم من أجل اختيار من يمثلهم في البرلمان الأسترالي الجديد، وفي هذا الخصوص نشير إلى المعلومات الآتية:
- إجمالي عدد الناخبين 14088260 ناخب أسترالي.
- مقاعد البرلمان: عدد المقاعد الإجمالي 226 مقعداً، منها 150 مقعداً في مجلس النواب الأسترالي و76 مقعداً في مجلس الشيوخ الأسترالي.
- القوى السياسية المنافسة: تتنافس 8 أحزاب سياسية أسترالية، منها حزبان كبيران هما: حزب العمال الأسترالي، والحزب الليبرالي الأسترالي، وستة أحزاب صغيرة هي: حزب الخضر، الحزب الوطني، الحزب الوطني الليبرالي، حزب العائلة أولاً، حزب المستقلين وحزب ماذا تريد المرأة أولاً (متطلبات المرأة).
تشير المعلومات الجارية إلى أن حزب العمال الأسترالي الحاكم سوف يواجه مشكلة حقيقية في هذه الانتخابات، وذلك لأن خصمه الرئيسي لم يكن الحزب الليبرالي وحده، وإنما سوف يكون ائتلاف الحزب الليبرالي-الحزب الوطني، لأن الحزب الليبرالي المعارض قد سعى إلى تعزيز موقعه هذه المرة عن طريق الدخول في ائتلاف مع الحزب الوطني.
* العملية السياسية الأسترالية: الخلفية والصراع
خلال فترة الحرب الباردة انحصر جدول أعمال السياسة الأسترالية في مجال السياسة الداخلية، إضافة إلى الاهتمام بالعلاقات الأسترالية مع بريطانية وبدرجة أقل مع أمريكا. ولكن، وبعد انتهاء الحرب الباردة، تحول جدول أعمال السياسة الإستراتيجية باتجاه إعطاء دور أكبر للسياسة الخارجية، إضافة إلى التحول باتجاه استبدال الاهتمام بالروابط الثنائية مع بريطانيا بالروابط الثنائية مع أمريكا وبدرجة أقل مع بريطانيا.
أصبحت مفاعيل العملية السياسية الأسترالية أكثر ارتباطاً بأجندة السياسة الخارجية، وعلى هذه الخلفية، فقد شهدت الساحة السياسية الأسترالية صراعاً أكبر بين أنصار الوقوف إلى جانب أمريكا في الحرب على الإرهاب والمعرضين للحرب. وتقول المعلومات والتقارير بأن معسكر أنصار الوقوف إلى جانب مشروع الحرب الأمريكية ضد الإرهاب مازال كبيراً وفاعلاً، وذلك بسبب الوجود والتمركز اليهودي الكبير في أستراليا، وهو وجود وتمركز لم يؤدِ إلى تعزيز الروابط الأمريكية-الأسترالية وتعزيز مكانة واشنطن كحليف استراتيجي على حساب مكانة لندن وحسب، وإنما أيضاً إلى المزيد من دعم وتعزيز الروابط الثنائية الإسرائيلية-الأسالعلم الأسترالي ترالية والتي أصبحت على تتحول إلى علاقات خاصة أسترالية-إسرائيلية، على غرار ونمط نموذج العلاقة الخاصة الأمريكية-الإسرائيلية.
تشير المعلومات المتعلقة بأهمية استراليا إلى المعطيات الآتية:
• تبلغ مساحة أستراليا 7.7 مليون كم2.
• سكان أستراليا: 22.5 مليون نسمة.
• حجم الاقتصاد: 1.2 تريليون (1.200.000.000.000) دولار أمريكي.
• متوسط دخل الفرد: 54 ألف دولار أمريكي/السنة.
وبكلمات أخرى، يوجد في أستراليا 22.5 مليون شخص يعيشون في أرض مساحتها 7.7 مليون كيلومتر مربع، ويملكون اقتصاداً يبلغ حجمه 1.2 تريليون دولار أمريكي (أي ما يعادل 10% من حجم الاقتصاد الأمريكي)، ويحصل كل واحد منهم على متوسط دخل سنوي يبلغ 54 ألف دولار، الأمر الذي جعل أستراليا تحتل في الترتيب الاقتصادي العالمي المرتبة 13.
بدأت عملية الصراع السياسي الأسترالي بعد انتهاء الحرب الباردة، على أساس اعتبارات من هو الحليف الاستراتيجي المناسب لأستراليا، هل هو بريطانيا التي ظلت غير قادرة على دعم الاقتصاد والقدرات الأسترالية، أم هي أمريكا التي أصبحت تمثل القوة العظمى الوحيدة في العالم، والتي أصبحت بريطانيا نفسها تسير خلفها، وتدور في فلكها.
وهكذا اختار الأستراليون واشنطن بدلاً عن لندن، وعندها لم تتردد واشنطن عن المضي قدماً واستغلال فرصة الصراع الاستراتيجي الذي خلفه تراجع قدرات النفوذ البريطاني في أستراليا.
سعت واشنطن إلى ربط استراليا بالعديد من الاتفاقيات الإستراتيجية في المجالات الاقتصادية والعسكرية والأمنية والسياسية، إضافةً إلى قيام واشنطن بنشر القواعد العسكرية الأمريكية في أستراليا، الأمر الذي أدى إلى تعاظم شعور الأستراليين نحو ضرورة القيام بلعب دور الوكيل الأمريكي الرئيسي في منطقة آسيا الباسيفيك.
تقول التحليلات والمعلومات، بأن معطيات خبرة تكوين الشخصية السياسية الأسترالية هي معطيات تتكيف وتنسجم بقدر كبير مع معطيات تكوين الشخصية السياسية الأمريكية.
• في أمريكا جاء الأوروبيون الغربيون واحتلوا الأرض وأبادوا السكان المحليين، وفي أستراليا جاء الأوروبيون الغربيون واحتلوا الأرض وأبادوا السكان المحليين.
• في أمريكا أقام الأوربيون المهاجرون في مستوطنات أطلقوا عليها اسم مواطنهم الأوروبية الأصلية التي هاجروا منها، وفي أستراليا أقام الأوروبيون المهاجرون في مستوطنات أطلقوا عليها اسم مواطنهم الأوروبية الأصلية التي هاجروا منها.
• في أمريكا اعتمد الأوروبيون المهاجرون الثقافة الأنغلو-سكسونية كمذهبية اجتماعية سياسية، بحيث فرضوا استخدام اللغة الإنجليزية واعتناق المسيحية الأنجيليكانية-البروتستانتية، وفي استراليا اعتمد الأوروبيون المهاجرون الثقافة الأنغلو-سكسونية كمذهبية اجتماعية سياسية، بحيث فرضوا استخدام اللغة الإنجليزية واعتناق المسيحية الأنجيليكانية-البروتستانتية.
• في أمريكا أقام المهاجرون الأوروبيون في مستوطنات حولوها إلى ولايات، ثم جمعوا هذه الولايات ضمن اتحاد فيدرالي أطلقوا عليه اسم الولايات المتحدة الأمريكية. وفي أستراليا أقام المهاجرون الأوروبيون في مستوطنات حولوها إلى ولايات، ثم جمعوا هذه الولايات ضمن اتحاد فيدرالي أطلقوا عليه اسم كومنولث استراليا.
وإضافةً لذلك، تزايدت التشابهات أكثر فأكثر،ففي أمريكا يوجد برلمان (الكونغرس) يتكون من مجلس شيوخ أعضاءه السيناتورات، ومجلس النواب وأعضاءه من النواب، وفي أستراليا يوجد برلمان يتكون من مجلس شيوخ أعضاءه سيناتورات، ومجلس نواب أعضاءه من النواب. وإضافةً لذلك، في أمريكا يوجد حزبان كبيران هما الحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي، ونفس الشيء في استراليا، حيث يوجد حزبان كبيران هما حزب العمال الأسترالي والحزب الليبرالي الأسترالي، ومذهبية حزب العمال الأسترالي تنتمي إلى مذهبيات أحزاب يسار الوسط، والتي هي نفسها مذهبية الحزب الديمقراطي الأمريكي، أما الحزب الليبرالي الأمريكي فهو يمثل مذهبية يمين الوسط، والتي هي نفسها مذهبية الحزب الجمهوري الأمريكي.
* السيناريو السياسي الأسترالي: إلى أين؟
تشير التوقعات إلى أن نتائج انتخابات الأمس سوف تسفر عن عدم نجاح اي واحد من الحزبين الكبيرين في الحصول على أغلبية الـ 76 مقعداً المطلوبة لجهة السيطرة على قرارات مجلس النواب الأسترالي، وهذا معناه أن على كل واحد من الحزبين الكبيرين أن يسعى إلى التحالف مع الأحزاب السياسية الصغيرة، وفي هذا الخصوص تشير التسريبات إلى أن زعماء الحزبين الكبيرين قد بدءا منذ مساء الأمس سلسلة من التفاهمات الجانبية، وعلى وجه الخصوص مع القوى السياسية الصغيرة الأسترالية، وعلى الأغلب أن تؤدي هذه التفاهمات إلى تغيير شكل خارطة التحالفات السياسية الأسترالية ضمن الاصطفافات الجديدة المتوقع حدوثها لاحقاً، وسوف يتوقع نجاح كل واحد من الحزبين الكبيرين على مدى التنازلات التي سوف يقدمها للأحزاب الصغيرة، وعلى سبيل المثال لا الحصر يمكن الإشارة إلى الآتي:
- حزب الخضر يطالب بضرورة عدم السعي في مشروع الحرب الأمريكية ضد الإرهاب، إضافة إلى زيادة بنود الميزانية المخصصة لأغراض حماية البيئة وسلامة المناخ.
- حزب العائلة أولاً يطالب بضرورة تقديم الدعم والمساعدات لدعم السر الفقيرة وخدمات الرعاية الصحية والاجتماعية، إضافة إلى تعزيز موقف منظومة القيم الاجتماعية والدينية التي تحمي العائلة من مخاطر الليبرالية المنفتحة وتداعيات العولمة الثقافية.
- حزب ماذا تريد المرأة أولاً يركز على ضرورة تخصيص قدر أكبر من الموارد لدعم ومساندة النساء، إضافة إلى حماية المرأة من مخاطر العنف الجنسي المادي والرمزي، مع ضرورة تخصيص قدر أكبر من الوظائف والدعم الاجتماعي والاقتصادي والخدمي لدعم المرأة.
تشير التقارير والإحصائيات ومسوحات الرأي العام الأسترالي، إلى أن الساحة السياسية الأسترالية سوف تشهد حالة ما يعرف بـ(البرلمان المعلق)، ولكن هذه الحالة سوف لن تستمر طويلاً، وذلك بسبب تزايد مستويات الوعي العام السياسي مع قابلية الزعماء السياسيين الأستراليين على التعامل المنفتح إزاء ملفات السياسة الأسترالية، ولكن ما هو مهم أولاً وقبل كل شيء هو أن ملف الحرب الأمريكية المفتوحة ضد الإرهاب سوف يشكل الملف الرئيسي الذي سوف تدور حول التفاهمات، وهو الأمر الذي دفع الإدارة الأمريكية إلى القيام بالمتابعة الفاعلة النشطة لما يدور حالياً في أروقة تفاهمات الزعماء السياسيين الأستراليين، وفي هذا الخصوص وكما تقول بعض التسريبات، فإن واشنطن تسعى حالياً وبشكل حثيث إلى دعم ائتلاف حكومي استرالي يضم الحزبين الكبيرين إضافة إلى بعض الأحزاب الصغيرة الأخرى، وفي هذا الخصوص، فإن جماعات اللوبي الإسرائيلي الأسترالي تسعى بشكل نشط إلى تنسيق التحركات وراء الكواليس السياسية الأسترالية معتمدة على الوجود اليهودي الكبير، والحضور اليهودي القوي في المجال الاقتصادي والمالي والتجاري والصناعي في استراليا. فهل يا ترى سوف تشهد ائتلافاً حكومياً استرالياً جديداً مناهضاً لمشروع الحرب الأمريكية المفتوحة ضد الإرهاب، أم سوف تشهد ائتلافاً داعماً لهذه الحرب؟ وفي هذا الخصوص تقول المعلومات والاحتمالات، بأن صعود ائتلاف حكم استرالي داعم لمشروع الحرب ضد الإرهاب هو الأكثر احتمالاً في ظل الحسابات السياسية الأسترالية الداخلية والخارجية الجارية.


قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...